إعلان

طوفان الأقصى.. كشف حساب الخسائر وكارت إنهاء الحرب

03:17 م الإثنين 07 أكتوبر 2024

طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبدالرحمن:

عامٌ مضى، ولا تزال شرارةُ الصراع بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" تزداد حدتها يومًا بعد آخر، وكأن المواجهة التي بدأت باختراق صواريخ المقاومة سماء إسرائيل فجر السابع من أكتوبر الماضي حدثت بالأمس.

وما زاد من تعقيد الصراع تدخل جماعات حزب الله اللبناني وأنصار الله الحوثيين اليمنية، ثم انخراط إيران بعدما استهدفت إسرائيل مبنى سفارتها في دمشق، ما أسفر عن مقتل قادة في الحرس الثوري، مطلع أبريل الماضي.

وردا على تصعيد حزب الله اللبناني، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدة عمليات اغتيال استهدفت قادته وعلى رأسهم الأمين العام للجماعة الموالية لإيران حسن نصر الله، وقبله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب العاصمة طهران نهاية يوليو الماضي، في عمليات عدّتها حكومة الاحتلال "أعظم انتصار في التاريخ".

وانتقاما لاغتيال حليفها الأول في المنطقة، نفذت طهران هجوما بنحو 200 صاروخ استهدف إسرائيل، مطلع الشهر الجاري، لتتوعد حكومة الاحتلال بالرد محددة المنشآت النووية والنفطية الإيرانية من بين الأهداف المحتملة.

في هذا التقرير وبعد عام من الأحداث المستمرة، نكشف من الخاسر الأكبر في الحرب التي لا تهدأ، هل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يحقق نصرًا حاسمًا؟ أم حزب الله الذي تأثر بشكل مباشر بالاغتيالات؟ أم حماس التي تواجه حصارًا وقصفًا مستمرًا؟، في ظل عدم ظهور أي بوادر لحلول في الأفق نتيجة التعنت المستمر بين الأطراف المتنازعة.

مستويات خسائر الاحتلال

رغم صورة "الاستقرار والنصر المزعوم" التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي تصديرها إلى مواطنيه، فإن الخسائر التي تكبدها على مدار عام من الحرب تتركز في 3 محاور رئيسية يوضحها الباحث السياسي اللبناني سركيس أبو زيد.

يقول أبو زيد، في تصريحات لموقع "مصراوي"، إن دولة الاحتلال تعاني من جراء الحرب على المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصا وأن عددا كبير من الشركات اضطرت إلى الإغلاق بسب الخسائر التي تكبدتها بسبب هجمات المقاومة الفلسطينية.

الخسائر العسكرية

على الرغم من التفوق التكنولوجي والاستخباراتي الذي أظهرته الحرب بين إسرائيل وحماس وحزب الله، إلا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي واجه خسائر عسكرية كبيرة منذ اندلاع الصراع.

وكشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن أرقام الخسائر البشرية في قطاع غزة، التي شملت قتلى وجرحى بالإضافة إلى المصابين بالصدمات النفسية.

استقبل قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، ما يزيد عن 10,056 جنديًا جريحًا، بمعدل يتجاوز ألف جريح جديد كل شهر.

ويعاني من بين هؤلاء المصابين، أكثر من 3,700 من إصابات في الأطراف، بما في ذلك 192 إصابة في الرأس، و168 جريحًا في العين، و690 جريحًا بإصابات في الحبل الشوكي، و50 حالة لبتر أطراف يتلقون العلاج في قسم إعادة التأهيل.

وأما بالنسبة لحصيلة القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، فقد أشارت الإحصاءات إلى مقتل 690 جنديًا وضابطًا منذ بداية الحرب، من بينهم 330 قتلوا في المعارك البرية داخل قطاع غزة وذلك وفقا لبيانات الجيش أغسطس الماضي، إذ تأتي تلك الأرقام في وقت تواجه فيه تل أبيب اتهامات بالتكتم على الحصيلة الحقيقية للقتلى والجرحى.

يقول العميد الركن المتقاعد سعيد القزح، المحلل العسكري، في تصريحات لموقع "مصراوي"، إن الاحتلال الإسرائيلي عانى من خسائر عسكرية كبيرة منذ 7 أكتوبر حتى الآن، خاصة في لبنان حيث بلغ عدد القتلى منذ بداية المناوشات حوالي 20 جنديًا، موضحا أن هذه الأرقام غير مؤكدة.

الخسائر الاقتصادية

بحسب ما أعلنت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، منتصف سبتمبر الماضي، عانت الاستثمارات التكنولوجية في تل أبيب، والتي تمثل أحد أهم القطاعات في الاقتصاد الإسرائيلي.

وحذّرت شركة المعلومات التجارية "كوفيس بي دي آي"، من أن استمرار الحرب قد يجبر ما يزيد عن 60 ألف شركة إلى الإغلاق بنهاية العام الجاري، وفق ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية.

إلى جانب ذلك، أشار محللون اقتصاديون إلى أن تكلفة الحرب الجارية على إسرائيل قد تبلغ نحو 120 مليار دولار، بما يعادل 20% من الناتج المحلي الإسرائيلي.

الخسائر الزراعية

تلقى القطاع الزراعي بتل أبيب ضربة قوية، إذ يعتمد الاحتلال بشكل رئيسي على العمالة الفلسطينية التي تقرر إلغاء تراخيصها عقب الصراع، بجانب تعرض القوى العاملة المنتجة للضرر، نتيجة هجرة ما يزيد عن مليون شخص من إسرائيل وإعلانهم عدم العودة مما يمثل ضربة لإسرائيل التي كانت تسعى للحفاظ على هذه الطاقات داخل حدودها.

وبحسب صحيفة جيروزاليم بوست، تعرض القطاع الزراعي الإسرائيلي لأكبر أزمة في القوى العاملة عرفتها منذ قيام الدولة، منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، وذلك بعدما تلقت المناطق الجنوبية والشمالية التي تُزرع عدة أصناف وأنواع من الفواكه والخضروات الضربة الأكبر في تاريخها، مما أدى إلى صعوبات مالية قاسية بالنسبة للمزارعين، ونقص المنتجات الأساسية وارتفاع أسعارها.

ولم تقتصر خسائر الاحتلال على القطاعين المصرفي والزراعي وفق الباحث السياسي اللبناني سركيس أبو زيد، بل شهدت قطاعات أخرى مثل الصناعة تراجعًا كبيرًا، إذ تواجه تل أبيب تحديات، نتيجة استدعاء الاحتياط عند بدء الحرب إلى تدهور التصنيع المحلي.

وأثر هذا الاستدعاء سلباً على الصناعات والتكنولوجيا، بينما تسببت مغادرة كثير من السائقين في اضطرابات بسلاسل الإمداد، خصوصاً في قطاع البناء.

الخسائر الاجتماعية والسياسية

وتتمثل الخسائر الاجتماعية والسياسية للاحتلال وفق أبو زيد في تصاعد وتيرة الخلافات داخل المجتمع الإسرائيلي، مشيرا إلى أنها المرة الأولى التي يوجد فيها عددًا كبيرًا من الإسرائيليين يتظاهرون ويشككون في سياسات القيادة الإسرائيلية في ظل انغماس بلادهم في الحرب.

وتابع الباحث، أن الفترة الماضية شهدت خروج شريحة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي إلى الشوارع للتعبير عن معارضتها للحكومة وسياساتها، الأمر الذي أثر على مستقبل إسرائيل وسمعتها أمام الراي العام الدولي نتيجة سياساتها وعقب غاراتها على مدنيين غزة، بعدما كانت تُروج لنفسها كواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.

التحديات الأمنية

طيلة سنوات كانت إسرائيل قاعدة استراتيجية للولايات المتحدة والغرب في منطقة الشرق الأوسط، والتي أصبحت الآن بحاجة إلى دعم خارجي لحمايتها، وذلك سواء من خلال المساعدات الاقتصادية أو العسكرية المقدمة من الولايات المتحدة وحلف الناتو، يقول المحلل السياسي "سركيس أبو زيد"، موضحا أن هذه التطورات تمثل تراجعًا كبيرًا لمكانة إسرائيل.

يتفق المحلل العسكري العميد الركن المتقاعد سعيد القزح مع حديث "سركيس أبو زيد"، مشيرا إلى إسرائيل تعرضت لهجوما شرسا من المجتمع الدولي أعقاب عملية 7 أكتوبر "طوفان الأقصى"، وارتكابها عدة مجازر راح ضحيتها آلاف الشهداء من الأطفال والنساء: "تلك المجازر جلعت العالم ينظر لها بنظرة احتقار".

خسائر حزب الله

يُعتبر اغتيال الشخصيات القيادية البارزة في حزب الله من أكبر الخسائر التي تكبدها الحزب، خاصة تلك التي تحمل تأثيرًا كبيرًا على المستويين المحلي والإقليمي، إذ جاء على رأس تلم القيادات الأمين العام للجماعة الموالية لإيران حسن نصر الله.

ومثلت سلسلة الاغتيالات التي نفذها جيش الاحتلال ضربة قوية للحزب الذي تأسيس عام 1982، بدعم وتوجيه إيراني وكان هدفه الأساسي مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما في الشرق الأوسط.

يقول المحلل السياسي سركيس أبو زيد، إن فقدان المقاومة اللبنانية عددًا كبيرًا من قادة الصف الأول الذين كانوا يمتلكون خبرات وتجارب طويلة بمثابة الصدمة، موضحا أن إسرائيل اعتمدت على اغتيال قيادات من حماس وحزب الله بهدف إحداث خلل داخلي في هاتين الحركتين، إلا أن هذه الاغتيالات لم تحقق النتائج المرجوة، إذ تمكنت تلك الحركات من استيعابها بفضل تنظيمها القوي وإيمانها بفكرة الشهادة، قائلا: "حزب الله استعاد قوته رغم الضربات التي تلقاها، ويواصل مواجهة إسرائيل بنجاح".

على نفس المنوال يقول المحلل العسكري العميد الركن المتقاعد سعيد القزح، إن استهداف كوادر وقيادات حزب الله، بالإضافة إلى مراكز الذخيرة واللوجستية هي الخسائر الأكبر للحزب، موضحا أن الهدف من تلك الاغتيالات تجفيف قدرات الحزب التي تستند إلى ثلاث ركائز أساسية، الأولى القوة البشرية، حيث يسعى العدو الإسرائيلي لملاحقة كبار القيادات والعناصر في أماكن تمركزهم.

وتابع المحلل العسكري، أن الركيزة الثانية هي القدرة النارية، وذلك من خلال استهداف مخازن الذخيرة والصواريخ ومنصات إطلاقها، بينما الثالثة القدرة اللوجستية عبر قصف واستهداف كافة المراكز اللوجستية التي تشمل التموين والغذاء والمحروقات.

سياسة الاغتيالات الإسرائيلية

تعرف سياسة الاغتيالات الإسرائيلية بكونها استراتيجية طويلة الأمد تعتمدها تل أبيب لاستهداف واغتيال شخصيات وقادة يُعتبرون تهديدًا لأمنها، سواء في الداخل أو في الخارج.

يقول الكاتب اللبناني والباحث السياسي جورج العاقوري، إن هذه الاغتيالات تهدف إلى إضعاف الخصوم من خلال تصفية قادتهم العسكريين والسياسيين المؤثرين، مما يؤدي إلى زعزعة تنظيماتهم وإحباط خططهم.

وتابع الباحث السياسي، أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله أظهرت تفوقًا استخباراتيًا إسرائيليًا، في وقت عانى فيه حزب الله من نقص كبير في الاستعدادات، مما أدى إلى تنفيذ إسرائيل لاغتيالات واسعة استهدفت مئات من عناصر الحزب وفقًا لقائمة أهداف دقيقة.

وأشار العاقوري إلى أن هذا التفوق التكنولوجي الإسرائيلي تعزز بوجود خرق بشري في صفوف الحزب، مما أدى إلى حالة من الفوضى والارتباك، موضحا أن قيام إسرائيل بتفجيرات أدت إلى سقوط أكثر من 3200 عنصر من حزب الله بين قتيل وجريح في دقائق معدودة يوضح الفارق بين القوتين، وهو ما أثر على قدرة الحزب المستقبلية.

وأكمل العاقوري، أنه في المقابل، لم يتمكن حزب الله من اغتيال أي ضابط أو قائد إسرائيلي، مما يعكس عدم استعداده الكافي للحرب، واعتماده على استراتيجيات مشابهة لتلك التي استخدمها في حربه مع الاحتلال 2006 والتي سقط فيها أكثر من 1200 شهيد في لبنان، وتعرضت البنية التحتية لأضرار جسيمة، بينما لم تسجل إسرائيل سوى عشرات القتلى، وكانت خسائرها لا تُقارن بما لحق بلبنان.

على نفس السياق، يقول المحلل السياسي اللبناني أسعد بشارة، إن حزب الله تعرض لسلسلة من الضربات القاسية والمتتالية خلال الفترة الماضية، والتي كان من أبرزها اغتيال قادة الصفوف الأولى، ما أدى إلى حالة من عدم التوازن في قيادته السياسية وفي بنيته التنظيمية والعسكرية، بما في ذلك تراجع قدرته على العمل الميداني.

وأوضح بشارة أن هذا التراجع ظهر في مستوى رد الحزب على الضربات الجوية الإسرائيلية وعمليات الاغتيال والهجمات الأمنية التي تستهدفه، مشيرا إلى أن حزب الله قد يكون بحاجة إلى إعادة هيكلة لاستعادة تماسكه، من خلال تعيين أمين عام جديد للحزب، بالإضافة إلى سد الفراغات الأمنية الناتجة عن الاغتيالات، مشيرا إلى أن هناك شك في إمكانية استعادة الحزب لقدراته العملانية في المستقبل القريب.

التصعيد المستقبلي

يتوقع المحلل العسكري العميد الركن المتقاعد سعيد القزح، استمرار الضغط العسكري من الاحتلال الإسرائيلي لإخضاع حزب الله وكسر إرادته، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أي تهدئة قبل تطبيق القرار 1701 أو على الأقل الحد الأدنى منه.

وأوضح القزح أن حزب الله يجب أن ينخرط في مشروع الدولة اللبنانية ويطبق الدستور الذي ينص على حصرية امتلاك السلاح بيد الجيش اللبناني، مؤكدا أنه إذا لم يُطبق القرار 1701، فإن الحرب ستستمر، ولن تتوقف المجازر الإسرائيلية إلا بنزع الذريعة من يدها من خلال إخلاء منطقة الجنوب من المسلحين والأسلحة غير الشرعية.

وأوضح المحلل أن إسرائيل طورت أهدافها وأصبحت تريد القضاء على البنية العسكرية لحزب الله لتفادي أي مأزق جديد على الحدود الشمالية في غضون السنوات القادمة.

تابع: أما بالنسبة لإيران، فقد أصبحت لاعبًا رئيسيًا في هذا الصراع، حيث دفعت حزب الله إلى الدخول في الحرب لضمان وجودها على طاولة المفاوضات. ,بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، باتت إيران تقود الحزب بشكل مباشر.

من جهته، يرى الباحث السياسي سركيس أبو زيد، أن التصعيد في المنطقة سيستمر، ولكن ضمن حدود معينة، حيث يسعى بعض الأطراف إلى احتواء الأزمة ومنع تحولها إلى حرب إقليمية أو دولية.

وأضاف أن إسرائيل تسعى إلى توريط الولايات المتحدة وإيران في حرب مباشرة، إلا أن أي حل سياسي أو تسوية حقيقية لا تبدو محتملة قبل انتهاء الانتخابات الأمريكية والإسرائيلية المقبلة.

وتابع أبو زيد، أن المعركة الحقيقية التي تسعى إسرائيل لتحقيقها هي تغيير معادلات القوة في الشرق الأوسط، وهذا يشمل إعادة رسم الخرائط السياسية وتغيير موازين القوى، موضحا أن الصراع ربما يشهد دخول أطراف جديدة، مما يحمل في طياته مفاجآت وتداعيات خطيرة على المنطقة بأكملها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان