صرخات على طرقات المنيا.. أطفال بلا ذنب يبحثون عن حضن الحياة

المنيا- جمال محمد:

في محافظة المنيا، تتكرر مأساة التخلي عن الأطفال حديثي الولادة، وكأنهم أعباء تُلقى جانباً، وجوههم البريئة تعكس براءة فقدت، وأعينهم الصغيرة تبكي مستنجدةً برحمة غائبة.

ملقى بين ظلال الجدران ومزاحمًا الصمت، يقبع رضيع لا يعرف إن كان القدر قد أنصفه بالبقاء أو خذله بالوحدة، صفحات التواصل تعجّ بالحسرة والدعوات، بينما تظل الملاجئ شاهدةً على قسوة الدنيا التي ألقت بزهور حياتها في مهب الريح.

طفلان في مقابر البهنسا

في قرية البهنسا والتي تقع غرب مركز بني مزار شمال محافظة المنيا، كانت تلك القرية على موعد مع واقعتين في أقل من شهر، للعثور على طفلين حديثي الولادة، الأول في منتصف شهر ديسمبر، والثاني منذ يومين سابقين.

الغريب في الأمر أن الطفلين عثر عليهما في منطقة المقابر تلك المنطقة الجبلية النائية، وكل منهما ملفوفا في غطاء "بطانية" وبكامل ملابسهما، كانت رحمة الله تحرسهما رغم انتشار الكلاب والذئاب في تلك المنطقة التي يخشى الكبير قبل الصغير السير فيها.

كما عثر أهالي مدينة المنيا منذ أشهر قليلة على طفل حديث الولادة بالقرب من محطة القطارات داخل كرتونة، إذ سمع أحد المارة صوت بكاء طفل في منتصف الليل، وبعد البحث حوله وجد كرتونة صغيرة، وبعد فتحها تفاجأ بوجود طفل عمره ساعات قليلة.

الأمر لا يختلف كثيراً في مركز العدوة، بعد أن وجد الأهالي طفلاً ملقى بجوار مجرى مائي، وتم إبلاغ الأجهزة الأمنية والتحفظ على الطفل.

الأمر لم يتوقف عند العثور على الأطفال أحياء، بل تجد الأجهزة الأمنية من حين لآخر جثث بعض الأطفال المتوفين ملقون داخل مجاري مائية أو بالقرب من صناديق القمامة، في مشاهد تدمي القلوب.

نقل الأطفال لدور الرعاية

مصدر بإدارة الأمومة والطفولة بمحافظة المنيا كشف عن تعدد حالات العثور على الأطفال حديثي الولادة في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، مشيراً إلى أن هناك إجراءات تتم على وجه السرعة فور العثور على أية حالة، ويأتي في مقدمتها نقل الطفل إلى إحدى المستشفيات لتوقيع الكشف الطبي عليه بشكل شامل، ثم وضعه فترة تحت الملاحظة بالحضانات الحكومية.

أضاف المصدر أنه بعد ذلك يتم نقل الطفل إلى أحد دور الرعاية بعد استيفاء كافة الإجراءات القانونية، ويبدأ رحلته في الحياة مع أطفال مماثلين له في الظروف، مشيراً إلى أنه من الصعب أن نجد حالة تم العثور عليها في الشارع وتعود أسرتها بعد ذلك لأخذها مرة أخرى.

ذنب إلقاء الطفل بالشارع

الشيخ عبدالرحمن حافظ، أحد أئمة الأوقاف بالمعاش، أكد أن ذنب إلقاء الطفل بالشارع والتخلي عنه هو ذنب عظيم، مستشهداً بآيات الله في القرآن الكريم "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا"، مشيراً إلى أن القائهم في الشوارع يُعد بمثابة القتل لهم.

وناشد حافظ بتطبيق أقصى عقوبة على الوالدين إذا تم الوصول إليهم ومعرفتهم، مناشداً الجميع بعدم اللجوء إلى تلك الأمور مهما واجهتهم مصاعب الحياة، و التي تضر بالمجتمع وتؤذي الأطفال مدى حياتهم.

اقرأ أيضاً...

للمرة الثانية خلال أيام.. العثور على طفل رضيع ملقى في مقابر البهنسا بالمنيا