لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كراكيب الأغنياء كنوز الفقراء.. "مصراوي" في جولة داخل سوق الكَفْر بالبحيرة - صور

02:19 م الجمعة 11 أكتوبر 2019

سوق الكَفْر بالبحيرة

البحيرة – أحمد نصرة:

حاملًا صندوقًا بلاستيكيًا، كان فيما مضى تلفازًا، تحرك العجوز السبعيني بخطوات متعثرة ممسكًا في يسراه عصا يتوكأ عليها، تاركًا يمينه ليطبق بها على حمله بقوة تعطي انطباعا بأهميته لديه.

عقب توقفات متكررة للتفاوض مع الباعة على ثمن ما يحمله استطاع أخيرًا بيعه مقابل 4 ورقات من فئة العشرة جنيهات، ربما اعتبرها البعض مبلغًا زهيدًا لا يستحق ما بذله من عناء وجهد، ولكنها بالتأكيد تمثل قيمة لديه شأنه شأن مرتادي "سوق الكَفْر" بدمنهور، ملاذ البسطاء الباحثين عن بيع خردتهم أو شراء كراكيب الأغنياء.

1

"دباديب، راوتر، ساعات، أحزمة" أصناف متباينة لا توجد صلة بينها، يمكنك أن تجدها متجاورة فوق فرش واحد بسوق الكَفْر والذي يعقد في الصباح الباكر من كل جمعة، خلف حلقة السمك.

يقول عبدالمعطي: "مفيش بضاعة معينة بشتغل فيها، اللي يجيني بعرضه وكل حاجة ولها زبونها، وكل أسبوع بيكون معايا حاجات مختلفة".

2

خلال جولة متأنية بالمكان انحنى رجل خمسيني فجأة باتجاه كومة أخذ ينبش بها باحثًا عن ضالته، على العكس من أغلب الموجودين كان يبدو مهندمًا في ملابسه، وزاده منظاره الطبي وقارًا وهو يتفحص بعناية مجموعة من المسامير.

"بدور على مسامير محتاجها بمقاس معين، لو لقيتها هنا هتأدي الغرض وسعرها يبقى أوفر 10 مرات من المحلات بره" يشرح الرجل سبب قدومه لهذا السوق.

3

لا يخلو سوق الكَفْر من غرابة، فكل شيء يباع هنا، ورغم أنه سوق غير مخصص للحيوانات إلا أن ذلك لم يمنع أحد الباعة من عرض كلب للبيع، بالاستفسار عن السعر طلب 500 جنيه، وعند السؤال عن سلالته أو مصدره لم يستطع إعطاءنا إجابة، فربما عثر عليه تائهًا أو تخلص مالكه منه بطريقة ما.

4

ويعد الزحام والرواج الذي يشهده السوق فرصة لباعة المأكولات الخفيفة والمشروبات الذين قدموا للبحث عن رزقهم، فتجد بائعا للعرقسوس، وآخر للترمس وثالثا للجيلاتي.

يقول أبومحمد بائع عرقسوس: "كل جمعة بكون هنا من الصبح بدري وربنا بيرزقني الحمد لله كلنا هنا غلابة، والغلبان حاسس باللي زيه ودايمًا يجبر بخاطره".

5

يأتي الكثيرون إلى السوق بحثًا عن سلع مستعملة لعدم قدرتهم على شراء الجديدة، يقول أحد مرتادي السوق: "ابني عاوز سكوتر وسألت عليه لقيته بـ300 جنيه، بدور له على واحد مستعمل هنا يكون في حدود 50 أو 60 جنيه بالكتير".

6

البعض الآخر يأتون وليس لديهم نية مسبقة للشراء، ولكنهم يستطلعون المعروض لربما عثروا على شيء قيم بثمن قليل، يقول محمود: "تعودت كل جمعة أنزل السوق ده، ساعات بتكون فيه حاجات لقطة واللي بيبيعها مش عارف قيمتها أو مفكرها متنفعش تشتغل، رغم إن ممكن عطلها يكون بسيط ويتصلح مرة أخدت ريسيفر قنوات فضائية بـ20 جنيه وصلحته بـ30 جنيه فيعتبر وقف عليا بـ50 جنيه بس".

7

ويمكن لعشاق "النوستالجيا" أو أصحاب الحنين إلى الماضي، أن يجدوا ما ينعش ذكرياتهم من خلال بعض معروضات عفى عليها الزمن ويفوح منها عبق الماضي مثل شرائط الكاسيت التي تحمل بعضها أعمالًا لمغنيين محدودي الشهرة، ربما لم يسمع بهم مواليد ما بعد التسعينيات.

يقول محمود: " مجرد التجول في السوق والتأمل في المعروضات متعة أحرص عليها بين الحين والآخر، ولكن يتطلب الأمر الاستيقاظ مبكرًا، فالسوق يبدأ بمجرد شروق الشمس، ويغادره البائعون في الحادية عشرة صباحًا على أقصى تقدير".

8

لم يهمل السوق أيضًا الباحثين عن غذاء العقول، فأحيانًا تحتوي المعروضات على كومة من الكتب يتلقفها محبو القراءة والاطلاع.

يقول زكريا "ساعات بتكون فيه كتب كويسة جدًا والميزة هنا إنه مش سوق متخصص في الكتب والبيع مش بيكون بالكتاب، ولكن بالشروة وممكن شروة فيها 10 كتب تساوي ثمن كتاب واحد منها لو اشتريته من الأزبكية أو من الأسواق الشهيرة للكتب، بس المشكلة إنه مش دايمًا بيكون موجود كتب في السوق ده".

9

من بين مجموعة من المعدات التقطت سيدة مفتاحًا فرنسيًا أخذت تتفحصه وتشاورت مع صديقتها بشأنه، بسؤالها عن السبب الذي دفعها لشرائه أجابت: "كل ما أحب أغير جلدة حنفية السباك ييجي وياخد 50 جنيه، ومبيعملش حاجة، قررت أشتري المفتاح ده وأصلح الحنفيات بنفسي".

10

أمام فرش لسيدة وقف طفل ليعرض عليها شراء مجموعة من الملاعق ومقصًا، التقطته الأخيرة لتجرب كفاءته على أظافرها، حوار قصير دار بينهما قبل أن ينصرف الطفل باحثًا عن مشتر آخر يقبل بسلعته.

11

على فرش آخر استقرت دمية منزوعة الثياب، مفككة الأجزاء كانت فيما مضى لعبة تجلب السعادة لطفلة مدللة، ربما ستؤول يومًا ما لطفلة أخرى فقيرة لتشاركها السعادة هي الأخرى، لتتحقق حكمة هذا السوق "كراكيب الأغنياء كنوز الفقراء".

12

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان