"عبدالرحمن وساندي".. مأساة تحكي قصة أهالي "24 أكتوبر" مع الجدعنة (صور)
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
-
عرض 24 صورة
السويس - حسام الدين أحمد:
"قعدنا ندور عليهم 4 ساعات، في الأول افتكرنا حد خطفهم، لحد ما عيل قال إن شباشب ظهرت على مية البالوعة، طلعنا عبدالرحمن وحد نزل وجاب ساندي".. قالها خالد عباس خال الطفل المتوفى "عبدالرحمن فوزي"، ليروي كيف بدأت مأساة "طفلي السويس" اللذين لقيا مصرعهما غرقًا في بالوعة صرف صحي بمنطقة 24 أكتوبر في السويس.
مثلث الموت
بين "الخوف" و"الإحساس بالخطر"، كان أهالي منطقة 24 أكتوبر يمضون يومهم، صابرين على الإهمال الذي ضرب بينهم وبين الأمان بابًا، حتى غرق الطفلين "عبدالرحمن" و"ساندي"، فحضر الموت ليغلق الضلع الثالث في مثلث إهمال المرافق في السويس.
بجوار مدرسة السويس الصناعية المتقدمة بضاحية 24 أكتوبر، تعيش أسرة "محمد عبده الشعيري"، و"محمد فوزي"، جيران في عمارة 59 بلوك أ، بشارع القرطبي، يمين الشارع يلزم الأطفال مكانهم يقضون وقتهم في اللعب على ضوء الشرفات، فالأعمدة السبعة التي يطول الشارع ظلها نهارًا، تظلم في الليل، إلا واحد يعمل حينًا ويظلم أحيانًا.
على مسافة أمتار منهم، "بوكس" كهرباء كبير غير مغطى بالبلوك ب في المنطقة نفسها، يخرج منه كابل يغذي جيرانهم بالكهرباء، يقطع الطريق أمام المدخل. في الجهة المقابلة للطريق تعبر الشاحنات المحملة بالمواد البترولية لتسلك شارع القرطبي اختصارًا للمسافة، والوصول بشكل أسرع لمدخل إحدى مستودعات البترول في نهاية الطريق.
بعد الانتهاء من الدفن جهزت الأسرة الصوان لتلقي التعازي، أحد الجيران أحضر مقرئًا، تجمع أهل الطفل وساعدهم جيرانهم في تسوية المقاعد، بجانب المدخل اختلى "محمد فوزي" والد الطفل "عبدالرحن" بنفسه وهو يحاول إدراك الموقف لعله يستوعب ما حدث.
شرود
"كنت في الإسماعيلية شغال في مشروع الأنفاق، كلموني وقالوا لي ابنك عبدالرحمن مات غرقان في بلاعة".. يحكي الأب كيف تلقى خبر وفاة ابنه، قبل أن يعود مسرعًا للسويس، يصمت قليلًا وتلمع عيناه ثم يخبرنا أن ابنه طلب منه أن يجلب له "عصير" قبل يومين، وكانت هذه هي الأمنية الأخيرة.
حاول الأب التماسك وهو يقول: "أنا كنت وحيد من غير أخ أو أخت".. تزوج فوزي من والدة "عبدالرحمن" قبل 15 عامًا، زرق خلالها بـ4 بنات، ثم زرق قبل 5 سنوات بـ"عبدالرحمن".. "كان صاحبي وأخويا وكانت طلباته قليلة مش زي باقي الأطفال" هكذا يصف فوزي ابنه.
كان الأب ينوي شراء الزي المدرسي لابنه الذي كان سيلتحق برياض الأطفال.. "بس عبدالرحمن مات"، يشرد الأب قليلًا وهو يتحدث ويكمل قائلًا: "مكنتش أعرف أي تفاصيل إلا بعد الدفنة وعرفت قبل الجنازة أن ساندي بنت محمد عبده جارنا هي كمان ماتت مع عبدالرحمن".
حق عبدالرحمن
اختتم الأب المكلوم على ابنه حديثه قائلًا: "ابني مات وعايز حقه، أنا معرفش حقه عند مين بس عايز حقه، مش عايز أكتر من كدة".
تركنا الأب الذي عاد لسرادق العزاء، سحب كرسيا، واتجه بعيدًا وجلس منفردًا، يحاول التماسك، اقترب منه خالد عباس نسيبه، حاول تهدئته، ثم عاد إلى جيرانه وهو يقول: "واسوه واقعدوا معاه، أبو عبدالرحمن السكينة سارقاه ومش حاسس بحاجة".
كانت الأم اسوأ حالًا، بعد أن عاشت الصدمة من رحلة البحث عن ابنها، وحتى رأته يخرج ميتًا من بالوعة الصرف، فأصيبت مساء أمس بصدمة عصبية فقدت على إثرها النطق ونقلتها الأسرة لمستشفى السويس العام.
سيناريو الخطف
"العيال كانت بتلعب في الشارع، وفجأة عبدالرحمن وساندي اختفوا".. يقول خالد عباس خال الطفل المتوفى، مضيفًا أنه ظن أن الطفلين اختطفا، فنادى على شباب المنطقة ووالد ساندي ليبحثوا عنهما.
"شباب أكتوبر جدعان لفوا المنطقة كلها لحد عرب المعمل ووصلوا للملاحة بالعربيات والموتوسيكلات عشان يدوروا عليهم".. يحكي عن شهامة أبناء المنطقة، مضيفًا أن رحلة البحث عنهما والتي بدأت في الثامنة والنصف، وصلت إلى 12 ليلًا تخللها الذهاب لقسم شرطة فيصل لتحرير محضر تغيب، لكن الضباط رفضوا لعدم مرور 24 ساعة على الاختفاء.
عاد بسيارته التي كانت منصة ينادي منها على "عبدالرحمن" و"ساندي"، عقب نصف ساعة صاح طفل: "في شباشب في البلاعة" كانت بداية الصدمة فصوت الطفل قطع الأنفاس وتعالت صرخات النساء اللائي أدركن مصير الطفلين.
اتهم خال الطفل المسؤولين في السويس بالتسبب في وفاة ابن أخته: "المحافظ وشركة الصرف مسؤولين، الإهمال محاصرنا من كل حتة"، ويكشف عن أن عامل شركة الصرف الصحي حضر قبل 3 أيام ونظف البالوعة من المخلفات وتركها بدون غطاء.
ويشير إلى أنه رغم الحادث لم يتحرك أحد في شركة الصرف لإغلاق البالوعات، بينما استعان الأهالي بقطع خسرانية من الرصيف أو بحجارة وقطع من الأخشاب.
طلعها برجليه
كان سلامة موسى جار أسرة الطفلين بالعقار، يصيح في الصبية المتوقفين بالابتعاد عن البالوعات ولو كانت مغطاة، فهو رأى بعينيه الطفلين وهما في الماء وساعد في إخراجهما مع شباب المنطقة.
ويروي سلامة: "فور سماع نبأ اختفاء الطفلين أغلق محله، وذهب ليساعد جيرانه".. "كنا بندور في كل مكان ورا البيوت، وعلى الطريق برا، 4 ساعات مسبناش مكان على وش الأرض إلا ومسحناه"، ويضيف: "في ست جارتنا قالت لعمر بص كدة في البلاعة".
ويوضح سلامة أن الطفل "عمر" جارهم بحث في البالوعات المفتوحة، مستخدمًا عصا تولى تمشيطها من بداية شارع القرطبي، حتى وصل للبالوعة التي غرق فيها الطفلين، ويشير إلى أن الطفل صاح فجأة: "في شباشب في البلاعة دي".
هرول حاضري المشهد للبالوعة، سلطوا أضواء الموبايلات، كانت النعال لأطفال، فادرك موسى ومن معه أن الطفلين داخلها.. "الولد كان بيحرك العصايا، لكن مش شايفين، واحد جاب لمبة كبيرة ولما حرك العصايا تاني خبطت في ظهر عبدالرحمن".
تجمع الشباب وأخرجوا جثة "عبدالرحمن"، وكانت جثة "ساندي" ظاهرة تحت الماء، ولكن لم يطولها أحد، فتطوع أحد الشباب لانتشالها: "غريب موسى جارنا نزل بوسطه وصحابه مسكوه من أيده، وجاب ساندي برجليه وطلعها".
ويقول الرجل المسن: "إنه لو كان المار أعلى البلاعة رجل كبير لسقط بسبب الظلام الذي يغطي المنطقة، ليلًا، فأغطية البلاعات إما تسرق أو تتعرض للكسر بسبب شاحنات النقل المحملة بالصهاريج والتي تمر لتختصر الطريق إلى أحد مستودعات شركة بترول في السويس"، مضيفًا أن الأهالي أغلقوا الطريق بالحجارة عقب الحادث لمنع مرور الشاحنات.
فيديو قد يعجبك: