"بدون إطلاق رصاصة واحدة".. ناشونال انتريست: الصين تشن بالفعل حربا ضد تايوان وتنتصر فيها
واشنطن - (د ب أ)
قال المحللان الأمريكيان روبرت سبولدنج ورامون ماركس إنه مع تنامي الذعر من أن الصين ستغزو تايوان، يتوقع الكثيرون أن تكون النتائج مروعة وأن غزوا سيكون سريعا وحاسما.
وكما فعلت الولايات المتحدة في حرب العراق الأولى، من المرجح أن تضرب الصين قدرات الرادار التايوانية والدفاع الجوي والبحري أولا ثم تعقب ذلك بإنزال جوي للقوات، بما في ذلك السيطرة على المطارات والموانئ. ثم ستشن الصين هجوما برمائيا.
ولا يمكن استبعاد إمكانية قيامها بعمليات خاصة مستهدفة وعمليات إلكترونية بواسطة عملاء لجيش التحرير الصيني في تايوان. وفي النهاية، ربما يحدث هجوم نبض كهرومغناطيسي، يوقف الاتصالات وبطاريات الدفاع الجوي.
وقال سبولدينج الذي تقاعد برتبة بريجادير جنرال في القوات الجوية وشغل منصب كبير الاستراتيجيين بشأن الصين في هيئة الأركان المشتركة وملحق الدفاع بالسفارة الأمريكية في بكين، كما عمل في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض كمدير أول للتخطيط الاستراتيجي، وماركس وهو محام دولي متقاعد من نيويورك ويشغل منصب نائب رئيس منظمة "مديري الأعمال من أجل الأمن القومي" في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية إنه على الرغم من هذا، وبينما يعتقد الكثيرون أن الغزو الصيني حتمي إن لم يكن وشيكا، ترسل تايوان رسالة مختلفة أقل إقناعا، والدليل على ذلك حقيقة أنها تنفق نسبة أقل من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع مقارنة بالولايات المتحدة (2.6% مقارنة بـ3%).
والأهم من ذلك، تايوان ليس لديها نظام تجنيد قوي. ففي خلال العقد الثاني من هذا القرن، وحتى مع تزايد التوترات مع الصين، قلصت تايوان مدة التجنيد الإجباري من عامين إلى عام واحد ثم من عام واحد إلى أربعة أشهر في عام 2017.
وفقط منذ يناير 2024، رفعت تايبيه مدة التجنيد الإجباري مجددا إلى عام، إلا أن مستوى الالتزام لا يزال ضعيفا عند مقارنته بفترة الحرب الباردة، عندما حافظت الولايات المتحدة، التي لم تكن تواجه تهديدا وشيكا بالتعرض للغزو من أي دولة، على مدة تجنيد لعامين. وتثير هذه الحقائق التساؤلات عما إذا كانت تايوان جادة بشأن مقاومة أي غزو صيني وما إذا كانت تأخذ مثل هذه التهديدات على محمل الجد.
ويرى سبولدنج وماركس أنه من المرجح أن السياسيين في تايوان يدركون أفضل من واشنطن أن الناخبين التايوانيين ربما لا يميلون إلى القيام بنوع التضحيات الضروري للدفاع عن حريتهم مثل الأوكرانيين أو الإسرائيليين أو الفنلنديين أو السويسريين.
والواقع أن الرأي العام التايواني بشأن الصين يؤيد بدرجة كبيرة الوضع الراهن، الذي تقبله بكين أيضا طالما لا يوجد حديث عن الاستقلال.
وتتوافق هذه الحالة مع إطار العمل الأصلي الذي وضعته الولايات المتحدة والصين في إعلان شنغهاي في 1972. وقد اعترفت الولايات المتحدة أنه "لا يوجد سوى صين واحدة وأن تايوان جزء من الصين". وجددت الولايات المتحدة التأكيد على التزامها بـ"التسوية السلمية لقضية تايوان بواسطة الصينيين أنفسهم".
وفي استطلاع تم إجراؤه في 2024، قال أكثر من 33% من التايوانيين إنهم يريدون تمديد الوضع الراهن إلى أجل غير مسمى، بينما قال 28% إنهم يودون اتخاذ قرار بشأن الاستقلال في وقت لاحق، ثم قال 5ر21 % إنهم يريدون الحفاظ على الوضع الراهن حاليا مع التحرك تدريجيا صوب الاستقلال في نهاية الأمر.
وتتابع تايوان بلا شك عن كثب الكتابات العسكرية الصينية بشأن نهج بكين إزاء الحرب. ويشير المفكرون العسكريون الصينيون إلى أن الغزو العسكري الشامل ربما لا يكون الخيار الأول لدى بكين، حيث تحظى بدائل أخرى غير حركية بنفس القدر من الاهتمام في التفكير العسكري الصيني.
وقال سبولدنج وماركس إن الصين بدون إطلاق رصاصة واحدة، تشن بالفعل حربا ضد تايوان، وهي تحقق الانتصار.
وأوضحا أن استراتيجية بكين الحالية تركز في المقام الأول على الاستيعاب الاقتصادي والترهيب والنفوذ. والهدف هو الانتصار على تايوان من خلال الدمج الهادئ في الاقتصاد الصيني مع صد - بالتهديدات العسكرية إذا كان هذا ضروريا- أي زخم تايواني صوب إعلان الاستقلال. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لتايوان.
ويشترك الصينيون في تايوان (ما عدا السكان الأصليين) في لغة وتاريخ مشتركين مع البر الرئيسي الصيني. ولذلك فإن استراتيجية الهجوم الرئيسية ستظل في مجالي حرب المعلومات والحرب التجارية اللذين تتميز فيها الصين بالفعل.
حتى أن مصطلح "إعادة التوحيد" الذي تستخدمه بكين، يجب أن ينظر إليه على أنه واجهة أخرى لأساليب التضليل التي تنتهجها، نظرا لأنه تاريخيا، لم تكن تايوان مطلقا جزءا لا يتجزأ من الصين.
كما أن بكين تحقق أقصى استفادة من نفوذها كأكبر شريك تصنيع في العالم من أجل التأثير على الدول الأخرى لكي لا تقف في طريق طموحاتها بشأن تايوان.
ومن المفارقة أن العلاقات بين تايوان والولايات المتحدة، تقدم للصين مبررا إضافيا ملائما لكل أساليب الترهيب مثل التدريبات التي أجرتها قبالة شواطئ تايوان والتي قامت بها بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي لتايبيه. وتهدف تكتيكات حرب المعلومات المتنوعة التي تنتهجها الصين إلى سحق مقاومة إعادة التوحيد تماما، وبالتالي القضاء على الحاجة إلى غزو عسكري حقيقي.
ويرى المحللان سبولدنج وماركس أن الصين، للأسف، أثبتت بالفعل براعتها الكبيرة في الفوز بالحرب الرقمية حتى الآن. ولم تظهر نتيجة نهجها الناجح في أي مكان أفضل مما ظهرت في الأمم المتحدة.
وتحشد بكين دعما منتظما لسياستها بشأن تايوان في الجمعية العامة للأمم المتحدة والوكالات الأممية، حيث تتفوق بمهارة على واشنطن وحلفائها الغربيين. ونجحت بكين في جذب تأييد ائتلاف من الدول للتعاون معها من أجل منع تايوان من المشاركة في العديد من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة.
ووفقا لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، تزعم الصين أن "أكثر من 180 دولة تقبل مبدأ صين واحدة".
وبعيدا عن بيئة الأمم المتحدة، قامت الصين أيضا ببناء إطارات عمل جديدة لممارسة النفوذ، خاصة مع الجنوب العالمي. فقد ساعدت في تأسيس تجمع "بريكس بلس"، وهو تكتل جيوسياسي جديد مهم، يضم 45 % من سكان العالم.
ويضم التجمع البرازيل والهند وروسيا والصين وجنوب أفريقيا وإيران ومصر والإمارات العربية وإثيوبيا. ودعا إعلان قمة بريكس في يونيو 2024 في بكين إلى إصلاحات كبيرة في الأمم المتحدة، بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي حيث لا تتمتع أي دولة من الجنوب العالمي (باستثناء الصين) بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن.
ويعد بريكس ائتلافا قويا جديدا سيساعد فقط في توفير غطاء إضافي لبكين لطموحاتها التوسعية في تايوان وغيرها. وقد أعلنت تايلاند وماليزيا إنهما تعتزمان الانضمام إلى بريكس أيضا.
واختتم سبولدنج وماركس تحليلهما بالقول إنه لكي تنتصر تايبيه في الحرب الحالية، يجب أن تقوم واشنطن وحلفاؤها بتطوير استراتيجيات رقمية تكشف الطموحات الامبريالية للصين لضم تايوان بشكل كامل.
وإذا لم تفعل تايبيه وأصدقاؤها الغربيون هذا، فإن الاقتباس المنسوب إلى الخبير العسكري الصيني "سون تزو" ستثبت صحته وهو "إذا كان طرف ما في حرب مع طرف آخر، والطرف الآخر لا يدرك أنه في حالة حرب، فإن الطرف الذي يعرف أنه في حالة حرب دائما ما يمتلك الأفضلية وعادة ما ينتصر في الحرب".
فيديو قد يعجبك: