بعد سنوات الحرب.. هل يتبقّى أمل للسوريين؟
بيروت - (د ب أ):
يرى السوري مالك مسالمة، الذي فقد ساقيه وجزءا من إحدى ذراعيه خلال الحرب في بلاده، أن طريق الكفاح من أجل الحياة لا يزال طويلا، في ظل عدم وجود بصيص أمل في غدٍ أفضل قريب.
ومسالمة، وهو في الثلاثينيات من العمر، ليس إلا وحدا من ملايين السوريين الذين اضطروا إلى الفرار من بلدهم بسبب ويلات الحرب وضيق الحال.
ويقول مسالمة، الذي يعيش حاليا في هولندا: "لا يمكنني العودة إلى سورية حتى يرحل نظام الرئيس بشار الأسد".
وينحدر مسالمة من محافظة درعا، مهد الثورة السورية، التي انطلقت في منتصف مارس من عام 2011. ويروي مسالمة أنه شارك في أول احتجاجات خرجت في درعا ضد حكم الأسد.
وأوضح مسالمة، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أنه يعتزم التقدم بطلب للحصول على اللجوء في هولندا.
ووفقا لوكالات الأمم المتحدة، فإن نصف سكان سوريا ما قبل الحرب، والذين كان يبلغ عددهم 22 مليونا، قد نزحوا إلى مناطق أخرى داخل البلاد أو تشتتوا في دول الجوار وأوروبا.
وفي لبنان المجاور، والذي يعاني هو الآخر من أزمة مالية طاحنة واضطرابات سياسية،لا تعد الأمور أفضل بالنسبة لبعض اللاجئين السوريين.
ويقول أبو أحمد، وهو لاجئ سوري، لـ(د.ب.أ)، "بالكاد نستطيع العيش هنا في لبنان ... لقد أثقلتنا الأعباء الاقتصادية تماما كما فعلت بأشقائنا اللبنانيين. وليس أمامنا خيار آخر. إذْ لا يمكننا العودة إلى سورية دون حل سلمي دولي للصراع".
ويضيف أبو أحمد، الذي فر إلى لبنان عام 2012 قادما من مدينة حماة شمالي سورية، :"إننا لا نثق بالنظام في سورية".
وبدأت الأزمة في سورية باحتجاجات خرجت إلى الشوارع في الخامس عشر من آذار/مارس من عام 2011 ، وطالب المشاركون فيها بإصلاحات ديمقراطية، وذلك على وقع احتجاجات مشابهة واسعة النطاق شهدها العالم العربي حينذاك ونجحت بالفعل في الإطاحة بمن كانوا يتولون الحكم في تونس وليبيا ومصر.
ولم يتحقق ذلك في سورية، حيث تعاملت الحكومة بقمع وحشي مع الاحتجاجات السلمية .
وسرعان ما تطورت الأزمة إلى حرب أهلية شعواء اجتذبت مجموعات متباينة من المقاتلين من خارج البلاد. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد تسبب الصراع منذ ذلك الحين في مقتل ما لا يقل عن 400 ألف شخص، معظمهم من المدنيين.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، مؤخرا بأن رقما قياسيا يُقدر بـ 4ر12 مليون سوري، يمثلون نحو 60% من السكان، يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي.
وقال شون أوبراين، ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطْري في سورية، في بيان، إن "الوضع حاليا أسوأ من أي وقت مضى. فبعد عشر سنوات من الصراع، استُنفدت مدخرات العائلات السورية وسط تصاعد الأزمة الاقتصادية".
ولم يَسلم السوريون في مناطق سيطرة الحكومة من تداعيات الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، حيث يضطرون إلى الاصطفاف في طوابير طويلة لشراء الخبز والإمدادات الغذائية والوقود.
وتقول زينة، وهي ربة منزل تعيش في العاصمة دمشق، ورفضت ذكر اسمها بالكامل، : "كل شيء أصبح مكلفا للغاية ... الكل في سورية يعانون، خاصة بعد أن فقدت الليرة السورية أكثر من 90% من قيمتها. كما أن بعض السلع غير متوافرة بسبب العقوبات التي يفرضها الغرب".
ويقول عبد الكريم عمر، وهو ناشط من محافظة إدلب شمال غربي سورية، حيث معقل المعارضة حاليا، إنه رغم محنة السوريين فإنهم سيواصلون ثورتهم حتى رحيل الأسد وعائلته. ويؤكد أن السوريين "دفعوا بالفعل ثمنا باهظا".
وقال :"لم يعد لدينا شيء آخر لنخسره. كل الحلول في وجود الأسد لن تؤدي إلى نتيجة".
وقد استعادت قوات الأسد ما يقرب من ثلثي أراضي البلاد من المسلحين المدعومين من الغرب والمتشددين الإسلاميين. وبدعم من الحليفتين إيران وروسيا، تواصل القوات الحكومية السورية معركتها لاستعادة آخر معقل للمعارضة في شمال غربي البلاد.
ويلفت هادي البحرة، الرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة، إلى أن الأزمة السورية أصبحت "متداخلة مع قضايا إقليمية ودولية".
ويرى البحرة أنه لا يمكن الوصول إلى حل للصراع إلا باتفاق الولايات المتحدة وروسيا والقوى الإقليمية المنخرطة في الصراع، وبدون الأسد.
وأضاف البحرة أنه "لم يعد بمقدور الأسد أن يعيد توحيد البلاد، ولا يمكنه إعادة اللاجئين من الخارج ولا إعادة النازحين داخليا لمناطقهم، كما لا يمكنه تحقيق أمن مستدام".
وشدد على أن "التاريخ علمنا أنه لا يمكن هزيمة الشعب".
فيديو قد يعجبك: