"طبيب البسطاء" يغادر الحياة في الفيوم.. تعرف على قصته
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
الفيوم – حسين فتحي:
حالة من الحزن سادت أوساطًا عدة في محافظة الفيوم، عقب الإعلان عن وفاة الدكتور سليمان عثمان داوود، داخل العناية المركزة في مستشفى القصر العيني الجديد عن عمر يناهز الـ70 عامًا، اليوم الجمعة، عقب إصابته بالتهاب رئوي حاد بعد إجرائه جراحة قلب مفتوح.
"مصراوي" رصد جوانبًا من حياة "طبيب البسطاء" كما لقبه العديد من المواطنين.
في شارع عمر بن الخطاب، بمدينة إطسا، ولد الدكتور سليمان عثمان داود استشاري الأمراض الصدرية، أحد أشهر الأطباء في هذا التخصص، كما أنشأ عيادته في المكان ذاته، وكانت تضم أيضًا جمعية أهلية.
ولد الدكتور سليمان لأب ينتمي لعائلة عريقة، إذ حضر الأب من أسيوط إلى الفيوم في عام 1937 من القرن الماضي، بعد تخرجه في كلية الطب في المملكة المتحدة وكان من ضمن الوفد الذى استقبل سعد زغلول أثناء عرضه للمطالب المصرية إبان فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وبعد وصوله للعمل طبيبا بالفيوم، تزوج من عائلة المليجي التي كانت معروفة بممارسة العمل السياسي في الفيوم.
وسار الابن سليمان عثمان على نهج والده إذ درس الطب في جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1975 ثم حصل على دبلومة في أمراض الصدر والباطنة من جامعة فيينا بالنمسا، ووهب حياته لخدمة الفقراء وغير القادرين، وبرغم تخطي عامه الـ72، إلا أنه يحافظ على ذهابه بشكل يومي إلى عيادته، لتوقيع الكشف على مرضاه، ويقابلهم بابتسامته المعهودة.
وبرغم صيته فإن الرجل كشفه لا يتعدى 3 جنيهات، وهبها كأجر لمساعدة "عم رجب " الذي ينظم عمليات دخول المرضى، وفي بعض الأحيان يشتري العلاج لغير القادرين من ماله الخاص اقتداءً بوالده.
وعن السبب الذي دفعه لعمل كشف رمزي، ذكر الدكتور أحمد نصر شاكر أحد أقارب الراحل أن "الله منح طبيب البسطاء نعمة دراسة الطب مثل والده، لذا فقد وهب نفسه ومهنته للناس، ويكفيه أن يكون سببًا في شفائهم، وكل ما يسعى إليه هو الحصول على الثواب من الله، ويرى أن الطب هو مهنة إنسانية في المقام الأول، وليست تجارة وأن الطبيب الوحيد الذى لم يدخل جيبه جنيهًا واحدًا من مهنته السامية".
المحاسب أحمد عثمان داود الشقيق الأصغر لـ"طبيب البسطاء" قال إن شقيقه ورث الطب عن والده الدكتور عثمان الذى درس الطب في إنجلترا في عشرينات القرن الماضي وقابل سعد زغلول هناك، كما قابل الملك عبد العزيز في أربعينات القرن الماضي عندما كان رئيسًا لإحدى البعثات الطبية لعلاج مرضى الانكلستوما، كما سافر العراق والسودان وفلسطين لعلاج الأشقاء العرب.
وقال إن شقيقه رفض عروضًا كثيرة للترشح في المجالس النيابية تنفيذًا لوصية والدنا والذي طالبنا بفعل الخير ابتغاءً لوجه الله بعيدًا عن السياسة وألاعيبها.
وتذكر أن عمه أحمد نشأت داود كان وكيلا لمحكمة النقض في عصر الملك دواد، وأن صدقي سليمان رئيس وزراء مصر ووزير السد العالي في عهد عبد الناصر كان زوج عمته.
المحاسب علي حامد المليجي، قال إن الدكتور "عثمان" زوج عمته لم يتقاضى مليمًا واحدًا طوال حياته، إذ كان يعمل ممارسًا عامًا، وخصص أماكن للكشف داخل الدوار الذي كان يقيم به بجوار مجلس مدينة إطسا.
وأضاف أن "الدكتور عثمان كان يمنح المرضى أموالًا لشراء ملابس لأبنائهم وأحذية، ونهج نجله الدكتور سليمان مسلكه، ولم يعتمد على دخله من عمله كطبيب بل يكتفى بما يأتي له من الأراضي الزراعية التي ورثها عن والده".
وذكر المليجي أن "الدكتور سليمان قاد اعتصامًا ودخل في إضراب عن الطعام أثناء دراسته في كلية الطب بجامعة القاهرة، حيث جند نفسه في الدفاع الشعبي بعد تأجيل عام من دراسته في كلية الطب من أجل المشاركة في حرب 1973 وبعد استجابة وزير الصحة لطلبه وضمه لإحدى مستشفيات الإسماعلية، رفض وطالب بنقله إلى الجبهة الأمامية لخوض المعركة ضد العدو الإسرائيلي من ميدان المعركة، وبعد تجنيده جرى ضمه للخدمات الطبية كضابط احتياط لكنه رفض أيضا حتى جرى الحاقه بمنطقة جرود في السويس ليكون جنديا مقاتلًا".
وألمح المليجي إلى أن "كشف الدكتور سليمان عثمان كان 2 جنيه، وقرر زيادته إلى 3 جنيهات بعد ارتفاع الأسعار وعدم كفاية قيمة الكشف للوفاء باحتياجات مساعده، ويعتبر الدكتور سليمان الطبيب الوحيد في العالم الذى لم يحصل على جنيه من مهنة الطب، وكان يوزع راتبه على البسطاء.
فيديو قد يعجبك: