تعديلات تشريعية ومبادرة أزهرية.. رحلة المرأة للبحث عن ميراثها في البحيرة
البحيرة - أحمد نصرة:
ظلت مشكلة استيلاء بعض الورثة الذكور على ميراث الإناث، أو حرمانهن من التصرف فيه إحدى الظواهر الاجتماعية المتوارثة في الريف المصري، ورغم المحاولات والجهود المستمرة على المستويين الرسمي والمجتمعي، للتصدي لهذه الظاهرة والتي كان آخرها إصدار تعديلات تشريعية، وإطلاق مبادرات برعاية مؤسسات مجتمعية ودينية، لا تزال المرأة في البحيرة تبحث عن ميراثها.
في البداية يقول علي علام - محامي: " كانت مبادرة جيدة من الرئيس السيسي عندما تبنى إصدار تعديل تشريعي للمساعدة في القضاء على ظاهرة منع الإناث من الحصول على ميراثهن، وكان من نتائج ذلك إصدار القانون رقم 219 لسنة 2017 ، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث".
ويضيف علام: " القانون أضاف مادة جديدة للباب التاسع الخاص بـ "العقوبات" في القانون المشار إليه برقم 49، تنص على أنه : " مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث رضاءً أو قضاءً نهائيا، ويعاقب بذات العقوبة كل من حجب سندًا يؤكد نصيبًا للوارث أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين".
بيد أن هذه التعديلات اصطدمت بعقبات على أرض الواقع يوضحها إبراهيم منسي - محام: " التعديلات التشريعية عالجت قصور كان موجود، ولكن تبقى بعض الأمور التي تشكل عقبات أمام حصول السيدات على إرثهن، منها التأخر في تنفيذ الأحكام خصوصًا عندما يتعلق الأمر بملكيات كبيرة تتطلب دراسات أمنية، كذلك تتردد كثير من السيدات اللجوء للقضاء إما بواعز من أنفسهن أو بضغط من عائلاتهن حتى لا يدخلن في عداوة مع الأخوة الذكور".
تقول انتصار: " والدي توفى من 5 سنين ومن وقتها دايخة على ميراثي مش عارفة آخده من أخويا، ناس كتير قالولي أروح المحكمة بس خايفة منه، كمان الناس ممكن تاكل وشي لو عرفوا إني رفعت قضية على أخويا".
وتشكو بثينة: " إخواتي حيروني على نصيبي في الأرض من ميراث والدي، وفي الآخر اضطريت أقبل إنهم يدوني فلوس أقل من قيمة الأرض الحقيقية بكتير، لأني كنت محتاجة أجوز إبني وعارفة إني مش هاخد معاهم حق ولا باطل، عندنا في عيلتنا جملة بيقولوها الأرض للي شقا فيها".
في أبريل 2018 دشنت مشيخة الأزهر مبادرة لم الشمل والتي تهدف إلى إصلاح أحوال الأسرة والعائلة المصرية، من خلال العمل على ثلاثة محاور رئيسية هي: مشكلات الزوجية، ومشكلات قطيعة الأرحام، ومشكلات الميراث.
ورغم نجاح المبادرة في حل نزاعات عديدة تناهز 30 ألف نزاعًا، إلا أن أغلبها اقتصر على الخلافات الزوجية وقطيعة الأرحام، ولم يتحقق نفس القدر من النجاح فيما يتعلق بمشكلات المرأة في الحصول على ميراثها.
يقول الشيخ عبد العليم هلال مدير وعظ البحيرة: " في مبادرة لم الشمل نحن نتدخل للصلح ونجحنا في حل الكثير من المشكلات، ولكن هناك مشكلات أخرى خاصة التي تتعلق بالميراث أحيانًا لا تجدي كل محاولاتنا معها، وليس لدينا من أدوات سوى الإقناع بالحجة وتعاليم الدين فإن لم يقتنع المشكو في حقه ليس بيدنا شيء".
تقول أمنية: " أخويا مستولي على ميراثي ومش راضي يملكني منه، سمعت عن مبادرة الأزهر، روحتلهم وحكيتلهم على مشكلتي، أخدوا رقمه، وحاولوا يتواصلوا معاه مرضيش يروحلهم، وقالهم دي أمور عائلية بيني وبين أختي مالكوش دعوة".
يقول محمود: "لو الست أخدت ميراثها الأرض هتتفتت وتتباع وهيروح لأغراب مش شايلين إسم عيلتنا، وساعتها هيبتنا وقيمتنا هتتهز وسط الناس، إحنا بنراضي إخواتنا البنات بس مسؤوليتنا نحافظ على الأرض".
" مين قال الست مبتاخدش ميراثها، إحنا بنأجر من اخواتنا نصيبهم وبنديهم الإيجار كل سنة ده غير الزيارات والمواسم إللي مبتنقطعش طول السنة، هو ده سلونا وسلو كل الريف".
وتقترح أمينة عبدالعزيز - باحثة اجتماعية: " يجب إطلاق حملة على نطاق قومي لحل مشكلة ميراث المرأة، تتضافر خلالها جهود جميع الجهات الدينية والاجتماعية والتنفيذية، لحل كافة النزاعات المعلقة، بما يضمن لكل امرأة الحصول على إرثها بقيمته وبالشكل الذي يرضيها".
فيديو قد يعجبك: