البعض ينزح مرتين.. لاجئون أوكرانيون يهربون نحو المجهول
(دويتشه فيله)
فيما يقطع بعض الأوكرانيين الحدود إلى رومانيا سيراً على الأقدام، يركب آخرون سياراتهم الفاخرة نحو الغرب. لكن القاسم المشترك بين هؤلاء العابرين هو الخوف؛ من الحرب ومن المستقبل المجهول. تقرير DW من إحدى المعابر الحدودية.
تركوا متعلقاتهم وكل شيء وراءهم، وفروا من الحرب. الزوجان المتقاعدان لودميلا وفازيلي وصلوا أخيرا إلى نقطة الحدود الأوكرانية والمكان الذي تلتقي فيه حدود أوكرانيا ومولدوفا ورومانيا.
ينحدر الزوجان من قرية بالقرب من مدينة تاتاربوناري الأوكرانية، في منتصف الطريق تقريبًا بين أوديسا ومدينة غالاتي الساحلية الرومانية. وتمكنا من حزم جزء من ممتلكاتهما الهامة في حقيبة حمراء صغيرة وسحباها لمدة تقارب ساعة ونصف، ومشيا من المركز الحدودي الأوكراني إلى مدينة جيورجيوليستي في مولدوفا، التي تقع في مفترق الطرق للدول الثلاثة. برودة الجو البالغة درجتين مئويتين فقط والرياح القوية زادت من مصاعب الزوجين المسنين، وهما مرهقان من السير الطويل الطويل.
لودميلا حزينة ومتوترة. "على الرغم من أنهم كانوا يسافرون طوال الليل، لا يزالون لا يريدون أخذ الحافلة"، بحسب ما قالت السيدة لـ DW وتابعت " كانت المشاهد يمكن أن تكون أكثر مأساوية مع وجود هذه الاعداد الكبيرة من الأمهات اللواتي يصجبن أطفالهن ويسافرن معهم بمفردهن".
وأضاف زوجها: "لم أستطع تحمل سماع هؤلاء الأطفال المساكين يبكون، مع العلم أنه ليس لديهم منزل يعودون إليه".
قبل مغادرتهم أوكرانيا، سمعوا في الأخبار بأن هجومًا روسيًا بالقرب من مكان سكناهم أصبح وشيكا، لذلك حزموا أمتعتهم سريعا وغادروا من الصباح الباكر؛ "متى يفترض أن ننام؟" تسأل لودميلا، "كيف يفترض أن نعيش هكذا؟"
رغم كل هذا، لا يريد الزوجان المسنان الحديث عن روسيا أو السياسة أو الحرب. يبدو أنهما لا يريدان إلقاء اللوم على أي أحد في الموقف المأساوي الذي يجدون أنفسهم فيه الآن.
كانا يتطلعان إلى تقاعد هادئ بعد عقود من العمل الجاد؛ "أردنا أن نستمتع ببضع سنوات جميلة من عمرنا المتبقي".
ينتظر المتقاعدون الأوكرانيون في غرفة كبيرة حيث يقوم المتطوعون الرومان بتوزيع الشاي والقهوة. لكن (لودميلا) و (فاسيلي) لا يريدان أي شيء للأكل أو الشرب. انهما يريدان فقط الوصول إلى أبعد ما يمكن من الحدود الأوكرانية.
أين سيذهبان ؟ بعد محادثة طويلة، يكشفان في نهاية المطاف، بتردد، أن لديهما طفلين بالغين يعيشان في النمسا ويأملان في الوصول إلى هناك.
ويقوم الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين بنفس الرحلة يوميا، ويعبرون الحدود في جيورجيوليستي، رغم أن معظمهم يفعلون ذلك في مركباتهم الخاصة. ووفقاً للسلطات المحلية فإن نحو 75% منهم يسافرون نحو الحدود الغربية لرومانيا.
تقديم مساعدات
في هذه المنطقة الحدودية، يشاهد المرء أيضا الكثير من السيارات باهظة الثمن والتي تعود ملكيتها في الغالب إلى بعض الأوكرانيين من الطبقة المرفهة الذين يعيشون حول أوديسا. يزمجر محرك سيارة Audi Q7 البيضاء، أثناء مرورها مسرعة بعد فحص أوراقها من قبل دورية. وتعتبر هذه المركبة إحدى سيارات الدفع الرباعي الفاخرة، ألمانية الصنع.
وتبدي ماريانا، وهي إحدى المتطوعات التي تساعد الوافدين الأوكرانيين الجدد امتعاضها بعد مرور السيارة، وتقول: "الكثير من اللاجئين يتجمدون هنا وليس لديهم وسيلة نقل، في حين يسافر راكبان فقط في هذه المركبة الكبيرة".
ماريانا التي تقف في البرد منذ ثلاث ساعات، وتوزع بطاقات هاتف مجانية. هي في الواقع أوكرانية، لكنها تعيش في رومانيا على مدى السنوات 15 الماضية. منذ أن بدأت الحرب قبل أكثر من أسبوع، كانت تتطوع وتعمل كمترجمة. ولحسن الحظ، قالت إن والديها كانا يزورانها في رومانيا عندما بدأت الحرب.
كل شيء منظم بشكل جيد على الجانب الروماني والأمور تسير بسرعة، بالرغم من أنها حدود دولية ثلاثية. ومع ذلك، كان هناك في كلا البلدين دعم وتضامن كبيران للوافدين الأوكرانيين. وهناك عدد لا يحصى من المتطوعين في كل مكان، كما أن وسائل النقل المجانية والإقامة في حالات الطوارئ متاحة أيضا. والعديد من الحافلات التي تحمل لوحات ترخيص مولدوفية تأخذ اللاجئين إلى مدينة غالاتي الرومانية الأكبر حجما، على بعد 30 دقيقة تقريبا من الحدود.
عدم العودة إلى "الاتحاد السوفيتي"
أمينة مكتبة تبلغ من العمر 46 عاما، من مدينة كيليا الأوكرانية، تصل إلى جيورجيوليستي، مع صديقة لها. لدى كل منهن طفلين، وتفضلان عدم ذكر اسمائهن. هذه في الواقع المرة الثانية التي تضطر فيها للهرب، تخبر أمينة المكتبة "DW". فهي اضطرت إلى مغادرةشبه جزيرة القرم في عام 2014 عندما ضمت روسيا المنطقةبشكل غير شرعي. وقالت أمينة المكتبة أنها لا تريد أبدا أن تسمع عن روسيا مرة أخرى، وقالت انها لن تعود مرة أخرى إلى الأبد.
لقد أغلقت باب شقتها في (كيليا)، كانت قد اشترتها مؤخراً، ولن تنظر إلى الماضي، كما قالت، فهي كأم مطلقة، تعتني بأطفالها منذ بعض الوقت، وقالت إنها ستقبل بأي وظيفة تعرض عليها.
خوض معركة البداية من جديد، وفي بلد غريب لن يكون سهلا، خصوصا أأنها سوف تضطر إلى تعلم لغة أخرى، لكنها تريد أن تفعل كل ما في وسعها من أجل تأمين تعليم جيد ومستقبل أفضل لأطفالها.
وأوضحت قائلة حتى لا يضطرون أبداً إلى العودة إلى "الإتحاد السوفياتي" (لو ظهر مستقبلا)، مضيفة أنها لم تكن سعيدة أبداً هناك، ولا حتى عندما كانت طفلة صغيرة.
وتوضح أمينة المكتبة أنها تشعر بتحسن بالفعل هنا في "جيورجيوليستي"، لأنه لم يعد هناك أية صفارات إنذار أو غارات جوية. وقالت إنها لا تعرف حتى الآن ما يحمله المستقبل لنفسها أو لأطفالها، ولكن لديها رغبة واحدة للرجل الذي تسبب في فقدان منزلهم لمرتين متتاليتين، وهي أن تتم معاقبته، وقالت "أود أن أرى بوتين في السجن".
فيديو قد يعجبك: