إعلان

غاز المتوسط: بداية التطبيع مع إسرائيل أم وقود لتأجيج الصراعات؟

05:25 م الأحد 14 سبتمبر 2014

وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

دويشته فيلله:

لم يخف وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم سعادته بالاتفاق مع الأردن، بل ووصفه بالتاريخي رغم أن الأمر لا يتعدى توقيع مذكرة تفاهم، أما نظيره الأردني محمد حامد فلم يبد مثل هذه الحماسة واكتفى بتوضيح الظروف الاقتصادية التي دفعت الأردن لإبرام مذكرة التفاهم مع شركة نوبل انرجي الأمريكية صاحبة أكبر حصة في حقل الغاز ليفياثان الإسرائيلي العملاق.

وبموجب هذه المذكرة الموقعة في 3 سبتمبر 2014 ستقوم إسرائيل ابتداء من عام 2017 بتصدير الغاز الطبيعي إلى الأردن لمدة 15 عاما في اطار صفقة تزيد قيمتها على 15 مليار دولار. وأعادت هذه الصفقة الاهتمام مجددا باحتياطيات الغاز الضخمة التي أاكتشفت في السنوات الأخيرة قبالة السواحل الشرقية للبحر المتوسط والدور الذي يمكن أن تلعبه في العلاقات الدولية بمنطقة معروفة بصراعاتها المزمنة.
الغاز بين السياسة والاقتصاد

بعد 4 سنوات فقط من اكتشافه بدأت إسرائيل في الثلاثين من شهر مارس 2014 باستخراج الغاز من حقل تامار الذي يحتوي حسب شركة نوبل انرجي الأمريكية المشغلة للحقل قرابة 250 مليار متر مكعب من الغاز.

أما الإنتاج في حقل ليفياثان العملاق باحتياطاته البالغة 450 مليار متر مكعب فمن المتوقع أن يبدأ عام 2018. وحينها لن تحقق إسرائيل الاكتفاء الذاتي فحسب وإنما سيكون هناك فائض يمكن تصديره.

ولكن خبير الطاقة العراقي وليد خدوري أكد في مقابلة مع الدويتشه فيله بأن إسرائيل لا يمكن أن تصبح مصدرا هاما لإمدادات الغاز مشيرا إلى أن اجمالي كميات الغاز المكتشفة في شرقي البحر المتوسط تبلغ 1 بالمائة فقط من إجمالي الاحتياطيات العالمية. ومع ذلك سارعت الحكومة الإسرائيلية إلى إصدار قانون يسمح للشركات المنتجة بتصدير 40 بالمائة من الغاز المنتج إلى الخارج.

ويبدو أن دوافع هذا القرار لا تكمن فقط في الحصول على عوائد مالية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات أيضا في السعي لتحقيق أهداف سياسية. فمن الواضح أن إسرائيل تأمل بأن يساهم الغاز في إعطاء دفعة قوية لتطبيع العلاقات مع الدول العربية المجاورة. ولهذا الغرض بدأ اتحاد الشركات الأمريكية والإسرائيلية المشغّلة لحقول الغاز الإسرائيلية مفاوضات مبكرة مع الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية وتركيا بهدف ايجاد منافذ لتصدير الغاز الإسرائيلي. ولكن هذه الجهود تصطدم بعقبات كثيرة وفي مقدمتها الصراعات الدائرة في المنطقة والخلافات على حدود المناطق الاقتصادية البحرية.

استخراج الغاز قرب برميل بارود

أثار اكتشاف مكامن الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط المخاوف من بروز بؤرة جديدة للصراع في منطقة تعج أصلا بنزاعات قديمة وجديدة. وتعززت هذه المخاوف نتيجة عدم وجود اتفاق واضح على ترسيم الحدود البحرية بين الدول المعنية بثروة الغاز المكتشفة، وفي مقدمتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية ولبنان وسوريا ومصر وتركيا وقبرص. ونظرا لوجود بعض حقول الغاز في مناطق بحرية متنازع عليها يقترح الخبير الإسرائيلي "أوديد أيران" في مقابلة من DW بدء الإنتاج فيها فتح حساب خاص يخضع لوصاية طرف ثالث حيادي وذلك بهدف إيداع العوائد المالية من انتاج هذه الحقول حتى يتم التوصل لاتفاق بين الأطراف المتنازعة.

وكما يبدو فإن إسرائيل لم تأبه كثيرا للاعتراضات الصادرة من بعض هذه الدول وبدأت بخطوات عملية للاستثمار في الحقول الواقعة ضمن منطقتها الاقتصادية البحرية، في حين لا تزال معظم الدول الأخرى تكتفي بالجدل حول حقوق التنقيب. وفيما يرى الخبير العراقي وليد خدوري أن هناك تقصيرا واضحا من لبنان وسوريا في هذا المجال، قال الخبير أوديد أيران إن الأسباب التي تعرقل استثمار هذه الثورة الطبيعية من قبل لبنان والسلطة الفلسطينية تعود أساسا إلى مشاكل سياسية داخلية وليس إلى الخلاف مع إسرائيل. ويرى الخبير أوديد أيران أن التعاون في هذا المجال يمكن أن يساهم في استقرار المنطقة، ولكنه يقر أيضا بأن ذلك لا يوفر بديلا للاطار السياسي اللازم لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطييني.

الضرورات تبيح المحظورات

وبالفعل فإن التوتر والخلافات وحتى الحروب وآخرها الحرب على قطاع غزة لم تحل دون حدوث تقدم في المفاوضات المستمرة حول تصدير الغاز الإسرائيلي. ولا يقتصر الأمر على مذكرة التفاهم مع الأردن. فقد وقعت قبلها صفقة ضخمة مع السلطة الفلسطينية لتزويد محطة كهرباء جديدة في جنين بالغاز الإسرائيلي لمدة عشرين عاما. وفي الوقت الذي كانت فيه إسرائيل حتى قبل عامين تعتمد على الغاز المصري في تغطية احتياجتها تتفاوض الشركات المستثمرة للحقول الإسرائيلية منذ فترة مع مصر لمد أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى محطة للغاز المسال في دمياط المصرية تمهيدا لتصديره إلى أوروبا.

ومن الملفت للنظر أن الأصوات المعارضة لهذا التعاون الجديد بقيت خافتة إلى حد بعيد. ويعزو وليد خدوري ذلك إلى الضرورات والمصالح الاقتصادية. فالأردن يجد صعوبة في الحصول على بديل للغاز الإسرائيلي بعد توقف أنبوب الغاز المصري بسبب تفجيرات متكررة.

ويبدو الوضع أكثر تعقيدا بالنسبة للسطلة الفلسطينية التي لا تجد مناصا من اللجوء للغاز الإسرائيلي. كما تواجه مصر مشاكل كبيرة في مجال الطاقة الأمر الذي دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرا لإلقاء خطاب خصصه بالكامل لأزمة الكهرباء المزمنة. وحتى تركيا ليست بعيدة عن الخطط الإسرائيلية. فرغم استبعاد وزير الطاقة التركي تانز يلدز قبل أيام قليلة للاتفاق على مشروع إنشاء خط انابيب غاز يمتد إلى تركيا، إلا أن اللهجة بين رجال الأعمال الإسرائيليين والأتراك توحي بالتفاؤل على عكس حالة الفتور السياسي الراهنة بين البلدين. فهل سيصلح الاقتصاد ما تفسده السياسة؟

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان