مشروع الدستور الجديد.. هل هو عودة للوراء أم خطوة للأمام؟
كتبت – هبه محسن:
جدل قانوني أثارته مسودة تعديل دستور 2012 ''المعطل'' التي رفعتها لجنة الخمسين إلى رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور استعداداً تمهيداً للدعوة للاستفتاء عليه.
وبين ''نعم'' و ''لا'' اختلفت آراء خبراء القانون حول مسودة الدستور الجديد، فبعضهم يرى أن الدستور الجديد انتقص كثيراً من الحريات وأعطى صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية، بينما يرى آخرين أن هذا الدستور يحقق جزء كبير من طموحات المصريين.
''عودة للوراء''
بداية، عدد الدكتور رأفت فودة رئيس قسم القانون العام بجامعة القاهرة أسباب رفضه لهذا الدستور، حيث رأى أن ''مساوئ مسودة الدستور الجديدة أكثر من محاسنها''
وأضاف في تصريحات لمصراوي أن الدستور الجديد سيمثل عودة للوراء بالنسبة لمبادئ ثورة 25 يناير و30 يونيو وأيضاً مقارنة بباقي دساتير دول العالم المتحضرة، على حد قوله.
ويرى ''فودة'' أن أبرز مشاكل هذه المسودة ظهرت في بابي الحقوق والحريات ونظام الحكم، حيث جاء باب نظام الحكم بنظام رئاسي كامل فيه سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية ولم يترك للحكومة شيء سوى اللوائح الإدارية.
وتساءل رئيس قسم القانون العام لماذا يشارك رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء في اختيار وزراء الداخلية والخارجية والدفاع والعدل؟ وهل هؤلاء الوزراء أفضل من باقي الوزراء ليختارهم رئيس الجمهورية بنفسه؟، قائلاً أن هذا أمر لا يحدث في أي دولة بالعالم لأن ''السلطة المطلقة.. مفسدة مطلقة''.
ولفت إلى أنه بموجب هذا الدستور سيكون من حق رئيس الجمهورية تعيين 5 في المئة من أعضاء مجلس الشعب وهو امر يخالف المعمول به في جميع دول العالم، ومن خلال هذه النسبة لن يتمكن البرلمان من سحب الثقة من رئيس الجمهورية لأن الرئيس يضمن لصالحه 5 في المئة من أعضاء البرلمان.
واعتبر أن المادة 7 من الدستور منحت الأزهر الشريف دوراً سياسياً وجعلته المرجع الرئيسي لتحديد مدى توافق التشريعات مع الشريعة الإسلامية، وهو أمر خطير ليس في ظل وجود الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي ولكنه سيكون خطيراً إذا جاء على رأسه شخص له انتماء سياسي وهو أمر غير مستبعد الحدوث مستقبلاً.
''دستور البشاوات''
أما المادة المتعلقة بالتعليم فيري الدكتور رأفت فودة أنها قضت على مجانية التعليم حيث سمح نص المادة المتعلقة بالتعليم للدولة بتحديد قيمة المصروفات الدراسية بما تراه مناسباً لقدراتها، مؤكداً أن هذا الدستور إذا تم إقراراه فستزيد في العام الدراسي الثاني قيمة المصروفات الدراسية للجميع.
وعن حقوق المرأة، أكد أن هذا الدستور لم يكفل للمرأة سوى حماية الأمومة والطفولة وحمايتها من العنف؛ أما باقي الحقوق فلن تتحقق لها، وقال ''مرفت التلاوي لا تعرف شيء عن حقوق المرأة فهي ترتدي حذاء ثمنه آلاف الجنيهات فكيف لها أن تعرف حقوق المرأة البسيطة التي لا ترتدي حذاء في الحقل''.
وأضاف أن حقوق الفلاحين أيضاً تم الجور عليها في هذا الدستور حيث ألزمت مواده الدولة بدعم الفلاح وشراء المحاصيل منه وتوفير معاش مناسب له وكل هذه الأمور متروكة لتقدير الدولة وليس بما يضمن حياة كريمة للفلاح، فضلاً عن مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين والتي توسعت في حالات محاكمة المدنيين عسكرياً بما ينتهك الحقوق المدنية.
وتابع رئيس قسم القانون العام بجامعة القاهرة قائلا: ''هذا دستور بشاوات وواضعيه أغلبهم من أصول برجوازية لا يشعرون بالمواطن البسيط''.
أما عن المواد الإيجابية في الدستور، فقال أن مادة الصحة من المواد الجيدة في الدستور حيث أنها منحت حق التأمين الصحي لجميع المصريين وألزمت الدولة بهذا الأمر.
''يحقق الطموحات''
وعلى الجانب الأخر هناك مؤيدين لهذا الدستور وهؤلاء يرونه أفضل كثيراً من الدساتير السابقة ومن بين هؤلاء المستشار بهاء الدين أبو شقة المحامي ونائب رئيس حزب الوفد، الذي أكد أن هذا الدستور بشكل عام جيد جداً.
واعتبر ''أبو شقة'' أن هذا الدستور يضمن الحقوق والحريات بشكل كبير؛ حيث نص على آليات واضحة تضمن تحقيق ومحاكمة عادلة لكل المتهمين أمام أي قضاء وألزم المحاكمة بضرورة وجود محامي مع المتهم في أي قضية منظورة أمام القضاء وهو أمر جيد جداً.
وفيما يتعلق بباب نظام الحكم، فقد أوضح ''أبو شقة'' في تصريحاته لمصراوي أن نظام الحكم الذي اعتمدته لجنة الخمسين هو نظام شبه رئاسي يقتسم السلطة بين الرئيس والحكومة، وقد قلص كثيراً من صلاحيات رئيس الجمهورية وهو أمر في منتهى الإيجابية
ولفت إلى أنه كان يتمنى وجود غرفة ثانية للبرلمان لكي يتم تدقيق التشريعات بشكل جيد كما أن هناك حوالي 77 دولة لديها غرفتين برلمانيتين.
وأكد ''أبو شقة'' أن لجنة الخمسين بذلت جهداً كبيراً لكي تنهي هذا الدستور، وإقرار الدستور أمر لابد من منه لكي تخطو مصر أولى خطواتها لتحقيق خارطة الطريق ومن ثم الاستقرار السياسي والسياسي.
وتابع ''الإسهاب في مواد الدستور كان مطلوباً لكي يطمئن كافة فئات المجتمع ويحقق طموحات الكثيرين في دستور ما بعد الثورة''.
''دستور جيد''
ومن جانبه، يرى الدكتور سمير صبري المحامي بالنقض، أن مسودة الدستور الجديد جيدة بنسبة كبيرة وتحققت من خلاله مطالب الكثيرين في هذا المجتمع مقارنةً بدساتير مصر السابقة خاصة دستور 2012.
وأوضح صبري في تصريحاته لمصراوي أن الدستور حقق مطالب ذوي الاحتياجات الخاصة والنوبيين وهما أمرين مهمين للغاية ولم يتناوله أي دستور من قبل، كما اهتم بالتعليم والصحة والعشوائيات وهي أيضاً من المواد المهمة.
وأكد أن مواد الدستور قيدت كثيراً من الصلاحيات الرئاسية مقارنة بدستوري 71 و2012، حيث كانت صلاحيات رئيس الجمهورية في هاذين الدستورين مطلقة بشكل كبير.
وأشاد المحامي بالنقض باتجاه لجنة الخمسين للإسهاب والتفصيل لبعض مواد الدستور لأنها بذلك منعت أي حملات تشكيكية فيما يرد من ألفاظ في بعض المواد.
وأضاف أنه كان يتمنى أن يراعي الدستور حقوق الطفل والمرأة بشكل أكبر، خاصة وأن المرأة كانت شريكاً أساسياً في 25 يناير و30 يونيو، كما كان يتمنى وجود نص ضد العنف للمرأة.
وتوقع صبري أن يُقر هذا الدستور بنسبة كبيرة ويكون التصويت عليه تاريخياً، مشدداً على أن إقرار هذا الدستور يعني نجاح 30 يونيو والعبور بالبلاد من هذه المرحلة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: