مع بدء الموجة الثانية لكورونا.. كيف ساءت الأمور في أوروبا؟
كتبت- هدى الشيمي:
بعد نجاحها في احتواء الموجة الأولى من الإصابات والوفيات، أصبحت القارة الأوروبية الآن في منتصف موجة انتشار ثانية لفيروس كورونا المستجد، ومن المتوقع أن تغدو أكثر قسوة في الشتاء المُقبل، ما يزيد الأسئلة حول الأخطاء التي اقترفتها القارة العجوز في التعامل مع الوباء.
وصلت معدلات الإصابات اليومية في الاتحاد الأوروبي والمملكة البريطانية هذا الأسبوع إلى مستويات قياسية، زادت عن 45 ألف حالة خلال 14 يومًا، وفقًا للمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وبناءً عليه تعيد حكومات الدول الأوروبية بعض القيود على الأماكن التي سمحت بفتحها بعد أشهر من الإغلاق.
وذكرت شبكة (سي إن إن) الإخبارية أن القادة في أوروبا أعربوا عن خوفهم إزاء الضغط الذي قد تواجه المستشفيات ومراكز العلاج في الأشهر المُقبلة نظرًا إلى زيادة احتمالات الإغلاق المترتب على زيادة عدد حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا.
كان مُعدّل الوفيات مستقرًا لحوالي 72 يومًا، حسب المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، رغم ارتفاع عدد الموتى جراء الوباء في بلغاريا، كرواتيا، مالطا، رومانيا، إسبانيا.
عزت (سي إن إن) التدهور الذي تشهده أوروبا الآن إلى عدة أسباب، على رأسها أن الموجة الجديدة بدأت عقب انتهاء إجازة الصيف، وعودة المواطنين إلى مواصلة حياتهم العادية، وعودة الأطفال إلى المدارس.
فيما أرجعت منظمة الصحة العالمية ارتفاع عدد الإصابات مُجددًا إلى تخفيف القيود والتدابير، وشعور المواطنين بالأمان الزائف بعد الاستقرار النسبي للأوضاع.
رغم ارتفاع عدد الإصابات والوفيات في القارة الأوروبية، قالت (سي إن إن) إن معدّل الوفيات أوروبا لا يزال أقل مما هو عليه في الولايات المتحدة. وصل عدد الإصابات في أوروبا إلى 4.4 مليون، فيما توفى 217.278 شخص من بين 750 مليون شخص، بينما بلغ عدد الإصابات في أمريكا 6.7 مليون، وتوفي 198 ألف شخص وسط إجمالي عدد سكان 330 مليون نسمة.
الموجة الثانية
قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للصحفيين، الجمعة الماضي، إن المملكة البريطانية تشهد بداية الموجة الثانية وأنها "أمر لا مفر منه" لاسيما مع انتشاره في فرنسا، إسبانيا، وجميع أنحاء أوروبا.
وأضاف: "لا نريد فرض إغلاق شامل، وأفضل طريق لمنع حدوث ذلك هي اتباع المواطنين للتعليمات والإرشادات".
وأعادت مدينة مدريد الإسبانية فرض القيود، الجمعة، حيث يوجد فيها ثلث عدد الإصابات الجديدة في إسبانيا، وفقًا لمنظمة الصحة. بلغ عدد الإصابات الجديدة في إسبانيا، 11 سبتمبر، 12.183 حالة.
وأعلنت السلطات الفرنسية تسجيل 13.215 حالة جديدة في 24 ساعة الجمعة الماضية، وهي أعلى إحصائية للإصابات منذ أبريل الماضي.
سجلت التشيك 3130 حالة جديدة، الجمعة الماضي، وأصدرت قرارًا بإلزام المواطنين بارتداء الكمامات.
فيما سجلت هولندا 1977 حالة جديدة. قال رئيس وزراء هولندا مارك روت في مؤتمر صحفي إن عدد الإصابات في بلاده تضاعف خلال أسبوع واحد، وتوقع بأن تزداد الأعداد بمعدّل ثلاثة أضعاف خلال أسابيع.
فرضت السلطات في هولندا قيودًا جديدة على المقاهي، المطاعم، والحانات في ستة مناطق بدءً من أمس الأحد. وسجلت إيطاليا أعلى معدّل إصابات يوم الجمعة الماضي، بوصول عدد الحالات اليومية الجديدة إلى 1907، فيما سجلت بولندا 1002 حالة يومية جديدة السبت الماضي.
ما الخطأ الذي حدث؟
حذر هانز كلوج، مدير منظمة الصحة العالمية في أوروبا، من المعدلات المُقلقة لانتقال العدوى، وقال إن "الوضع خطير في أوروبا"، مُشيرًا إلى عدد الإصابات الأسبوعي تجاوز ما كان عليه خلال فترة الذروة في مارس الماضي.
وبينما كانت هناك زيادة في عدد الإصابات بين المواطنين الأكبر سنًا الذين تراوحت أعمارهم ما بين 50 إلى 79 عامًا خلال الأسبوع الأول في سبتمبر، قال كلوج إن هذه الفترة جرى تسجيل عدد كبير من الحالات الجديدة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 إلى 49 عامًا.
وأرجع كلوج عودة تفشي كوفيد-19 في أوروبا إلى تخفيف القيود والتدابير ما دفع المواطنين إلى التخلي عن حذرهم، وأعرب عن خوفه من ارتفاع معدّل الإصابات بين الشباب.
يرتفع عدد الإصابات في المدن ذات الكثافة السكانية العالية حيث يعود المواطنين إلى العمل في المكاتب، وتفتح المدارس أبوابها أمام الطلاب، وتم تخفيف القيود المفروضة على الأماكن العامة، وهو ما حدث في المدن الكبرى في النمسا وإسبانيا، حسبما ذكرت سي إن إن.
قال كورز إن النمسا تشهد بداية الموجة الثانية لانتشار فيروس كورونا، وتابع: "سنعيش ظروف صعبة في شهور فصلي الخريف والشتاء، سيرتفع عدد الإصابات يومًا بعد يوم".
ودعا المسؤول النمساوي المواطنين إلى تقليل التواصل الاجتماعي فيما بينهم قدر الإمكان، مع الالتزام بارتداء الأقنعة الواقية في الأماكن العامة.
سجلت تركيا 63 وفاة في 24 ساعة هذا الأسبوع، وهو أعلى معدّل وفيات في يوم واحد تسجله أنقرة منذ فترة. وقال وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، في الإيجاز الأسبوعي الخاص بفيروس كورونا في 2 مايو، إن بلاده كانت في الذروة الثانية للموجة الأولى.
وتابع:"وصلنا إلى هذه المرحلة بسبب انتقال المواطنين في جميع أنحاء البلاد خلال فترة الإجازات، وإقامة حفلات الزفاف".
وفي إيطاليا، قالت السلطات في أواخر أغسطس الماضي إن ما يقرب من 50 % من الإصابات الجديدة وقعت خلال الإجازات الصيفية، لاسيما بين الشباب الذين لم يتوخوا الحذر ولم يلتزموا بمبادئ التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة.
شهدت دول مثل اليونان وكرواتيا ارتفاع سريع في عدد الإصابات في أغسطس الماضي بالتزامن مع عودة السياح من الإجازات الصيفية، والتي أعقبت فتح الحدود الأوروبية في يونيو.
ولكن الخبرة التي اكتسبتها أوروبا من التعامل مع الأزمة قد تساعدها على تجاوز هذه المرحلة، قال البروفيسور مارك وولهاوس، عالم الأوبئة في جامعة ادنبرة لسي إن إن، إن الإغلاق لن يحمل المشكلة في أوروبا، ولكنه سيؤجلها.
فيديو قد يعجبك: