لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصراوي يحاور الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات

06:18 م الخميس 13 أغسطس 2015

الأمين العام لهيئة نصرة القدس حنا عيسى

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب-إشراق أحمد:

منذ غرس الاحتلال الإسرائيلي مخالبه بفلسطين، ولم تتوقف الانتهاكات المندرجة من انتهاكه الأكبر للأرض، ومعه كان الصمود المعروف للشعب الفلسطيني، والمساندين له من كافة الأرجاء، عرب كانوا أو أجانب، أخذوا على عاتقهم بصورة فردية أو مؤسسات حقوقية وإعلامية فضح الممارسات الصهيونية خاصة بمدينة القدس، غير أنه جهد كان حتى عام 2007 تحت لواء العمل الفردي غير المنظم، إلى أن لاح في الأفق ما يعرف باسم الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، وتحديدا في 3 مارس حيث تاريخ التأسيس، لتتولى الجهة غير الهادفة للربح التصدي للاحتلال بتوثيق انتهاكاته الواقعة خصيصا في القدس، بحق الأماكن المقدسة والفلسطينيين العرب القانطين للمدينة.

ولأن سلطة الاحتلال تمنع العمل المؤسسي الفلسطيني في القدس منذ عام 1994، لذا خرجت الهيئة كجهة غير حكومية، وإن أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في 26 أكتوبر 2008 مرسوما رئاسيا يقضي بإنشاء الهيئة لتصبح جزء أساسي من منظمة التحرير الفلسطينية وتابعة للرئاسة بشكل مباشر، فيما صدر في 5 مارس 2009 مرسوم بتشكيل مجلس رؤساء الهيئة، ليضم 36 شخصية نصفهم من المسلمين والأخرين مسيحيين، وكذلك رئاسة المؤسسة مناصفة بين شخصين، على أن يكون هناك أمينا عاما يمثل الهيئة في كافة المحافل الدولية والمحلية.

مصراوي أجرى حوار عبر البريد الإلكتروني مع حنا عيسى، أستاذ القانون الدولي، والمتولي منصب الأمين العام لهيئة نصرة القدس، ليتحدث "عيسى" عن دور الهيئة الإسلامية المسيحية في الدفاع عن القدس، وعدد الانتهاكات التي رصدتها الهيئة بالعام الماضي. ويسلط الضوء على المشاريع الإجرامية التي تنفذها إسرائيل لتهويد المدينة العريقة وتزييف التاريخ، وسياستها المستمرة منذ عام 48 في الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء، ورغبته في تدفق الزيارات إلى القدس والأقصى فليس كل زيارة "تطبيعا" كما افتى البعض حسب قوله، داعيا المجتمع العربي والدولي لحماية ما تبقى من القدس وفلسطين، فإلى نص الحوار...

كيف تواجه الهيئة محاولات إسرائيل المستمرة لتهويد القدس والاعتداء على المقدسات؟

من خلال مواصلتها في الدفاع عن المدينة المقدسة، وفضح الممارسات الاسرائيلية بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي إسماع صوت القدس إلى المسلمين والمسيحين وكل الأحرار في العالم، وهي في سبيل ذلك تقيم النشاطات وتنظم المؤتمرات واللقاءات وتصدر البيانات.

ما الانجازات التي يجب أن تُعرف عن دور الهيئة في حماية المقدسات؟

تصدر الهيئة الاسلامية المسيحية تقرير شهري ترصد به كافة الانتهاكات الاسرائيلية في مدينة القدس، وفي ختام العام تصدر تقريرها السنوي ويتم توزيعه على كافة وسائل الاعلام المحلية والعربية والمؤسسات الحكومية والوزرات والسفراء العرب المعتمدين لدى دولة فلسطين، والسفارات الفلسطينية في الدول العربية والغربية.

إضافة إلى عقد مؤتمرات وورش عمل ولقاء السفراء وممثلو الدول العربية والغربية ووضعهم بآخر التطورات والمستجدات الحاصلة في المدينة، وكذلك الالتقاء بالمؤسسات في كافة محافظات فلسطين الحكومية والخاصة منها للحديث حول تاريخ القدس والوضع القانوني للمدينة وما إلى ذلك.

"إسرائيل ارتكبت 14 ألف انتهاك العام الماضي".

كم عدد الانتهاكات التي رصدتها الهيئة خلال العام الأخير وهل زاد معدلها عما تم رصده منذ إنشاء الهيئة أم لا؟

في عام 2014 وصل عدد الانتهاكات إلى أكثر من 14 ألف، وشهر عن شهر تزيد الانتهاكات ففي شهر يوليو الماضي على سبيل المثال بلغت 900، ما بين قتل واعتقال، واقتحام للمسجد الأقصى، والاعتداء على المقدسات، وقرارات استبعاد للمرابطين بالأقصى، واستمرار أعمال التهويد للمدينة.

ربما لا يعرف الكثير عن المقدسات الفلسطينية سوى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، فكم عدد المقدسات المسجلة التي تعمل الهيئة على حمايتها؟

في مدينة القدس أكثر من 80 مسجد و158 كنيسة، إضافة إلى الآثار والوقف والمقابر الإسلامية. لكن لا يمكن حصر دور الهيئة بحماية مكان مقدس أو مسجد أو كنيسة واحدة إنما نحن نقوم بفضح كافة الممارسات التي تقوم بها الاذرع التنفيذية لحكومة الاحتلال إضافة الى قطعان المستوطنيين الذين يقومون بحرق المساجد والكنائس وخط شعارات مسيئة عن الرسول محمد والسيد المسيح عليهما السلام، إضافة الى خط شعارات عدائية تفيد بموت العرب، غير أن جل تركيزنا واهتمامنا حول المسجد الأقصى لما احتلته مدينة القدس من مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.

ويعيش المسجد الاقصى الآن في أكثر الاوقات خطورة لما تنادي به الجمعيات الاستيطانية بضرورة هدمه وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه، إضافة إلى مواصلة الحفريات أسفل البلدة القديمة، حتى وصل عدد الكنس الاسرائيلية في مدينة القدس إلى 2104 كنيس، إضافة إلى ما تسعى إليه حكومة الاحتلال من تضيق الخناق على المواطنين المسيحيين ومنعهم من الوصول إلى كنيسة القيامة في الأعياد والمناسبات الدينية.

قبل أعوام -ولا زال- تتردد الأنباء وتتداول الصور عن أعمال الحفر والتنقيب أسفل المسجد الأقصى، فإلى أي مدى بلغت فداحة الأمر اليوم؟

الصورة التي يحاول الاسرائيليون فرضها على البلدة القديمة وهي مدينة ذات طابع اسرائيلي بدون وجود أي طبقات حضارية أخرى ويعملون على كافة النواحي السياسية والأثرية والتخطيطية والقانونية لتنفيذ النموذج الذي يتخيلونه، ليكون الهيكل مكان المسجد الأقصى، وقدس الأقداس مكان قبة الصخرة.

واليوم نجد المعابد اليهودية ونرى حول المدينة القديمة أو ما يسمونه الحوض المقدس حاليا خاليا من المباني، والحفريات وصلت إلى بدء العمل بالمشروع الإسرائيلي الذي يتحدث عن تحويل المصلى المرواني بالمسجد الاقصى إلى القصر الملكي، كما أنه سيتم فتح النفق الموجود ما بين عين سلوان والمصلى المرواني الذي يحول إلى قصر ملكي لعمل مشروع سياحي يربط بينهما هذا النفق، إضافة للمشروع الاسرائيلي أسفل البلدة القديمة بالذات وهو مشروع مدينة دينية سياحية وقد تم مباشرة العمل به والقائمين على المشروع هم جمعية العاد الصهيونية.

"الهيئة تواجه الاحتلال بفضح ممارساته وتوثيق انتهاكاته".

وكيف تواجه الهيئة الأعمال التخريبية بالمسجد الأقصى؟

تواجه الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية من خلال فضح الممارسات الاسرائيلية والانتهاكات التي تقوم بها الجماعات الاستيطانية محليا ودوليا عن طريق وسائل الإعلام المحلية والعربية والغربية أيضا من خلال توثيق الاعتداء بالصور، ولأن حكومة الاحتلال منعت منذ العام 1994 العمل المؤسسي الفلسطيني داخل المدينة، لذلك تقوم الهيئة من خلال كادرها وموظفيها الميدانيين بفضح هذه الممارسات.

تعتبر كنيسة الطابغة آخر الأماكن المقدسة التي تم الاعتداء عليها من قبل المستوطنين بالحرق فضلا عن الاقتحامات اليومية لساحة الأقصى فما رد الفعل الذي اتخذته الهيئة وتتخذه تجاه تلك الأفعال؟

قمنا بالاتصال على العديد من أصحاب الكنائس ولقاء ممثل السفير الروماني المعتمد لدى دولة فلسطين في حينها لإخبارهم بخطورة ما يجري تجاه الكنائس المسيحية واستمرارية استهدافها من قبل المستوطنين وليس هذا فحسب إنما ايضا باستمرارية التعرض للرهبان الذين يقومون بحماية دور الله.

وأصدرنا بيان أكدت فيه أنه منذ بداية الاحتلال والمقدسات المسيحية تتعرض إلى سلسلة من الاعتداءات المتشابهة تتراوح بين منع الصلاة عبر حرمان المسيحيين الفلسطينيين من دخول القدس وانتهاك حرمة الكنائس وسرقة محتوياتها، ففي عام 1948 احتل الصهاينة كنيسة نوتردام دوفرانس، وعززوا وجودهم فيها بالأسلحة الثقيلة، لاستخدامها قاعدة لهجماتهم غير مراعين لقدسيتها، وقد اعتدوا على كنيسة ودير مار إلياس التي تم استهدافها بالقصف المدفعي في حرب حزيران، وكسروا مقاعد الكنيسة ونهبوا الأيقونات المقدسة الأثرية وأثاث الدير والأواني المقدسة، لم يكتف الصهاينة بذلك، بل أنهم قاموا بتحويل جزء من ساحة الكنيسة إلى ملهى ليلي.

كما تمكن يهودي من التسلل إلى كنيسة القيامة ليحطم قناديل الزيت والشموع الموضوعة فوق القبر المقدس، وحاول عدد من الصهاينة سرقة أكاليل مرصعة بالماس، قائمة قرب صليب الجلجلة داخل كنيسة القيامة، في حين أن سلطات الاحتلال لم تتورع عن هدم كنيسة للروم الأرثوذكس على جبل الزيتون عام 1972 بدعوى البناء دون ترخيص، وفي عين كارم حطم الصهاينة أبواب ونوافذ كنيسة القديس يوحنا القديمة، وسرقوا محتوياتها، وكتبوا على جدرانها عبارات نابية، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على المحاولات المتكررة لطمس كل ما هو عربي اسلامي ومسيحي من منشآت ومباني.

طالبت بوضع برنامج تكتيكي لتحديد أولويات النضال فما هي هذه الأولويات في نظرك بالوقت الحالي؟

هناك إصرار على جعل القدس المنشودة مدينة علمانية مكدسة ليس فيها ما يميزها عن أي مجتمع بشري صناعي ملوث الهواء والأرض على السواء، ومن أجل ذلك يتوجب علينا حماية المسجد الأقصى و المقدسات إسلامية ومسيحية وذلك:

أولا: دوليا من خلال

ابراز الاعتداءات التي تقوم بها دولة الاحتلال بمؤسساتها الأمنية بحماية قطعان المستوطنين لمواصلة اقتحاماتهم لباحات المسجد الأقصى المبارك بطريقة مكثّفة وممنهجة وبصورة شبه يومية وبمشاركة أعضاء من الكنيست وقوات الشرطة ورجال المخابرات والمستوطنين من جهة بابي المغاربة والسلسلة.

فضح استمرار أعمال البناء في مشروع مجمع "بيت شتراوس" التهويدي لإزالة الكثير من الآثار الإسلامية والعربية بالمنطقة في ساحة البراق غرب المسجد الأقصى، وتنفيذ مشروع "مخطط زاموش" لتهويد محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وقيام الاحتلال بحفريات جديدة متزامنة بوقت واحد في منطقة الطرف الجنوبي لطريق باب المغاربة والطرف الشرقي للقصور الأموية جنوب المسجد الأقصى وفي الطرف الجنوبي لمدخل حي وادي حلوة ببلدة سلوان.

فما كان في الماضي يعتبر خطوط حمراء لا يقدر الكيان على تجاوزها، أصبح مباح اليوم ولا يلقى ردا مناسبا، فالمسجد الاقصى ومحيطه بات مهددا بالتقسيم المكاني والزماني وما الزيارات المتكررة إلا جزءا من مخطط يستهدف التقسيم كأمر واقع تفرضه معادلات وموازين قوى فرضت نفسها بالقوة على واقع فلسطيني مشتت ينتظر ردا دوليا لا يقوى على فرض حلوله ومعاييره الإنسانية على سلطة تعتبر نفسها فوق المعايير والقوانين الدولية.

وما زاد من عنجهية الاحتلال وتمرده ما هو الا استمداد لما قالته رئيسة وزراء كيان العدو جولدا مائير عندما ارتكب الصهاينة جريمة حرق المسجد الأقصى في 21 آب/أغسطس 1969 "لم أنم ليلتها، وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجا افواجاً من كل حدب وصوب... لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء، فهذه أمة نائمة".

ثانياً: فلسطينيا عبر

استنهاض القوى ورص الصفوف بين الأطراف الفلسطينية المتنازعة لترك خلافاتها جانباً ولفت أنظارها وقواها لما يجري في القدس من مساعي احتلالية تهدف أولاً وأخيراً لتغيير المشهد المكاني والتاريخي لها، ولتكون القدس هي عنوان المصالحة الوطنية الأكثر إلحاحاً من غيره.

اتخاذ موقف واضح وصريح على كافة المستويات الشعبية والرسمية، ومناشدة الثورات العربية " لن يكتمل ربيعكم إلا بتحرير فلسطين فكانت ومازالت الجامع الأكبر الذي لا يسقط بالتقادم، فيكفي ما أنتجته الحكومات المنصرفة من ثقافة الخوف بين أبناء شعبها، فأثبتم أنكم من تصنعون الثورات وها هي القدس تناديكم".

"الاعتداءات على الأقصى وصلت لبدء مشروع تحويل المصلى المرواني لقصر ملكي".

كأستاذ قانون دولي كيف تجد قرار انضمام فلسطين لعضوية محكمة الجنايات الدولية؟

هو موضوع معنوي ليس لفلسطين بل للعالم العربي كله، ففلسطين لم تكن دولة في السابق لكن في عام 2012 بعد اعتراف العالم بدولة فلسطين أعطاها الحق أن تنضم إلى محكمة الجنايات الدولية، فهو خطوة تشجع عدداً أكبر من الدول لتعترف بشكل ثنائي بفلسطين، و دعم وإعلاء حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني الوطنية مثل حق تقرير المصير وحق ممارسته بموجب أحكام القانون الدولي، الحق في السيادة، الاستقلال، وغيرها، كما سيكون باستطاعة فلسطين الانضمام إلى بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية مثل معاهدة جنيف الرابعة، ويمكّنها من أن تصبح طرفاً في قضايا ينظر فيها من قبل محكمة العدل الدولية، وتلك أدوات محورية لدعم وتعزيز الحقوق الفلسطينية وتحقيق أهدافها وإبقاء قضية فلسطين حاضرة وحية على الأجندة الدولية.

هل هناك أوقات معينة ترفع بها إسرائيل درجة انتهاكاتها تجاه المقدسات؟

هناك مستويان ترفع بهما حكومة الاحتلال حالة التأهب في مدينة القدس

الأول: في المناسبات والأعياد اليهودية والتي بها تستنفر كافة الاذرع التنفيذية لحكومة الاحتلال وتشدد من إجراءات الدخول إلى مدينة القدس من خلال فرض الحواجز الطيارة إضافة إلى وقف تصاريح الدخول الى المدينة، وتجعل البلدة القديمة والطرق المؤدية إلى حائط البراق ثكنة عسكرية وتسمح فقط بدخول المواطنين الحاملين عنوان سكن داخل البلدة القديمة أو التجار.

الثاني: في شهر رمضان الفضيل والأعياد الاسلامية- وعلى الرغم من "تسهيل" دخول الفلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة إلا أنها تفرض قيود تعرقل من وصولهم إلى القدس، خشية من تنفيذ "اعمال تخريب" على حد زعمها.

وفي رأيك كيف يمكن مقاضاة إسرائيل على الانتهاكات بشأن المقدسات؟

مقاضاة اسرائيل لا يمكن أن يتم إلا من خلال محكمة الجنايات الدولية.

"عام 48 جعل الصهاينة كنيسة نوتردام دوفرانس قاعدة عسكرية وحولوا ساحة أخرى إلى ملهى ليلي".

طالما يدعو المقدسيين شعبا ومسؤولين لزيارة القدس والأقصى، فما رأيك في الآراء التي تعتبر ذلك تطبيع مع إسرائيل؟

الكثيرون وجدوا في الفتوى التي تحرم زيارة القدس خلاصهم من عذاب الضمير؛ حيث منحتهم المبرر والعزاء ليبقوا في بيوتهم يتابعون أخبار فلسطين على شاشات التلفاز، ويمنّون النفس بأن يوم التحرير آتٍ لا محالة، إن التطبيع فعلا يضعف من قوة المطالب الفلسطينية، ويجمّل صورة إسرائيل، لكن زيارة القدس ليست بالضرورة تطبيعا؛ بل إنها تؤدي فعلا معاكسا للتطبيع؛ فالدعاية الإسرائيلية تقوم على الزعم أمام العالم أن إسرائيل تحافظ على الأماكن المقدسة المسلمة والمسيحية، وأنّها تضمن حرية الوصول إليها.

لكن حقيقة الأمر غير ذلك؛ فهي تمنع المؤمنين من الوصول لأماكن عبادتهم، وتواصل الحفر تحت الأقصى، ولم تتوقف لحظة عن محاولات تهويد المدينة وطمس هويتها الإسلامية والمسيحية، بل والعمل على تفريغ المدينة من سكانها العرب، وعزلها عن محيطها الفلسطيني، وقد نجحت إسرائيل فعلا في تقليص الحضور العربي في الأماكن المقدسة، وتقليص وجود المؤسسات الفلسطينية في المدينة بشكل كبير.

لذلك، فإن كشف كذبة الحرية الدينية في إسرائيل، وفضح ممارسات التهويد، وإبراز هموم ومعاناة المقدسيين يتطلب التواصل الحقيقي مع المدينة، وليس التواصل الافتراضي عبر أثير الفضائيات وشبكات الإنترنت؛ أي تكثيف الحضور العربي (المسلم والمسيحي) مقابل الحضور اليهودي، وخلاف ذلك يعني تسهيل مهمة إسرائيل في المضي قدما في مخططاتها التهويدية.

وقد صرح الكثير ممن أتوا المدينة المقدسة أن علاقتهم بها قد تعمقت بعد الزيارة، فأحبوها أكثر، وباتوا أكثر تفاعلا مع همومها ومشاكلها، ومن هنا فإن زيادة أعداد الزائرين للمدينة ستزيد من مستوى التفاعل العالمي معها، وستعمل على إيجاد رأي عام عالمي ضاغط يرفض السياسات الإسرائيلية في القدس، وسيكون هذا تقوية لتمسك الفلسطينيين بوجودهم وحقهم في مدينتهم، ولن تقتصر فائدة الزيارة على البعد الاقتصادي لأهل المدينة العرب – وهو بالغ الأهمية - ولكن سيكون هناك تأكيد على هوية القدس الأصلية ضد محاولات الاستفراد اليهودي.

كيف تؤثر الأحداث في الوطن العربي على القضية الفلسطينية؟

منذ اندلاع شرارة الثورات العربية وامتدادها من دولة عربية إلى أخرى بدأ الاهتمام بالقضية الفلسطينية وشأنها بالتراجع يوما بعد يوم؛ لأن الدول العربية بدأت بالاهتمام بشأنها الداخلي أولا والدول الأخرى كانت تحاول مسك زمام الأمور في بلدانها خوفا من وصول "عدوى" الثورة العربية إلى بلدها، واستمرارا لذلك وبعد ظهور ما يسمى "داعش" مر على القضية الفلسطينية الكثير من الملمات جراء التحولات في السياسة الدولية والإقليمية، وجراء اندثار تحالفات ونشوء أخرى، الأمر الذي أثر بالسلب على تقدم القضية الفلسطينية تجاه تحقيق قرارات المحافل الدولية لجهة إنجاز التحرر والاستقلال.

ما أكثر ما يطعن القضية الفلسطينية في ظهرها؟

ازدواجية المعايير الدولية والترهل الحاصل في الدول الاسلامية والحروب الدموية والإرهاب الحاصل في بعض الدول العربية.

"اسرائيل نجحت في تقليص الحضور العربي بالأماكن المقدسة".

للاحتلال مخططاته التي يسعى لتنفيذها، فهل تجد بالمقابل مخططات فلسطينية وعربية لمواجهتها؟

للأسف الشديد الدول العربية ملهية في الوقت الراهن بمشاكلها الداخلية وبالتالي ليس لديها القدرة على مواجهة المخططات الاسرائيلية- لذا الصمت هو العامل الأساس في الوقت الراهن في منهجية سياساتها على المستويين الداخلي والخارجي.

كيف تجد قرارات إسرائيل التي تخرج بين الحين والآخر مثلما حدث مؤخرا بالسماح لأهل غزة والضفة الغربية بالصلاة بالمسجد الأقصى بعد نحو 15 عاما من المنع؟

دخول القدس حق والصلاة في المسجد الأقصى ليست بحاجة لاستجداء تلك التصاريح من سلطات احتلالية، ولكن علينا أن ندرك أن هناك تبعات سياسية واقتصادية من وراء هذه "التسهيلات" التي منحتها سلطات الاحتلال للمواطنون من قطاع غزة والضفة الغربية للدخول الى مدينة القدس، فضمن خططها و"تكتيكاتها" كان أن ترفع حكومة الاحتلال من نسبة مدخولها الاقتصادي، وخاصة بعد حرب غزة الأخيرة وما تكبدته من خسائر إضافة إلى مقاطعة الأسواق والمنتجات الإسرائيلية العالمية، فمنذ حادث الشهيد الفتى محمد أبو خضير دأب المواطنون الفلسطينيون عامة والمقدسيون خاصة إلى مقاطعة الاسواق الاسرائيلية بنسبة 98%.

أضف الى ذلك أن إسرائيل تعمدت إيصال رسالة سياسية إلى العالم من خلال نشرها ووضعها إلى اللافتات الترحبية التي كتبت عليها "بلدية أورشليم القدس ترحب بضيوفها"، هذه الرسالة فحواها أن القدس هي جزء من الكيان الاحتلالي وأنها عاصمته الموحدة، وأن مفاتيحها بأيدي الاحتلال، وأن بلديته هي الجهة الوحيدة التي تسمح لأي كان بالدخول إليها.

إذا طُلب منك توجيه رسالة للعالم العربي والمجتمع الدولي بصفة عامة فماذا تكون؟

ضرورة حماية القدس – أو ما تبقى منها- بكافة الوسائل والوقوف إلى جانب أهلها بدعم صمودهم في مدينتهم ماديا ومعنويا.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج