لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل أصبحت كوريا الجنوبية قوة وسطى تلوح في الأفق؟

01:02 م الأحد 01 أغسطس 2021

كوريا الجنوبية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

واشنطن- (د ب أ):

تمتلك كوريا الجنوبية المال والأدوات اللازمة التي تجعلها "قوة وسطى"، وهو مصطلح يشير في العلاقات الدولية إلى الدول ذات السيادة، التي تتمتع بتأثير كبير أو لا بأس به، إضافةً إلى الاعتراف الدولي بها رغم أنها ليست دولة كبرى. وفي حقيقة الأمر لا يرغب المواطنون الكوريون الجنوبيون في أن تنفق الدولة أموالا على أمور لا ترتبط بمصالحهم المباشرة.

ويتساءل أندريه لانكوف، الأستاذ بجامعة كوكمين في سول، في تقرير نشرته مجلة "ناشيونال إنتريست الأمريكية" قائلا: هل كوريا الجنوبية قوة وسطى؟ ويرد قائلا: "قد يكون من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لاسيما أن مصطلح "القوة الوسطى" يعد غامضا إلى حد ما وغير محدد بشكل جيد. ويقول إنه مع ذلك، ليس هناك شك في أن الكوريين الجنوبيين ينظرون الآن بوضوح إلى أنفسهم كقوة وسطى ويحاولون التصرف وفقا لذلك.

ويضيف لانكوف أنه في الواقع هناك شعور بالانتصار يعم أجواء سول في السنوات القليلة الماضية وخاصة بين العديد من مؤيدي إدارة "مون جاي إن" ذات الميول اليسارية. وتكتب وسائل الإعلام عن الانتشار العالمي الجديد لكوريا الجنوبية، وأصبح الكتاب الذي يحمل عنوان "عصر التجاوز" من أكثر الكتب مبيعا. ومن بين أشياء أخرى يؤكد الكتاب على أن كوريا الجنوبية لم تعد تسعى للحاق بالعالم المتقدم ولكنها تتفوق على بعض الأطراف الفاعلة الدولية الرئيسية.

ويقول لانكوف: "دعونا نتبع روح العصر المنتصرة ونتفق على أن جمهورية كوريا هي الآن قوة وسطى بالفعل. ففي نهاية المطاف، فإن حجم ناتجها المحلي الإجمالي (الذي يعادل تقريبا حجم روسيا) وقوة جيشها يجعلانها أعلى من ذلك بوضوح في النظام الدولي". ثم يتساءل: "وإذا كان هذا هو الحال، ما هو الأمر الذي يميزها؟ كيف يمكننا مقارنتها مع قوى وسطى لا جدال فيها مثل السويد أو أستراليا أو بولندا؟".

ويرى لانكوف أنه إذا فعلنا ذلك، فمن المحتمل أن نرى أن كوريا الجنوبية قوة وسطى ضيقة النطاق بشكل ملحوظ، وليست مهتمة كثيرا بما يبتعد كثيرا عن حدودها، وليست حريصة جدا على تحمل المسؤوليات عن القضايا التي لا تراها ذات صلة بمخاوفها المباشرة.

وخلافا لمعظم القوى الوسطى (وليس كلها) فهي ليست محاطة بجيران وحلفاء متعاطفين، وعليها أن تلوم نفسها جزئيا. وتحالفها الوحيد هو مع الولايات المتحدة، على الرغم من أن هذا التحالف مهم جدا ويحظى بشعبية كبيرة داخل البلاد.

ومن الناحية المنطقية، يتوقع المرء أن تكون كوريا الجنوبية على علاقة جيدة مع ديمقراطيتين زميلتين قريبتين، هما اليابان وتايوان، ولكن الأمر ليس كذلك. كما أن الحليف الرسمي لكوريا الجنوبية ليس كذلك. إن العلاقات مع اليابان مشوبة بخلافات لا نهاية لها حول الماضي الاستعماري بشكل أكثر كثافة وإحساسا مما تدركه معظم الجهات الخارجية. كما أن علاقاتها مع تايوان بعيدة بشكل ملحوظ، ربما خوفا من التعقيدات المحتملة مع الصين، التي كانت لفترة طويلة الشريك التجاري الرئيسي لاقتصاد كوريا الجنوبية القائم على التصدير.

كما أن اتجاهات "الاستبداد العظيم" في الصين ليست أمرا صديقا لسول أيضا. وفي البداية، كان الموقف تجاه الصين متناقضا، ولكن استطلاعات الرأي تشير الآن إلى العداء المتنامي بسرعة تجاهها. وتشعر كوريا الجنوبية بعدم الارتياح بشكل متزايد في ظل جارتها العملاقة الصاعدة. وهناك "جارة استبدادية أخرى"، وهي روسيا التي لا تثير الكثير من العداء أو التعاطف في كوريا الجنوبية، وتظل شريكا تجاريا ثانويا على أي حال.

ولا تزال الرؤية والقيم ضيقة المجال راسخة في المجتمع الكوري الجنوبي. ومن المعروف أن ذلك البلد يتردد في قبول اللاجئين أو منح حقوق الإقامة للمهاجرين. وبداية من عام 2018، كان معدل قبول اللاجئين 3%، وهو مستوى منخفض جدا بالنسبة لدولة متقدمة.

ويوجد حاليا مليونان ونصف المليون أجنبي يقيمون في كوريا الجنوبية، أغلبهم من العمال المهاجرين، ولكن السكان المحليين يفترضون أن كل هؤلاء الأشخاص سيحزمون أمتعتهم ويغادرونها عاجلا أم آجلا، فهم لا يتفاعلون إلا قليلا مع التيار الرئيسي للمجتمع الكوري، ولا يزالون غير مرئيين إلى حد كبير بالنسبة لسكان سول العاديين. كما أن فرصهم في الحصول على حقوق الإقامة الدائمة منخفضة جدا، ما لم يكونوا كوريين عرقيين يعاملون بشكل أفضل.

ويحظى هذا الموقف إزاء الهجرة بدعم واسع يكاد يكون عاما في المجتمع. وحتى الأشخاص الذين يدعمون بنشاط ما يمكن أن ينظر إليه في الولايات المتحدة على أنه "أجندة تقدمية" بشأن جميع القضايا الأخرى تقريبا، يغيرون فجأة لهجتهم عندما يتعلق الأمر بالهجرة. وقد يكون الكوريون الجنوبيون على استعداد، وفقا لاستطلاعات الرأي، لرؤية مهنيين متعلمين تعليما جيدا من البلدان الغنية في بلادهم، لكنهم يقبلون على مضض الوجود طويل الأمد لمن هم من نفس العرقية .

ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين الآخرين، لا ينظر إلى هؤلاء المواطنين من البلدان الفقيرة على أنهم مقبولون إلا طالما ظلوا عمالا مطيعين شبه مهرة وغير مهرة في إقامة قصيرة نسبيا. ويقول لانكوف إنه نظرا للحقائق القاسية للخصوبة المنخفضة إلى مستويات قياسية وشيخوخة السكان السريعة، فإن هذا النهج ليس واقعيا، ولكنه له جذور عميقة ولن يتغير قريبا.

وبعبارة أخرى، قد يكون لدى كوريا الجنوبية المال والأدوات اللازمة لتكون قوة وسطى، ولكن مجتمعها لا يزال يفتقر إلى الرؤية العالمية والشعور بالمسؤوليات العالمية. ومن المرجح أن تظل معظم التعهدات والمبادرات العالمية للبلاد ديكورية ورمزية. والواقع أن الكوريين الجنوبيين يحبون في الوقت الحاضر أن يتوهموا أنفسهم كقوة وسطى ذات نطاق عالمي، ولكن الناخبين ودافعي الضرائب في كوريا الجنوبية ما زالوا مترددين في رؤية موارد كبيرة تستخدم في قضايا لا ترتبط بوضوح بمصالحهم ومصالح بلادهم المباشرة.

فيديو قد يعجبك: