ياسر علي.. سبعة أشهر في محراب الرئاسة
كتب-محمد أبو ليلة:
في إبريل من العام الماضي كان الدكتور ياسر علي أحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين يعمل طبيبا في أحدى مستشفيات السعودية، وفور إعلان الجماعة عن ترشيحها المهندس خيرت الشاطر للرئاسة في وقتها، عاد إلى مصر ليكون ضمن مسئولي حملة ''الشاطر'' الانتخابية.
وتوالت الأحداث الدرامية وترشح مرسي بدلا من الشاطر، وأصبح ياسر علي هو الرجل الثاني في حملة الإخوان للرئاسة والمتحدث الإعلامي باسم الحملة في ذلك الوقت، نظرا لدراسته الإعلام بجانب الطب؛ تلك الدراسة التي جعلت الجماعة تختاره لهذه الوظيفة، ومع فوز مرسي في انتخابات الرئاسية انتقل علي معه إلى مقره الجديد ليصبح متحدثا رسميا باسم الرئاسة.
ارتبط ياسر علي بالرئيس رسميا، ففي اليوم التالي لإعلان فوز مرسي، وتحديدا في يوم 26 يونيو من العام المنصرم، حينما أدلى بأول تصريح رسمي له كمتحدث إعلامي باسم الرئاسة قال فيه، إن الرئيس محمد مرسي سيحلف اليمين الدستورية أمام الشعب المصري في ميدان التحرير.
مرت أيام كثيرة، إلى أن نشرت مؤسسة الرئاسة بيان لها يوم 16 من فبراير الجاري، قالت فيه أن المتحدث الإعلامي باسمها ياسر علي، ترك عمله بها متجها إلى منصبا جديدا اختير له وهو مدير لمركز المعلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء.
سبعة أشهر، قضاها ياسر علي داخل القصر الرئاسي متحدثا رسميا باسمه، كانت مليئة بالقرارات التي وصفها محللون بأنها مرتبكة وغير حكيمة عكست أداء مؤسسة الرئاسة وجهازها الإعلامي الذي كان يرأسه علي.
نفي الأخبار
مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية رصد في مراقبته للأداء الإعلامي للرئاسة خلال خدمة ''مرسي تايم لاين''، نحو 20 خبر عن رئاسة الجمهورية فيها نفي تصريحات نسبت إليها من قبل.
حيث أعد المركز تقرير بأهم التصريحات الصادرة عن الجهاز الإعلامي للرئاسة والتي وصفها بالمتضاربة، وأهمها نفي الدكتور ياسر على، المتحدث السابق باسم الرئاسة، صدور قرار من رئاسة الجمهورية بشأن الإفراج عن ضباط 8 إبريل، ونفي التصالح مع رموز النظام السابق، وعبور سفن صينية لسوريا.
وكذلك نفي الرئاسة ما تردد عن وضع المشير طنطاوي والفريق عنان قيد الإقامة الجبريّة، ونقل ''السلطة التشريعية'' لمجلس الشورى، وتكليف مرسي لأحد أبنائه بتسليم هدية للغنوشي، ونفي تلقي مرسي دعوة رسمية لزيارة إسرائيل، وصدور تعليمات بمنع دخول الفلسطينيين للمطارات المصرية، ونفي علاقة الرئاسة باختيار رؤساء التحرير الجدد، ونفي تمويل الصين لإنشاء سدود دول حوض النيل.
كما واصل الجهاز الإعلامي، نفيه المستمر للأنباء مثل ما تردد عن استياء قطر من استبعادها من القمة الإسلامية، وكذلك نفيه تعيين مدير مكتب عمر سليمان برئاسة الجمهورية، وما تردد حول علم الخارجية الأمريكية بقرارات التغييرات الأخيرة.
وأيضا نفي الرئاسة سحب قوات الجيش من سيناء، ونفي إرسال الرئيس مرسي خطابه الشهير للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، ونفي وجود خلافات مع المجلس العسكريّ بشأن منصب وزير الدفاع، ونفي تعيين المشير طنطاوي نائبا لمرسي، ونفي ارتباط انقطاع الكهرباء بمشروعات الطاقة بغزة.
ضعف وتخبط
وفي السياق ذاته انتقد مركز ابن خلدون تضارب تصريحات ياسر علي، وطالب رئاسة الجمهورية بتحري الدقة فيما يصدر عنها من تصريحات تؤدي إلى التخبط الإعلامي وتصيب المجتمع بحالة من العشوائية والإحباط، بحسب تعبير المركز.
وتابع المركز في بيان تحليلي حول وضع الجهاز الإعلامي للرئاسة: أن ''هذا يدل على خلل واضح بإدارة العلاقات العامة برئاسة الجمهورية، أو ربما هو فعل متعمد بغرض اختبار مشاعر الشارع وقياس للرأي العام بطريقة غير مباشرة، وكلا الأمرين مرفوض لما فيه من تلاعب بمشاعر المجتمع''.
تردي أخلاقي
من جانبه، أوضح الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز أن الأداء الإعلامي لمؤسسة الرئاسة لا يمكن فصله أبدا عن الأداء السياسي والأخلاقي لتلك المؤسسة، مؤكدا أنه إذا كان الأداء الأخلاقي مترديا فإن الأداء الإعلامي أيضا سيكون متدنيا بدرجة كبيرة.
وأضاف عبد العزيز في حديث لمصراوي أن الهشاشة السياسية والارتباك والتخبط في مؤسسة الرئاسة انعكست على الوظيفة الإعلامية لها، وكان أغرب ما يمكن الوصول إليه في هذا الصدد هو أن يتم سحب التمثيل الإعلامي للمؤسسة الرئاسية من الرئيس والناطق باسمه ليصب في يد الإعلامي المبدع باسم يوسف''.
وأوضح أن المصريين باتوا يتابعون أداء المؤسسة الرئاسية عبر النقد المرير الذي يقدمه باسم يوسف وهو أمر يشير بوضوح إلى الخلل والارتباك في ذلك الأداء، مضيفا أن ''هذه واقعة ناكرة في التاريخ السياسي المعاصر''.
''المتحدث باسم الرئاسة وقع ضحية لتدني كفاءة مؤسسة الرئاسة، وضحية للخطأ الكبير الذي اعترى أداءه''، يقول عبد العزيز متابعا ''وقد صدر عنه عد من الاخطاء التي ورطته في مشكلات كثيرة، وأهمها زواجه العرفي، وهو خطأ يشير بوضوح إلى سوء الأداء السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، لكن من الصعب جدا أن يكون هناك أداء إعلامي جيد وسط هذا الكم الكبير، من الارتباك السياسي''.
كما أوضح ياسر عبد العزيز أن ما يأتي وما يصدر عن مؤسسة الرئاسة يجافي العلم وأساليب الإدارة الرشيدة من كل جوانبها وهو أمر يدخل في باب ''الهطل'' الدائم، الذي لا يمكن تقيمه بأدوات علمية.
''جرائم سياسية''
وفي لهجة مستنكرة واصل ياسر عبد العزيز تحليله لأداء الجهاز الإعلامي للرئاسة، حيث قال ''مؤسسة الرئاسة أعطت أسوأ الانطباعات عن نفسها وعن مستوى الكادر الذي يعمل بها، وهي لا تعرف أبدا متي تتحدث وإذا تحدثت لا تعرف ماذا تقول، فالإعلام والاتصال تابعين للنظام السياسي.. نحن أمام نخبة تحكم لست لديها أي كفاءة في الحكم''.
وأكد عبد العزيز أنه لو أن هذه الجرائم السياسية ارتكبت في أي دولة رشيدة ومحترمة لكانت كفيلة في الإطاحة بعشرات الحكومات والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة''.
وأوضح أن ''الأداء السياسي بيَن أن من يحكمون مصر الأن بعيدين كل البعد عن الحكم الرشيد، وبالتالي فإن الأداء الاتصالي لا يعني شيئا في حد ذاته، فهو انعكاس للهشاشة السياسية وتهافت القدرة السياسية لدى هذا الفصيل وعدم الاعتراف بالأخطاء يوقعنا في كوراث كبيرة''.
فيديو قد يعجبك: