لماذا لا تنتهي أزمة القمامة في العاصمة؟
كتب- محمد مهدي وحسن الهتهوتي:
يوميًا يذهب إلى عمله في الصباح، تصطدم قدميه بأكياس القمامة أمام منزله، يسأل عن سر تكدسها، الإجابة ''محدش بيجي يأخدها''، ينزل إلى الشارع الذي يعيش فيه بعزبة منصور بحدائق القبة، يُعذبه-كغيره- رؤية تلال القمامة أمام المنازل، بجوار المدارس، وسط الطرقات، بات الأمر كابوس لـ ''يحيى زكريا'' صاحب مكتب توريدات، خاصة أنه يدفع شهريا مبلغ للقمامة مُرفق بالكهرباء دون تلقي أي خدمة ''حتى جامع القمامة العادي لا يأتي بشكل ثابت، لذا قررت أن أجد حل للأزمة بنفسي''.
القاهرة وحدها تنتج يوميا نحو 20 ألف طن من المخلفات الصلبة والهدم-بحسب بيان إحصائي للهيئة العامة للنظافة والتجميل- يتم تجمعيها والتأكد من نظافة العاصمة 5 شركات للنظافة و36 فرع للهيئة، ويتم تقسيم القاهرة إلى 4 مناطق يوزع العمل بداخلها على الشركات.
اجتمع ''زكريا'' بعدد من أهالي المنطقة وشبابها، تداولوا الأمر بينهم، واستقروا في النهاية على وضع آلية لجمع القمامة من المنطقة المُعذبة من خلال مشروع بسيط طرحه الرجل، يضمن الخلاص من أزمة القمامة فضلا عن تشغيل شباب المنطقة ''نوزع أكياس كبيرة على المنازل، ويتم تجميعها مرتين في الأسبوع مقابل 10 جنيه شهريا بواسطة عدد من شباب المنطقة براتب جيد ونقلها لمركز تجميع الحي''.
رفض الرجل أن يعمل بشكل سري أو غير رسمي، وأتخذ من مجلس حي حدائق القبة سبيلا لتنفيذ مشروعه''استقبلني رئيس الحي بشكل طيب، تحمس للفكرة لكنه أشار إليّ بضرورة الرجوع إلى الهيئة العامة للنظافة والتجميل كي يتحقق حلمنا البسيط''.
الهيئة العامة للنظافة والتجميل بالقاهرة معنية-بحسب الموقع الرسمي لها على الإنترنت- بجميع الأعمال المتعلقة بنظافة وتجميل العاصمة من جمع القمامة والمخلفات والتخلص منها، وإجراء الاصلاحات العاجلة بالطرق، إنشاء الحدائق العامة والعناية بها غرس الأشجار في الميادين، توفير العمالة المدربة على أعمال النظافة.
في الصباح اليوم التالي استيقظ ''زكريا'' مبكرا، انطلق إلى مقر الهيئة وطلب مقابلة مدير إدارة التخطيط في الهيئة ''عرضت المشروع وأوضحت أنني سأوفر للدولة المبالغ التي تُدفع للشركات المعنية بالأمر المتكاسلة عن عملها وسأدفع مقابل سيارات نقل القمامة'' لكن المسؤول رفض الفكرة متعللا بأنها ستُدخل الدولة في أزمة مع الشركة المسؤولة عن الأمر ''قصة التحكيم الدولي''.
الـ 5 شركات التي تعمل على تجميع القمامة في القاهرة-بحسب الهيئة- اثنين منهم أجنبيتين وهما ''شركة أمام العرب للبيئة'' وشركة ''E.E.S'' تغطيان 16 حي-مصر الجديدة، النزهة، مدينة نصر، المرج، المطرية، عين شمس، السلام، النهضة، الزيتون، حدائق القبة، الساحل، شبرا، روض الفرج، الزاوية الحمراء، الشرابية.
و3 شركات وطنية هم ''الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة وشركة أوروبا 2000، وشركة نهضة مصر التابعة للمقاولين العرب، يغطون 11 حي- السيدة زينب، الخليفة، المقطم، مصر القديمة، البساتين، دار السلام، المرج، المعادي، طرة، حلوان، المعصرة-.
'' تعامل مع جامع القمامة العادي بصفة ودية لحل أزمتك'' هكذا كان رد المسؤول بالهيئة العامة للنظافة والتجميل-بحسب زكريا- الذي غضب وتسأل ما أهمية الهيئة لو قام بهذا الفِعل، وكيف نترك الشركة المعنية بالأمر تُهمل عملها دون رادع، ونرفض أي مشاريع بجوارها قد تدفعها للعودة مرة أخرى لدورها الحقيقي.
''أرفض أن نعمل بعيدا عن الدولة، لأنه ببساطة عمل مخالف ونحن نريد حل المشكلة وليس افتعال أزمات جديدة'' يذكرها ''زكريا'' بأسى، مؤكدًا أنه أرسل إلى رئاسة حي حدائق القبة طلب للسماح له بتنفيذ مشروعه، وأنه قام بإضافة خدمات القمامة إلى شركته الخاصة لإتاحة العمل بشكل مؤسسي وليس فردي لكنه لم يتلقَ رد منذ شهرين.
يعافر الرجل لتنفيذ مشروعه الذي يرى- من وجهة نظره- أنه سيكفل إعادة الشوارع في منطقته إلى حالة الانضباط والنظافة من جديد، ونقل التجربة إلى القاهرة بأكملها ثم المحافظات كافة، على أن تتكفل الدولة بدعمه من خلال الموافقة ''أرسلت لجميع الجهات المسؤولة في البلاد خطابات عن المشروع منتظرا رد بالموافقة أو حتى الرفض المُسبب.. وحتى ذلك الوقت لن أستسلم أو أفقد الأمل'' ذكرها ''زكريا'' بحماس.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: