كيف علقت الصحف الأمريكية والإسرائيلية على لقاء الملك عبدالله بترامب؟
الملك عبد الله الثاني وترامب
كتبت- سلمى سمير:
شهدت زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامًا كبيرًا من الصحف الأمريكية والإسرائيلية، خاصة في ظل ما تردد عن مقترح تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة، وعلى رأسها الأردن ومصر. وقد اختلفت طريقة تغطية هذه الزيارة بين الصحف الأمريكية التي ركزت على الدبلوماسية الأردنية الحذرة، والصحف الإسرائيلية التي سلطت الضوء على تداعيات الموقف الأردني وتأثيره على المنطقة.
دبلوماسية حذرة
ركزت الصحف الأمريكية، على تعامل العاهل الأردني "الحذر" مع الإدارة الأمريكية، حيث رفض الملك عبدالله خطة التهجير بشكل واضح لكنه لم يدخل في مواجهة مباشرة مع ترامب، وهو ما يعكس حرص الأردن على الحفاظ على علاقاته الاستراتيجية مع واشنطن دون تقديم أي تنازلات غير مقبولة.
ركزت صحيفة "وول ستريت جورنال" على أن الملك عبد الله الثاني واجه مقترح ترامب بحذر، مؤكدًا رفض بلاده القاطع لأي محاولات لإعادة توطين الفلسطينيين في الأردن.
وذكرت الصحيفة أن الملك الأردني أكد خلال اللقاء أن "الأردن لن يكون بديلاً عن فلسطين"، وهو الموقف الذي أعاد التأكيد عليه في أكثر من مناسبة سابقة. كما لفتت الصحيفة إلى أن العاهل الأردني حرص على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع واشنطن دون تصعيد مباشر، وهو ما اعتبرته نهجًا دبلوماسيًا محسوبًا لتجنب أي ضغوط أمريكية مستقبلية.
أما صحيفة "بوليتيكو"، فقد أشارت إلى أن ترامب كان يسعى خلال اللقاء إلى تقديم "صفقة إنسانية" يتم بموجبها استقبال أعداد محدودة من الفلسطينيين في الأردن ومصر كخطوة أولى، قبل بحث "حل طويل الأمد" للوضع في غزة. لكنها أوضحت أن الملك عبد الله الثاني رفض الفكرة، معتبرًا أن أي تهجير قسري للفلسطينيين يشكل خطرًا على استقرار المنطقة، ومؤكدًا أن الحل الوحيد المقبول هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.
وفي ذات الوقت أشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن دونالد ترامب بدا "مرتاحًا" بعض الشيء من تصريحات الملك عبدالله، حين أعرب عن استعداد عمان لاستقبال 2000 طفل من مصابي مرض السرطان للعلاج في الأردن، وهو البادرة التي وصفها الرئيس الذي كان يطمح بعرض أكبر بـ "اللفتة الجميلة"، قائلًا إن تصريحات الملك الأردني كانت كـ "الموسيقى في أذنه".
من جانبها، أفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن موقف العاهل الأردني لم يكن مفاجئًا، خاصة أنه ظل ثابتًا على مدار السنوات الماضية في رفض التوطين أو التهجير، وهو موقف مدعوم شعبيًا داخل الأردن. وأضافت الوكالة أن القصر الملكي الأردني كان يدرك حساسية هذا الملف، ولذلك جاء رد الملك عبد الله الثاني مدروسًا ومبنيًا على مبدأ أن "الأردن لن يكون طرفًا في أي حلول على حساب الفلسطينيين".
قلق من موقف الأردن
على الجانب الآخر، حملت التغطية الإسرائيلية نبرة مختلفة، فقد بدا القلق واضحًا من أن الموقف الأردني سيجعل من الصعب تنفيذ أي خطط مستقبلية تهدف إلى إعادة تشكيل خريطة اللاجئين الفلسطينيين. حيث ذكرت تقارير الصحف العبرية، أن تل أبيب كانت تأمل في دور أكثر انفتاحًا للأردن في هذا الملف، لكن الرد الأردني الصلب دفع الصحافة الإسرائيلية إلى الاعتراف بأن الأردن لن يكون جزءًا من أي حلول تتطلب تهجير الفلسطينيين من غزة.
ركزت صحيفة "هآرتس" على أن موقف الأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين يشكل عقبة كبيرة أمام أي خطط إسرائيلية أو أمريكية تتعلق بغزة بعد الحرب. وأكدت الصحيفة أن "إسرائيل كانت تأمل في دور أكثر مرونة للأردن في هذا الملف، لكن الموقف الأردني الصلب يعقد الأمور"، مشيرة إلى أن تل أبيب تراهن على دعم من بعض الدول الأخرى للحصول على خطط بديلة في حال استمرار الرفض الأردني.
أما صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فقد أبرزت تصريحات الملك عبد الله الثاني التي قال فيها إن "فلسطين للفلسطينيين، ولن يكون هناك حلول على حساب الأردن"، معتبرة أن هذا الموقف يعكس وجود "قلق أردني متزايد من أي محاولات لإعادة رسم خريطة اللاجئين الفلسطينيين". كما رأت الصحيفة أن الأردن يخشى من تداعيات أي موجة تهجير جديدة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.
من جهتها، اعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل كانت تراقب عن كثب هذه الزيارة، خاصة أن واشنطن حاولت إقناع العاهل الأردني بأن استقبال أعداد من اللاجئين قد يكون خطوة إنسانية وليست سياسية. لكنها أكدت أن الرد الأردني جاء حاسمًا، حيث رفض العاهل الأردني أي دور للأردن في أي ترتيبات جديدة تتعلق بقطاع غزة، مشددًا على أن الحل يجب أن يكون من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة وليس عبر تهجير سكان غزة إلى الدول المجاورة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن زيارة الملك عبد الله لواشنطن كانت ذات أهمية استراتيجية، ليس فقط بسبب موقف الأردن، ولكن أيضًا بسبب تداعيات هذا الموقف على المخططات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.
فيديو قد يعجبك: