"داعش" يكثّف هجماته في سوريا وسط تدهور أمني في مخيمات النازحين
دمشق - (أ ف ب)
يكثّف تنظيم داعش وتيرة اعتداءاته في سوريا، عبر هجمات متكررة ضد قوات النظام فيما تحذر الأمم المتحدة ومسؤولون أكراد من تدهور الوضع الأمني في مخيم الهول الذي يضم أفرادًا من عائلات مقاتليه بعد توثيق مقتل 14 شخصًا داخله منذ مطلع العام.
ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها وخسارة كافة مناطق سيطرته، لا يزال التنظيم يشكل تهديدًا حقيقيًا وتنشط خلاياه على مستويات عدة. وتعكس تلك العمليات، وفق محللين، صعوبة القضاء نهائيًا على تنظيم بثّ الرعب لسنوات في مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور.
وقتل الاثنين 26 قتيلاً من قوات النظام السوري ومسلحين موالين لها، جراء استهداف مقاتلي التنظيم رتلاً عسكريًا في بادية مدينة الميادين في محافظة دير الزور، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واندلعت إثر ذلك اشتباكات عنيفة بين الطرفين، أوقعت 11 عنصرًا من التنظيم، وفق المرصد.
ومنذ إعلان قوات سوريا الديمقراطية القضاء على خلافته في مارس 2019، انكفأ التنظيم إلى البادية الممتدة بين محافظتي حمص ودير الزور، عند الحدود مع العراق حيث يتحصن مقاتلوه في مناطق جبلية.
ومع ازدياد وتيرة الهجمات، تحولت البادية مسرحًا لاشتباكات، إذ يشن التنظيم من نقاط تحصنه فيها هجماته على قوات النظام تحديداً، رغم الغارات الروسية التي تستهدف مواقعه بين الحين والآخر دعماً للقوات الحكومية التي تقوم بعمليات تمشيط في المنطقة بهدف الحد من هجمات الجهاديين.
وفي بداية الشهر الحالي، قتل 19 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في هجوم شنّه التنظيم شرق حماة. كما قتل بداية العام نحو 40 عنصرًاً من تلك القوات في كمين نصبه الجهاديون في البادية.
ووثق المرصد منذ مارس 2019، مقتل أكثر من 1300 عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها فضلاً عن أكثر من 700 جهادي جراء الهجمات والمعارك.
10 آلاف جهادي
وفي مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، يستهدف التنظيم المتطرف، غالبًا عبر عبوات ناسفة أو اغتيالات بالرصاص، مقاتلين من تلك القوات أو مدنيين يعملون لصالح الإدارة الذاتية الكردية.
وفي 23 الشهر الماضي، قتلت مسؤولتان محليتان بعد خطفهما في ريف دير الزور الشمالي الشرقي. ووجهت الإدارة الذاتية أصابع الاتهام إلى التنظيم.
وقدّرت لجنة مجلس الأمن الدولي العاملة بشأن تنظيم داعش ومجموعات جهادية أخرى في تقرير الشهر الحالي أن لدى التنظيم المتطرف عشرة آلاف مقاتل "ناشطين" في سوريا والعراق.
وقالت إنه على رغم أنّ غالبية هؤلاء يتواجدون في العراق، لكنّ "الضغط الذي تمارسه قوات الأمن العراقية يجعل تنفيذ عمليات تنظيم داعش على أراضيها أكثر صعوبة" مقارنة مع سوريا.
وتوفّر البادية السورية، في محافظة دير الزور، بحسب التقرير، "ملاذًا آمنًا لمقاتلي" التنظيم الذين أنشأوا "علاقات مع شبكات تهريب تنشط عبر الحدود العراقية".
قطع رؤوس في المخيم
بعد القضاء على آخر معاقل التنظيم في قرية الباغوز في شرق سوريا، نقل المقاتلون الأكراد أفراد عائلات الجهاديين إلى مخيمات يسيطرون عليها في محافظة الحسكة، أبرزها مخيم الهول.
ويقطن في الهول أكثر من ستين ألف شخص، ثمانون في المئة منهم من النساء والأطفال. بينهم الآلاف من أفراد عائلات الجهاديين الأجانب يقبعون في قسم مخصص لهم قيد حراسة مشددة.
وحذّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من تفاقم الوضع الأمني المتدهور أساساً في المخيم، الذي يؤوي أيضاً عشرات الآلاف من النازحين السوريين والعراقيين.
وقال مسؤول النازحين والمخيمات في شمال شرق سوريا شيخموس أحمد الإثنين لوكالة فرانس برس "بلغ عدد الذين تم قتلهم في مخيم الهول منذ مطلع العام حتى الآن 14 شخصًا، ثلاثة منهم عبر قطع رؤوسهم" والبقية عبر "مسدسات كاتمة للصوت".
وكانت الأمم المتحدة أفادت عن مقتل 12 منهم في النصف الأول من يناير.
ويتوزع القتلى بين عشرة عراقيين وأربعة سوريين، وفق أحمد الذي اتهم "خلايا داعش" بالوقوف خلفها بهدف "إثارة الفوضى والخوف".
إلا أن عاملاً إنسانيًا رفض الكشف عن هويته تحدث عن توترات عشائرية قد تقف خلف بعض الجرائم في المخيم.
وتحدث تقرير لجنة مجلس الأمن عن "حالات من نشر التطرف والتدريب وجمع الأموال والتحريض على تنفيذ عمليات خارجية" في المخيم، الذي يعتبره "بعض المعتقلين.. آخر ما تبقى من الخلافة".
ويضم القسم الخاص بالنساء الأجانب وأطفالهن، من عائلات مقاتلي التنظيم، قرابة عشرة آلاف إمرأة وطفل، وفق اللجنة التي أفادت عن أنّ "بعض القاصرين يجري تلقينهم وإعدادهم ليصبحوا في المستقبل عناصر" في التنظيم.
وتحصل عمليات فرار بين الحين والآخر لا سيما في ظل "قدرة محدودة" على حفظ الأمن وانخفاض عدد الحراس "من 1500 حارس منتصف عام 2019 إلى 400 حارس أواخر عام 2020".
وبحسب التقرير، تراوح كلفة التهريب من مخيم الهول بين 2500 وثلاثة آلاف دولار مقابل 14 ألف دولار من مخيم روج، الذي يؤوي عددًا أقل من القاطنين ويُعد الأمن فيه "أكثر إحكامًا وفعالية".
ويطالب الأكراد الدول المعنية باستعادة مواطنيها أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الجهاديين لديها. إلا أن دولاً أوروبية عدة، بينها فرنسا، اكتفت باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.
وحثّ خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة اليوم الاثنين، 57 دولة يُحتجز رعاياها لدى الأكراد على إعادتهم إلى بلادهم بلا تأخير.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: