إعادة محاكمة ''قتلة الثوار''.. حقيقة أم خيال ؟
تحقيق - محمد أبو ليلة:
''تعاد التحقيقات والمحاكمات في جرائم القتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين وجرائم الإرهاب التي ارتكبت ضد الثوار بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا أو تنفيذيا في ظل النظام السابق وذلك وفقا لقانون حماية الثورة وغيره من القوانين''.. تلك هي المادة الأولي من الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره الرئيس محمد مرسي في 22 من الشهر الجاري.
ورغم اعتراض الكثير علي بعض المواد الموجودة في هذا الإعلان الدستوري الجديد، إلا أن البعض أعتبر وجود نص دستوري صريح ينص علي إعادة محاكمات المتهمين في قتل المتظاهرين، مكسبا كبيرا لثورة يناير، لكن ما هي الحقيقة، هل ستتم إعادة هذه المحاكمات بالفعل؟ وهل سيقتص أهالي الشهداء ممن قتل أبناءهم؟ أم أن الأمر قيد التنفيذ وهناك إجراءات كثيرة تعوق ذلك.
المحاكمات لن تعاد إلا بعد ظهور أدلة جديدة
بعد صدور الإعلان الدستور الجديد بساعات أصدرت مؤسسة الرئاسة المصرية قانون جديد لحماية الثورة، حيث نصت المادة الأولي من هذا القانون علي ''استثناء من حكم المادة 197 من قانون الإجراءات الجنائية تعاد التحقيقات في جرائم قتل وشروع في قتل وإصابة المتظاهرين، وكذا جرائم الاعتداء باستعمال القوة، والعنف والتهديد، والترويع، على الحرية الشخصية للمواطن''.
وفي نفس المادة ''وغيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون، والمعاقب عليها بمقتضى أحكام القسم الأول والقسم الثاني من قانون العقوبات، والمرتكبة بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا، أو تنفيذيا في ظل النظام السابق، على أن تشمل التحقيقات الفاعلين الأصليين والمساهمين بكل الصور في تلك الجرائم، وكل ما تكشف عنه التحقيقات من جرائم أخرى مرتبطة، وتعتبر الجرائم المرتكبة في حق الشهداء، وثوار ثورة 25 يناير المجيدة داخلة في نطاق الجرائم المنصوص عليها بالفقرة السابقة''.
لكن المادة الثانية من هذا القانون أيضا تنص علي ''تعاد المحاكمات في الجرائم المنصوص عليها بالمادة السابقة حال ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة متصلة بوقائع سبق إحالتها إلى القضاء ويتم إحالتها إلى الدوائر الخاصة التي يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى، فإذا كانت تلك الوقائع قد قضي فيها بالبراءة بحكم بات تتم إعادة المحاكمة وفقا للأدلة أو الظروف الجديدة''.
كما أكد المستشار محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة الأسبق - أنه طبقا لأحكام الدستور وطبقا للاستقرار القضائي وأحكام قانون الإجراءات الجنائية، لا يجوز بعد إصدار الحكم في محاكم الجنايات بالبراءة أو بالعقوبة، لا يجوز إعادة المحاكمة إلا لو وجدت أدلة أو مستندات جديدة.
ووافقه الرأي المستشار أحمد عبد الفتاح - نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية - الذي اوضح أيضا أن المادة الخاصة بإعادة محاكمة قتلة المتظاهرين لن تضيف جديد في القانون لأنها قالت أن المحاكمة ستعاد إذا ظهرت أدالة جديدة.
هذه المادة صدرت لتجميل الإعلان الدستوري
رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار محمد حامد الجمل أضاف قائلاً:'' إن هذه القضايا والخاصة بقتل المتظاهرين مطعون فيها أمام محكمة النقض، وبناء علي طعن النيابة فإن محكمة النقض لها السلطة في مراجعة هذه الأحكام وإذا وجدت شيء منها غير مطابق للقانون تعيد الدعوة إلي دائرة أخري لإعادة نظرها والحكم فيها، وبالتالي لا يوجد حاجة لما تضمنته المادة الثانية من الإعلان الدستوري، طالما قد اشترطت بوجود أدلة ومستندات جديدة، معتبرا أن هذه المادة صدرت بدون خبرة من مؤسسة الرئاسة ومن أجل تجميل الإعلان الدستوري الغير دستوري من الأساس'' .
أوضح ''حامد'' أن قانون الإجراءات الجنائية واجب التطبيق مع أحكام الدستور المؤقت الصادر في مارس 2011 يضاف إلي ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والحقوق المدنية والسياسية واتفاقية ''مونتري'' لاستقلال القضاء، كل هذا لا يقيد إعادة المحاكمات بتاريخ معين وإنما عندما تتوفر مستندات وأدلة جديدة لدي قضاة التحقيق سيعاد النظر فيها مرة أخري.
النائب العام الجديد يرفض إعادة المحاكمات
وفي هذا الصدد قال عدد من أهالي شهداء ثورة 25 يناير، إن النائب العام الجديد، المستشار طلعت إبراهيم، ''رفض إعادة محاكمة المتهمين بقتل الثوار، وفقًا للإعلان الدستوري الجديد، الذي أعلنه الرئيس محمد مرسي''، وطالبهم بـ''تقديم أدلة جديدة، حتى يتثنى تكليف النيابة بالتحقيق في تلك القضايا''.
كان عدد من أهالي شهداء الثورة، قد ذهبوا إلى مكتب النائب العام الجديد طلعت إبراهيم، يوم الخميس الماضي 22 نوفمبر، وذلك لمعرفة الإجراءات التي سيتم اتخاذها لإعادة المحاكمات، وفقًا لما ورد في الإعلان الدستوري، إلا أنه حسبما قال تامر سليمان، شقيق الشهيد محمد سليمان في تصريحات صحفية سابقة، أنهم ذهبوا للنائب العام وكان معهم بيان بأسر الشهداء.
وطالب أهالي الشهداء النائب العام الجديد بالتحفظ علي كافة المتهمين علي مستوي الجمهورية، كما طالبوا بمعرفة الآليات التي ستسير عليها إعادة المحاكمات، إلا أن النائب العام الجديد المستشار طلعت إبراهيم أوضح لهم أنه ليس في الإمكان إعادة فتح القضايا المنتهية من جديد، كما أوضح لهم، إن إعادة المحاكمات مرهون بوجود أدلة جديدة، استنادًا للقانون الجديد الصادر عن الرئيس محمد مرسي.
''ضباط الشرطة'' المتهمين بقتل المتظاهرين في مأمن
وفي السياق ذاته، أكد المستشار فؤاد راشد - رئيس محكمة استئناف القاهرة - قائلاً:'' إن الحديث عن إعادة التحقيقات في قضايا قتل المتظاهرين لا يجوز قانونا، مشيراً إلى أن ذلك القرار غريب من نوعه لم يسمع عنه من قبل ولم يدرس في القانون ففي أي قانون من قوانين الكون الطريق الوحيد للنيل من الحكم في محكمة النقض من خلال الطعون عليها بالطرق المعروفة وليس بإعادة المحاكمات ومن رابع المستحيلات أن تتم إعادة للمحاكمات بعيدا عن القانون والشرعية''، علي حد قوله.
وأضاف راشد قائلاً:'' إن الحكم علي مبارك والعادلي وبراءة ضباط الشرطة المتهمين في قتل المتظاهرين له حجية، قائلا'' ما ينفعشي قاضى برأ متهما ثم أعيدت المحاكمة على الفرض الجدلى وصدر حكم إدانة فإن المكافئ هو انهيار الثقة العامة في أحكام القضاء وانهيار دولة القانون وتحول أي بلد إلى غابة بانهيار الثقة العامة في القضاء، وهناك مرات تكون أمامي قضية والرجل مظلوم جدا ولكن الإجراءات لم تكتمل فهو يصرخ ويقول أنا عاوز الحكم حالا، أقول له لو أحكم لك بسرعة أبقي بظلمك لأن الحكم الغلط سوف يلغي وتجيب الطريق من الأول الصح صح ويبني عليه ذلك''.
''ضباط الجيش'' المتهمين بقتل المتظاهرين لن يحاكموا حتى بعد التقاعد
''يختص القضاء العسكري دون غيره في الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وأيضا الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع التي تقع من ضباط القوات المسلحة الخاضعين لأحكام هذا القانون ولو لم يبدأ التحقيق فيها إلا بعد تقاعدهم''.. هذه هي المادة (8 مكرر أ) من أحكام قانون القضاء العسكري الصادر بقانون رقم 25 لسنة 1966 والذي قام مجلس الشعب المنحل بمناقشتها في شهر مايو الماضي، وذلك على خلفية تعديل بعض المواد في قانون القضاء العسكري والخاصة بمنع محاكمة المدنيين عسكريا.
ولكن''مجلس الشعل المنحل'' أبقى المادة 8 مكرر أ من هذا القانون كما هي دون تعديل، مما يوضح أن معظم الأحداث التي تورط فيها رجال من القوات المسلحة بقتل متظاهرين وإصابتهم كأحداث ماسبيرو أو محمد محمود أو مجلس الوزراء أو أحداث العباسية، لن يتم النظر فيها أمام القضاء الطبيعي لأن الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والتي أوضحها هذا القانون من ضمنها جرائم القتل والتعذيب المتهم فيها ضباط من القوات المسلحة لن تنظر إلا أمام القضاء العسكري الذي يعد طرفه في هذه القضايا.
فيديو قد يعجبك: