خبراء: وقف ''يوتيوب'' صعب وحقوقيون: الحكم يفتح الباب للقمع السياسي
كتبت- علياء أبوشهبة:
تساؤلات عدة يثيرها الحكم القضائي، الذي صدر على خلفية الدعوى القضائية رقم 6096 لسنة 66، التي أقامها المحامي محمد حامد سالم، والتي طلب بموجبها حجب موقع يوتيوب بسبب عرض بعض المقاطع المصورة للفيلم الأمريكي ''براءة المسلمين'' والمعروف إعلاميًا باسم ''الفيلم المسيء للرسول'' مختصمًا في ذلك كل من رئيس الجهاز القومي للاتصالات، ووزير الاتصالات، ورئيس مجلس الوزراء.
وبعد صدور الحكم، أعلن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أنه سوف يتخذ الإجراءات اللازمة فور وصول صورة الحكم إليه لتنفيذه، مؤكدًا على احترامه لأحكام القضاء.
''ميزانية ضخمة''
حول الجوانب التقنية المتعلقة بإمكانية تنفيذ الحكم وكيفيته، يقول أحمد الرفاعي، خبير إنترنت، إن الآلية الوحيدة لتنفيذ الحكم هي تقنية الفلترة أو ''بروكسي'' و هو نفس الأسلوب الذي يستخدم لحجب المواقع الإباحية، وهي طريقة لا تحظى بالأمان الكافي، حيث يمكن اختراقها.
وأضاف أن ''تكلفة غلق يوتيوب ضخمة جدًا، وتحتاج إلى ميزانية كبيرة، كما أنها تؤثر بشكل كبير على سرعة الإنترنت، وتساءل حول قيام الشركات المقدمة للخدمة بالمنع، أو قيام جهاز تنظيم الاتصالات بالمهمة، وهو أمر يحتاج إلى تمرير كل محتوى الإنترنت على ما يشبه المصفاة لتنقيته، ومن غير المنطقي تنفيذ ذلك لمدة شهر واحد فقط'' على حد قوله.
كما أوضح أن ''إدارة موقع يوتيوب رفضت رفع الفيلم المسيء، لأنه أمر يتنافى مع حريتي التعبير والإبداع، وأن جانب ليس بالقليل من أرباح القنوات الفضائية يتحقق لها من خلال قنواتها على موقع يوتيوب، وبالتالي إغلاقها ينتج عنه تكبدها الخسائر، والتي يراها خسائر ليست كبيرة بالنسبة لموقع يوتيوب''.
وأشار الرفاعي إلى أن ''حظر يوتيوب يمكن أن يسمح بمعرفة مستخدمي الإنترنت في مصر لمواقع أخرى تقدم نفس الخدمة، ولكنها لا تحظى بنفس الشعبية وعدد المستخدمين''.
''عنصر ضغط مهم''
من جانبه، يرى يسري ذكي، خبير الأمن المعلوماتي، أن الحكم القضائي هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الاستياء من عرض يوتيوب للفيلم المسيء، موضحًا أنه عنصر ضغط مهم، لا يجب التقليل من أهميته، بحسب تعبيره.
وطرح ذكي مثالًا لما حدث من اعتراض في دول الخليج على خدمة بلاك بيري، والتي تعرض بيانات المستخدم، وتجعلها متاحة للجميع، وهو ما حدث أيضا في دول أوروبية، ما دفع الشركة الأم للاستجابة لمتطلبات المستخدمين، حفاظًا على الطاقة الاستهلاكية، الأمر الذي يعني أن الضغط في هذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى نتائج جيدة، حسبما قال.
كما أشار إلى أن الحكم القضائي يسمح بالتفاوض مع شركة جوجل التي تقوم بتشغيل الموقع، مؤكدًا على أن المستخدم المصري يعتبر قوة لا يُستهان بها، و هو ما يقرب من 20 مليون مستخدم، وأكد على أن تنفيذ المنع يعتبر أقل صعوبة من حظر المواقع الإباحية، من الناحية التقنية، على حد قوله.
كذلك، أوضح خبير الأمن المعلوماتي أن حظر موقع يوتيوب لن يؤثر على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لوجود عدة بدائل أخرى.، حسبما أشار.
''يتنافى مع حرية الفكر''
كان للحكم القضائي الصادر تأثير على النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث ربطه البعض بإغلاق بعض المواقع مثل ''سكايب'' في بعض الدول العربية، فضلًا عن أنه الحكم القضائي الثاني الذي يهدد حرية استخدام الإنترنت، بعد حظر المواقع الإباحية.
ويقول محمد زارع، المحامي والناشط الحقوقي، إن ''هذا الحكم صعب التنفيذ من الناحية التقنية، ولذلك يستبعد تنفيذه'' ويستطرد: ''لا يوجد اختلاف على رفض الفيلم المسيء، ولكن صدور حكم قضائي بمنع موقع يوتيوب يتنافى مع حرية الفكر والتعبير، في حين أن هناك وسائل للمطالبة بوقف عرضه، و منع تداوله''.
كذلك، أضاف زارع أن ''موقع يوتيوب يعتبر وسيلة مهمة لتداول المعلومات والحقائق، وبالتالي منعه يعتبر عقابًا جماعيًا، فضلًا عن أنه يتطلب ميزانية ضخمة جدًا، ويفتح الباب لأساليب اختراق الحظر'' وأكد على أن ''الأهم هو الاعتراض على الفيلم نفسه، وليس على الموقع بشكل عام'' على حد قوله.
''وسيلة للقمع السياسي''
وأوضح الناشط الحقوقي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن هناك فارقًا بين صدور حكم قضائي ووجود تعسف من السلطة من شأنه منع استخدام أي مواقع إلكترونية، كما هو الحال في السعودية و المغرب، وبالتالي فإن انتقاد الحكم لا يعتبر تعليقًا على أحكام القضاء، حسبما قال.
وأضاف أن ''الحكم يفتح باب التخوف لاستخدام الأحكام القضائية كوسيلة للهجوم على حرية استخدام الإنترنت وحرية التعبير، وذلك ربما يكون ناتجًا عن عدم معرفة القضاة بأبعاد الحرية الإلكترونية، وإمكانية استخدام القضاء كوسيلة للقمع السياسي'' بحسب تعبيره.
وقال إن ''قرار القضاء الإداري يتخطى الغرض منه، إذ يعرض موقع يوتيوب ملايين مقاطع الفيديو التي تتنوع محتوياتها بين أعمال إبداعية فنية ومواد وثائقية ومقاطع تعليمية، ومن ثم فإن حجب الموقع بكامله يحرم مستخدميه في مصر من حقهم في الوصول إلى المعلومات المتاحة من خلاله، وبذلك يؤدي إلى ضرر يفوق المنفعة المستهدفة منه''.
فيديو قد يعجبك: