لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصنع سماد طلخا.. آخر أصول القطاع العام بالدقهلية في مهب الريح

04:24 م الثلاثاء 14 نوفمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الدقهلية - رامي القناوي:

في نهاية الستينيات من القرن الماضي، قررت الحكومة المصرية إنشاء شركة الدلتا للأسمدة الكيماوية بمدينة طلخا بمحافظة الدقهلية، بعد أن نُقل المصنع من السويس لظروف الحرب، غير أنه عقب فترة ليست بطويلة من إنشائه، تحول إلى قنبلة موقوتة بسبب التلوث البيئي جراء إنشائه وسط الكتلة السكنية بقرية ميت عنتر، ليكون مصدرًا لتلوث لا حصر له، وليقرّر محافظ الدقهلية الدكتور احمد شعراوي إغلاق وحدتين منه بسبب انبعاث غاز الأمونيا السام.

فالمصنع الذي بدأ تشغيله عام 1975 لإنتاج الأسمدة الزراعية، أصبح يشكّل خطورة بيئية بعد تكرار انبعاث الغازات السامة وأضراره على التربة الطينية في الدلتا، بعد أن بُني على مساحة 400 فدان من أجود الأراضي الزراعية وصولاً إلى مرحلة الانهيار التي لحقت به مؤخرًا .

إنشاء مصنع تابع للحكومة لإنتاج الأسمدة
يعد مصنع سماد طلخا أحد المصانع الوحيدة المملوكة للدولة المتخصصة في إنتاج أسمدة اليوريا، حيث يورّد إنتاجه إلى البنك الزراعي، ومن ثم توفير متطلبات المزارعين وتصدير الفائض للخارج، ما يعد أحد أهم مصادر الدخل لدى الحكومة، وبسبب خلل في الإدارة تحول المصنع من جهة مربحة إلى خاسر أكبر نتيجة تهالك عدة وحدات به، وعدم اتباع وسائل الأمن البيئي والصناعي، واتهام العمال للإدارة الحالية بالتخريب المتعمد للشركة؛ ما تسبب في خسائر يومية بالملايين .

خطورة بيئية يجب مواجهتها

اتفق جميع المعنيين بشئون البيئة والزراعة على التأثير الشديد الناجم عن مصنع سماد طلخا؛ نظرًا لتواجده وسط الكتلة السكنية وانبعاث رائحة النشادر من حين إلى آخر بالهواء وتأثيرها الشديد على المواطنين، فضلاً عن الأثر البالغ على المزروعات نتيجة إلقاء مخلفات الصرف الصناعي بمصرف ميت عنتر والذي ينتهي في النيل بمركز شربين، ووجود ارتفاع لنسبة النترات بواقع 140 مليجرام بمخرج الصرف الصناعي بطلخا (1) وتزايد إلى 160 مليجرام بمخرج الصرف بطلخا (2) رغم أن الحد المسموح لا يتعدى 40 مليجرام فقط.

فيما كشفت عدة مذكرات صادرة لإدارة البحوث الزراعية عن مدى تأثر المزروعات بسبب زيادة نسبة الحامض بوحدات المصنع وبثه يوميًا في الهواء الجوي 8 آلاف و832 متر مكعب من الأكاسيد النيتروجينية عالية السميّة، ما يؤدي إلى سحب الأكسجين من الجو المحيط.

من جانبه، قال الدكتور هشام ربيع رئيس الإدارة المركزية لإقليم شرق الدلتا لشئون البيئة: إن انشاء مصانع البتروكيماويات وسط الكتل السكانية يجب أن يجري بمزيد من الدراسة والنظر إلى مستقبل الأجيال المقبلة، ومراعاة أهمية السعي إلى التنمية الاقتصادية، لا سيما أنها من المصانع المربحة جدًا لأي دولة، مؤكدًا أن بلادا كثيرة مثل الهند وباكستان لا يجري فيها إنشاء أي مصانع أسمدة إلا على بُعد لا يقل عن 80 كم من المناطق السكنية.

تلف المحاصيل

لم يختلف حال المزارعين عن الرأي البيئي والعلمي الخاص بخطورة المصنع، فيقول عبد العزيز محمد، من أهالي قرية ميت عنتر القريبة من المصنع: إن وجود المصنع أصبح خطرًا داهمًا يرادونا صباح مساء، بعد أن تسببت ملوثاته في تلف المزروعات وسقوط المطر الحمضي في الشتاء، الذي يتسبب في بوار بعض الأراضي بالقرية.

أما على السعيد، من سكان القرية، فأكد أن بعض الأهالي عند إنشاء المصنع فرحوا بتواجده بعد وعود مسئولي الشركة في ذلك الوقت بتعيين أبناء القرية، غير أنه بعد الإنشاء ومرور الوقت فوجئنا بملوثاته التي تسببت في إصابة العديد من الأهالي بالأمراض الرئوية نتيجة الغازات الضارة المنبعثة، ما جعل بعض الأهالي يتقدمون بدعاوى قضائية ضد المصنع طالبوا فيها بصرف تعويضات لهم، غير أن شركة الدلتا استعانت ببعض التقارير لتؤكد أن المصنع ليس مسؤولاً عن مرضهم.

محاذير بيئية

من جانبها، أصدرت إدارة شئون البيئية خلال الآونة الأخيرة عده تحذيرات نتيجة الانبعاث المتكرر لغاز الامونيا في الجو وتقدم عدد كبير من الأهالي بعدة شكاوى لإنقاذهم، بعد إصابة العشرات بحالات اختناق والتهاب رئوي سجلتها مستشفيات الصحة، الأمر الذي استدعي زيارة الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة للدقهلية الشهر قبل الماضي، واكتشاف لجنة من خبراء البيئة بكلية الهندسة بجامعة القاهرة وجود تلوث كبير ناتج عن الشركة، ووضع خطة لتوفيق أوضاع المصنع للحد من أضراره بتكلفة مالية قدرها 120 مليون يورو، ما سيساهم بشكل كبير في الحد من التلوث، ويصبح متوافقًا بيئيًا بنسبة 100% على أن تُنفذ تلك الخطة في مدة زمنية من ثلاث إلى خمس سنوات.

إغلاق وحدتين بالمصنع

بعد التسرب الشديد للغاز نتيجة للانبعاثات المتكررة، انتقلت لجنة من إدارة شئون البيئة خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الجاري لتفقد المصنع وقياس نسبة الانبعاث بالداخل، لتكتشف وجود 4 مصادر للأمونيا داخل المصنع وهي: "وحدة حمض النيتريك، ووحدة إنتاج الأمونيا، وحدة إنتاج اليوريا ومصدر في التعبئة الأمونيا".

وتبين أن وحدة حمض النيتريك متهالكة لوجودها منذ بداية المصنع، حيث طالب العمال بتغييرها وتركيب وحدة أخرى جديدة وحديثة.

كان الدكتور أحمد الشعراوي، اتخذ قرارًا مطلع الأسبوع الجاري، بإغلاق وحدة إنتاج الأمونيا بالمصنع، بعد الانبعاثات المتكررة، الأمر الذي أدى إلى ارتياح الأهالي نتيجة لتوقف الانبعاثات بشكل تام.

ماذا بعد توقف الإنتاج؟

وحاول " مصراوي" التواصل مع رئيس مجلس إدارة الشركة المهندس نبيل مكاوي، ومناقشته حول مدى تأثير غلق الوحدتين على الإنتاج داخل السوق المحلي، غير أنه رفض التعليق عن الأزمة، مشيرًا إلى أن الوضع حاليًا يخضع للشركة القابضة وزير قطاع الأعمال والاستثمار والبيئة.

وكشف مصدر مسئول داخل الشركة، رفض ذكر اسمه، عدم تأثر الإنتاج داخل الشركة، خاصة أن الأمونيا التي تنتجها لم تكفِ احتياجات المصنع نظرًا لإدخال الغاز في العشرات من الصناعات الكيماوية التي تنتجها حاليًا وجرى غلق أجزاء من وحدة النتريك، وجزء من وحدة إنتاج اليوريا "ا".

 

فيديو قد يعجبك: