هل تمنح المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة روسيا حق التدخل في مصر؟
كتبت ـ هاجر حسني:
"روسيا ستتصرف في أعقاب ما أسمته الهجوم الإرهابي الذي أسقط الطائرة الروسية فوق سيناء وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة"، كان ذلك هو القول الذي نقلته وكالة انترفاكس عن وزارة الخارجية الروسية بعد الإعلان عن أن سبب تفجير الطائرة هو عبوة ناسفة تم زرعها على متن الطائرة والذي أعقبه عدد من التصريحات التي أكدت أن هذا التصريح يعد كارثة ويجب التحرك فورا والرد عليه.
وتنص المادة على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة" وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه".
استخدام القوة
من جانبه، قال نبيل أحمد حلمي العميد الأسبق لكلية الحقوق جامعة الزقازيق وأستاذ القانون الدولي، إن نص المادة 51 ينض على الدفاع الشرعي عن البلاد في ميثاق الأمم المتحدة والذي نص على أن أحد أهدافه الأساسية هو تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية، مؤكدا أن استخدام القوة في هذه الحالات يكون مجرد استثناء.
وأضاف حلمي لمصراوي، أن تحدث روسيا عن استخدام المادة 51 لها ضوابط معينة وهى عدم التدخل في شئون دولة أخرى ذات سيادة، وأن يكون الدفاع الشرعي في حدود العدوان وأن تكون الحالة عاجلة وإذا كانت الحالة غير ذلك فتتجه الدولة لمجلس الأمن لإقرار السلم والأمن، وبالتالي فالتصريح الروسي لا يعد بأي حال من الأحوال تدخلا في مصر إلا بموافقة الحكومة في الاستعانة بالمساعدة مثلما حدث في سوريا وما قمنا به في ليبيا.
وتابع أن تصريح روسيا باستخدام الدفاع الشرعي لمواجهة الإرهاب يتفق تماما مع ما تقوم به مصر في مكافحة الإرهاب، ومصر لديها الحرية في الاستعانة بأي دولة من أجل مكافحة الإرهاب إذا رأت ضرورة لذلك.
وأوضح أن الدفاع الشرعي الذي تقصده روسيا في وجهة نظره هو مجرد دعم لمصر من خلال أسلحة للكشف المبكر عن المتفجرات وتعقب الجناة، ولكن ليس هناك أي تدخل إلا بموافقة الدولة ذات السيادة.
شروط أساسية
قال المحامي الحقوقي حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن المادة تتحدث عن حق البلاد الشرعي في الدفاع عن النفس في حالة وجود اعتداء سواء كان في البحر أو الجو أو حتى على أراضي دولة أخرى.
وأضاف أبو سعدة لمصراوي، أن هذا الحق يرتبط بمجموعة من الشروط الأساسية الذي ينفذ بموجبها، فتلتزم الدولة العاملة بنص الميثاق بعدم التدخل في شئون الدولة الداخلية أو الاعتداء على سيادتها وبالتالي فاستخدام النص يأتي في إطار الالتزام بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين ومصر وروسيا لديهما علاقات جيدة، كما أنه إذا كان هناك مخاطر تهدد حركة الطيران في مصر فستتعاون مع أي دولة للقضاء على هذه المخاطر، كما أن مصر لديها موقف من الإرهاب وقوى الإرهاب وتعمل على القضاء عليه وليست متورطة في أي من هذه الأعمال المعادية للدول.
وأوضح أن أي خطوة ستتم من الجانب الروسي ستكون وفقا لتعاون بين البلدين وتبادل معلومات، قائلًا "أنا أعتقد أن هذا كله لا يتيح لروسيا أن تنفذ ضربات داخل مصر دون موافقة من السلطات المصرية".
وعن صعوبة الوضع، قال أبو سعدة إن كارثية الوضع في وجهة نظر البعض ربما تكون نابعة من افتراض عدم موافقة مصر على التعاون ووقتها سيكون للدولة الأخرى الحق في التدخل للدفاع عن نفسها طالما أن هناك أخطار ضدها، والتدخل العسكري في هذه الحالة بمثابة إعلان الحرب على مصر، ولكن الأمور لن تصل لهذا الحد لأن طبيعية العلاقات بين مصر وروسيا عكس ذلك كما أن هناك استثمارات تم توقيعها مؤخرا بمليارات الدولارات وصفقات لشراء طائرات وهذا لا يعكس احتمالية وجود خلاف.
تصريح كارثي
بينما رأى ناصر أمين عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن هذا التصريح كارثي، قائلًا إن إعلان روسيا استخدام المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن استهداف طائراتها في سيناء تصريح كارثي.
وأضاف أمين - عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر- مساء الثلاثاء الماضي، أن المادة 51 من الميثاق تتيح حق التدخلات العسكرية الفردية أو المتعددة، لحين صدور قرار من مجلس الأمن بشأن اتخاذ قرار متصرف بموجب الفصل السابع، مطالبا وزارة الخارجية بالرد على هذا التصريح قائلًا "على الدبلوماسية المصرية التحرك في أقرب وقت للرد على هذا التصريح، فالأمر خطير وغير مقبول الصمت أمامه".
وتابع عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان "الصمت على حق روسيا في استخدام المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة جريمة لا يجب التضليل عليها".
مجرد تهديد
وقال محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن مجرد التلويح باستخدام المادة 51 شئ خطير، لأنه يعد اعتداء على سيادة الدولة وخارج منظومة الأمم المتحدة، مبديا تعجبه من أن ذلك يحدث في ظل فترة علاقات مميزة تجمع مصر وروسيا.
وأضاف زارع -في تصريحات خاصة لمصراوي- أن التلويح باستخدام المادة هو مجرد تهديد للإرهابيين، مستبعدا إمكانية حدوث ذلك على أرض الواقع، وأن روسيا لن تفعل ذلك لحرصها على العلاقات المشتركة، وأن التصريح جاء لتهدئة الرأي العام الروسي وإرسل رسالة للإرهابيين أن روسيا خصم عنيد.
فيديو قد يعجبك: