السياسة تتغلغل في كل شيء بالعراق حتى سوق السيارات
بغداد/العراق – (الاناضول):
السياسة باتت موجودة في معظم مفردات الحياة اليومية للعراقيين، بحيث بات من الصعب تحديد أي مجال لا تؤثر فيه، شاء العراقيون ذلك أو لا، وهو الأمر الذي وصل كذلك إلى سوق السيارات.
فقد أدى تقارب بغداد وطهران سياسيا السنوات الأخيرة إلى إغراق شوارع العاصمة العراقية بالسيارات الإيرانية المنشأ، بعدما ظل السكان ولسنوات طويلة يقتنون السيارات الأوروبية والأمريكية واليابانية.
يقول المواطن العراقي رسول عليوي 45 سنة، الذي يعمل سائق سيارة أجرة، "اشتريت سيارة إيرانية تدعى (سايبا)، هناك ما هو أفضل أعلم ذلك، السيارات اليابانية والأمريكية والألمانية والكورية، إلا أن سعر السيارة الإيرانية متدن وهو دفعني لاقتناء واحدة".
ويشير في حديثه مع مراسل الأناضول إلى أن "العراقيين إذا خيروا فلن يرغبوا بشراء السيارات الإيرانية لأنها لا تلائم الأجواء العراقية، حيث لا تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، ويدفعنا ارتفاع درجات حرارة المحرك إلى إطفاء السيارة أكثر من مرة لتبريدها عكس السيارات الأمريكية أو اليابانية التي تتميز بإمكانية التبريد الذاتي الجيد، ولا تتأثر بحرارة الجو".
أما المواطن كريم عمران 37 سنة وهو ايضا سائق سيارة أجرة، فيلفت إلى أنه "اشترى سيارة مصنعة في إيران من نوع بيجو (الفرنسية المنشأ)، لكنه سرعان ما باعها لأنها كثيرة الأعطال وكلفته الكثير من الأموال".
ويضيف عمران "اشتريت السيارة الإيرانية لأن الشركة العامة للسيارات (شركة حكومية) وفرتها بنظام الأقساط الميسرة، فيما لم تفعل ذلك مع سيارات من نوعيات أخرى، لكن رغم ذلك اضطررت إلى بيعها لأنها غير عملية، وقمت باستدانة 7 آلاف دولار واشتريت سيارة أخرى كورية".
علي جاسم، مواطن عراقي يملك معرضا لبيع وشراء السيارات في منطقة البياع جنوب بغداد، يرى أن السلطات المعنية باستيراد السيارات في البلاد "سمحت باستيراد أعداد كبيرة من السيارات الايرانية اكثر من اللازم".
ويضيف متحدثا لمراسل الأناضول "هناك إكثار من استيراد السيارات الايرانية خلال السنوات الأخيرة"، مضيفا "كان ينبغي على الشركة العامة للسيارات ان تستورد عددا اكبر من السيارات من كوريا وليس من ايران، لان السيارة الكورية جيدة وسعرها معقول".
ويوضح جاسم "نوع واحد من السيارات الإيرانية اسمها سايبا لها سوق رائجة في بغداد حاليا، لأنها رخيصة الثمن (حوالي 8500 دولار فيما تناهز السيارات الكورية الـ15 ألف دولار) وقليلة الاستهلاك للوقود، إلا انها غير مناسبة لقطع مسافات طويلة خارج المدن، تنفع للاستخدام داخل المدن فقط".
حيدر الشبلي مدير العلاقات والاعلام في الشركة العامة للسيارات، وهي شركة حكومية، مسؤولة عن استيراد السيارات، يعلق على هذا الموضوع في تصريحات خاصة لمراسل الاناضول قائلاً أن "استيراد اعداد كبيرة من السيارات من ايران يعود الى رخص اسعارها".
ويتابع "رخص ثمن تلك السيارات هو على حساب مواصفاتها، ايضا سرعتها غير كبيرة وسماكة المعدن المستخدم في بدنها اقل من السيارات ذات المناشئ الأخرى"، ولكنه يستدرك "إصرار الشركة العامة للسيارات على استيراد السيارات الايرانية، وقرارنا بتجميعها في معمل الاسكندرية بالعراق يعود الى ان السيارات الايرانية باتت شعبية واثبتت كفاءتها، لاستخدامها للمسافات القصيرة داخل المدن".
وكانت شركة سايبا لتصنيع السيارات الإيرانية اعلنت العام الحالي عن تدشين خط إنتاج لسيارتها في العراق وتصدير أول حمولة من قطع غيار تلك النوعية من السيارات الى العراق في 18 أغسطس المنصرم.
وقالت الشركة الإيرانية في شهر ابريل من هذا العام إنها صدرت 31 الف سيارة الى العراق خلال 2012.
ورغم دفاع الجهة الحكومية الوحيدة المسؤولة عن استيراد السيارات في العراق وهي الشركة العامة للسيارات، عن السيارات الايرانية وجودتها وصلاحيتها للسوق العراقية، إلا ان خبراء اقتصاديون لا يخفون انتقادهم للخطوة الحكومية هذه، من بينهم الخبير الاقتصادي باسم انطوان، الذي يعتبر أن "استيراد السيارات الايرانية سياسة خاطئة وبائسة".
ويضيف في تصريح خاص لمراسل الاناضول "العراق تحول إلى مقبرة للسيارات غير المطابقة للمواصفات القياسية وأبرزها السيارات الإيرانية"، مضيفا "كان على الشركة العامة للسيارات أن تستورد سيارات ذات مواصفات عالية وماركات معروفة تكون طويلة العمر ولا تستهلك في وقت قصير".
وينوه "بعد عام 2003 استبيحت السوق العراقية للبضاعة الرديئة ومنها السيارات الايرانية، واصبحت عبأ على الاقتصاد لان مبالغ بالعملة الصعبة تحول الى خارج العراق، فضلا على شراء مواد احتياطية يوازي سعر شراء سيارة جديدة".
مواطن عراقي من سكان العاصمة بغداد اقتصر في تعريف نفسه لمراسل الأناضول على اسمه الأول فقط، مؤيد، يرى بدوره أنه "بعد أن كانت السيارات اليابانية تحتل المرتبة الأولى في أذواق العراقيين في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، أصبحت السيارات الإيرانية تحتل المرتبة الأولى، انه تراجع في الذوق من ناحية، ولان بوصلة سياسة البلد باتت تؤشر شرقا فقط والى ايران بالتحديد".
فيديو قد يعجبك: