''غاز.. عيون.. خرطوش''.. إنها حقا معركة ''محمد محمود''
تقرير - هند بشندي:
لكل قصة أبطال ولكل حكاية واقعية تفاصيلها التي تميزها، وهذه المرة كانت قصة لا تنسي فهي ليست قصة خيالية وإنما هي قصة نسجت خيوطها على أرض الواقع، وسطرت تفاصيلها جزء من تاريخ مصر بعد الثورة.
الغاز المسيل الذي يصيب بالتشنجات، إصابات العيون و''جدع يا باشا''، الموتوسيكلات تجوب ذهابا وإيابا لنقل المصابين، بطولات المستشفى الميداني، مسجد عمر مكرم وكنيسة الدبارة يفتحان أبوابهما لمعالجة المصابين، وإذا غلف ذلك كله بعمليات ''الكر والفر''؛ إذا أننا أمام حكاية خيطت تفاصيلها بالدماء ليسجلها التاريخ باسم ''محمد محمود''.
بطل الأحداث الرئيسي هو ''سي اس'' وهو دخان كثيف يصيب بإغماءات وتشنجات وأحياناً يؤدي للوفاة، ومعروف باسم الغاز المسيل للدموع، وقيل أنه تسبب في وفاة ثلاث حالات على الأقل وإصابة عدد هائل بحالات إغماء وتشنجات عصبية وعضلية خلال الأحداث .
ووفقا لتقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإن هذا الغاز يتكون من مادة شديدة السٌمية في التركيزات العالية، ومن شأنه أن يسبب ضيق تنفس وارتفاع شديد في ضغط الدم حتى بعد التعرض لنسب قليلة جدا من الغاز، وقد يسبب أيضا حالات من القيء والاختناق وتقرحات جلدية وحروق من الدرجة الثانية، وقد يؤدي إلي الوفاة في حالة التعرض لكمية كبيرة منه.
وهو بالفعل ما حدث مع الطبيبة ''رانيا فؤاد''؛ حيث تعتبر ''رانيا'' نموذج من مئات شباب الأطباء الذين غامروا بحياتهم من أجل إنقاذ حياه الآخرين فـ''رانيا''، الطبيبة بالمستشفى الميداني بميدان التحرير، استشهدت نتيجة اختناقها بالغاز المسيل للدموع، أثناء معالجتها للمرضي.
لم يكن استهداف المستشفيات الميدانية بأطبائها هو العلامة المميزة لمحمد محمود فقط، بل أيضا ميزت هذه الأحداث بإصابة الصحفيين والمدونين منهم ممالك مصطفي الذي فقد عينه في هذه الأحداث، بالإضافة للصحفية ''رشا عزب''، والمصور ''أحمد عبد الفتاح'' الذي أصيب في عينه.
الاستهداف لم يكن استهداف عادي فإنه كان استهداف لـ''عيون الحرية'' كما أطلق عليها، ومفارقة أحداث محمد محمود هي إصابة ''أحمد حرارة'' في عينه اليسرى في الأحداث بعد إصابته يوم 28 يناير في عينه اليمني، وشاركه البطولة هذه المرة ''رضا عبد العزيز''، وهو شاب لم يكن من المعروفين قبل تدشين شباب مواقع التواصل الاجتماعي حملة لاستقباله في المطار بعد فشل عمليته في ألمانيا.
''محمود الشناوي'' هو أيضا بطل من أبطال قصة ''محمد محمود'' لكنه بطل من نوع أخر، بطولة لن تحسب له، ولكنها جعلته يتمتع بشهرة فأصبح ''قناص العيون''، وذلك بعد مقطع فيديو ظهر أحد أفراد الشرطة وهو يثني عليه بعد تصويبه في اتجاه المتظاهرين قائلا: ''جت في عينه يا باشا.. جدع يا باشا''.
أما البطولة الحقيقية فكانت لسائقي الموتوسيكل، صورة مختلفة عن الصورة المعتادة لسائقي الموتوسيكلات، فقد اخترقوا قلب ميدان التحرير وسط إطلاق الغاز الكثيف، ليحملوا مصابي ''محمد محمود''.
وتقاسم معهم البطولة شباب الأولتراس، فقد ظهر خلال الأحداث شباب الأولتراس المتواجدون بالشماريخ للرد على القنابل المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات الأمن المركزي وتقليل تأثيرها .
ولأن لكل قصة صورة تميزها وترتبط بها، فقد تصدر المشهد الرئيسي صورة إلقاء جثثت القتلى في ''صناديق القمامة'' التي تقع أمام أحد المطاعم الشهيرة في قلب ميدان التحرير.. لتظل هي صورة ''محمد محمود''.
فيديو قد يعجبك: