سيناريوهات "اليوم التالي للحرب".. ما مصير حماس بعد اتفاق غزة؟
كتبت- سلمى سمير:
بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بشكل رسمي بعد تخطيط له استمر لأكثر من عام، وظهور خطط وتداعيات أخرى على السطح بعدما كانت مؤجلة، تظهر خطة اليوم التالي في قطاع غزة، كأهم المسائل المراد حسمها فيما يخص مستقبل القطاع.
ومع التوقيع على الاتفاق، الذي كانت المقاومة فيه محاورًا فاعلًا، يظهر التساؤل عن مستقبل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وتنظيماتها المسلحة، مع بنود الاتفاق، التي تشكك في إمكانية استمرارها مستقبلًا بالقطاع.
ما مستقبل المقاومة؟
في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، يقول الدكتور علي الأعور، المختص في الشأن الإسرائيلي، إنه بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، ستشهد المنطقة ترتيبات سياسية جديدة في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن المقاومة ستكون جزءًا أساسيًا من هذه الترتيبات.
ومن المتوقع أن تصبح حركة حماس جزءًا من النظام السياسي الفلسطيني، بحسب الأعور، الذي قال إن الحركة ستشارك على طاولة المفاوضات من أجل حل القضية الفلسطينية، متوقعًا أن يكون الحل المطروح فيما يخص مستقبل المقاومة بغزة إما حل الدولتين أو مبادرة سياسية جديدة.
وأوضح الدكتور علي، أن هذه المبادرة السياسية المتوقعة، ستكون إما بقيادة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أو أي مبادرة أممية أخرى، مؤكدًا أن أي تسوية لن تتجاهل دور حركة حماس، وهو ما سيفرض على السلطة الفلسطينية برأيه الاعتراف بها كشريك سياسي فلسطيني في المرحلة المقبلة.
وأشار الأعور، إلى إمكانية حدوث تغيير في استراتيجيات المقاومة، مشيرًا في الوقت ذاته أن هذا لا يعني أن حركة حماس ستظل تحارب إلى الأبد في ظل وجود هدف محدد لتلك الحرب متمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة، بحسب الأعور، استحقاقات دبلوماسية مهمة، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطينية، وضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدًا أن إسرائيل لا يمكنها تحقيق الأمن والأمان المنشود إلا من خلال الاعتراف بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني.
على ذات الجانب يقول الدكتور كامل البحيري، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن المقاومة الفلسطينية بمفهومها المسلح، ستظل موجودة في قطاع غزة، حتى بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، موضحًا أن طبيعة التنظيمات المسلحة في غزة تعتمد على بيئتها المحلية، والتي هي جزء من نسيج المجتمع الفلسطيني.
وأرجع البحيري، عدم إمكانية انتهاء المقاومة الفلسطينية بالمفهوم المسلح، لعدم إمكانية التعرف على المقاومين بشكل مباشر داخل القطاع، قائلًا إنهم أفراد عاديون يعيشون حياتهم اليومية ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي.
من جانبه يرى الخبير الاستراتيجي في القضايا الدولية، صلاح النشواني في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، أن خطة اليوم التالي من الحرب على غزة، ستظل مجرد "وهم"، في حال لم يتم العمل الجدي بين جميع الأطراف الداخليين والخارجيين على حل الحرب من جذورها بإنشاء دولة فلسطينية، مشيرًا إلى تمسك حركة حماس برفض تهميشها أو تفكيك سيطرتها على قطاع غزة من جهة إضافة لإعلان إسرائيل رفضها الواضح بعدم قبول أي حل لا ينطوي على تفكيك قدرات حماس على الحكم والمقاومة.
وتابع النشواني، أنه لن يكون هناك قدرة على إنتاج ما يُسمى "اليوم التالي في غزة" بغض النظر عن المبادرات المطروحة، مشيرًا إلى أن اتفاق غزة من الممكن أن يؤثر على موقف كلا من حماس وإسرائيل لجعلهم أكثر مرونة لإنتاج اتفاقيات أكثر فعالية مستقبلًا إلا أن ذلك سيتخلله برأيه تصعيد إسرائيلي في الضفة الغربية يتصدره بنيامين نتنياهو ويقابله حرب نفسية من قبل حركة حماس لمواجهة أي سخط شعبي وعربي.
من جانبه يرى الدكتور أحمد فؤاد، الخبير المختص في الشأن الإسرائيلي، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ستتحول إلى شكل مقارب إلى للنموذج اللبناني، قائلًا إن هذه الصيغة هي الأقرب للتطبيق في قطاع غزة، في ظل عدم قدرة جيش الاحتلال على نزع سلاح حماس أو سلاح المقاومة بشكل عام.
وتابع فؤاد، أن إسرائيل تتمنى أن تحضر قوات أجنبية تقوم بالمهمة نيابة عنها، في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن ذلك التطلع لن يتحقق في نهاية الأمر.
وتوقع الدكتور فؤاد، إنشاء لجنة لإسناد المجتمع من أجل إدارة قطاع غزة، قائلًا إن لا أحد يتطلع بلهفة لإدارة غزة في ظل الخراب الموجود فيه وفي ظل البنية التحتية المدمرة.
وأكد فؤاد، أن نزع سلاح المقاومة أمر بعيد المنال، مدللًا على ذلك بعدم استطاعة إسرائيل رغم كافة الأساليب التي استخدمتها، بما في ذلك التجويع والعنف، وحتى الاستعانة بالولايات المتحدة في تحقيق هذا الهدف، الذي سيمثل "رمانة الميزان" ورقمًا صعبًا في المعادلة المقبلة.
وفيما يخص التنظيم المسلح لحركة حماس وباقي التنظيمات المسلحة التابعة للمقاومة الفلسطينية بقطاع غزة، كسرايا القدس أو الجهاد الإسلامي، يقول الدكتور علي الأعور، إن المقاومة الفلسطينية وبالتحديد كتائب "القسام"، ستدخل في الفترة القادمة في مرحلة "استراحة".
وأوضح الأعور، أن هذه الاستراحة قد تعني الدخول في مفاوضات حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية، مشيرًا في الوقت ذاته، أن هذه الاستراحة قد تأخذ وقتًا، وهي المرحلة التي ستطرح سؤالًا حول إمكانية ظهور المقاومة مرة أخرى بالشكل المعتاد.
وعند السؤال عما إذا كان يعني اتفاق غزة، نهاية المقاومة في قطاع غزة، يقول الدكتور علي، إن توقيع اتفاق التهدئة لا يعني بأي حال من الأحوال نهاية المقاومة، قائلًا إن الضفة الغربية ما زالت جزءًا لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني.
وألمح الأعور، إلى إمكانية انتقال المقاومة لتنشط بشكل أكبر في الضفة المحتلة، قائلًا إن فلسطين بجغرافيتها الممتدة بين غزة والضفة الغربية وطن واحد، والمقاومة جزء من هذا الوطن وبالتالي ستستمر المقاومة في مكان آخر بداخله.
من جانبه اتفق، الدكتور البحيري، مع أن التنظيمات المسلحة لحركات المقاومة الفلسطينية، ستمر بمرحلة استراحة "مؤقتة" من أجل إعادة ترتيب قواها وصفوفها، مشددًا في الوقت ذاته أن المقاومة المسلحة منها كتائب القسام وسرايا القدس لا يمكن اختفائها من قطاع غزة بغض النظر عن النشاط العملياتي.
وأكد البحيري، أن المقاومة كفكرة ستظل مستمرة، وهي لا ترتبط برأيه بحركة أو تنظيم بعينه، سواء فتح أو حماس أو الجبهة الشعبية، لافتًا إلى أن المقاومة كتنظيم قد تتغير أشكالها وأسماءها وفقًا للظروف والأجيال القادمة، ولكن كفكرة، ستبقى جزءًا أصيلًا من نضال الشعب الفلسطيني.
وتابع البحيري، أن التنظيمات المسلحة للمقاومة الفلسطينية، تعتمد على الظروف المحلية والإقليمية، وقد تشهد تغيرات في استراتيجياتها أو تكتيكاتها، مشددًا على أنها لن تُلغى تمامًا.
فيديو قد يعجبك: