لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"الحرية ليست هدية"..الإيكونوميست: آبي أحمد يُلقي بإثيوبيا إلى الهاوية

02:43 م السبت 19 سبتمبر 2020

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

"الحرية ليست هدية تمنحها الحكومة للشعب"، هكذا قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في خطاب تنصيبه عام 2018، مُضيفًا: "بدلًا من ذلك، فإنها (الحرية) هدية من الطبيعة لكل شخص ينتمي إلى كرامتنا الإنسانية".

قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية إن كلمات آبي كانت بمثابة تحوّل لافت في نظام حكم بلد شهد على مدى العقود الخمسة الماضية نظامًا ملكيًا مُطلقًا، وثورات، وحربًا أهلية، وحكمًا استبداديًا، دون أن ينعم يومًا بالحرية أو الديمقراطية.
وبعد وصوله إلى السلطة على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة، أطلق آبي سراح السجناء السياسيين والصحفيين، ورحّب بعودة أحزاب المعارضة من المنفى، وشجع المتمردين على نزع سلاحهم. كما أجرى سلامًا مع إريتريا، دفع إلى منحه جائزة نوبل للسلام العام الماضي، وتعهد بإجراء أول انتخابات حرة في ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.

1

"القمع والعنف"

ومع ذلك، لم يتمكن آبي من تخفيف حِدة الانقسامات العرقية العميقة التي تهدد بتمزيق إثيوبيا، ولم يُغيّر من نهج الدولة القائم على القمع والعنف بما يُلقي بها إلى الهاوية. خلال العام الجاري وحده، وقع ما لا يقل عن 147 اشتباكًا دمويًا، مُخلفَا عدة مئات من القتلى، وفقًا للأرقام التي جمعها مركز "النزاع المسلح ومشروع تحليل بيانات الأحداث (ACLED)"، بحسب المجلة.
في يوليو، اندلعت أعمال شغب في جميع أنحاء العاصمة أديس أبابا ومنطقة أوروميا، بعد اغتيال هاشالو هونديسا، الموسيقي والناشط المُنتمي إلى مجموعة أورومو العرقية التي ينتمي إليها آبي أيضًا. وبحسب إحدى الإحصائيات، قُتل 239 شخصًا، بعضهم على يد غوغاء، والبعض الآخر على أيدي قوات الأمن. واعتُقِل الآلاف منذ ذلك الحين، بمن فيهم جوهر محمد، زعيم معارضة أورومو والمنافس الرئيسي لآبي والمتهم بالتحريض على العنف. وفي أغسطس، أسفرت الاحتجاجات المُطالبة بإطلاق سراحة عن سقوط مزيد من القتلى.
لكن التوترات تصادت قبل أشهر من الاضطرابات الأخيرة. فقد أثار قرار الحكومة إرجاء الانتخابات بسبب فيروس كورونا أزمة دستورية. واتهم المعارضون، بمن فيهم جبهة تحرير شعب تيجراي -التي تدير المنطقة الشمالية من تيجراي وتهيمن على الحكومة الفيدرالية لما يقرب من ثلاثة عقود- آبي بمحاولة تمديد فترة بقائه في الحكم.

2

"لوم وإقرار"

في المقابل، ألقى آبي وحلفاؤه باللوم على القوميين العرقيين المتشددين في التحريض على أعمال العنف. وفي مقال رأي سابق نشرته "الإيكونوميست"، حذر آبي من أن رحلة إثيوبيا إلى التحوّل الديمقراطي محفوفة بمخاطر تعرقل مسارها من قِبل أولئك "الذين اعتادوا على الامتيازات السابقة غير المُبررة" وأولئك ممن يحاولون "قبض سيطرتهم على مقاليد الحكم بالعنف"، في إشارة إلى كلٍ من تيجراي، وأجزاء من جبهة تحرير أورومو المحظورة سابقًا (OLF).

رأت المجلة أن تعليقات آبي، التي تُعد الأكثر صراحة حتى الآن، تؤكّد وجود عراقيل أمام الحفاظ على اتحاد فيدرالي مُتهلهل تغلب فيه الانقسامات العِرقية الهويّة الوطنية. وفي أوائل الشهر المقبل، ستنتهي فترة ولايته، الأمر الذي يُزيد التوتر بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات التسع التي يملك كل منها الحق في الانفصال. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، تحدّت تيجراي حكومة آبي وأجرت انتخابات إقليمية، فيما اعتُبرت خطوة أولى نحو "انفصالها".

ومع ذلك، لا يزال رئيس الوزراء الإثيوبي يُصِرّ على أن تصرفات حكومته لا تمثلًا تراجعًا عن خطط الإصلاح الديمقراطي. وقال آبي للإيكونوميست: "ما نتعلمه من الديمقراطيات الوليدة في أوروبا خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، أنه يجب الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة الديماغوجيين والغوغاء العنيفين" .

4

بيد أنه أقرّ في الوقت نفسه، ضمنًا، بوحشية نظامه، مُضيفًا: "بالنظر إلى المؤسسات التي ورثناها، ندرك أن أنشطة إنفاذ القانون تنطوي على خطر انتهاك حقوق الإنسان وإساءة استخدامها".
وأشارت المجلة إلى أن العديد ممن اعتُقِلوا أو لقيوا حتفهم خلال الاشتباكات الدموية في إثيوبيا كانوا من المُحرّضين على أعمال العنف، مُحمّلة آبي الجزء الأكبر من الفوضى الحالية التي تغرق فيها البلاد، وذلك على نحو أكبر ما يُقِرّ به. فمنذ توليه منصبه، ركز على الاستحواذ على السلطة من خلال تهميش المنافسين، وحبس المعارضين، واحتكار اتخاذ القرار بدلًا من العمل مع المعارضة لتخفيف التوتر بشكل سلمي.

ورُغم اختلاف خطاب آبي عن أسلافه، فإن نهج إدارته يبدو مألوفًا على نحو متزايد. منذ أكثر من عام، تشن قوات الأمن حملة قاسية ضد انفصاليي أورومو المُسلحين. وكشف تقرير صادر مؤخرًا عن منظمة "العفو الدولية" عن عمليات توقيف تعسفية وتعذيب واعتقالات طويلة بدون محاكمة. وبدلًا من تقديم وعود بالتحقيق فيما ورد بالتقرير، رفضه آبي ووصفه بأنه "مزاعم خيالية".
واعترف لـ"الإيكونوميست" بأنه قد تكون هناك "حوادث فردية استُخدمت فيها وكالات إنفاذ القانون قوة غير متناسبة". لكنه أضاف أن الادعاءات "مأخوذة من سياقها".

"غياب الحريات"

في غضون ذلك، يشكو معارضون من غياب الحريات السياسية في إثيوبيا. قالت ميريرا جودينا، إحدى قيادات أورومو، للإيكونوميست: "يغلقون مكاتبنا مرارًا وتكرارًا ويحتجزون أعضاءنا". وحتى بعد أن أمر القضاة بالإفراج عن بعض السجناء، أعادت الشرطة اعتقالهم. اتُهم إسكندر نيجا، زعيم المعارضة الذي ألقت الحكومة باللوم عليه في أعمال الشغب بأديس أبابا في يوليو، بالإرهاب في 10 سبتمبر. وسبق أن أمضى إسكندر 7 سنوات في السجن بتهم ملفقة.

وفي الوقت ذاته، قطعت الحكومة مرارًا وتكرارًا خدمات الإنترنت. ومُنع الصحفيون من السفر إلى تيجراي لتغطية انتخاباتها. كما تضمن قانون جديد يُجرّم "خطاب الكراهية" أحكامًا يمكن استخدامها لحبس المعارضين السلميين. وأغلِق ما لا يقل عن ثلاث محطات إذاعية مرتبطة بالمعارضة، واحدة منها فقط بثت دعوات مُحرّضة على العنف في يوليو .

3

ورأت المجلة أن الحل الدائم للأزمة في إثيوبيا يتطلب- على الأرجح- أن تتفاوض الحكومة مع جماعات المعارضة، وتُجري مناقشة أوسع بشأن الحقوق العرقية مقابل الحقوق الفردية. وفي حين يقول آبي إنه ملتزم بالمحادثات، يبدو قلقًا من دعوات المعارضة لإجراء "حوار وطني" شامل.
وتبدو رؤية آبي لدولة متعددة الأعراق يكمن مصيرها في وحدتها، أكثر تفاؤلًا من تلك التي يقدمها القوميون العرقيون المتشددون الذين سيُمزّقون البلاد في نهاية المطاف بالتطهير العرقي والقتال بين المناطق. لكن، وبعد محاولات دامت أكثر من قرن لتشكيل دولة موحّدة باستخدام القوة، ترى "الإيكونوميست" أنه رُبما يكون الوقت حان لمحاولة القيام بذلك من خلال التوافق بين الأطراف المتنازعة.

فيديو قد يعجبك: