إعلان

بالصور - رفح.. مدينة الأنفاق في انتظار ''التُخوم العازلة'' (تحقيق)

01:39 م الجمعة 11 أكتوبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

رفح – سارة عرفة وسامي مجدي:

وصلنا إلى مدينة رفح الحدودية في الثانية والربع ظهرا، بعد نحو ثلاث ساعات في الطريق من العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، التي تشهد تشديدا أمنيا كبيرا منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وإعلان خارطة الطريق في الثالث من يوليو الماضي.

الأوضاع كان هادئة بعض الشيء في رفح وإن كان الحذر سيد الموقف؛ حيث يرفض الأهالي الحديث خاصة للصحفيين والإعلاميين. يسألون دائما عن الجزيرة، التي قال لنا أحد المصادر أن القناة تحاول بشتى الطرق الوصول للمدينة وتصوير الأنفاق المدمرة، وتجريف المزارع المتاخمة للأكمنة الأمنية ومعسكر الأمن المركزي.

ساعدنا على المرور من الأكمنة الأمنية أن بطاقات هويتنا غير مدون بها أننا صحفيون. السؤال الذي يُسأل لأي سيارة أجرة ''كلكم مصريين؟''. يطّلع الضابط أو العسكري وجميعهم يرتدي سترات واقية من الرصاص، على بطاقات الهوية ورخص القيادة، وإذا لم يكن بالسيارة مشتبه به تترك تمضي لحال سبيلها.

كان كمين الريسة وكمين الخروبة الأشد في الإجراءات الأمنية. الأول يقع في نطاق منطقة سكنية، بينما الثاني يقع وسط مفترق طرق، وخلفه مزرعة زيتون كان أصحابها يقطعونها بناءً على طلب القوات المسلحة؛ حيث اعتاد المسلحون مهاجمة الكمين من خلالها. شاهدنا أصحاب المزرعة يقطعون الأشجار ويخلون المنطقة المحيطة للكمين. على الجانب الآخر من الكمين رأينا أشجار زيتون مقطعة كي تمنح مساحة رؤية لأفراد الكمين ليتمكنوا من صد الهجمات ومواجهة المهاجمين، حسبما قال مصدر أمني طلب عدم ذكر اسمه.

قال أحد الركاب وهو شاب يبدو أنه في بداية الثلاثينات من عمره، إن الجيش معه حق في ذلك، فـ''الإرهابيين'' يطلقون النار على الجنود من وهذه المزارع، مضيفا أنه يعتقد أن الجيش دفع أو سيدفع تعويضات لأصحاب المزارع أو البيوت التي تضررت.

لاتزال اثار الأحداث في 30 يونيو قائمة حتى الآن؛ فمكتب الجوازات محطما كما هو، فضلا عن مركز ثقافة رفح الذي بدا وكأنه ''خرابة''. وقال سائق التاكسي وهو من الشيخ زويد، الذي أقلنا من داخل المدينة حتى بداية الطريق الدولي لنستقل سيارة تنقلنا إلى العريش، إنه للمرة الأوى في حياته يرى جنودا مصريين باللبس ''المموه''، في إشارة إلى جنود الجيش الذين منعتهم اتفاق كامب ديفيد في ملحقه الأمني من الولوج للمنطقة (ج)، والتي اختصت فقط بعدد محدود من جنود الأمن المركزي.

الدكتور جلال الشريف، عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة، وصاحب صيدلية الأصدقاء الواقعة في ميدان صلاح الدين برفح، رأى أن ما يحدث في سيناء لن يستمر طويلا، مؤكدا أن الجيش قادر على التعامل مع الأوضاع في رفح والشيخ زويد.

''تحالف ثلاثي''

يقول الشريف في حديث مع مصراوي، إن مايجري الآن نتيجة تحالف ''الإرهاب مع تجار المخدرات مع البلطجية''، مشيرا إلى أن عدد أبناء سيناء المنضمين للجماعات ''التكفيرية'' و''المسلحة'' قليل بالمقارنة بأعداد الوافدين من مصر وخارجها.

ويدلل الشريف على أن أبناء سيناء قلة في تلك الجماعات، بأن كبار ''الإرهابيين'' من وادي النيل مثل عادل حبارة – من محافظة الشرقية. وأُلقي القبض على حبارة ووجهت إليه اتهامات بالتورط في حادثة جنود رفح الأخيرة التي قتل فيها 26 جنديا.

ويؤكد الشريف أن أهالي رفح سعداء بتواجد القوات المسلحة ويساندون إجراءاتها، ''أول مرة نرى طائرات عسكرية مصرية في سماء رفح منذ سنة 1973''، إلا أنه يشير إلى غضب بعض الأهالي الذي تضرروا من هدم الأنفاق وتجريف بعض المزارع.

بالحديث عن أنفاق التهريب التي تتعدى الألف نفق دمر الجيش أكثر من 90 في المئة منها، حسبما قال أحد المصادر العسكرية، ذكر عماد الشريف، شقيق الدكتور جلال، أن هناك أنفاقا لازالت تعمل، تلك التي داخل البيوت السكنية، مضيفا أن الانفاق التي كانت تستخدم في نقل مواد البناء (زلط ورمل وأسمنت) أغلقت بالكامل.

وأشار عماد الشريف إلى أن غلق أنفاق تهريب مواد البناء التي كانت تسمح بمرور سيارات النقل أو تلك التي بها قضبان سكة حديد، أدى لتكدس مواد البناء زلط وأسمنت الذي رأيناه في التشوينات برفح.

''التُخوم العازلة''

شيء آخر يشغل بال أغلبية سكان رفح خاصة المنطقة الحدودية، هو ''المنطقة الآمنة'' كما تسميها القوات المسلحة والحكومة أو ''العازلة'' كما يسميها البعض، على الحدود مع قطاع غزة، خاصة مع كثرة الحديث عن أن أنفاق التهريب وراء العمليات التي تجري في سيناء.

تحدثت إلينا مصادر عسكرية وأمنية وعواقل قبائل سيناوية عن أن الجيش يرغب في مسافة نصف كيلو متر، تسمح للقوات بتأمين ومراقبة الحدود والتصدي لعمليات التهريب، ومنع دخول أو هروب الخارجين عن القانون.

يعارض الدكتور جلال إقامة تلك المنطقة، ويرى أن الحل هو في فتح معبر رفح أمام حركة مواد البناء كما كان يسمح بمرورها لـ''مدينة حمد'' التي تقميمها قطر في القطاع، على أن تكون الدولة رقيبا على ما يدخل من مصر وتحّصل ضرائبها التي تصل بالملايين، على حد قوله.

ويقول أحد النشطاء السياسيين في شمال سيناء، وهو بالمناسبة أحد شباب الثورة، إن حماس عملت بعد ثورة يناير وانفتاح الحدود على تصدير العناصر ''الجهادية'' التي تسبب لها قلقا في القطاع إلى سيناء، حيث ضيقت الخناق مثلا على جماعة ''جند الإسلام''.

ويضيف المصدر أن أغلب السلاح الموجود في سيناء يأتي من غزة، مشيرا إلى أن حماس من مصلحتها أن تتوطن هذه الجماعات في سيناء، حتى تتخلص مما تسببه لها من متاعب في القطاع، خاصة بعد الهدنة التي عقدتها الحركة مع إسرائيل في نهاية ٢٠١٢، برعاية الرئيس السابق محمد مرسي، والتي تضمنت بنودها ألا تطلق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل.

لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه الجيش – حسب قول الدكتور جلال الشريف- هي أن أغلب الأنفاق بين القطاع ورفح موجودة في البيوت أو تمر من تحتها، مما يجعل من هدمها أمرا صعبا بغير تأثر تلك البيوت، لذا تجد هناك معارضة ليست بالهينة لإقامة تلك المنطقة ''الآمنة''.

يقول الدكتور جلال الشريف، هناك بيوت كثيرة بعضها من ثلاثة او أربعة طوابق، في المنطقة التي يريد الجيش إخلائها، وأصحاب هذه المنازل صعب إقناعهم بترك بيوتهم، مضيفا أن الجيش قادر على حماية الحدود دون إقامة هذه المنطقة.

تدخل في الحديث عماد الشريف وقال كثير من أصحاب هذه البيوت ضد المنطقة العازلة، حيث أن لديهم أنفاقا داخل بيوتهم.

(ذات مرة كنا في سيناء قبل نحو العام أخذنا عماد لأحد هذه البيوت خلال عهد مرسي وأرانا نفقا داخل فناء البيوت القريب حدا من موقف سيارات الأجرة عند في ميدان صلاح الدين، عبارة عن فتحة صغيرة قطرها حوالي مترين، وكان هناك شبابا يعملون في إنزال الأسمنت إلى النفق، لكنهم لم يسمحوا لنا بدخول النفق).

ويوضح الدكتور جلال أن المسافة بين الحدود وبداية العمار (المناطق السكنية) ٢٥٠ مترا، ويستطيع الجيش تأمين مثلها في دون المساس بالبيوت.

ويرى الشريف أنه إذا أصر الجيش على المنطقة العازلة فيجب أن تكون هناك تعويضات لأصحاب البيوت والمزارع التي تقع في نطاق المنطقة ''الآمنة''، مشددا على أن لا أحدا في سيناء ضد الحفاظ على الأمن القومي المصري.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان