"معركة رشيد".. ريشة فنان تجسد ومضات من التراث والتاريخ
البحيرة – أحمد نصرة:
على مدار تاريخها خلبت مدينة رشيد ألباب كل من وطئوا أرضها من رحالة، ومستشرقين، وظلت مصدر إلهام للمبدعين من أدباء وشعراء وفنانين، فأثمر ذلك أعمالًا خالدة، ولم ينقطع سحر المدينة واستمر مع المعاصرين فكان الفنان التشكيلي "خالد هنو" أحد الذين وقعوا في عشق هذه المدينة وتراثها مترجمًا ذلك في مجموعة من لوحاته عرضت لمحات من طبيعتها وتاريخها وتراثها الزاخر.
ساحل رشيد، ومسجد أبو مندور، والحياة في قرية برج رشيد، لوحات رائعة رسمها هنو لكن تظل لوحة المعركة، والتي جسد خلالها مقاومة أهالي رشيد لحملة فريزر عملًا فريدًا من نوعه يضج بالحركة ويزخر بالتفاصيل الدقيقة التي صنعتها ريشة مثقف وقارئ للتاريخ وفيلسوف، وليس مجرد فنان عادي.
عن هذه اللوحة يقول هنو: "استغرقت سنة تقريبًا لإنجاز لوحة معركة رشيد لأتمكن من الاطلاع على كثير من كتب التاريخ التي وصفت المعركة ومن أهم المصادر التي اعتمدت عليها "تاريخ الجبرتي" كذلك حرصت على مراجعة لملابس الجنود الإنجليز والجيش المصري و الأسلحة في هذه الفترة من خلال بعض الصور الفنية العالمية و كذلك من بعض مقتنيات متحف رشيد، كما نفذت أكثر من زيارة لمدينة رشيد لاختيار بعض المباني التي ستكون مسرح للأحداث".
ويضيف هنو: "قضيت فترات طويلة في تخيل سيناريو المعركة وحرصت عند تنفيذ اللوحة إبراز دور كل من شارك فيها من النساء، الشباب، الشيوخ و حتى الأطفال، و استخدمت بعض الرموز للإشارة إلي معان فلسفية مثل سقوط علم الإنجليز و عليه أقدام الجنود الإنجليز أنفسهم لأنهم المعتدون في الوقت الذي يظهر علم مصر في هذه الفترة مرفوعا بيد امرأة مصرية".
ويوضح هنو: "تعمدت إظهار حالة الضعف و الخوف على وجوه الإنجليز، وأن يكون القتلى و المصابين كلهم من جنود الحملة، مع إبراز جامع زغلول في الخلفية والذي انطلقت منه إشارة بدء المقاومة من خلال الآذان بحي على الجهاد وظهر مشتعلا بالنار دلالة على تدنيسهم لمقدسات المسلمين"
ويستطرد هنو: "أظهرت اللوحة دور المرأة الرئيسي في المعركة حيث كانت تلقى بالزيت المغلي من اسطح البيوت على الجنود، ولم يفتني وضع أشجار النخيل في اللوحة كرمز لمدينة رشيد بلد المليون نخلة كما كانوا يطلقون عليها".
ويختتم "هنو" حديثه: "الأعمال التي قدمتها من تاريخ رشيد وتراثها لن تكون الأخيرة بإذن الله وأفكر في عمل بعض البورتريهات لشخصيات تاريخية صنعت الأحداث وارتبطت بهذه المدينة العريقة"
وعن أعمال "هنو" يقول الأثري سعيد رخا، مدير متحف رشيد: " كما سحرت مدينة رشيد الرحالة الأجانب والمستشرقين بجمالها وروعتها ومجدها القديم نجد كبار الفنانين المصريين الوطنيين، ومنهم الفنان القدير خالد هنو وقد انطلقت أناملهم لتبدع وتنتج لنا العديد من الأعمال الفنية المبهرة والتي فاقت من وجهة نظري ما قام به الرحالة والمستشرقين لسبب بسيط أن هذه الأعمال تنطق بعشق الوطن"
ويقول عنه الفنان حامد عويس: "يتمكن الفنان خالد هنو من أدواته ويمتلك الرؤيا الصادقة للمرئيات وقد اختار لتجاربه الفنية المنظر باختلاف محتوياته فعبر عن كل المفردات التي يحويها المنظر من يابس وسائل وصلب وحركة بقدرة فائقة في تحقيق كل ملامس الأشياء والتكوين عنده يميل إلي البناء المتفرق فنجد في الصورة المرئيات تتعانق أحيانا وتتجاذب أحيانا و تفترق أحيانا مما يحصل للصورة حياة وفاعلية عند المتلقي وهذا هو الفن في أجمل صوره"
والفنان خالد هنو ناقد وتشكيلي ومحاضر أكاديمي، تخرج في كلية الفنون الجميلة جامعة الاسكندرية، وحصل على دكتوراة في النقد الفني، ودرس فن الترميم على يد الفنان الايطالي نيكولا جاكوب، كما درس الخط العربي و الزخرفة الاسلامية علي يد الخطاط الكبير كامل ابراهيم.
رسم هنو العديد من أغلفة الكتب للهيئة المصرية للكتاب، وأصدر مجموعة من الكتب في النقد الفني و السير الذاتية لبعض رواد الفن المصري ، له العديد من المقالات النقدية في الكثير من الصحف و المجلات المصرية والعربية، كما أقام العديد من المحاضرات في النقد وتاريخ الفن.
أقام العديد من المعارض الخاصة، وتوجد أعمال خاصة به ضمن مقتنيات متحف الفن الحديث المصري، ومتحف النيل بأسوان، ووزارة الثقافة المصرية، ودار الأوبرا المصرية، والقنصلية العامة للبنان، قنصلية فلسطين العامة بالإسكندرية، وبعض الجاليريهات والأفراد داخل مصر وخارجها.
فيديو قد يعجبك: