لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"يناير الدامي" سلسلة اقتحامات وانتهاكات وطابور شهداء في فلسطين

05:44 م الإثنين 30 يناير 2023

عملية القدس

كتب- عبدالله عويس:

كان العام الماضي، قاسيا على فلسطين، 230 شهيدا، بينهم 44 طفلا، وإصابات تجاوزت الـ9 آلاف. لتعده الأمم المتحدة العام الأكثر دموية، منذ بدأت تسجيل الوفيات بشكل منهجي في فلسطين، منذ عام 2005. وفي العام الجاري وصل عدد الشهداء إلى 35 حتى الآن، ولم ينته الشهر الأول بعد.

وتزداد المخاوف على كافة المستويات من تزايد أعمال العنف في الأراضي المحتلة، وسط دعوات لضبط النفس والتهدئة، من منظمات دولية ودول لطالما انخرطت في عملية السلام بالشرق الأوسط، الذي يعد القضية الفلسطينية أبرز قضاياه. ومع الحكومة الجديدة التي يتزعمها بنيامين نتنياهو صارت المخاوف أكثر من ذي قبل.

الأكثر تطرفا

توصف تلك الحكومة بأنها الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، بما تضمه من وزراء ينتمون لليمين المتطرف، بعدما تحالف معهم نتنياهو لتشكيل وزارته الأخيرة. حتى أن إسرائيليين حذروا من خطورة تلك الحكومة على الشأن الداخلي، وعلاقتها بالسطات الفلسطينية والأراضي المحتلة. وكانت إصلاحات قضائية مقترحة في إسرائيل، سببا في خروج تلك المظاهرات غير المسبوقة منذ عشرات السنين، ووصف نتنياهو المشاركين فيها، والذين قدرت أعدادهم بأكثر من 100 ألف بأنهم «يتحدون إرادة الناخبين».

في مطلع نوفمبر من العام الماضي، أبرمت بنيامين نتنياهو أول اتفاق ائتلافي مع أحد الأحزاب اليمينة المتطرفة، بتولي إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومي في إسرائيل، وهو أحد أكثر المتطرفين الإسرائيليين ومتهم ومدان بالعنصرية في 2007، وطالما كانت مواقفه مثيرة للجدل، والعنف في آن معا.

تصرفات غير مسؤولة

لم يخيب الرجل ظنون كثيرين في تصرفاته غير المسؤولة، والتي من شأنها إثارة القلق والتوتر في الأراضي المحتلة، فزار مجمع الأقصى في القدس الشرقية، في الثالث من يناير الجاري، ما أثار حفيظة الفلسطينيين، واستدعى تنديد دول عربية وقلق منظمات أممية، على تفاقم الوضع المحتقن بالأساس.

كان بن غفير وسط حراسة مشددة في زيارته تلك، لتحذيرات سابقة بأن تلك الخطوة خط أحمر، ولم يكن مضى على توليه الوزارة بضعة أيام. وسبق له أن زار المجمع مرات عدة بعد دخوله البرلمان في أبريل 2021، لكن وجوده بصفته الحكومية جعلت الأمر أكثر خطورة.

حينها أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء ذلك التصرف، ودعت لضبط النفس، ونددت بالتصرف الذي اعتبرته استفزازا لمشاعر المسلمين، فيما وصفت دول عربية التصرف بأنه غير مسؤول، ويؤجج تأزم الأوضاع في القدس.

إجراءات عقابية

بعد ذلك بأيام فرضت إسرائيل على السلطة الفلسطينية عدة عقوبات، على خلفية لجوء الأخيرة للأمم المتحدة، ودفعها للتصويت لصالح مطالبة محكمة العدل الدولية في إبداء رأيها في شرعية احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية، لتحول قوات الاحتلال في أول اجتماع لها بعد تولي الحكومة الجديدة زمام الأمور، نحو 37.3 مليون دولار من أموال السلطة الفلسطينية التي تحصل عليها لصالح عائلات ضحايا هجمات فلسطينية. كما قرر المجلس أيضا تجميد خطط بناء فلسطينيين على بعض الأراضي المحتلة.

وكان نص القرار يدعو المحكمة الدولية، لتحديد العواقب القانونية لانتهاك إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإجرائها تغييرا في التركيبة الديموغرافية لمدينة القدس ووضعها وطابعها. كما دعا القرار أيضا إسرائيل لوضع حد للاستيطان. وفي الوقت نفسه قالت إسرائيل إنها لن تقف مكتوفة وسترد بحسب ما تفتضيه الظروف، فيما قال وزير خارجيتها إن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية تهدف لتوجيه رسالة مفادها أن الإضرار بإسرائيل على الساحة الدولية لن يمر بلا ثمن.

احتقان متزايد

على خلفية التصرفات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني والسلطة، كانت حالة الاحتقان والغضب في زيادة. انتهاكات بزيادة الاستيطان، وعمليات قتل يومية، واقتحام مدن وبلدات فلسطينية، واستباحة المقدسات، وهي أمور كان لها صدى في الشارع الفلسطيني، وكانت ضمن حديث محمود عباس، الرئيس الفلسطيني في الـ19 من يناير الجاري مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سولبفان.

كان الحديث في رام الله حول خطورة إجراءات إسرائيل الأحادية وتداعياتها على السلام، موضحا لسوليفان أن السلطة الفلسطينية لا تقبل باستمرار تلك الجرائم، وأنه ينبغي التصدي لها، داعيا الإدارة الأمريكية للوفاء بالتزاماتها في الحفاظ على حل الدولتين ووقف الاستيطان والحفاظ على القدس.

خميس دموي

في الخميس، الـ27 من يناير الجاري، شنت إسرائيل أعنف هجوم منذ سنوات طويلة على مخيم جنين للاجئين، فقتلت 9 فلسطينيي، وسط إطلاق النار والقنابل والغاز المسيل للدموع. كانت حجة قوات الاحتلال في ذلك الهجوم اعتقال نشطاء خططوا لهجمات كبيرة. اقتحام نددت دول عربية بشأنه واستنكرته، ورأته باعثا على مزيد من تأزم الأوضاع في البلاد المحتلة، فيما دعت دول مثل أمريكا وفرنسا لضبط النفس والتهدئة. بعد الاقتحام الذي أودى بحياة 9 بينهم سيدة مسنة، قتل شاب فلسطيني كان في احتجاجية على ذلك الاقتحام، فيما علقت السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني مع إسرائيل.

واعتبرت السلطة التنفيذية ما حدث في جنين مجزرة وسط صمت دولي مريب، وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن الصمت الدولي يشجع حكومة الاحتلال على تلك المجازر، التي تحدث وسط مرأى من العالم، وفي صمت دولي مريب. ودعا أبو ردينة إلى تحرك دولي من شأنه إيقاف إجراءات إسرائيل.

الجمعة الماضية، أطلق صاروخان من قطاع غزة تجاه إسرائيل، فأطلقت صافرات الإنذار، واتجه إسرائيليون للمخابئ، قبل أن تصدهما أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي. بعدها وجهت إسرائيل سلسلة ضربات وقصف صاروخي على غزة، لأماكن قالت إنها تعد مواقع عسكرية لحركات فلسطينية.

حادثا القدس

لم تمض ساعات على هجوم جنين، حتى فتح فلسطيني النار على كنيس يهودي، فقتل 7 مستوطنين، بمسدس كان معه، قبل أن تقتله قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأثار الحدث فزعا إسرائيليا، ووصف مفوض الشرطة الإسرائيلي ما حدث بأنه أحد أسوأ الهجمات التي واجهتها إسرائيل في السنوات الأخيرة.

وزار بن غفير ونتنياهو مكان الحادث مساء الجمعة، وسط تصريحات بأن ذلك لن يمر. وعقب حادث الجمعة، وقع حادث آخر في السبت حين قام فتى فلسطيني لم يتجاوز الـ13 عاما بإطلاق الرصاص على مستوطنين، ليصيبا بجروح ما بين خطيرة ومتوسطة.

ودعا بن غفير الإسرائيليون لحمل السلاح لحماية أنفسهم، فيما أكدت حكومته بعد ذلك أنها ستعمل على سلسلة من الإجراءات لحماية أمنها، كان منها تسريع وتيرة ترخيص الأسلحة لآلاف الإسرائيليين. وأغلقت منزل منفذ عملية القدس، وقال نتنياهو أمس الأحد، إن منزل منفذ العملية سوف يدمر، وستحرم عائلات من يقومون بالأعمال المشابهة من حقوقها في التأمين الوطني. وتشهد بعض الأماكن أعمال عنف من مستوطنين، كما في نابلس، التي قتل فيها شاب فلسطيني أمس، الأحد، على يد مستوطن قتله بالرصاص، عقب ليلة ارتكب فيها المستوطنون 144 اعتداء جنوب نابلس، بتحطيم 120 مركبة والاعتداء على 22 محلا تجارية بحسب ما ذكرته مصادر لوكالة الأنباء الفلسطينية.

دعوات التهدئة

ومنذ أمس وحتى نهاية الشهر الجاري، يزور وزير الخارجية الأمريكي، التي تعتبر بلاده الحليفة الأكبر لإسرائيل، منطقة الشرق الأوسط، بدأها من مصر وتستكمل في إسرائيل والضفة الغربية، بهدف العمل على دفع عملية السلام وتقليل الاحتقان والدعوة لخفض التصعيد.

وكانت مصر تعمل على تهدئة الأوضاع في الأراضي المحتلة، إلى جانب العمل على إعمار قطاع غزة، وتدخلت غير مرة لخفض التصعيد. وكان حديث بلينكن في مصر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري يدور حول عدة قضايا إقليمية منها ما يجري في فلسطين، قبل التطرق لقضايا إقليمية أخرى مثل السودان وليبيا. واليوم وصل وزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل داعيا إلى تخفيض حدة التصعيد، وداعيا إلى التمسك بخيار السلام القائم على حل الدولتين.

بانتهاء الزيارة قد تتضح الصورة أكثر، وتأخذ التهدئة مجراها، مع تدخلات إقليمية، لكن ذلك من قبيل الحديث عن مجهول، ستفصح عنه الأيام القادمة، أو ربما الساعات، في ظل تطورات سريعة تأخذها الأوضاع في الأراضي المحتلة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان