انسحاب بايدن.. كيف يؤثر رحيل آخر رئيس صهيوني على إسرائيل؟
كتب- محمد صفوت:
خلق انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض حالة من الفوضى وعدم اليقين في إسرائيل التي تعد الحليف الأبرز لواشنطن وتخوض حربًا في غزة منذ 9 أشهر، وسط تهديدات متزايدة باتساع رقعة القتال لتشمل لبنان واليمن.
الانسحاب المفاجئ لبايدن الداعم الأكبر لدولة الاحتلال والصهيوني باعترافه، جاء قبل زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء خطاب بالكونجرس ولقاء الرئيس الأمريكي، وسط ضغوط داخلية وخارجية للموافقة على صفقة وقف إطلاق النار مع حماس.
الفوضى التي سيخلفها انسحاب بايدن قبل أشهر قليلة من الانتخابات، سيكون لها صداها في الشرق الأوسط، لا سيما الحرب في غزة والتوترات بين الدولة العبرية وحزب الله والحوثيين الموالين لإيران.
ركزت الصحف الإسرائيلية على قرار انسحاب بايدن وتأثيره على الدولة العبرية والحرب المندلعة في غزة والتوترات على الحدود الشمالية والبحر الأحمر.
ورأت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن الفوضى في واشنطن قد تدفع حماس إلى تشديد موقفها في محادثات الأسرى وتعطي إيران الانطباع بأن الوقت مناسب الآن لزيادة النشاط العسكري ضد إسرائيل.
واعتبرت أن قرار انسحاب بايدن لم يكن ليأتي في وقت أسوأ بالنسبة لإسرائيل من الوقت الحالي، مع حالة الجمود التي تشهدها المفاوضات والتهديدات الإيرانية (أذرع طهران بالمنطقة) للدولة اليهودية.
أشادت الصحيفة الإسرائيلية، ببايدن الذي وصفته بأنه عمل بلا كلل ولا ملل لدعم الدولة العبرية، ودعمها منذ اللحظة الأولى لهجمات السابع من أكتوبر، مشيرة إلى أن اليمين المتطرف يشعر بأنه أفلت من خطر ضغط الرئيس الأمريكي على نتنياهو لإنهاء صفقة الأسرى، وصولاً إلى اتفاق يضمن إقامة دولة فلسطينية.
وأشارت إلى أن تصويت الكنيست ضد قيام دولة فلسطينية قبل زيارة نتنياهو لواشنطن لم يكن من قبيل الصدفة.
رغم هجوم الإسرائيليين على بايدن لموقفه "المتراخي" تجاه إيران، أشادت الصحيفة بالخطوات التي اتخذها منذ بداية الحرب وتشكيل تحالف عسكري أمريكي لصد الهجوم الإيراني في أبريل الماضي.
وقالت "جيروزاليم بوست" إن موقفه الثابت بشأن الأسرى ودعمه الثابت للإجراءات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران كان ثابتًا إلى درجة أن الإسرائيليين قد لا يدركون أهميته بالكامل إلا بعد زواله.
واعتبرت أن معرفته القوية والعميقة بالشرق الأوسط، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة عقود، وعلاقته مع العديد من قادته، بمثابة أصول أخرى، وبعد تأييده لكامالا هاريس في ترشحها للرئاسة الأمريكية، ستصبح قضية استعادة الأسرى وتشكيل تحالف عسكري ضد إيران على عاتق نائبة بايدن.
الفوضى التي سيخلقها الانسحاب حتى حسم مرشح الديمقراطيين في أغسطس المقبل، يعتبر تحول مفاجئ في القيادة الأمريكية في الوقت الذي وصل فيه بايدن وإدارته إلى المرحلة النهائية من إتمام صفقة الأسرى، وفي في الوقت الذي زادت فيه إيران من هجماتها بالوكالة ضد إسرائيل، مع هجمات بطائرات بدون طيار نفذها الحوثيون ضد أهداف داخل الدولة اليهودية.
على نفس النهج سارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، وأكدت أن الإسرائيليين يحاولون فهم ما يعنيه ترشح هاريس لبلادهم، في ظل العزلة المتزايدة التي تواجهها دولة الاحتلال بسبب حربها في غزة.
ونشرت صحيفة "هآرتس" قصة تفحص سجل هاريس في دعم إسرائيل، مشيرة إلى سمعتها باعتبارها "الشرطي السيئ لبايدن" الذي انتقد إسرائيل علانية بسبب هجومها على غزة، وذهبت إلى أبعد من بايدن في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، حيث نددت بغزو إسرائيل لرفح وأعربت عن رعبها إزاء حصيلة القتلى المدنيين في غزة.
ونقلت الصحيفة عن ألون بينكاس، القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك قوله: "مع رحيل بايدن، فقدت إسرائيل ربما آخر رئيس صهيوني. وسيقلب مرشح ديمقراطي جديد هذه الديناميكية رأسًا على عقب".
وقالت إن دفاع بايدن عن إسرائيل لا يعود منذ هجمات حماس الأخيرة، لكنه يعود إلى نصف قرن من الزمان، أثبت فيها دعمه للدولة العبرية عندما كان عضوًا في مجلس الشيوخ ونائبًا للرئيس ورئيسًا.
وأشارت الصحيفة إلى إشادة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ببايدن، ووصفه بـ"رمز للرابطة غير القابلة للكسر بين الشعب الأمريكي والإسرائيلي وحليف حقيقي للشعب اليهودي".
ركزت "تايم أوف إسرائيل" في تحليل لها، على الرابط الشخصي بين بايدن وإسرائيل، مستشهدة بمقولته التي كررها مرارًا وتكرارًا بأنه "صهيوني" ودعمه الثابت لدولة الاحتلال، وهو الأمر غير السائد حاليًا في حزبه الديمقراطي.
وسردت الصحيفة الإسرائيلية، المواقف التي أظهر فيها بايدن، دعمه الثابت لإسرائيل، التي كلفته رأس مال سياسي بين تمرد الناخبين المؤيدين للفلسطينيين بحزبه الذين صوتوا بـ"غير ملتزم" في الانتخابات التمهيدية، غضب اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يرى أن أي شيء عدا منح دولتهم الضوء الأخضر لفعل ما تريد هو بمثابة خيانة من أقرب حلفاء إسرائيل.
لقد كلفت الحرب بايدن رأس مالا سياسيا في جميع المجالات: تمرد بين الناخبين المؤيدين للفلسطينيين الذين صوتوا "غير ملتزمين" في الانتخابات التمهيدية في مختلف الولايات، وغضب من اليمين وأنواع المصالح المؤيدة لإسرائيل الذين يعتبرون أي شيء ما عدا الضوء الأخضر الكامل لإسرائيل خيانة لأقرب حليف لأمريكا في الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن علاقة بايدن بإسرائيل تعود إلى الزيارة التي شارك فيها ضمن وفد الكونجرس الأمريكي إلى تل أبيب قبل يوم من حرب 6 أكتوبر 1973، واعتبرتها "قصة شخصية تجعله من آخر أفراد هذه العائلة".
وسردت الصحيفة قصة لقائه مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مئير، وكان في الثلاثين من عمره، ولاحظت جولدا توتره وقلقه وسألته عن سبب ذلك ونقل لها إحساسه بأن أعداء إسرائيل على وشك شن حرب.
فيديو قد يعجبك: