"عزبة الصعايدة".. 3 آلاف مصري أسقطهم "ترحيل السادات" من حسابات الحياة

الشرقية – فاطمة الديب:

منازل متهالكة، سقوفها من القش، ممرات ترابية وغير ممهدة، لا وجود للكهرباء، ولا الماء، ولا صرف صحي، أطفال مشردون ورجال عابسون ونساء كسى الحزن وجوههن.. هنا "عزبة الصعايدة" التابعة لقرية بحر البقر بمحافظة الشرقية.. هنا سقط 3 آلاف إنسان من حسابات الحكومة، تجاهلتهم، أهملتهم وتركتهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم.

"حرب أكتوبر والثأر هما السبب.. السادات لما لقانا بنتعارك في قنا سنة 1972؛ قرر نقل 88 أسرة، علشان مكانش فاضي لنا، وخيرنا بين 3 محافظات "الغربية والفيوم والشرقية"، فاختارنا هنا علشان الشراقوة ولاد عمنا؛ بدأ "الريس حسان" أحد كبار العزبة يروي مأساة أهلها لـ "مصراوي".

"المكان بقى اسمه عزبة الصعايدة بعد ما جينا، ومفيش أي مسؤل كلف خاطره وزارنا من وقت وجودنا هنا"، يلتقط "الريس بكري" أطراف الحديث، منوهًا على أن عمره وقت الترحيل كان 22 عامًا.

كان عندي 23 سنة يوم ما جينا هنا، الأمن بنى كردون حوالينا، ومن وقتها لا الدولة تعرف عننا حاجة ولا إحنا نعرف حاجة عن حد".. يضيف حسان: عددنا تجاوز الثلاثة آلاف وأصبحنا 300 أسرة.

ويستطرد: "محرومين من جميع الخدمات، ولا شهادات ميلاد ولا بطاقات قومية، ده حتى مفيش وحدة صحية نعالج عيالنا فيها لو تعبوا"، ويكمل: "مفيش مدارس ولا مياه ولا كهرباء، واللي عاوز يتجوز مفيش غير العرفي، وأوقات يبقى بالكلمة وبس.. دا حتى الأطفال ملهمش تطعيمات طول حياتهم لأنهم مش موجودين على ذمة الدولة".

"عيالنا بدل ما يتعلموا بيروحوا الغيطان يجمعوا طماطم ويجيبوا اللي ربنا يقسم به علشان يساعدونا"؛ تبدأ "الست حسنات" أحد نساء العزبة، حديثها، شاكيةً عدم وجود معاشات تعينهن على غلاء المعيشة.

"حالنا يصعب على الكافر؛ بيوتنا مبنية بالدبش الأبيض، ومعرشينها بالخشب والقش.. لا تقدر تحمينا من حر الصيف ولا برد الشتاء"؛ تواصل حسنات، كاشفة أن حياة أبنائها تتلخص في العمل في الحقول نهارًا، والبحث عن الحطب في مساء علهم يشعرون ولو بالقليل من الدفء في برد الشتاء القارص.

من جانبنا حاولنا التواصل مع اللواء خالد سعيد، محافظ الشرقية؛ للوصول على الوضع القانوني لتلك الأسر، وإمكانية حل مشكلاتهم، إلا أنه لم يتسنى لنا ذلك؛ لأنه لا يرد على هاتفه، ولا يمكن الذهاب إليه بدون ميعاد مسبق.

وناشد عددًا من أهالي عزبة الصعايدة، الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحل مشكلتهم، وإصدار أوامره بعمل شهادات ميلاد وبطاقات رقم قومي لهم، وتوفير مساكن تأويهم.