لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحقيق- 4.6 مليون مصري فوق سن الستين ''بلا معاش''.. فيديو وصور

09:40 م الأربعاء 12 مارس 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

 
تحقيق- محمد أبو ليلة:

على أعتاب مبنى الهيئة العامة للتأمينات الكائن بمنطقة الألفي وسط العاصمة، وبينما كان عم ''سعد''  صاحب 52 عاما يتابع إجراءات حصوله على معاشه المبكر، الذي لم يتجاوز 400 جنيها شهريا، كان هناك مواطن أخر تجاوز عمره السبعين عاما ينتظر حصوله على معاش استثنائي من الدولة، لكن اسمه لم يكن مدرجا ضمن الذين تجاوزوا عمر الستين ويستحقون المعاش، لأنه لم يستمر طويلا في وظيفة واحدة وقت شبابه ، وبالتالي لم يتم التأمين عليه وهو الآن بلا معاش وبلا أي عمل.

قصة المواطن محمد الوصيف صاحب 70 عاما (الذي ليس له معاش من الدولة) بدأت حينما كان يعمل موظفا بهيئة قضايا الدولة في ثمانينيات القرن الماضي بمرتب 70 جنيه، استمر في تلك الوظيفة لعام بعقد مؤقت وتركها دون تعين أو التأمين عليه، بعدها أتجه للعمل مستشارا لعدد من شركات توظيف الأموال منها شركات الريان، وكانت تعاقداته مع هذه الشركات تتم بشكل مؤقت، وبعد أن أوقفت الدولة تلك الشركات أصبح بلا وظيفة وبلا تأمين.

''في هذه الفترة واصلت عملي السياسي وكنت من قيادات حزب مصر الفتاة في فترة التسعينات، لكني بلا معاش ولا أستطيع العيش فقد تجاوزت سن 60 عاما، كما أنني مريض بالسكر والضغط وضعف النظر، وكل هذه الأمراض تحتاج إلى مصاريف، وكمان علشان أعيش محتاج يبقى معايا فلوس للأكل والشرب، أنا مصاب بمياه بيضاء في عيني وتحتاج لعملية تكلفتها 6 ألاف جنيه، أنا وملايين زيي في بؤس ومش لاقيين حد يعبر عنا''.. هكذا يقول الوصيف لمصراوي.

مخالف للدستور

طبقا لقانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، فإن المستحقون للمعاش هم الذين عملوا في القطاع الحكومي والخاص والعام وتم التأمين عليهم، حيث قضى فى المادة 6 منه بإنشاء صندوقين للتأمين الاجتماعي في مصر، الأول للتأمين على العاملين بالقطاع الحكومي والثاني للتأمين على العاملين بالقطاع العام والأعمال العام والخاص.

حيث يشتمل نظام التأمين الاجتماعى طبقا لهذا القانون على تأمين الشيخوخة والعجز والوفاه وتأمين إصابات العمل وتأمين المرض وتأمين البطالة.

بينما جاءت المادة 17 من الدستور المصري 2014 كطوق نجاه لمن لا يشملهم نظام التأمين الاجتماعي كي توفر لهم حياة كريمة حيث نصت على ''تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعي، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي الحق في الضمان الاجتماعي بما يضمن له حياة كريمة إذا لم يكن قادر على إعالة نفسه وأسرته وفي حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة''.

لكن هذه المادة الدستورية السابقة لا يتم تطبيقها على أرض الواقع، فهناك عدد كبير من المصريين تخطوا سن (60 عام) ولا يشملهم نظام التأمين الاجتماعي، ولكن الدولة لا توفر لهم حياة كريمة، مثلما ينص الدستور.

فبالإضافة لحالة محمد الوصيف، يؤكد رئيس اتحاد أصحاب المعاشات البدري فرغلي في تصريحات خاصة لمصراوي، أن هناك أناس تخطو سن 60 عام، ولكنهم غير مستوفين لشروط قانون المعاش لأنهم تركوا الوظيفة قبل التأمين عليهم.

وتابع: ''هؤلاء كثيرون ولكن لا أحد يعلم عددهم بالتحديد، لكنه من الطبيعي أن الدولة تصرف لهم معاشات من وزارة الشئون الاجتماعية بعدما يتخطوا سن 65 عام، لأن معظمهم بيكونوا مصابين بعجز أو مرض أو شيخوخة''.

بينما يؤكد محمد الوصيف رئيس حزب مصر الفتاة أنه ذهب لديوان المظالم وقت حكم الرئيس السابق  محمد مرسي وتقدم بطلب معاش استثنائي، وكانت هناك أكثر من 900 ألف حالة شبيهة لحالته ''بلا معاش''.

يتابع: ''ما يحدث معنا مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية، أنا وغيري تجاوزنا سن الستين وليس لنا مورد أو معاش، والمفروض أن الدولة تلبي احتياجات من هم في سن الشيخوخة حتى لو لم ينطبق عليهم القانون، لابد أن يتغير هذا القانون، أنا عملت مذكرة وهتقدم بها للمجلس العالمي لحقوق الإنسان علشان يدافع عن حقوق من ليس لهم معاشات في مصر وتخطوا سن 60 عام''.

العنوان

6 مليون مصري فوق سن 60

للوقوف على الأعداد الحقيقية لمن تخطوا سن ستين عاما وليس لهم معاش، كانت تتطلب حصر لعدد من تجاوزا هذا العمر من إجمالي عدد السكان أولا.

الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أرسل تقرير بناء على طلب مصراوي يؤكد فيه أن نسبة المسنين (من تخطو عمر 60 فأكثر) قد وصلت مع نهاية عام 2012، إلى 5.9 مليون مسن، بنسبة 7.1% من إجمالي سكان مصر.

رحلة البحث عن أعداد من لهم حق المعاش في الدولة مرهقة، فالنظام البيروقراطي الذي يتبعه الجهاز الإداري للدولة معقد، حيث تصرف المعاشات من جهتين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي تصرف أموال لمن كانوا موظفين ويخضعون لنظام التأمين الاجتماعي، ووزارة الشئون الاجتماعية هي الأخرى تصرف أموال شهرية لمواطنين يسري عليهم نظام التأمين الاجتماعي كالأيتام والأرامل والمطلقات ومن لديه عجز وشيخوخة.

حاول ''مصراوي'' التواصل مع رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي عمر محمد حسن، كي يعطينا إحصائية بعدد المدرجين لديهم ضمن نظام التأمين الاجتماعي ويصرف لهم معاش، لكن رئيس الهيئة لم يكن متواجد في مكتبه لأكثر من مرة، كما أغلق هاتفه الجوال حينما طلبنا منه الحصول على تلك المعلومات.

موظفو هيئة التأمينات كانوا متخوفين من الإفصاح بأي معلومة، طلبوا جوابا رسميا من وزيرة التأمينات كي تأذن لهم بالحديث، قائلين'' احنا هنا مش مكلفين نعطي بيانات ولا تصريحات''.

وفي مكتب المعاشات الاستثنائية بمبنى هيئة التأمينات (ذلك المكتب المخصص لصرف معاشات لمن لا يخضعون لنظام التأمين الاجتماعي)، كانت أمال لطفى مديرة المعاشات الاستثنائية هي الأخرى متحفظة في كلامها مع مصراوي، ورفضت إعطائنا حصر بعدد من صرفت لهم الدولة معاشات استثنائية، قائلة ''مقدرش أديك الأعداد دي إلا لما الوزيرة تكلفني''.

مؤكدة في الوقت نفسه أن أعداد المصريين الذين تعطيهم الدولة معاشات استثنائية يتزايدون كل عام، وأنها كمسؤولة عن المعاشات الاستثنائية ''بنصرف طبقا للاعتماد اللي بيطلع من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية بصرف معاش استثنائي لشخص بيعنه''.

)

4.6 مليون ''بلا معاش''

بينما حصل مصراوي على مستندات من وزارة الشؤون الاجتماعية بعدد المواطنين والمبالغ المالية التي صرفت لهم، فقد وصلت الحالات المستفيدة من معاشات ومساعدات الوزارة في العام 2012، لـ 1.56 مليون مواطن.

حيث قامت الوزارة بصرف مساعدات لعدد من المواطنين ومن ألحقت بهم كوارث ونكبات وصل عددهم لـ 247 ألف و820 مواطن في العام نفسه، بينما وصلت المعاشات الثابتة التي صرفتها الوزارة في 2012، لـ مليون و308 ألف و614 مواطن، من ضمنهم 200ألف و346 حالة تخطت سن الستين.

في الوقت نفسه كشفت مستندات أخرى حصل عليها مصراوي تؤكد أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في عام 2012 صرفت معاشات لـ  2 مليون و563 ألف شخص مؤَمن عليهم، من بينهم مليون و86 ألف شخص تخطوا 60عاما.

بما يعني أن عدد من تخطو سن 60 ويأخذون معاش من الدولة (إذا جمعنا أعداد وزارة الشئون الاجتماعية وهيئة التأمينات) سواء ينطبق عليهم نظام التأمين الاجتماعي أو لا، وصلت نسبتهم لـ مليون و286ألف و346 مواطن من أصل 5.9  وهذا يوضح أن هناك 4.6 مليون مواطن تخطو سن الستين في عام 2012 ولا يزالون على قيد الحياة ''بلا معاش''.

وطبقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن تلك النسبة الضئيلة ممن لهم حق المعاش منهم 39.1 % ينتفعون بمعاش العجز الكلي و 22.1% بمعاش الأرامل و 21.3 بمعاش الشيخوخة عام 2012

وبلغت نسبة الفقر بين المسنين (سن 60 فأكثر) إلى 19.5% عام 2011، بينما وصلت نسبة الأمية بينهم لـ63.3%، بينما وصلت نسبة المسنين الحاصلين على مؤهل جامعي فأعلى لـ 8.7% عام 2012

في السياق ذاته أجرى مركز دراسات الشيخوخة بمدينة زويل للعلوم، دراسة حول المسنين الذين تخطوا عمر 60 عاما، أوضحت تلك الدراسة أن من هم في سن الشيخوخة غالبا ما يصابون بأمراض  متوطنة مثل السكر والقلب والسرطانات، مما يجعل هناك انخفاضا في متوسط العمر الصحي للإنسان المصري بمعدل 10 سنوات أقل من الموجود في معظم دول العالم.

وبينما ينتظر 4.6 مليون مصري فوق سن الستين ''بلا معاش'' أن تكفل لهم الدولة الحق في حياة كريمة من خلال الضمان الاجتماعي طبقا للمادة 17 من الدستور، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور قرارا جمهوريا منذ أيام بتفويض المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، ببعض اختصاصات رئيس الجمهورية، ومنها منح المعاشات والمكافآت الاستثنائية وتقرير إعانات أو قروض أو تعويض عن الخسائر فى النفس والمال.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج