لماذا لم يُبعد السجين الأردني في إسرائيل عمّار الحويطات إلى بلاده؟
بي بي سي
في انتظار لقاء طال أمده بين سجناء لدى إسرائيل ومن تبقى من عائلاتهم، يبقى السجين الأردني عمّار الحويطات الذي كان من المفترض أن يُفرج عنه ضمن صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس الأخيرة، قيد الانتظار.
عمّار الذي أُدرج اسمه بين القوائم المعلنة للمفرج عنهم ضمن الدفعة الثانية من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل السجناء الفلسطينيين بأسرى إسرائيليين في قطاع غزة، تفاجأ بقرار إبعاده إلى غزة وليس إلى الأردن، فرفض الخروج إلى حين تسوية وضعه، كما يقول شقيقه عمر لبي بي سي.
تفاصيل الإبعاد
يقول عمر الحويطات إن شقيقه عمار "كان من المفترض أن يُبعد إلى الأردن، أو لأي دولة أخرى، لكنه تفاجأ بأن أمامه خيار وحيد وهو الخروج إلى غزة".
وأكد أن شقيقه عمّار-الذي حكم بمؤبد و20 عاماً-، رفض التوقيع على أي أوراق قد تؤدي إلى إبعاده إلى قطاع غزة.
وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام، أنباء عن رفض الأردن استقبال عمار، غير أن السلطات الأردنية نفت ذلك على لسان وزير خارجيتها أيمن الصفدي، فيما أكد شقيقه عمر لبي بي سي أن "المسألة إجرائية، وأن الأردن لم يرفض دخوله".
ويوضح عمر أن بعض وسائل الإعلام "تُروج أن الأردن منع دخول عمّار، وهذا غير صحيح. ما حصل أن هناك مسؤولين من الصليب الأحمر سألوه إلى أين تريد الخروج، وأجاب: (إلى الأردن إلى بلدي)، ثمّ حاولوا إجراء الاتصالات اللازمة في غضون نصف ساعة إلى ساعة، لكن هذه الإجراءات تتطلب وقتاً أكبر، لم يكن أمامهم خيار سوى تعطيل الصفقة أو تأجيل خروج أخي".
ويتابع شقيق عمّار أن "الأردن لم يمنعه من الدخول، ما حصل أمر إجرائي لأن الأردن لم يكن ضمن اتفاق التبادل، لو كان الأردن قد تبلغ بخروج أسرى أردنيين فلن يمنعهم من الدخول، إذ أن هناك أسرى أردنيين سابقين أفرج عنهم من السجون الإسرائيلية وسُمح لهم بدخول البلاد".
تتفق تصريحات عمر الحويطات مع تصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عبر حسابه على منصة إكس، إذ قال "لم يكن الأردن جزءاً من ترتيبات صفقة التبادل التي نؤيّدها، ودعمنا إنجازها، ونؤكد ضرورة تنفيذها بالكامل، وتثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية والفورية لكل أنحاء قطاع غزة".
وأضاف الصفدي أن "الحقيقة الثابتة الراسخة، أن الأردن يحمي مصالحه وثوابته ومواطنيه، ولم يمنع الأردن أياً من المواطنَين اللذين أفرج عنهما في صفقة التبادل من دخول المملكة". وأكّد "سيدخلان الأردن إذا قررا مغادرة فلسطين إلى المملكة".
واكتفت وزارة الخارجية الأردنية وشؤون المغتربين بتصريحات الصفدي للتعليق على قضية الحويطات.
لم يكن الأردن جزءا من ترتيبات صفقة التبادل التي نؤيدها، ودعمنا إنجازها، ونؤكد ضرورة تنفيذها بالكامل، وتثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية والفورية لكل أنحاء قطاع غزة.
والحقيقة الثابتة الراسخة أن الأردن يحمي مصالحه وثوابته ومواطنيه. لم يمنع الأردن أيا من المواطنَين…— Ayman Safadi (@AymanHsafadi) January 26, 2025
وكان هناك سجين أردني آخر مفرج عنه ضمن الصفقة يدعى ثائر مفلح اللوزي وأُبعد إلى غزة.
وبحسب قائمة أسماء نشرتها إسرائيل فإن أكثر من 230 من السجناء والمعتقلين الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم، محكومون بالسجن المؤبد لـ"ارتكابهم أو مشاركتهم في هجمات أو تفجيرات أسفرت عن مقتل إسرائيليين".
وفي المرحلة الأولى من الاتفاق سيُطلق سراح 296 سجيناً ومعتقلاً فلسطينياً من المحكومين بالسجن المؤبد، على أن يتمّ إبعاد 236 منهم بـ"صورة دائمة" بحسب وكالة فرانس برس.
ويقول الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين في الأراضي الفلسطينية ثائر شريتح لـ بي بي سي إن "19 أسيراً من أصحاب الأحكام العالية سيبعدون مؤقتاً لثلاث سنوات، أما المحكومون بالمؤبدات فسيبعدون بصورة دائمة".
وبحسب القوانين الإسرائيلية فإن حكم المؤبد يعني السجن مدى الحياة أو 99 عاماً.
ويضيف شقيق عمار الحويطات: "أنا متواصل مع كل الجهات المسؤولة عن الصفقة، وهيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين- في الأراضي الفلسطينية-، ومع من يتواصلون مع الصليب الأحمر، ووعدونا أنه من المحتمل في التبادل المقبل المقرر يوم الخميس أو السبت أن يخرج".
وكانت اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين قالت في بيان أصدرته الأحد 26 يناير/كانون الثاني 2025، إنها ترفض سياسة الإبعاد، وأعلنت أنها تفاجأت من إبلاغ الصليب الأحمر بإبعاد الأسيرين الأردنيين المحررين ضمن صفقة تبادل الأسرى، وطالبت وزارة الخارجية الأردنية بالسعي "للسماح للأسرى الأردنيين بالعودة لحضن وطنهم"، بحسب نص البيان.
ولم تحصل بي بي سي على رد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأراضي الفلسطينية، التي فضلت عدم الحديث في المسألة.
بينما قال شريتح لـ إن عمار الحويطات قد يفرج عنه الخميس ضمن صفقة التبادل وإبعاده إلى مدينة رام الله أو الأردن.
ويضيف أنه لم يتوفر بعد معلومات دقيقة عن سبب عدم إبعاده إلى الأردن، لكن وبحسبه قد تكون المسألة من الجانب الإسرائيلي، وفق قوله.
وحتى نشر هذا التقرير لم يتسن الحصول على رد من الجانب الإسرائيلي.
ماذا يعني الرفض؟
يشرح المختص في شؤون "الأسرى والمحررين الفلسطينيين"، حسن عبد ربه، لبي بي سي أنه في حال رفض أحد المعتقلين الفلسطينيين قرار الإبعاد لبلد أو مدينة ما، ضمن صفقة التبادل، فإن ذلك يعني إما أن "يعاد للسجن لفترة حتى يكون هناك مخرج ويفرج عنه ويبعد لمنطقة ثانية في حال قبل، أو يعود للسجن ويبقى فيه حتى التوصل إلى حل".
ويوضح عبد ربه أنه "قد يصل الأمر إلى إعادته إلى السجن في حال تبديل اسمه باسم سجين آخر، إذا لم يعالج موضوعه خلال فترات التبادل".
ويلفت عبد ربه إلى أن المسألة لا تخضع لضوابط محددة، إذ أن "بعض السجناء ممن كان من المفترض الإفراج عنهم وإبعادهم قدموا اعتراضاً للمحكمة الإسرائيلية العليا وقبلته، بأن يظلوا في السجن حتى انتهاء محكوميتهم التي شارفت على الانتهاء، مقابل الإفراج عن آخرين".
ويضيف المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أن "السياق العام للمبعدين أنهم من الضفة الغربية أو القدس أو غزة، أما من يحملون الجنسية الأردنية فيعودون للأردن في حال استقباله لهم بشكل طبيعي. أما في حال عدم استقباله يُبحث عن حلول أخرى".
ويرى عبد ربه أن الإبعاد "نوع من أنواع العقاب، إبعاد قسري. عقاب إضافي وتعقيد لوضعه [المفرج عنه]".
واعتقلت السلطات الإسرائيلية عمار الحويطات - أربعيني وغير متزوج - بعد أن اتهمته بالمشاركة "في تنفيذ عملية قتل مستوطن إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية عام 2002"، ما أدى لتوقفه "عن إكمال دراسته الجامعية حيث كان في سنته الثانية، لكنه أتمها في السجن إذ حصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من الجامعة العبرية"، بحسب ما حدثنا به شقيقه عمر.
ويشير شقيق عمار إلى أن والدهما كان "قد حصل على شهادة جامعية من جامعة القدس، وتوجه من الأردن للإقامة في فلسطين بعد أن حصل على عقد عمل في عام 1960، أثناء وحدة الضفتين"، ويضيف: "نصف أشقائي ولدوا في الأردن، والنصف الآخر ولد في فلسطين وهم من استطاعوا أن يستمروا في دخولها".
فيديو قد يعجبك: