إعلان

تحليل- كيف كانت العلاقة مع سوريا؟

05:17 م الثلاثاء 18 يونيو 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد أبو ليلة:

ربما تخيم علامات الدهشة على أوجه المستمعين لقرار الرئيس محمد مرسي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وطرد السفير السوري من مصر، لكن في الوقت نفسه يرى البعض أن هذا القرار تأخر كثيرا ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي يرتكب مذابح يومية ضد شعبه.

وحينما ندقق النظر في هذا القرار، سنجد أنه لاشك يمثل ظاهرة جديدة طرأت على الساحة الإقليمية والعربية بشكل خاص؛ فالعلاقات بين مصر وسوريا خلال الستين عام الماضية مرت بمراحل تاريخية، كانت فيها مصر وسوريا جنبا إلى جنب في كل المشاكل التي طرأت على المنطقة، وأهمها قضية الصراع العربي الإسرائيلي.

فسوريا التي تقع شمال بلاد الشام، تعتبر حلقة الوصل بين ثلاث قارات (آسيا وأوروبا وإفريقيا)، وهي من أهم البلدان العربية تأثيرا في سياسات منطقة الشرق الأوسط؛ حيث وقفت ولا تزال ضمن ما يعرف بـ(محور الصمود العربي) الذي يرفض أية تسوية مع إسرائيل قبل استعادة الأراضي التي احتلت عام 1967، هذا جعلها تشغل اهتماما كبيرا ضمن السياسية الخارجية المصرية، باعتبارها عنصرا فعالا في الأحداث الطارئة على المنطقة وقضاياها.

وخلال السطور القليلة القادمة سنسرد ونحلل تطور العلاقات بين البلدين منذ أن أصبحت مصر وسوريا دولة واحدة تحت علم واحد واسم واحد ''الجمهورية العربية المتحدة''، إلى أن أصبحوا دولتين علاقاتهما السياسية مقطوعة، وسفرائهما غائبين، وقياداتهما يتبادلون التهديدات مستقويين بقوى إقليمية ودولية.

الوحدة

دفعت ثورة 23 يوليو 1952 القيادات السورية إلى التحالف مع مصر، حيث يرى عدد كبير من المؤرخين أن تلك الفترة زادت من نفوذ المطالبين في سوريا بالتعاون مع مصر وعلى رأسهم الرئيس السوري وقتها (شكري القوتلي)، وقد اتفق البلدين على إنشاء قيادة عسكرية موحدة عام 1955 يكون مركزها في دمشق.

ومما زاد من تقارب الدولتين، أن سوريا كانت مشتركة في صفقات السلاح التي استوردتها مصر من الاتحاد السوفيتي عام 1956، وأصبحت مصر تنظر لسوريا باعتبارها محور استراتيجي، خصوصا أنه في ذلك الوقت كانت تهديدات ''حلف بغداد'' لسوريا وصلت لذروتها، وهذا الحلف كان يستقوي ببريطانيا التي تعتبر أهم أعداء النظام المصري وقتها.

وفور العدوان الثلاثي على مصر أعلنت الحكومة السورية حالة الطوارئ فوق أراضيها، إلى أن اجتمع مجلس النواب السوري والمصري في جلسة مشتركة يوم 18 فبراير عام 1958، وأصدرا بالإجماع بيانا دعوا فيه حكومة البلدين للاجتماع وتقرير الاتحاد بين الدولتين، بعدها اجتمع رئيسا البلدين وأصدروا بيانا في 22 شباط 1958 أعلنوا فيه توحيد القطرين في دولة واحدة تحت اسم ''الجمهورية العربية المتحدة''.

وتقرر أن يكون نظامها رئاسياً ديموقراطياً، وجرى استفتاء شعبي على الوحدة وتم انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة، وفي عام 1960 تم توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة أيضا.

لكن الانقلاب العسكري في دمشق أنهى الوحدة بين مصر وسوريا يوم 28 سبتمر 1961، وأعلنت سوريا عن قيام الجمهورية العربية السورية، بينما احتفظت مصر باس الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1971 عندما سميت باسمها الحالي جمهورية مصر العربية.

وفي كتابه ''ماذا جرى في سوريا؟'' يحلل الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل الأوضاع التي أدت إلى قيام الوحدة بين البلدين ثم انفصالهم بعد الانقلاب العسكري.

يقول ''هيكل'' في كتابه معبرا عن أهداف الوحدة وأهميتها: أن الفهم العميق لقصة الوحدة بين سوريا ومصر، هذه القصة التي عاشت ثلاث سنوات ونصف السنة، سوف يكون لها من الآثار على المستقبل العربي، ما يمتد إلى عشرات السنين، بل أن تفاصيل هذه التجربة سوف تمتد في تأثيرها، إلى ما هو أبعد من فكرة الوحدة في حد ذاتها، ومن المؤكد أن هذا التأثير سوف ينعكس أيضا على فكرة الحرية والاشتراكية في المثل العربي الأعلى.

الدفاع العربي المشترك

وفي الرابع من نوفمبر لعام 1966، وقعت مصر وسوريا على اتفاقية للدفاع العربي المشترك، تنص على أن أي هجوم عسكري على أي من الدولتين يعتبر هجوما على الأخرى، وكان الدافع من وراء تلك الاتفاقية حماية سوريا من الهجمات المتكررة عليها من قبل إسرائيل بسبب انطلاق الفدائيين الفلسطينيين لتنفيذ عملياتهم الفدائية في إسرائيل من خلال الأراضي السورية.

وقد نصت الاتفاقية التي تكونت من أربع مواد، وتم نشرها في الجريدة الرسمية وقتها، على إنشاء مجلس للدفاع بين البلدين وقيادة مشتركة ومجلس لرؤساء أركان حرب مصر وسوريا، وكان لهذه الاتفاقية دورا بارزا في حرب أكتوبر حيث تم التخطيط والتجهيز للحرب من خلال القيادة المشتركة التي جمعت الجيش المصري والسوري.

وفي مذكراته عن حرب أكتوبر، تحدث الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في تلك الفترة، عن مشاركة الجانب السوري في خطة الحرب والعبور للجانب الشرقي من قناة السويس، طبقا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، كما شاركت مصر في وضع بعض الخطط الهجومية على القوات الإسرائيلية المحتلة لهضبة الجولان في الجانب السوري.

وبدأت العلاقات تنحدر بين الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والرئيس الراحل أنور السادات منذ موافقة السادات على وقف إطلاق النار في 22 من أكتوبر لعام 1973، وعقد اتفاقية فض الاشتباك الأول بين مصر وإسرائيل، واستمر تلك العلاقات في الانحدار إلى قام السادات بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل وتبعتها معاهدة السلام، التي كان لها أثارا كبيرة في قطع العلاقات مع عدد كبير من الدول العربية كانت من بينهم سوريا، وأصبحت العلاقة بين مصر وسوريا شبه مقطوعة، (هكذا تحدث هيكل في كتابه الطريق إلى رمضان).

مبارك وسوريا

لكن في أواخر عام 1989، استطاع الرئيس حافظ الأسد أن يتجاوز انقطاع العلاقة بينه وبين ومصر، وأعاد العلاقات الدبلوماسية مع الرئيس السابق حسني مبارك، وتحسنت العلاقات بصورة كبيرة وازداد التعاون السياسي والاقتصادي، حتى رحيل حافظ الأسد عام 2000.

وبعد تولي بشار الأسد الحكم في سوريا احتضنته مصر وساعدته على تثبيت أركان حكمه، وواصلت تقوية علاقاتها السياسية بسوريا ودعم الرئيس الشاب، وكان من أبرز المواقف على دعم العلاقات السورية المصرية، تدخل مصر لمنع حرب بين سوريا تركيا بعد تدهور العلاقات بين البلدين.

وفي الخامس  من أكتوبر عام 2003، قامت اسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية في قرية ''عين الصاحب'' السورية، مما جعلت الأسد الأبن يطلق تصريحات هجومية على إسرائيل وأمريكا، لكن مبارك اعتبر ما تقوم به إسرائيل وأمريكا هو نوع من الاستفزاز لسوريا من أجل جرها إلى حرب غير معلوم توابعها، مما دفعه ذلك لمطالبة الأسد بألا ينساق وراء تلك الاستفزازات.

مرسي وسوريا

وبعد قيام ثورة الخامس  والعشرين من يناير وتولي المجلس العسكري إدارة الفترة الانتقالية، لم يكن هناك خط واضح لسياسة مصر تجاه النظام السوري، أو موقف واضح من الثورة السورية، فكانت معظم الأحزاب والقوى السياسية يؤيدون الثورة السورية ضد بشار الأسد، لكن بشكل رسمي لم يتضح هذا التأييد، حتى بعد تولي مرسي الرئاسة، ظلت العلاقة موجودة بشكل دبلوماسي، وتبعتها تصريحات للرئيس مرسي في محافل دولية مختلفة ضد الأسد ونظامه.

إلى ن اتخذ مرسي قراره يوم السبت الماضي الخامس عشر من يونيو بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وطرد السفير السوري من مصر وعودة القائم بالأعمال المصري من سوريا.

لكن الدكتور وحيد عبد المجيد، من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أن هذا القرار الذي اتخذه مرسي في إسرائيل وأمريكا في المقام الأول، مضيفا في تصريحات لمصراوي أن مرسي أظهر للعالم بلا سياسة ولا اتجاه.

وتابع عبد المجيد في تحليله لقرار مرسي بقطع العلاقات مع سوريا: مرسي طرح منذ وقت قريب مبادرة سياسية رباعية لحل الأزمة السورية، مستعينا بإيران، وكذلك فتح قنوات اتصال مع روسيا، فكيف يقطع علاقاته مع نظام يستعين بتلك أقوى.

وحذر أستاذ العلوم السياسية من التداعيات السلبية التي ستلحق بهذا القرار على مصر، قائلا: هذا القرار سيعطي انطباعا بأن القاهرة ليس لديها سياسة خارجية وتتخبط في اتجاهاتها فهو محاولة لخلط الأوراق للتغطية علي انهيار الوضع الداخلي والاحتجاجات الشعبية، كما أنه يعتبر استغلال للدين من خلال الشحن الطائفي والمذهبي.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان