هل تؤثر زيارة نجاد على علاقة مصر بالخليج وأمريكا؟
كتبت – هبه محسن:
جدل كبير أحدثته زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لمصر، خاصة وأنها الزيارة الأولى لرئيس إيراني منذ قطع العلاقات بين البلدين عقب توقيع اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
وينظر إلى هذه الزيارة بحذر وترقب، خاصة وأنها تأتي بعد عامين من ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وتصدر جماعة الإخوان المسلمين للمشهد السياسي المصري وتولي الدكتور محمد مرسي رئاسة مصر، ويشير خبراء إلى أن هذه الزيارة قد تكون بداية لإعادة توزيع توازنات القوي في المنطقة.
وأثير بشأن الزيارة وقبلها زيارة الرئيس مرسي لطهران في أغسطس الماضي تساؤلات عدة بشأن توجهات السياسة الخارجية المصرية الجديدة، وكذلك موقف دول الخليج التي ما فتئت مصر تؤكد على أن ''أمن الخليج'' خط أحمر، هذا بالإضافة إلى الأزمة السورية.
أمريكا والخليج
يرى الدكتور مصطفى الفقي المفكر السياسي، أن زيارة نجاد لمصر لن يكون لها أي تأثير على العلاقات المصرية مع دول الخليج العربي خاصة السعودية والإمارات؛ فموقف شيخ الأزهر من المد الشيعي في دول الخليج والتضييق على أهل السنة في إيران كان واضحاً وبشدة على نحو أغضب الرئيس الإيراني نفسه، على حد قوله.
ويؤكد الفقي لمصراوي أن'' الموقف المصري من أمن الخليج واضحاً وبشدة ولا يمكن لأحد المزايدة عليه، والأشقاء في الخليج مدركين بشدة لهذا الدور المصري في الحفاظ علي أمن الخليج العربي''.
وعلي الصعيد الدولي، يوضح السفير عبد الرؤوف الريدي، سفير مصر الأسبق واشنطن، أن زيارة نجاد لن يكون لها أي تأثير علي العلاقات المصرية – الأمريكية ''القوية''، موضحا أن نجاد رئيس لدولة إسلامية جاء لحضور مؤتمر قمة دول التعاون الإسلامي ولم يكن باستطاعة القاهرة تجاهل استقباله.
ويقول الريدي في حديث لمصراوي أن الأمريكان ''عاقلين'' ومدركين أن هذه الزيارة تأتي في إطارها فقط، مستبعداً ما يتردد في بعض وسائل الإعلام الغربي عن استغلال الرئيس مرسي لهذه الزيارة في الضغط على الغرب من أجل دعم مصر اقتصادياً.
وعن إسرائيل، يضيف سفير مصر الأسبق في الولايات المتحدة أن القلق الإسرائيلي أمر طبيعي ومعتاد عليه، فإسرائيل دائمة القلق من أي تحرك مصري، خاصة إذا كان هذا التحرك باتجاه إيران وعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، حسب قوله.
"ليست ناجحة"
ومن جانبه، يوضح الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية أنه حتى الآن لم يرى أي تأثير لهذه الزيارة على أياً من العلاقات المصرية الخارجية، فهي حتي الآن زيارة ''ليست ناجحة'' حيث شهدت ''خلافات، اعتراضات، تظاهرات ورفع للأحذية''.
واعتبر عودة في حديث لمصراوي أن نتائج هذه الزيارة ستتوقف على ما إذا كانت هناك اتفاقات غير معلنة تمت بين الجانبين المصري والإيراني أم لا، وهذا الأمر لم تظهر عليه أيةً شواهد حتي الآن ولذلك لا يمكن الجزم به.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الحديث عن محاولات الرئيس مرسي الضغط على الغرب بهذه الزيارة ليس في محله لأن ''الرئيس الإيراني ليس بالقوة التي تجعل الرئيس المصري يستقوي به فهو شخص تسبب في عزلة بلاده وحصارها إقليمياً ودولياً''، على حد تعبيره.
ويري عودة أن التقارب المصري - الإيراني في الفترة الأخيرة يأتي في إطار لعب مصر لدور الوسيط بين إيران وأمريكا، حيث ان أمريكا لا تستطيع أن تتحدث مباشرة إلى طهران فاختارت مصر لتكون ''الوسيط'' بينهما، خاصة بعدما أبدت إيران مؤخراً نيتها للتعاون مع الغرب فيما يتعلق بملفها النووي.
ويؤكد عودة أن السياسة الخارجية المصرية غير واضحة المعالم حتى الآن، وغير معروف من الذي يدير السياسة الخارجية هل محمد عمرو وزير الخارجية أم الدكتور عصام الحداد مستشار الرئيس للشئون الخارجية.
مخاوف شعبية
ويؤكد الدكتور يسري حماد، نائب رئيس حزب الوطن السلفي، أنه ينظر لهذه الزيارة وهذا التقارب المصري الإيراني بنوع من ''الريبة'' وهذه نظرة شعبية، نظراً لأن إيران دولة قامت علي أيديولوجية فكرية معينة وهناك مخاوف من تصدير هذا الفكر إلي مصر.
ويوضح حماد لمصراوي أن إيران دولة تعاني حصار إقليمي ودولي بسبب ملفها النووي وتحاول الآن فتح آفاق جديدة لها عن طريق الدولة الأكبر في المنطقة ولذلك فهي تحاول بشكل دائم مخاطبة ود مصر وتقديم الدعم الاقتصادي لها ولكنها مازالت تربط هذا الدعم بالتطبيع الفكري والثقافي معها.
وأكد حماد أن تاريخ إيران في المنطقة ليس محموداً ولا يشجع علي إقامة جذور التواصل معها.
ويتابع حماد أنه ''لا يرفض وجود تعاون اقتصادي بين البلدين في إطار مشاريع اقتصادية محددة بدون تواجد إيراني علي أرض مصر كما أنه على الإدارة المصرية نقل المخاوف الشعبية من المد الشيعي في مصر إلي الجانب الإيراني''.
ويضيف نائب رئيس حزب الوطن أن أمريكا وإسرائيل ينظرون لهذه الزيارة بقلق لخلافاتهم مع إيران وهذا أمر مصر بعيدة عنه، ولكن هذا القلق أيضاً يساور دول الخليج من هذه الزيارة وعلي السياسة المصرية أن تكون واضحة المعالم وأن تحافظ على آمن دول الخليج بصرف النظر عن الخلافات مع بعض هذه الدول.
"زيارة عادية"
ومن جانبه، يوضح اللواء عادل عفيفي رئيس حزب الأصالة أن هذه الزيارة قد تزيل الاحتقان بين إيران ودول الخليج، معرباً عن تمنياته في أن يكون لمصر دور في حل هذا الخلاف التاريخي بينهم.
واعتبر رئيس حزب الأصالة، أن زيارة الرئيس الإيراني إلي مصر ''عادية'' وتأتي في إطار مؤتمر قمة دول التعاون الإسلامي التي بدأ فعالياته في القاهرة اليوم.
ويقلل عفيفي في حديث لمصراوي من المخاوف الشعبية من انتشار المد الشيعي في مصر، مؤكداً ان هذا لن يحدث نظراً لأن لقاء الرئيس الإيراني بالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بالأمس حدد بعض النقاط الأساسية التي سيتعين علي النظام الإيراني إتباعها من أجل الحفاظ علي حقوق أهل السنة في إيران ووقف المد الشيعي لدول السنية وهذا بداية جيدة علي طريق العلاقات بين البلدين.
ويرجع تركيز وسائل الإعلام في العالم علي الترحيب الرسمي بهذه الزيارة إلي أنها الأولي لأي رئيس إيراني طيلة الثلاثون عاماً الماضية والترحيب به كان واجباً علي الدولة المصرية، أما قلق القلق الأمريكي – الإسرائيلي من الزيارة فهو أمر متوقع لأن كلا الدولتين لا تريدان عودة العلاقات المصرية – الإيرانية مجدداً، وفقا لعفيفي.
فيديو قد يعجبك: