براءة مبارك تفتح ملف محاكمته ونظامه سياسيا
كتب- محمد قاسم:
فتح إسقاط الاتهامات عن الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضايا قتل المتظاهرين ابان ثورة 25 يناير، وتبرئة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وكبار مساعديه من نفس الاتهامات، وأيضا تبرئة علاء وجمال مبارك ورجل الأعمال الهارب من تهم بالفساد المالي، مسألة المحاكمات السياسية لمبارك ورموز نظامه الذين ثار عليهم الشعب في يناير 2011.
وفشلت محاكمة مبارك ونظامه جنائيا في القصاص لضحايا التظاهرات، وحصل معظم أركان وقيادات نظام مبارك على أحكام بالبراءة بسبب انعدام الأدلة وفشل النيابة العامة في إدانتهم جنائيا عن طريق محاسبتهم عن وقائع قاصرة على ما حدث بعد ثورة 25 يناير فقط. ومن هنا جاءت مطالبات بمحاكمة مبارك ورجاله على الفساد السياسي والإداري في الدولة.
بمطالعة قانون ''إفساد الحياة السياسية'' رقم 131 لسنة 2011، تبين أنه تعديل لقانون الغدر الصادر إبان ثورة 23 يوليو 1952، رقم 344 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953. وتغير اسمه إلى ''إفساد الحياة السياسية'' لجأ إليه المجلس العسكري في 2011 بعد مطالبات الشارع المصري أنداك بمحاكمة مبارك سياسيا.
غير المجلس العسكري شكل القانون، فغير اسمه إلى إفساد الحياة السياسية وأصبحت الجرائم ''التعاون على إفساد الحكم بالإضرار بمصالح البلاد أو التهاون فيها. التدخل الضار بالمصلحة العامة في أعمال الوظيفة ممن لا اختصاص له في ذلك، أو قبول ذلك التدخل''.
وكانت الجرائم بحسب قانون الغدر هي:
1- التعاون على إفساد الحكم بالإضرار بمصالح البلاد أو التهاون فيها أو بطريق مخالفة القوانين للحصول على مزايا سياسية.
2 -استغلال النفوذ ولو بطريق الإيهام للحصول على فائدة أو ميزة ذاتية لنفسه أو لغيره من أية سلطة عامة أو هيئة أو مؤسسة.
3 -استغلال النفوذ للحصول لنفسه أو لأحد ممن ينتمون إليه بصلة قرابة أو مصاهرة أو حزبية على وظيفة في الدولة أو وظيفة أو منصب في الهيئات العامة.
4 - استغلال النفوذ بإجراء تصرف أو فعل من شأنه التأثير بالزيادة أو النقص بطريق مباشر أو غير مباشر في أثمان العقارات والبضائع والمحاصيل وغيرها، أو أسعار أوراق الحكومة المالية، أو الأوراق المالية بالبورصة.
5 - كل عمل أو تصرف يقصد منه التأثير في القضاة أو في أعضاء أية هيئة خولها القانون القضاء والإفتاء.
6 -التدخل الضار بالمصلحة العامة في أعمال الوظيفة ممن لا اختصاص له في ذلك، أو قبول ذلك التدخل.
إلا أن المجلس العسكري أبقى على الجريمتين الأولى والأخيرة مع حذف جملة ''أو بطريق مخالفة القوانين للحصول على مزايا سياسية'' من الجريمة الأولى.
العقوبات
وأبقى القانون الجديد على قواعد العقوبات في قانون الغدر، لكنه خفف فترتها فجعل مدة العزل والحرمان لفترة مؤقتة أقصاها 5 سنوات (وليس أقلها 5 سنوات) كما تم حذف عقوبة إسقاط الجنسية.
كان قانون الغدر ينص على معاقبة مرتكبي هذه الجرائم بـ''العزل من الوظائف العامة القيادية، سقوط العضوية البرلمانية أو التمثيلية في المجالس البلدية والمحلية، الحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأى مجلس لمدة أقلها 5 سنوات، الحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة أقلها 5 سنوات، الحرمان من الانتماء لأى حزب سياسي لمدة أقلها 5 سنوات''.
وكذلك ''الحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات والشركات والمؤسسات التي تخضع لإشراف السلطات العامة لمدة أقلها 5 سنوات، الحرمان من المعاش كله أو بعضه، يجوز إسقاط الجنسية المصرية عن مرتكب الجريمة السياسية ''الغدر'' ويجيز الحكم أيضا برد ما استفاد به من غدره وتقدره المحكمة''.
طرق تحريك الدعوى الجنائية
تُحرك الدعوى الجنائية في جرائم ''الإفساد السياسي'' بمعرفة النيابة العامة وذلك من تلقاء ذاتها أو بناء على بلاغ يقدم إليها متى توافرت بشأن المتهم أدلة جدية على ارتكاب أي من هذه الجرائم بعد تحقيق قضائي تجريه النيابة.
وكذلك محاكمة المتهمين أمام محاكمة عادية طبيعية - بعد أن كانت استثنائية وخاصة في النص السابق - حيث تختص محكمة الجنايات بنظر الدعاوى، ويحدد رئيس محكمة استئناف القاهرة دائرة أو أكثر لهذا الاختصاص، بعد موافقة الجمعية العمومية للمحكمة.
بينما كان قانون الغدر يلزم النيابة العامة برفع الدعوى من تلقاء نفسها أو استنادا إلى بلاغ قدم إليها، أو رفعها بناء على قرار من إحدى لجان التطهير المشكلة بعد ثورة يوليو لتطهير أجهزة الدولة، على أن يحدد رئيس المحكمة موعد نظر الدعوى خلال 15 يوما من رفعها.
وكانت المحكمة سواء خاصة واستثنائية، تتشكل برئاسة مستشار من محكمة النقض، وعضوية مستشارين بمحكمة استئناف القاهرة، يعينهما وزير العدل، وأربعة ضباط عظام لا تقل رتبة كل منهم عن الصاغ (الرائد) يعينهم القائد العام للقوات المسلحة.
وبحسب مصدر قضائي، فإن النيابة العامة لم تتلقى أية بلاغات منذ قيام الثورة تتهم مبارك ونظامه بالفساد السياسي، داعيا بتقديم بلاغات سياسية لكي يتم التحقيق فيها وتطبيق قانون المجلس العسكري الذي صدر خصيصا لمعالجة ومعاقبة الفاسدين السياسيين وأدائهم الذين تسبب فيما معاناة الشعب وسرقة حقوقه.
من جانبها، وعدت أحزاب سياسية تتبع تحالف التيار الديمقراطي، خلال اجتماعها للرد على براءة مبارك ورجاله، تقديم ممثليها القانونيين لكشف كل جرائم الفساد السياسي والمالي والتي اثرت على الأمن الوطني والقومي للبلاد، ودعوة كل القوى السياسية لتقديم مالديها من أدلة متوفرة حتى تكتمل أركان المحاكمة على وجهها الصحيح.
وأكد المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، جواز محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على الفساد السياسي شريطة أن يقدم إلى المحاكمة أمام القضاء الطبيعي.
واوضح السيد، لمصراوي، أن قانون العقوبات يعاقب رئيس الدولة والموظف على الإضرار بمصالح البلاد بحسب المادة 77 بجميع فروعها من قانون العقوبات، وهو بالأحرى تعاقب على الإضرار بالمصلحة العمومية، مشيرا إلى قانون إفساد الحياة السياسية الذي عدله المجلس العسكري في 2011 بعد ان كان اسمه ''قانون الغدر'' - الذي على إثره تم محاكمة شخصيات حكومية وسياسية إبان ثورة 23 يوليو 1952 في مساعي الدولة لفرض النظام الجمهوري على مصر بعد أن كان نظاما ملكيا.
أكد السيد أن ''ما حدث في 25 يناير يعتبر تبادل للسلطة بعدما أساءت السلطة الحاكمة للإدارة بحق البلاد، فتم إزالة رأس السلطة وبقت المؤسسات كما هي، لذلك لا يجوز أن تعدّ محاكم استثنائية كالتي جرت على إثر قانون الغدر''.
وأضاف السيد أنه على أي شخص يملك مستندات تدين الرئيس الأسبق مبارك ونظامه بالفساد السياسي والإضرار المادي والجسيم بأمن البلاد أن يتقدم بها للنيابة العامة للتحقيق.
وأوضح مصدر قضائي آخر بمحكمة الجنايات فضل عدم ذكر اسمه، يجوز للحكومة الحالية - أنها تعمل على تحقيق العدالة وسيادة القانون وتحارب فساد نظام مبارك وتحاول استعادة أمواله التي سرقها من الشعب - أن تقدم بلاغا إلى النائب العام تتهم فيه مبارك بإفساد الحياة السياسية طوال فترة حكمه وتعدد الوقائع التي تشهد بفساده.
وأشار المصدر لمصراوي إلى أن هذا البلاغ قد يكون إما من الرقابة الادارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات أو مباحث الأموال العامة، فتقديم الدعوى ليس مقصورا على الأشخاص.
فيما قال المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، إن حقائق ما حدث في مصر منذ ثورة 25 يناير غائبة عن الشعب، فهناك 3 لجان لتقصي حقائق تشكلت على مدى 3 سنوات ولا يعرف الشعب عما انتهوا إليه، فالأولى شُكلت برئاسة المستشار عادل قورة، في 2011، وانتهت إلى مسئولية الرئيس الأسبق حسني مبارك، والأجهزة الأمنية عن قتل المتظاهرين، والثانية برئاسة المستشار عزت شرباص رئيس الاستئناف الأسبق أشارت إلى تقصير السلطة في حوادث عنف محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها، والأخيرة برئاسة المستشار فؤاد رياض.
وأوضح مكي، في تصريحات خاصة لمصراوي، إلى أن محاسبة الرئيس الأسبق مبارك وأعوانه يجب أن تكون عن فترة 30 سنة قبل ثورة 25 يناير فهناك منّ عذبوا في السجون وقتلوا أيضا بسبب ظلم السلطة الحاكمة أيام مبارك وكذلك نهب أموال الشعب وليس محاكمته على أحداث أيام الثورة الأولى 18 يوما التي أعتبرها أفضل أيام في تاريخ مبارك في الحكم وأن قتلى الأحداث التي عقبت حكم مبارك كانت كثيرة العدد إذا ما قورنت بما حدث في 18 يوما للثورة، بحسب ما قاله.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: