لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عام على طوفان الأقصى| هل أخطأت حماس في حساب "خطة اليوم التالي"؟

01:23 م الإثنين 07 أكتوبر 2024

طوفان الأقصى

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود الطوخي:

في السابع من أكتوبر 2023، شنت حركة المقاومة الفلسطينية حماس هجومًا مباغتًا على مستوطنات غلاف غزة، وأسرت عشرات المستوطنين الإسرائيليين، وهو ما لقي تأييدًا واسعًا حينها لدى جمهور الفلسطينيين الذين رأوا في العملية انتصارا لمظلوميتهم خلال ما يزيد عن 7 عقود.

لكن بعد ما خلفته الحرب من دمار كبير للقطاع، وما يزيد عن 40 ألف شهيد فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، برزت تساؤلات بشأن ما إذا كانت حماس أخذت في الاعتبار تبعات هجومها على مستوطنات غلاف غزة؟

وتباينت الآراء حول تجهيزات حركة المقاومة الفلسطينية لليوم التالي لـ"طوفان الأقصى"، ومدى استعدادها لعواقب الهجوم فيما يخص رد الفعل الإسرائيلي.

في هذا الصدد، يقول المحلل العسكري والاستراتيجي السوري، اللواء محمد عباس، إن أي عمل عسكري استراتيجي بمستوى "طوفان الأقصى"، لا بد وأن من أشرف على خطط تنفيذه وضع في حسبانه تدابير اليوم التالي لهجوم 7 أكتوبر 2023.

وأشار عباس في تصريحات لـ"مصراوي"، إلى أن تلك التدابير تعتمد على إعداد القوات والوسائط اللوجستية وكل ما يرتبط بالإعداد العسكري للعملية، كما يعتمد على إعداد البيئة المجتمعية "الشعب الفلسطيني" في غزة، لضمان عدم حدوث انقسامات داخلية حول العملية.

ويشدد الخبير الاستراتيجي، على أن حماس وضعت في اعتبارها احتمالات الحرب طويلة الأمد ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن خططها لليوم التالي للعملية، غير أن حجم الدمار وحملة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين ربما لم يرد إلى أذهان القيادتين السياسية والعسكرية للحركة، والتي ظلت صامدة حتى اليوم بسبب التأييد الشعبي لها في مواجهة العدوان، خصوصا وأنها تقاتل منفردة وسط صمت عالمي على ما يرتكبه الاحتلال من مجازر وتجاوزات.

في المقابل، يقول الباحث المختص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي صلاح العواودة، إنه من الواضح أنه كان هناك خلل في عملية "طوفان الأقصى"؛ إذ لا تناسب المقاومة لأنه صراع غير متكافئ وتمثل حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" الطرف الضعيف، بسبب إمكانياتها المحدودة التي لا تتناسب مع تنفيذ هجوم استراتيجي مثلما حدث في السابع من أكتوبر الماضي.

وأشار العواودة في حديثه لـ"مصراوي"، إلى أن الصراع حتى وإن كان متكافئا يستلزم خطة لإكمال الحرب وإنهائها، مستشهدا بالمواجهة بين الجيشين المصري والإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، موضحا أن من اتخذ قرار العملية في حركة حماس استند إلى تقديرات خاطئة للموقف الإسرائيلي كما أنه لم يكن يمتلك خطة لليوم التالي.

وأكد العواودة أنه حتى وإن كانت تقديرات صاحب القرار بعملية طوفان الأقصى صحيحة، فلا تزال غير واضحة أو معلنة بالنسبة للجمهور: "لا أحد يعرف أهداف الحرب أساسا.. ولم نسمع بخطط قادة حماس الذين استشهد غالبيتهم بالطبع ومن بقي حيا لا يمكن الوصول إليه لسؤاله".

وأوضح العواودة أنه إلى جانب كثير من المحللين يتساءلون ما إذا كانت حماس تتوقع هذا الرد الإسرائيلي، وما كانت الخطة.

إلى جانب العواودة، يؤكد المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، اللواء عادل العمدة، بشكل صريح، أن حماس لم يكن لديها خطة لما بعد السابع من أكتوبر، مستشهدا بأن القصف الإسرائيلي والخسائر المترتبة عليه ما زالت مستمرة، كما أن الحركة لم تظهر أي بوادر لخطة اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى.

كذلك، يشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، طارق فهمي، إلى أن ما أظهرته الأحداث في ميدان المعركة منذ الثامن من أكتوبر، من خسائر فادحة وغياب الخطة السياسية، وكذا الدخول مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة مباشرة في ظل عدم تكافؤ القدرات العسكرية، يؤكد عدم وجود خطة كاملة من حماس.

ويؤكد فهمي، أن حماس نجحت عسكريا في نقل المعركة إلى قلب إسرائيل لأول مرة في التاريخ، وكسرت الحاجز النفسي، لكنها بعد ذلك خسرت سياسيا إذ لم يكن لها رؤية للاستثمار في المشهد العسكري الذي حققته في اليوم الأول من الحرب، وهو ما أعطى للاحتلال فرصة جيدة للعدوان وتدمير القطاع بالكامل.

"طوفان الأقصى".. فخ إسرائيلي!

يعتقد المحلل العسكري والاستراتيجي السوري، اللواء محمد عباس، أن الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته كانوا على علم بما يُدبر في غزة، غير أنه فوجئ بحجم الهجوم ونطاقه.

وفي منتصف يونيو الماضي، كشفت وثيقة مُسرّبة أن جيش الاحتلال والاستخبارات الإسرائيلية علما بهجوم السابع من أكتوبر قبل 3 أسابيع من حدوثه، وفق هيئة البث العبرية.

ويلفت عباس إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "استثمر اسثمارًا جيدًا في نتائج طوفان الأقصى"؛ عبر تهويل الخسائر التي عرضها على الرأي العام العالمي للظهور بمظهر "الضحية" وحشد أكبر قدر من الدعم والتأييد: "المروحيات والدبابات الإسرائيلية أطلقت النيران على الإسرائيليين بمستوطنات غزة في السابع من أكتوبر بهدف زيادة حجم الخسائر لدى المستوطن الإسرائيلي".

ووفقا لتحقيق نشرته القناة 12 العبرية، في 19 ديسمبر الماضي، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي منزلا تواجد به عدد من عناصر المقاومة إلى جانب مستوطنين إسرائيليين، كما أكدت شهادات قائدة دبابة إسرائيلية أنها قصفت عن عمد بعض المستوطنات خلال السابع من أكتوبر.

هل يلوم الفلسطينيون حماس؟

يؤكد المحلل العسكري السوري، اللواء محمدعباس، أن "طوفان الأقصى"، حدث استراتيجي في تاريخ المنطقة برمتها، إذ تمكنت فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر متمثلة في حركة حماس، من خداع المنظومة الاستخباراتية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية بما تمتلك من أدوات وتقنيات: "الإسرائيليون فوجئوا بمستوى الإعداد والحضور والشجاعة والبسالة والتحضير القتالي الذي أظهرته المقاومة الفلسطينية".

من جانبه، يؤكد العواودة، أن الشارع الفلسطيني ما يزال مؤيدًا بشكل كبير للمقاومة، إذ يعتبر الهجوم صحيحًا وفي محله، لكنه يلوم من لم يلتحق بالمقاومة في عمليتها من باقي التيارات الفلسطينية التي تأخرت في التدخل، مشددا على أن لا أحد من الفلسطينيين "يلوم حماس على الهجوم نفسه".

ونوّه إلى أن الفلسطينيين في مقابل التفافهم حول المقاومة في غزة، يوجهون انتقاداتهم إلى السلطة الفلسطينية متمثلة في حركة "فتح" وبعض تيارات اليسار الفلسطيني.

حساب المكسب والخسارة

وعن المقارنة بين المكاسب التي قد يكون حققها "طوفان الأقصى"، يقول العواودة، إن الوقت مبكر لحساب الأرباح والخسائر إذ إن الحرب لم تنته بعد، وجيش الاحتلال بصدد حرب في لبنان: "من الصعب الحديث عن أرباح المقاومة التي تعرضت بشكل كبير في غزة، لكن نتائج الحرب في المنطقة على المدى البعيد تتلخص بين زوال المقاومة أو الاحتلال".

لكن على الرغم من الثمن الكبير الذي دفعه الشعب الفلسطيني والمقاومة في غزة، استعادت القضية الفلسطينية الزخم الغائب عنها منذ سنوات على المستوى العالمي: "حساب الربح والخسارة في المدى القريب سيظلم المقاومة كثيرا.. وعموما في الثورات والصراعات غير المتكافئة يتم الحساب بالمدى الاستراتيجي وليس بالمدى المحلي، لأن الثورات دائما ما تعرضت لإبادات ومجازر".

وأردف الباحث الفلسطيني: "لو حُوسبت الثورة الجزائرية بينما كان الفرنسيون يرتكبون المجازر عام 1945، لتمت مهاجمة الثوّار لكن في النهاية حصلت الجزائر على الاستقلال وكذلك فيتنام، هما خير دليل على الأمر"، مؤكدا أن الحسابات تتم وفقا للنتيجة النهائية وبعد سنوات طويلة من التضحيات وليس في بداية الحرب أو منتصفها.

بينما يوضح المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، اللواء عادل، أن المكاسب التي حققها "طوفان الأقصى" لم تفرز نتائج إيجابية، إذ إن التصريحات الغربية التي تدعو إلى وقف إطلاق النار ليست سوى بيانات دبلوماسية لا أكثر، ففي الوقت الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، استخدمت حق الفيتو مرات عدة ضد قرارات مجلس الأمن بشأن الحرب.

فيما يرى فهمي، أن القضية لا تتعلق بما إذا كان ما قامت به حماس إيجابي أو سلبي، ولكن بالمكاسب والخسائر الناتجة عن العملية وأيهما أكثر تحقيقا خلال العام الماضي، مشيرا إلى أن الخسائر الواقعة في الميدان تطغو على أيّة مكاسب تم تحقيقها إلى الآن.

ويعزي فهمي الأسباب إلى عدة اعتبارات، منها تدمير قطاع غزة بالكامل وتقسيمه إلى مناطق منفصلة وبالتالي أصبح القطاع بشكله القديم غير موجود؛ يحتاج إلى سنوات لإعادة إعماره بعد إزالة الركام وإعادة تأهيل البنية التحتية والذي قد يستغرق مدة تتراوح بين 8 إلى 10 سنوات.

وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أنه كان من الممكن، أن تدير حماس المعركة سياسيا بعد المكاسب العسكرية التي حققتها خلال عملية "طوفان الأقصى"، وهو ما لم يحدث وأدى إلى خسارة سياسية برغم ما أقدمت عليه من عمل عسكري غير مسبق، مؤكدا أن حماس لم تكن لديها خطة لليوم التالي للعملية.

ويرى أن حركة حماس أعادت الزخم المطلوب إلى القضية الفلسطينية على حساب الخسائر التي تعرضت لها غزة، إذ خسر الفلسطينيون القطاع بكل ما فيه، خصوصا في ظل حالة الانقسام التي تسود الموقف على مستوى الفصائل الفلسطينية بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي من جهة، والسلطة الفلسطينية متمثلة في حركة فتح وباقي الفصائل من جهة أخرى.

وأضاف: ""إجمالا، ربحت القضية الفلسطينية معنويا عبر إعادة تقديمها للرأي العام الدولي، خصوصا بعد موجة الاعترافات الدولية بـ(الدولة الفلسطينية)، لكن في المقابل خسر الفلسطينيون القطاع واستمر الانقسام الداخلي، ودخلت المقاومة الفلسطينية سردابًا أسودًا نخشى أن يستمر لسنوات طويلة".

العودة إلى "النقطة صفر"

وبينما يرى العواودة أن حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، أدّت ما عليها، فإنها خسرت "جيش القسام"، وباتت تعتمد على مجموعات صغيرة بقيت تقاوم".

وأوضح أن في الصراع غير المتكافئ لا يمكن الاعتماد على ما وصلت إليه حماس من نتيجة، حيث أن الصراع الشامل بين الطرفين ما زال في بدايته.

ولفت الباحث الفلسطيني، إلى أن الإعلام العبري يقول إن حماس لم يعد لديها جيش وهذه حقيقة، ففي النهاية لا يصلح أن يكون لدى المقاومة جيش، فالجيوش النظامية تتوفر لدى الدول، وقوة المقاومة تكمن في عدم وجود جيش لها.

وأوضح أن إنشاء جيش في صراع غير متكافئ للطرف الضعيف، يعني تعريضه للقتل والدمار، إذ يجب أن يكون له مواقع ومعسكرات وتحصينات يسهل للعدو ضربها: "الآن عادت المقاومة إلى وضعها الطبيعي وهو عمل العصابات".

إلى جانب ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن حماس فقدت بنيتها العسكرية بشكل شبه كامل، إذ خسرت نحو 80 بالمائة من قوامها وقدراتها العسكرية، وهو ما سيتطلب سنوات طويلة لتعود حماس إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، وهذا بالطبع إذا سمحت لها الظروف في ظل التواجد العسكري الإسرائيلي في الميدان.

لكن، العمدة يعتقد أن الخسائر التي تكبدتها حركة المقاومة الفلسطينية على المستوى العسكري خلال العام المنصرم، لا يمكن لأحد أن يجزم حجمها بسبب سرية إمكاناتها العسكرية.

ويشير إلى أن تراجع مستوى العمليات العسكرية لحماس ضد جيش الاحتلال، يتوقف على الجهات الداعمة للحركة وحجم الإمدادات التي تصل إليهم خلال الحرب، سواء من خلال شرائها من "عملاء إسرائيليين" أو أي جهة أخرى، كما أنها عملية تتم بشكل سري لا يعرف حجمها أو نوعيتها: "هناك فارق كبير بين دولة مصنفة كقوة عسكرية عالمية تمتلك قدرات وإمكانات، وبين جماعة مسلحة من غير المعروف ما تمتلكه من أسلحة".

كما أن تخلّي إيران عن محور المقاومة سبب رئيسي كذلك في نوعية العمليات العسكرية ضد إسرائيل، فقبل أسابيع كانت حماس تستهدف مواقع في الداخل المحتل برشقات صاروخية، أما الآن توقفت تلك النوعية من العمليات بشكل شبه كامل، يقول العمدة.

لكن العواودة يؤكد أن المقاومة لم تنفذ عملية "طوفان الأقصى" بناء على وعود إيرانية، موضحا أن طهران فوجئت بالهجوم إذ أنها كانت ستعارضه إذا ما علمت به قبل السابع من أكتوبر.

"اليوم التالي" للعام الأول من الحرب

وعن الخطوة التالية لحماس، يقول العواودة، إن هذه الفكرة غير موجودة في المرحلة الحالية، مشيرا إلى أن الأمر مرتبط بمحور المقاومة كله وليس حماس وحدها، إذ إنها أدّت ما عليها ومازالت صامدة.

يستبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تحقق حركة حماس أي مكسب سياسي خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أنه في حال ربح المرشح الجمهوري دونالد ترامب الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، ستكون إدارة عدوانية ستعمل على استكمال المخطط الإسرائيلي: "ولا نتوقع خيرا من إدارة ترامب أيضا، فنحن نختار بين سئ وأسوأ، سواء كانت إدارة ديمقراطية أو جمهورية".

ويؤكد فهمي، أنه يتحتم على فصائل المقاومة الفلسطينية أن تعيد بناء قدراتها في غزة والضفة الغربية، لكن ذلك سيتطلب سنوات طويلة في ظل الملاحقة الإسرائيلية لعناصرها، وفق تعبير فهمي.

في النهاية، يؤكد العمدة أن ما تقوم به حماس من عمليات "الكر والفر" ضد قوات الاحتلال المتوغلة في غزة، هو شيء طبيعي في مواجهة الإمكانات العسكرية الإسرائيلية؛ لذا فإنها تتبع استراتيجية "حرب العصابات".

فيديو قد يعجبك: