لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف تُحرم نساء حق اختيار الطريقة التي يلدن بها؟

05:48 م الخميس 26 مايو 2022

كيف تُحرم نساء حق اختيار الطريقة التي يلدن بها

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(بي بي سي):

أثارت وفاة الشابة السنغالية أستو سوخنة مع جنينها الشهر الماضي بعد أن قيل إنها أمضت 20 ساعة في المخاض، وتجاهل الأطباء رجاءها بأن تجرى لها عملية قيصيرية، غضبا في البلاد، كما أشعلت النقاش حول سلب العديد من النساء حقهن بالاختيار في أمر شخصي بالغ الأهمية ويتعلق بصحتهن وهو المخاض والولادة.

وكانت تقارير إعلامية محلية ذكرت أن الأطباء تجاهلوا مناشدة أستو، التي كانت في الثلاثينات من عمرها، لأن "العملية لم يتم تحديد موعد لها".

وأُدينت ثلاث قابلات بالفشل في مساعدة شخص في خطر، وحُكم عليهن بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ.

لم تكن لدي القدرة لأقول لا

1أنجبت جوليانا كاستيلو ابنتها بعملية قيصرية في أغسطس العام الماضي. لكنها تقول إن التجربة سببت لها صدمة.

أدخلت جوليانا إلى مستشفى تشيلسي أند ويستمنستر في لندن بعد أسبوع تقريبا من شعورها بتقلصات في الرحم.

كانت تلك تجربة جوليانا الأولى مع الأمومة، وكانت ترغب بأن تكون ولادتها طبيعية، ولكنها بنفس الوقت لم تمانع إجراء عملية قيصرية إذا لزم الأمر.

وتقول المدرسة المساعدة وهي في الـ 26 عاما من العمر "كنت أرغب دائما في ولادة طبيعية، وكنت واثقة من أنني لن أحتاج مسكنا للألم، لكنني كنت أيضا مرنة بهذا الخصوص".

بعد أكثر من 12 ساعة في المستشفى، ونظرا إلى أن الطلق كان يأتي ثم يغيب، من دون أن يتسارع أو ينتظم، طلبت جوليانا إجراء عملية قيصرية لها.

وتقول "بدأت أشعر بضعف شديد، وحينها بدأت أقول هل يمكنني إجراء ولادة قيصرية؟ لم أرغب في أن يتم إعطائي محفزا في تلك المرحلة"، وتضيف أن القابلة في الوردية الثانية رفضت أخذ ما تشعر به بالاعتبار، وقالت لها إنها ما كان ينبغي قبولها في المستشفى لأنها ليست في حالة مخاض نشط.

وتتابع "كانت تتجاهل ما أشعر به، وفي الحقيقة كنت خائفة، ولم أرغب في العودة إلى المنزل".

وتقول "رغم أنهم أخبروني بأن طفلتي بخير، إلا أنني كنت خائفة للغاية لأن طاقتي كانت معدومة تماما، لقد جربت كل شيء، وكنت منهكة ولم أعد أستطيع التحمل".

"أذكر أنني اتصلت بخدمة الطوارئ التابعة لنظام الرعاية الصحية، لأنني كنت يائسة للغاية، وشرحت الموقف عبر الهاتف، لكنهم قالوا إنني في المستشفى، لذا لا يوجد ما يمكنهم فعله".

وتقول جوليانا إن الأمور تغيرت نحو الأفضل، عندما باشر فريق جديد وردية العمل. وكانت القابلة "عملية" بشكل أكبر، وطمأنتها.

وتضيف "كنت متعبة للغاية، وقد بدأت الرؤية لدي تصبح ضبابية تقريبا، وكنت أبكي، لكن القابلة استمعت إلي، وأظهرت أنها مهتمة حقا".

أعطيت جوليانا حقنة محفزة لتسريع الطلق، لكنها في النهاية، نُقلت إلى غرفة العمليات لإجراء عملية قيصرية عندما بدأ معدل ضربات قلب الطفلة في الانخفاض، وبعد محاولتها الدفع لأكثر من ساعة.

2في غرفة العمليات قالوا إنهم سيستخدمون جهاز شفط الجنين والملقط، لكنني شعرت أنني لا أملك القوة لأقول لا، وبالفعل قاموا بذلك"، كما تخبرنا.

وتقول جوليانا إن تجربة المرأة في الولادة تعتمد بشكل كبير على الفريق الطبي، بغض النظر عن خطتها الخاصة للولادة.

وتشرح ذلك قائلة "يكون لديك اختيار، لكنه قد لا يحترم، أو ليس بالطريقة التي تتوقعها".

وتضيف "شعرت بالوحدة الشديدة طوال فترة الولادة برمتها رغم وجود زوجي، وهذه الوحدة مؤلمة للغاية خاصة الشعور الصعب الناجم عن عدم معرفة ما يجب فعله".

وبالنسبة لحملها القادم، تقول جوليانا إنها ستحرص على وجود "داية" معها لكي تحظى بمزيد من الدعم والتوجيه.

وتقول "إنها لحظات خاصة، والمرأة تستحق أن تشعر بالحماية خلالها، لا أن تشعر وكأنها تزعج شخصا ما لأنها تشعر بالضعف الشديد".

وأوضح الأطباء لجوليانا بعد الولادة أن سبب عدم قدرتها على دفع الطفل للخارج، هو أن الرأس الجنين كان في وضع خاطئ.

وهي تقول "ما فكرت به هو: لماذا لم يلاحظوا هذا من قبل، لأنه كان سيوفر علي الكثير من الألم؟"، وتضيف "أعتقد أنه في المملكة المتحدة، هناك ميل لتجنب الولادات القيصرية، بينما في الأرجنتين، بلدي الأصلي، يقومون بالكثير من العمليات القيصرية، أي أن كلا البلدين متطرف في موقفه بهذا الشأن. ينبغي أن لا يكون الأمر على هذا النحو".

وردا على طلب تعليق من بي بي سي، قال مستشفى تشيلسي أند ويستمنستر، إنه لا يعلق على الحالات الفردية، ولكنه "يسعى دائما لتوفير خطط رعاية فردية وشخصية، واحترام خطة الولادة التي تم الاتفاق عليها مع الأم مسبقاً".

ما هي الصورة عالميا؟

3تقول منظمة الصحة العالمية إن هناك تفاوتا متزايدا بين معدلات الولادة القيصرية المرتفعة في بعض البلدان، مقابل نقص في توفير الإجراءات الطبية التي قد تكون منقذة للحياة في أماكن أخرى.

وفي حالة أستو، ورغم أنها طلبت أن تجرى لها عملية قيصرية، كان الرد أن ذلك غير ممكن، لكن تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر العام الماضي يشير إلى أن معدلات الولادة القيصرية العالمية آخذة في الارتفاع.

ونسبة هذه العمليات أكثر من واحدة من بين كل خمس ولادات. وتقول منظمة الصحة العالمية إنها في بعض الحالات تُجرى رغم أنها "غير ضرورية طبيا"، ما يعرض النساء للخطر.

وقد أثار الأمر اهتمام ماريلاندا لوبيز دي ليما، ممرضة التوليد ومؤسسة الجمعية البرازيلية لأطباء وممرضات التوليد، وتقول: "يجب أن تكون المرأة قادرة على تحديد الطريقة التي تريد أن تلد بها".

وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن البرازيل لديها ثاني أعلى معدل ولادات قيصرية في العالم.

وتعتقد ماريلاندا أن السبب الرئيسي لهذا هو أن الطب عبر التاريخ "استخدم كأداة للسيطرة على النساء".

4وتقول ماريلاندا لبي بي سي "لقد سيطر الطب على أجسادنا، ونحن النساء نريد استعادة أجسادنا"، مضيفة "جسدنا هو بيتنا الأول. إنه منزل مقدس، لذا يحتاج المختصون بالصحة إلى أن يناقشوا مع المرأة ما تريد القيام به".

وتؤكد أنها تعارض التدخل الطبي غير الضروري والجائر أحيانا في الولادات، لا سيما في السياق الذي يتم به الأمر في البرازيل.

وتقول إن هناك اتجاها إلى "إساءة استخدام السلطة"، إذ تحاول المستشفيات "التأثير بالقوة على سير عملية الولادة وتوحيد الاجراءات، الأمر الذي يتجاهل استقلالية المرأة وينتج عنه "عنف توليدي".

وتؤكد "أنا لست ضد الولادة القيصرية"، موضحة أن القيصرية هي "أفضل عملية إنقاذ" عند الحاجة، ولكنها ليست "إجراءا للولادة" أو "شكلا من أشكال الولادة".

لقد خُدعت تمامًا

5دانييلا دي أوليفيرا هي واحدة من بين العديد من النساء اللائي خضعن لعملية قيصرية في البرازيل.

تتم أكثر من نصف جميع الولادات في البرازيل عن طريق عملية قيصرية، في حين أن منظمة الصحة العالمية كان رأيها في السنوات الأخيرة أن نسبة الولادات القيصرية بشكل مثالي يجب أن تكون بحدود 10-15 في المئة من جميع الولادات في كل بلد.

في عام 2013، ذهبت دانييلا إلى المستشفى لإجراء فحص روتيني أثناء حملها، ولكن طبيبها أخبرها أن عليها الاستعداد للولادة في الأسبوع 37 من الحمل.

وتقول "القابلة" التي يبلغ عمرها 29 عاما "أجريت لي عملية ولادة قيصرية، لقد خُدعت بالكامل حين ولدت طفلي الأول".

وتضيف دانييلا إنها لم تُعط بديلا للولادة القيصرية منذ اللحظة التي أخبرت فيها الطاقم الصحي بأنها حامل.

وتضيف "لقد اتسع عنق الرحم بمقدار واحد سنتيمتر، ولم أكن أشعر بأي إزعاج أو ألم".

وتقول إن الأطباء كانوا يتجاهلونها دائما كلما طرحت أسئلة حول الولادة الطبيعية.

"كانت طبيبتي فعليا تدفعني لإجراء عملية جراحية، من دون أن تناقش معي الموضوع وقتها أو قبل ذلك"، كما تخبرنا.

وأعطيت دانييلا التعليمات وعادت إلى المستشفى، وتقول "سألتني الطبيبة عما إذا كنت مستعدة للولادة الطبيعية، ولكن في نفس الوقت، كانت قد جهزت الفريق بأكمله لعملية قيصرية".

وتضيف "ذهبت إلى غرفة العمليات، وبعد ذلك وُلد ابني، لا أتذكر سوى ومضات مما حدث لأنني كنت تحت التخدير".

ولم تتمكن دانييلا من إرضاع طفلها وحمله للمرة الأولى إلا بعد ثلاث ساعات من ولادته.

وتقول "ذكرياتي عن اللحظات الأولى لولادته غير مكتملة"، وتضيف "خلال تلك الساعات الثلاث، لم أكن أعرف ما الذي يحدث لطفلي، وما إذا كان قد أعطي أي دواء أو خضع لأي إجراءات".

"لم أكن أعرف شيئا، لأنه لم يخبرني أحد بأي شيء. وحتى اليوم لا أعرف لماذا أخضعت لولادة قيصرية".

وتشير دانييلا إلى أن عملها اليوم كقابلة يساعدها على تمكين النساء الأخريات من اتخاذ القرار خلال حملهن.

وتشير دانييلا إلى أن عملها اليوم كقابلة يساعدها على تمكين النساء الأخريات من اتخاذ القرار خلال حملهن.

6وتقول "شعرت بالذنب الشديد لأنني سمحت بأن يحدث لابني ما حدث أثناء الجراحة".

"لقد استغرق الأمر وقتا لأدرك أنه لم يكن خطأي. هناك نقص كبير في المعلومات، لذلك ينتهي بنا المطاف إلى الخوف من الألم عندما يتعلق الأمر بالولادة".

مخاوف من أن يعيد التاريخ نفسه

بالنسبة لدانييلا، لطالما كانت فكرة الولادة مقرونة بالخوف، بعد أن سمعت قصصا عما عانته والدتها أثناء الولادة.

وهي تقول "أمي سوداء، وبشرتها داكنة للغاية، وقد لعب هذا دورا كبيرا ومباشرا في ما عانته"، مضيفة "لقد عانت من عنف عنصري أثناء ولادتي. ولم ينتظر الأطباء لكي يأخذ التخدير مفعوله، لذلك كانت تشعر بكل آلام عملية توسيع الشق".

وتقول "لقد أخبرت أمي الأطباء بأنها تعاني من الألم، ولكن قيل لها إنها ستتمكن من تحمله".

لم يعد المشفى الذي جرت فيه تلك العملية القيصرية موجودا اليوم، لكن دانييلا تقول إن "العنصرية والتمييز على أساس الجنس جزء لا يتجزأ من النظام الصحي في البرازيل".

وتضيف "النساء السوداوات أكثر تعرضا للعنف أثناء الإجراءات الطبية، وهذه ليست مجرد أقوال أو تخمينات فقط، وإنما أمر أثبته العديد من الدراسات".

7ووجدت دراسة استندت إلى مسح على الصعيد الوطني في البرازيل أن النساء السود عرضة للحرمان من الرعاية الكافية قبل الولادة أكثر من النساء البيض.

في حملها الثاني، قررت دانييلا أن تتصرف بشكل مختلف. ولكن منذ زيارتها الطبية الأولى لمتابعة الحمل، قيل لها إن الأطباء لن يختاروا الولادة الطبيعية بعد خضوع الأم سابقا لولادة قيصرية.

وتقول "غادرت الغرفة مدمرة تماما، لأن هذا يعني أنني لن أتمكن من الولادة بالطريقة التي حلمت بها".

بدأت دانييلا تجري بحثها الخاص، وترجمت دراسات بهذا الخصوص إذ لم يكن هناك سوى القليل من المعلومات المتاحة أمام النساء في مثل وضعها.

كما وجدت مجموعات نسائية على فيسبوك تناقش فيها الولادات الطبيعية بعد تجربة الولادة القيصرية.

وتقول "كان الأمر مذهلا. أدركت أخيرا كيف يجب أن يكون سير الحمل وعملية الولادة".

وفي حملها التالي، كانت دانييلا حاملا بتوأم، وذهبت إلى خدمات الصحة العامة، وليس إلى قطاع الطب الخاص، لكنها تقول إنها لا تزال تواجه عقبات.

وتقول إن الطبيب الأول انتظر إلى أن غادر زوجها الغرفة، وحاول إقناعها بتغيير خطتها للولادة.

وتوضح "كنت قد أصبحت وحدي، لذا حاول تخويفي، قائلا إن عليه إدخالها إلى غرفة العمليات فورا لأن طفلي كانا في خطر"، مضيفة "لكن هذه المرة المرأة التي كانت أمام الطبيب هي دانييلا الجديدة، وليس تلك القديمة".

ولحسن الحظ، كانت دانييلا لا تزال في حالة المخاض، حين حان موعد وردية طبيب وقابلة جديدين، وقد أيدا قرارها بالولادة الطبيعية.

وتصف دانييلا ولادة ولديها التوأم، بأنها كانت لحظة شعرت فيها كأنها ولدت من جديد.

تقول "شعرت وكأنني ولدت من جديد، لقد كانت تجربة تحرير حقيقية".

وحتى وقت نشر المقال، لم تتلق بي بي سي ردا من المستشفيات التي طلبنا منها التعليق على ما قالته دانييلا.

8وعلى غرار البرازيل، فإن عدد عمليات الولادة القيصرية في قبرص يفوق عدد الولادات الطبيعية.

وتقول جورجيا ديموفانوس إن الأطباء كانت لديهم منذ البداية خططهم الخاصة فيما يتعلق بتوليدها.

وتضيف أن الأطباء أخبروها أنها ستكون قادرة على الولادة الطبيعية كما ترغب، لكنها في النهاية أخضعت لعملية قيصرية.

وتوصي جورجيا النساء بإجراء بحث عن خيارات الولادة الممكنة قبل الحمل.

وتقول "لنبدأ بتثقيف النساء قبل الحمل، لأن الشيء الوحيد الذي يدور في ذهن المرأة ما أن تحمل هو أن يكون طفلها بأمان".

في حملها الثاني قررت جورجيا أن تلد طفلها ولادة طبيعية.

وبالنسبة لها، كما تقول فإن لحظات خاصة قصيرة هي التي جعلت التجربة ممتعة، فضلا عن مستوى الرعاية الجيد.

وتضحك وهي تقول "رأيت طفلي الصغير يتبول عندما كان طبيب الأطفال يعتني به"، مضيفة "لا توجد كلمات قادرة على وصف ذلك، إنه شيء لا يمكنك فهمه إلا عندما" تختبره بنفسك".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: