إعلان

"طفح الكيل".. هل تعيد تدخلات تركيا واعتقال قريب طاطاناكي ليبيا لدوامة الحرب؟

04:42 م الأحد 13 نوفمبر 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

"لقد طفح الكيل بنا جميعاً من مشهد لم تنته حلقاته المؤسفة، 10 سنوات ولم يحصل المواطن الليبي إلا على الوعود الزائفة من أصحاب السلطة الذين يتصدرون المشهد على حساب عذابات أبناء شعبنا"... بهذه الكلمات انتقد رجل الأعمال الليبي والمرشح الرئاسي السابق حسن صلاح الدين طاطاناكي، اعتقال حكومة عبد الحميد الدبيبة ابن شقيقته مساء الخميس الماضي.

وبحسب مصادر ليبية فإن مجموعة مسلحة يُرجح أنها تابعة لرئيس جهاز الاستخبارات العامة الفريق حسين العائب، اعتقلت نجل شقيقة طاطاناكي، في منطقة الظهرة بالعاصمة، وسط صمت من الأجهزة الرسمية في العاصمة طرابلس.

تزامن اعتقال قريب طاطاناكي -الذي أغضب واحدة من أكبر قبائل ليبيا- مع تحركات عسكرية مقلقة للأطراف الليبية المتنازعة، إثر توقيع مذكرتي تفاهم في مجال عمليات التنقيب على الغاز بين حكومة الدبيبة وتركيا.

فعقب الإعلان عن هذا الاتفاق شهدت الأراضي الليبية تحركات واستعراضات عسكرية من قبل حكومة الدبيبية ورئيس الوزراء المعين من قِبل البرلمان، فتحي باشاغا، والذي فشل في الإطاحة بالدبيبة، وسط مخاوف دولية ومحلية من اندلاع حرب داخلية جديدة في ليبيا.

قبيلة العبيدات تدخل على الخط

وأثار اعتقال ابن شقيقة طاطاناكي، غضبا كبيرا بين قبيلة العبيدات، أكبر القبائل الليبية من حيث تعدادها في الشرق الليبي، التي اعتبرت أن الاعتداء على حسن طاطاناكي وأقاربه وأملاكه في طرابلس اعتداء على قبائل العبيدات كلها داخل وخارج ليبيا.

والعبيدات أحد أكبر القبائل العربية وتتواجد في عدة دول بينها ليبيا ومصر والأردن والسعودية. ويتركز تواجدهم داخل ليبيا في مدينة القبة وطبرق وبنغازي والبيضاء والجبل الأخضر بصفة عامة وحتى الحدود الليبية المصرية ومرسى مطروح والإسكندرية.

وهددت القبيلة، في بيان حاد سجل بالفيديو في طبرق أمس، أنها تحتفظ بحق "الرد بما تراه مناسب" على ما يتعرض له ابنها (طاطاناكي).

وسبق أن تعرض طاطاناكي نفسه، الذي يطلق عليها الليبيون "حسونة" للاعتقال سابقا، فور عودته إلى مطار معيتيقة الدولي، في نوفمبر 2021، قبل تقدمه بأوراق ترشحه للرئاسة، لكن سرعان ما أطلق سراحه.

ويترأس طاطاناكي حزب "التجمع الديمقراطي"، ويعد من كبار رجال الأعمال الليبيين المقيمين في الخارج، ويمتلك شركة نفطية واستثمارات عقارية متنوعة، فضلاً عن تمتعه بشبكة علاقات واسعة.

هل تشعل الاعتقالات وتركيا الحرب؟

بحسب مصادر ليبية، فإن توقيف ابن شقيقة طاطاناكي، لا يختلف كثيرا عن "اعتقالات تصفية الحسابات" التي تعرض لها خصوم الدبيبة وحلفاؤه الذين غيروا موقفهم ورفضوا استمرار بقائه بعد انتهاء ولايته. وقالت إن الاعتقال جاء على خلفية توتر العلاقات بين طاطاناكي، الذي سبق أن ترشح للانتخابات الرئاسية، التي أُجلت نهاية عام 2021، و حكومة عبد الحميد الدبيبة.

وهو ما أكده طاطاناكي في تدوينة كتبها على صفحته الشخصية على فيسبوك، متهما أصحاب السلطة في البلاد بـ"الكذب وخيانة الأمانة"، قائلا: "اليوم ومهما كان ادعاؤكم أنكم ستقدمون وستحافظون، فالحقيقة أنكم لن تفعلوا شيئاً، وإنما تمكرون لكسب مزيد من الوقت للبقاء في الكراسي".

وتشهد ليبيا صراعا سياسيا محتدما وصل في أوقات كثيرة للقتال العسكري بسبب تمسك الدبيبة المنتهية ولايته بالسلطة، وفق ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط"، التي قالت إن الدبيبة تحصّن بأنقرة، ودخل معها في مباحثات جديدة لتعزيز قوته داخليا.

وفي هذا الشأن، قال مسئول التحرير بجريدة الشرق الأوسط اللندنية فى مصر والمتخصص فى الشأن الليبي، عبد الستار حتيتة، لمصراوي: مما لا يخفى على أحد أنّ هناك أطرافًا دولية وإقليمية لا تريد الوصول إلى حل نهائي في ليبيا، كونها تستفيد من الفوضى القائمة، فتعدد رؤوس الحكم يعني أكثر من حكومة وأكثر من قوة مسلحة، كل هذا مفيد بالنسبة للدول التي لا تلتزم بالشرعية الدولية ولا تلتزم بالمواثيق المتحدة ، وتحاول استغلال الفوضى للنكاية بدول أخرى مجاورة لليبيا ومنها النكاية في الدولة المصرية.

ويرى حتيتة أنه: منذ بدايات محاولات حل الأزمة في ليبيا ومنذ الانشقاق الكبير على الصعيد السياسي والأمني، كانت هناك محاولات كثيرة طيلة السنوات الماضية لحل الأزمة، لكن في نهاية المطاف لم تتمكن كل التدخلات من التوصل إلى حل، لذا ينبغي إعادة دراسة الوضع في ليبيا، بما يؤدي إلى تجنب الأخطاء التي وقعت في السنوات الماضية والبدء في مرحلة جديدة، قبل الدخول إلى فوضى أكبر من الحالية. ليبق السؤال الأهم لماذا تفشل مساعي حل الأزمة الليبية سلميا؟

صراع.. لسرقة الثروات

رغم الجهود الدولية والإقليمية المتضافرة، لحل الأزمة في ليبيا، لم يتمكن المجتمع الدولي من دفع عجلة السلام إلى الأمام. وفي الآونة الأخيرة، كان التأثير الروسي والتركي وحده هو الذي حرك العجلة. حيث كثّف البلدان تدخلاتهما في ساحة المعركة، وعلى الرغم من رغبة بعض الأطراف المتنافسة في التفاوض للوصول لحل سلمي للأزمة الليبية، إلا أن توقيع الاتفاقيات الأخيرة بين تركيا وحكومة الدبيبة المنتهية ولايتها، قوض العملية السلمية، وفقًا لحديث الخبير في الدبلوماسية الدولية وعمليات حفظ السلام، دانيال إيجل، لموقع "الحل" السوري.

فحسب دانيال، فإنّ عدم الاستقرار السياسي المستمر في ليبيا يرتبط ارتباطا وثيقا بالتحديات الاقتصادية، حيث أدى التنافس على السيطرة على الموارد النفطية المصدر الأكثر ربحا للإيرادات العامة في ليبيا، إضافة إلى محاولات قوى كبرى للسيطرة أيضًا على تلك الموارد، وأيضًا الدورة المستمرة للعنف السياسي الذي تحركه النخبة، لاستمرار الفوضى في ليبيا ووضع عراقيل للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.

مسؤول التحرير بجريدة الشرق الأوسط اللندنية صدق على كلام دانيال، وقال في حديثه لمصراوي: هناك دائمًا محاولات لأطراف عديدة ومنها مصر لعودة الاستقرار في ليبيا من خلال توافق سياسي وتوزيع عادل للثروة، والذي يرتبط بشكل أساسي للاستقرار السياسي، إلا أنّ ليبيا بها مشكلة جوهرية بخلاف أي دولة وهي تعدد رؤوس الحكم، إضافة إلى أنّ هناك أطراف إقليمية ودولية ليس في صالحها عودة الاستقرار في ليبيا، خاصة وأنّ تلك الأطراف تستفيد بشكل كبير من ثوراتها.

ووفقا لحتيتة، فإنّ البحر المتوسط وتحديدًا غرب ليبيا يعج بسماسرة لتجارة النفط بشكل غير شرعي، أو كما يمكن أن نطلق عليه سرقة النفط الليبي. وأكد: السماسرة من جنسيات مختلفة بينهم أتراك وقبرصيون وأسبان وغيرهم، وجميعهم لديهم علاقات مع أطراف في السلطة في بلدانهم ويعملون بشكل قوي في ليبيا، ويحققون إفادة واستفادة من النفط الليبي، لكن حال وجود استقرار للسلطة في ليبيا فسيتم إفساد هذا الأمر عليهم وهو ما يسعون لعدم حدوثه، وهدفهم الأساسي دائمًا "إطالة عمر الفوضى في ليبيا".

ضريبة "الفوضى في ليبيا"

في الأيام القليلة الماضية، تصاعدت المخاوف الدولية من اندلاع حرب جديدة في ليبيا. وشدد قادة عدة دول مشاركون في قمة المناخ "cop27"، على ضرورة الاستقرار في ليبيا والتعجيل لإيجاد حل سياسي، خاصة وأنّ التلويح العسكري الذي يحدث بين الحين والآخر يمكن أن يجر البلاد إلى حرب عنيفة تدفع ضريبتها دول كثيرة وليس دول الجوار المباشر فقط.

ويمثل عدم الاستقرار في ليبيا تهديدا كبيرا للأمن القومي لدول أوروبية وعربية بينها مصر وإيطاليا، فهناك خليط كبير من الجماعات الإرهابية مازال موجودا وتتبع القيادات الإرهابية هناك جماعة الإخوان، حسب مسؤول التحرير بجريدة الشرق الأوسط اللندنية عبد الستار حتيتة.

ويؤكد "حتيتة": تلك الجماعات إضافة إلى الإرهابيين الليبيين من الشرق الليبي جميعهم ينشطون في شمال غرب ليبيا، و تستغلهم بعض الأطراف الإقليمية للتأثير على دول الجوار وتهديد أمنها.

وحذر حتيتة من أنّه في ظل عدم وجود استقرار في ليبيا فإنّ هذا الأمر يضاعف تكلفة حماية الأمن القومي للدول المجاورة لليبيا وعلى رأسها مصر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان