"ترامب في كل مكان".. كيف يستخدم الرئيس الأمريكي الإعلام والسياسة لإبقاء الأضواء عليه؟
دونالد ترامب
كتبت- أسماء البتاكوشي:
يتبع دونالد ترامب، منذ تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، أسلوبًا يعتمد على الظهور الدائم في المؤتمرات الصحفية، وتصريحاته المثيرة للجدل، إضافة إلى المنشورات على صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما اختلف كثيرًا عن سلفه السابق جو بايدن.
في العام الماضي، رفض بايدن فرصة إجراء مقابلة في برنامج ما قبل مباراة السوبر بول، وهو الحدث الذي يحظى بتقييمات عالية، أما هذا العام، فلم يكتفِ ترامب بإجراء مقابلة بل حضر المباراة الكبرى شخصيًا، ليصبح أول رئيس أمريكي يحضر السوبر بول، محوّلًا الحدث الرياضي إلى جزء من عرضه المستمر.
وتقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن كل رئيس جديد يثير الجدل، ولكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفًا، فبينما يُسعد ترامب أنصاره ويثير استياء منتقديه، يدلي الرئيس الحالي بعدد غير مسبوق من التصريحات، ويجرى العديد من جلسات الأسئلة والأجوبة مع الصحفيين، حتى أنه أصبح من المستحيل تجنبه، موضحة أنه قبل عام، كان بالإمكان قضاء أيام دون رؤية بايدن أو التفكير فيه، أما الآن وفقا للصحيفة: "فأنت محظوظ إذا استطعت قضاء ساعات دون التفكير في ترامب، وهذا ما يسعى إليه".
وفي هذا السياق نشرت شبكة سي إن إن، عام 2017 قصة مماثلة: "دونالد ترامب الذي لا مفر منه"، إذ تُظهِر بيانات البحث في اتجاهات جوجل أن الاهتمام بأخبار ترامب بلغ ذروته في عام 2017، ثم تبدد خلال السنوات الثلاث الأخرى من ولايته الأولى، ليرتفع مرة أخرى فقط عندما حاول البقاء في منصبه بعد خسارته في انتخابات عام 2020، وحسب البيانات، عاد الاهتمام إلى مستويات عام 2020 الآن، ولكن ليس بنفس ارتفاع عام 2017.
ويرى مساعدو البيت الأبيض أن انتشار الرئيس الأمريكي في كل مكان هو جزء من استراتيجية تهدف إلى تعزيز التأييد الجمهوري وإرباك الديمقراطيين، وخلال أول إحاطة إعلامية لسكرتيرة البيت الأبيض كارولين ليفيت في 28 يناير، حملت بفخر عنوانًا رئيسيًا عن حضوره في كل مكان، وقالت: "لخصت بوليتيكو الأمر على أفضل وجه: "ترامب في كل مكان مرة أخرى". وهذا لأن الرئيس ترامب لديه قصة رائعة ليرويها".
وخلق ترامب حالة من الفوضى المتعمدة، بسبب قراراته وتصريحاته، بما في ذلك في الوكالات الفيدرالية التي يتم تدميرها يومًا بعد يوم، لدرجة أن الصحفيين بالكاد يستطيعون مواكبة الأحداث، ويعلم منتجو الأخبار الذين يستيقظون في الصباح لإعداد برنامج مسائي أن العديد من القصص السياسية سوف تتغير بحلول وقت البث، وفق سي إن إن.
وتقول أستاذة التاريخ روث بن غيات، مؤلفة كتاب "الرجال الأقوياء: موسوليني حتى الوقت الحاضر"، لشبكة سي إن إن، إن ترامب لديه "عبادة شخصية" تنظر إليه كرجل من الشعب ونصف إله، وأن ظهوره هو عنصر أساسي، مضيفة "يجب أن يظهر الرجل القوي ليس فقط أنه قادر على كل شيء بل أنه حاضر في كل مكان".
العديد من الأحداث التي يقوم بها ترامب، وحتى بعض أوامره التنفيذية، تتعلق بأداء دور الرئيس بقدر ما تتعلق بتغيير سياسة الحكومة، إذ كتب تايلر كاون، في مقال مؤثر على مدونته "الثورة الهامشية"، أن منشورات ترامب المتواصلة والتقاط الصور معه هي "استثمارات في تغيير الثقافة".
بالنسبة لمؤيدي ترامب، يبدو الأمر وكأنه "فوز" متواصل وفقا للكاتب.
وقال كلاي ترافيس، مقدم البرامج الإذاعية المحافظ ومؤسس برنامج "أوت كيك"، لشبكة "سي إن إن" إن حضور ترامب في مباراة السوبر بول كان انعكاسا لـ"تحول كبير في المشاعر" لصالح ترامب، مضيفًا "أود أن أذهب إلى حد القول إن غالبية لاعبي كرة القدم الأمريكية وأصحابها ومديريها التنفيذيين يدعمونه الآن"، كما اتجه الشباب أيضًا نحو ترامب بأعداد كبيرة.
وقال ترافيس "لقد أصبحنا في حيرة من أمرنا بشأن ما شهدناه في الرياضة في عام 2017، عندما هاجم العديد من الرياضيين ترامب علنًا. وأتوقع أن يتم تشجيع ترامب في الاستاد وأن تندلع الهتافات المؤيدة للولايات المتحدة"، فإن بطولة السوبر بول ترمز إلى الثقافة الأمريكية في كثير من النواحي، بدءًا من المعارك على أرض الملعب وحتى الاستهلاك المفرط للإعلانات التجارية التي تبلغ تكلفتها 8 ملايين دولار أمريكي والتي تبلغ مدة كل منها 30 ثانية، ولا عجب أن ترامب يريد أن يكون في هذا المكان ليلة الأحد: إنه أكبر عرض في العالم.
فيديو قد يعجبك: