تصاعد التوترات بين ترامب و زيلينسكي.. هل تعزز مكاسب روسيا في أوكرانيا؟
ترامب وزيلينسكي
كتبت- سهر عبد الرحيم:
وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقادات لاذعة لنظيره الأوكراني فولودمير زيلينسكي، واصفًا إياه بـ"ديكتاتور بدون انتخابات" كما حمله مسؤولية الحرب مع روسيا، الأمر الذي رفضه زيلينسكي وشن هو الآخر حربًا كلامية على ترامب، قائلًا إنه يعيش في "فضاء التضليل الإعلامي" الروسي، بالإضافة إلى تخطيط واشنطن لمعارضة مشروع القرار الذي قدمته كييف للأمم المتحدة بشأن الصراع بسبب رفض الأخيرة سحبه، ما تسبب في توتر الأوضاع بين واشنطن وكييف، فمن المستفيد من هذه التوترات؟
حرب كلامية
يرى الدكتور رامي أبو شمسية عضو حزب الوطني الأوكراني، خلال حديثه لـ"مصراوي"، أنه يمكن اعتبار الحرب الكلامية التي شنها الرئيس الأمريكي ترامب على نظيره الأوكراني زيلينسكي، بمثابة تخلي من واشنطن عن حليفها الاستراتيجي كييف، موضحًا أن لا أحد منتصر في تلك الحرب، باستثناء روسيا المستفيد الوحيد من هذا التوتر.
وأشار أبو شمسية، إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أعلنوا منذ بداية الحرب الروسية دعمهم لأوكرانيا، إلا أن الوضع تغير بعد تولي ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، إذ اتجه الأخير إلى فتح باب المحادثات السرية مع روسيا، وجاء لقاء الوفدين الروسي والأمريكي في العاصمة السعودية الرياض كنتيجة لمحادثات بين موسكو وواشنطن استمرت لأكثر من شهرين.
ومن جانبه، يرى رئيس تحرير وكالة "أوكرانيا بالعربية" دكتور محمد فرج الله، أن نتيجة المفاوضات بين الوفدين الروسي والأمريكي بالرياض كانت "انتصارًا لروسيا"، حيث أن التقارب الروسي الأمريكي سيساعد موسكو في الخروج من عزلتها، كما أن ترامب قدم "هدايا مجانية" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غير المستعد لتقديم تنازلات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، من خلال معاداته للدول الأوروبية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الأمريكية، أن روسيا باتت تمتلك "أوراقًا رابحة" في الصراع الدائر في أوكرانيا، مما يجعل موقفها التفاوضي أقوى، مضيفًا: "أعتقد أن الروس يريدون إنهاء الحرب، لكنهم في موقع قوة لأنهم سيطروا على الكثير من الأراضي".
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن لم يتم تحديد معاد أو مكان هذا اللقاء حتى الآن.
وفيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية، دعا ترامب إلى "إعادة التوازن" بين أوروبا والولايات المتّحدة في المساعدات التي تقدّمها كلّ منهما إلى أوكرانيا. وقال "لقد أعطيناهم على ما أعتقد 350 مليار دولار، إنه مبلغ كبير وعلينا أن نعيد التوازن مع أوروبا، لأنّ أوروبا أعطت مبلغًا أقل بكثير من ذلك".
ويرى أبو شمسية، أن الأرقام التي طرحها ترامب غير صحيحة، حيث قال زيلينسكي، خلال مؤتمر صحفي في كييف الأربعاء، "120 مليار دولار من هذا المبلغ تأتي منا، شعب أوكرانيا، دافعي الضرائب، و200 مليار دولار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. هذه هي تكلفة الأسلحة. هذه هي حزمة الأسلحة - 320 مليار دولار " .
ويتفق الدكتور محمد فرج الله مع الدكتور رامي أبو شمسية، في أن الأرقام التي طرحها الرئيس الأمريكي بشأن المساعدات المقدمة لكييف "غير صحيحة"، وأضاف فرج الله أن تصريحات ترامب التي قال فيها إن زيلينسكي يحظى بتأييد شعبي بنسبة 4% هى كاذبة أيضًا، حيث نشر معهد "كييف للدراسات" استطلاعًا للرأي يفيد بأن زيلينسكي يحظى بثقة 57% من الشعب الأوكراني.
وهناك أيضًا خلافًا أخر بين الولايات المتحدة وأوكرانيا يتعلق بالمعادن النادرة، حيث يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاستفادة من معادن أوكرانيا، لكن من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه "غير مستعد" لتوقيع اتفاقية المعادن الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
وكان زيلينسكي قد رفض المقترح الأمريكي بشأن المعادن الأوكرانية النادرة، موضحًا أن المقترح لا يشمل الضمانات الأمنية التي تسعى كييف منذ 3 أعوام للحصول عليها في مواجهة الهجوم الروسي. لكنه في الوقت ذاته ترك الباب مفتوحًا أمام استثمارات أمريكية في هذا المجال.
ويشير الدكتور رامي أبو شمسية عضو حزب الوطني الأوكراني، إلى أنه من المفترض أن يتم تبادل المعادن من خلال اتفاقية تكون من حكومة معترف بها دوليًا، لذلك يطالب ترامب بإجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا باعتبار أن زيلينسكي رئيس منتهية ولايته.
ويُذكر أن فترة ولاية فولوديمير زيلينسكي الرئاسية قد انتهت في 20 مايو 2024، ووفقًا للدستور الأوكراني، يشغل رئيس الدولة منصبه لمدة 5 سنوات ويؤدي واجباته حتى يتولى خليفة جديد منصبه، إلا أنه لم تجرِ انتخابات رئاسية في البلاد بسبب خوضها الحرب ضد روسيا منذ فبراير 2024، فضلًا عن إعلان الأحكام العرفية في البلاد.
مشروعي قرارين بالأمم المتحدة
ستدخل الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث بعد غد الإثنين، وتزامنًا مع الذكرى الثالثة قدمت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، والولايات المتحدة الأمريكية مشروعي قرار إلى الأمم المتحدة يدعون إلى إنهاء الصراع، لكن بشكل منفصل.
وشدد المشروع الأوكراني على ضرورة مضاعفة الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب هذا العام، متهمًا روسيا بـ"قصف البنية التحتية المدنية"، كما ألقى المقترح اللوم على موسكو بمسؤوليتها عن الحرب التي شنتها على كييف قبل نحو 3 سنوات، مطالبًا بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
وفي المقابل، دعا المقترح الأمريكي إلى "نهاية سريعة للصراع" دون الإشارة إلى وحدة الأراضي الأوكرانية، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في بيان أمس الجمعة، "اقترحت الولايات المتحدة قرارًا بسيطًا وتاريخيًا في الأمم المتحدة، ونحث جميع الدول الأعضاء على دعمه من أجل رسم طريق للسلام"، دون التعليق بالتفصيل على محتوى القرار المقترح.
ولقى المقترح الأمريكي ترحيبًا من جانب روسيا، حيث اعتبر سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، المقترح "خطوة جيدة"، لكنه أكد أن هذا المقترح لم يتطرق إلى جذور الصراع.
واقترحت روسيا أيضًا تعديلًا على المقترح الأمريكي، سعيًا لإضافة عبارة "بما في ذلك معالجة أسبابه الجذرية"، بحيث يدعو هذا المقترح إلى إنهاء سريع للصراع، بما في ذلك معالجة أسبابه الجذرية، في إشارة إلى عدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وستعارض الولايات المتحدة مشروع القرار الأوكراني، إذ طلبت واشنطن من كييف سحب مشروع قرارها لكن الأخيرة رفضت، حسبما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مذكرة دبلوماسية أمريكية.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد عارضت استخدام عبارة "العدوان الروسي" في بيان لمجموعة السبع، الخميس، مما يهدد بعرقلة ما كان يفترض أن يكون استعراضًا تقليديًا للوحدة داخل المجموعة، حسبما أفادت به صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وصرح مسؤولون أوروبيون للصحيفة البريطانية، أن المبعوثين الأمريكيين اعترضوا على عبارة "العدوان الروسي" والأوصاف المماثلة التي استخدمها زعماء مجموعة السبع لوصف الصراع منذ اندلاعه في 24 فبراير عام 2022.
فيديو قد يعجبك: