"الفيلق الدولي للمتطوعين في أوكرانيا": قوة مؤثرة أم سياحة حرب؟
(دويتشه فيله):
أصداء واسعة تبعت مناشدة الرئيس الأوكراني زيلينسكي للمتطوعين الأجانب من أجل الدفاع عن أوكرانيا، فكيف كانت الاستجابة الفعلية حتى الآن، وما تقييم الخبراء العسكريين لفوائد هذه الخطوة على الأرض؟
أعلنت أوكرانيا، وسط صخب إعلامي كبير، عن تشكيل فيلق دولي للمتطوعين الأجانب لمساعدة الشعب الأوكراني على التصدي للغزو الروسي، حيث بدا ذلك مكملا منطقيا للعقوبات التي بدأ المجتمع الدولي تنفيذها بالفعل.
ومع ذلك، فإن الواقع كان مخيبا للآمال، بحسب ما يقوله مارك كانسيان، وهو أحد كبار مستشاري برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، موضحا أنه قد تم إعادة معظم المتطوعين إلى أوطانهم وتم قصر أي انضمام للفيلق على أولئك الذين لديهم خبرة عسكرية سابقة. وفي تقرير نشره معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، يقول كانسيان أن دروس التاريخ تفيد بأنه لكي تكون جهود المتطوعين الأجانب ناجحة، هناك حاجة إلى أن يتم الجمع بين عمليات الفحص والتدريب والانضباط والتنظيم، من أجل إنتاج قوة مفيدة عسكريا.
"16 ألف متطوع"
وكان الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي قد وجه نداء للمتطوعين الأجانب في 27 فبراير الماضي، عندما كان الغزو في بدايته، حيث قال إن "أي شخص يرغب في الانضمام للدفاع عن أوكرانيا وأوروبا والعالم، يمكنه أن يأتي ويقاتل إلى جانب الأوكرانيين ضد مجرمي الحرب الروس." وتحدث وزير الخارجية الأوكراني بالتفصيل عن تلك المناشدة الأولى بعد أيام قليلة، ثم أطلقت أوكرانيا موقعا إلكترونيا يتضمن آليات للمتطوعين الأجانب.
وبحلول مطلع شهر مارس، زعم زيلينسكي أن هناك 16 ألف شخص سجلوا من أجل الانضمام للحشد الأجنبي. وبالنظر إلى أن الجيش الأوكراني كان قوامه 145 ألف جندي فقط عند بداية الحرب، فإن ذلك كان من شأنه أن يكون بمثابة دفعة كبيرة في القوة.
كما قدم المتطوعون الأجانب أدلة واضحة على الدعم العالمي للقضية الأوكرانية. ويقول كانسيان إن الكولونيل البحري المتقاعد، أندرو ميلبورن، الذي كان يعمل مراسلا لمجلة "تاسك آند بوربوز" الإلكترونية، انتقل إلى أوكرانيا ووصف أداء المتطوعين هناك. وباختصار، فقد كان الوضع مخيبا للآمال، حيث وصف ميلبورن مشهدا من قلة الخبرة، وسياحة الحرب، والمثالية، قائلا: "هناك سرب من الحالمين لكل مرشح لديه خبرة في القتال. وحتى الخبرة القتالية تصبح قليلة القيمة في هذه الحرب، لأن تبادل طلقات النيران مع جماعة طالبان أو تنظيم القاعدة، يختلف تماما عن الجثو على الركبتين في خندق شديد البرودة يتعرض للقصف بنيران المدفعية".
ويوضح كانسيان أنه كما هو الحال مع الكتائب الدولية، فقد بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف إعلاميا بداعش) بعملية تجنيد كبيرة. وعادة ما يأتي المتطوعون من خلال مساجد تعتنق أفكارا متطرفة، حيث يقوم رجال الدين فيها بإجراء مقابلات مع المتطوعين المحتملين وتقييمهم. وبمجرد اجتياز المتطوعين لهذه العملية، فإنهم يتحركون على طول طرق التسلل إلى الأمام. وقبل الانتقال إلى مسرح القتال، يتم فحص المجندين مرة أخرى في مكان آمن. ويمكن الاستنتاج من ذلك بأن الانضباط الشرس لتنظيم "الدولة الإسلامية" وغيرها من الفرق القتالية الدولية، ليس أداة يتعين على أوكرانيا أن تستخدمها. إنه أمر مشكوك فيه أخلاقيا، وقد ادعت أوكرانيا المكانة الأخلاقية العالية في الصراع. ويتبقى بالتالي الفحص والتدريب والتنظيم. ويبدو أن أوكرانيا تقوم بالفحص والتدريب على قواعدها في غرب أوكرانيا. ويمكن من خلال إخضاع المجندين الأجانب الجدد لعمليات فحص وتدريب، أن يتم استبعاد غير المناسب منهم، وتعزيز مهارات وقدرات من لهم قيمة.
ويرى كانسيان أن أوكرانيا تحتاج إلى إضفاء الطابع الرسمي على هذا الهيكل خوفا من أن يعمل سائحو الحرب بصورة مستقلة، وأن يقوموا بنشر بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن بطولاتهم ثم إحباطاتهم، والعودة إلى الوطن بعد عدم إضافتهم أي شيء سوى نزع الشرعية عن الجهد العسكري.
يتفق المحللون عبر العالم على أن الدخول في الحرب أمر سهل، فيما الخروج منها صعب. ومن بين مختلف السيناريوهات الممكنة في أوكرانيا، ثمة خمسة تطرح باستمرار في كل التوقعات، ولو أنها تبقى هي أيضا محاطة بالغموض.
فيديو قد يعجبك: