لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020: هل يفوز بايدن بسبب عيوب ترامب؟

11:11 ص الخميس 30 يوليو 2020

جو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

واشنطن- (بي بي سي):

كان انطباعي الأول عن جو بايدن هو أن نقاط الضعف التي جعلت حصوله على ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية الأمركية مهمة صعبة، هي نفسها التي ستسهل فوزه في النهاية بالرئاسة.

ففي وقت كان يميل فيه الحزب الديمقراطي نحو اليسار، كانت سياساته المعتدلة البراغماتية مفيدة، إذ لا يجدها الناخبون من عمال المصانع داخل ما يُعرف بحزام الصدأ (شمال شرق البلاد) ولا أمهات ستاربكس اللاتي يقطن ضواحي الولايات المتأرجحة مصدراً للتهديد. كما لم تكن عدم قدرته على إثارة حشد كبير من الناس عيباً بالضرورة.

يتوق الكثير من الأمريكيين الآن إلى رئاسة تبقى في الخلفية كموسيقى جاز هادئة بعد سنوات حكم دونالد ترامب الشبيهة بموسيقى الميتال الصاخبة.

كانت طريقة بايدن الودودة هي المفتاح، وابتسامته كادت أن تكون فلسفته. ففي ظل حياة سياسية غالباً ما تحكمها الولاءات الحزبية السلبية - حيث تضع معاداتك لخصمك قبل حماسك لمرشح حزبك- من الصعب أن يتحول بايدن إلى رمز للكراهية. فقد كان بلاشك أبعد ما يمكن عن حالة الاستقطاب المرتبطة بهيلاري كلينتون والتي ساهمت سلبياتها في انتزاع ترامب فوزه غير المتوقع عام 2016.

توجهت بعد ذلك إلى أيوا ونيوهامشير، وهالني ما شاهدته من عدم قدرة الرجل البالغ من العمر 77 عاماً على أن يضبط إيقاع حديثه. كانت خطاباته مزيجاً من كلمات مبعثرة وذكريات لحياته المهنية كعضو في مجلس الشيوخ هنا، واسم سقط سهواً من فترة ولايته نائباً للرئيس هناك. وبدا أن قطار أفكاره يخرج دوماً عن السكة.

لم تقدم حكاياته على مايبدو أي مغزى سياسي، وبينما كان يتحدث بتعميم غير مفهوم عن استعادة روح أمريكا، لم يوضح قط ما الذي يقصده تحديدا. ومع ذلك ظل محتفظاً بابتسامته الوضاءة، لكنه بدا لنا وكأنه يجاهد كي ليضيء ماحوله.

على مدى ثلاثين عاماً في العمل في تغطية السياسة الأمريكية، كان بايدن أكثر مرشح رأيته يتسم بالرتابة، ربما أكثر من جيب بوش عام 2016. فقد كان حاكم فلوريدا السابق قادراً على الأقل أن يكمل عبارة ذات معني، وإن لم يصفق أحد في نهايتها. وبعد حلول بايدن في المركز الرابع في اقتراع أيوا وفي المركز الخامس في نيوهامشير، ظن كثيرون منا أن الوقت قد حان كي يغادر الساحة غرباً، مرتديا نظارته الشمسية الشهيرة.

لكن بايدن بدلاً من ذلك توجه إلى ساوث كارولينا، حيث جعل كان دعم عضو الكونغرس الأسود البارز جيم كلابيرن والأمريكيين من اصول أفريقية بمثابة البعث من الموت. وغادر السباق المنافسون المعتدلون من أمثال بيت بوتي جيج وإيمي كلوبوشار، ملتفين حول مرشح المؤسسة الذي يبدو الأوفر حظاً في مواجهة التحدي الذي مثله بيرني ساندرز. فقد دق احتمال صعود اشتراكي كمرشح محتمل للحزب في انتخابات الرئاسة ناقوس الخطر، لتعلق الأمر بجو بايدن اللطيف في إنقاذ الموقف.

وبعد ايام في أعقاب سلسلة انتصاراته في يوم الثلاثاء العظيم، أثار تحقيق بايدن انتصارات في ولايات لم يقم فيها بحملات انتخابية دهشة المراقبين. وربما يكون العكس هو الصحيح. فقد يكون بايدن قد أبلى بلاء حسناً في بعض المناطق نتيجة عدم وجوده هناك.

في نهاية الأمر فإن الدرس الذي خرج من أيوا ونيوهامشير هو أنه كلما رآه الناخبون قلت احتمالات تصويتهم لصالحه.

وبالفعل فقد ساعده أداءه الجيد قبل الثلاثاء الكبير في اتمام فوزه بترشيح الحزب.

وكان الإغلاق العام بسبب كوفيد 19 بمثابة هدية لحملة جو بايدن. فقد منحته أشهر من العزل في مقر إقامته في ديلاور فرصة للاختفاء. كما ساعده التباعد الاجتماعي في التخفيف من حدة قضية عرضت حملته للخطر، وتتعلق بسلوكه مع النساء.

والأهم من ذلك أن الوباء خفف من حدة المعركة الأيديولوجية داخل الحزب الديمقراطي. واستطاع بايدن الوصول إلى اتفاق مع بيرني ساندرز دون تقديم الكثير من التنازلات باتجاه اليسار، فلم يصل إلى حد تقديم وعود بنظام رعاية صحية شامل أو صفقة خضراء جديدة بخصوص التغير المناخي، وتفادى قضايا تثير الاستقطاب كإلغاء وكالة إنفاذ قانون الهجرة والجمارك أو وقف تجريم عبور الحدود دون تصريح.

سيفقد بايدن بلاشك دعم بعض القطاعات، خاصة في صفوف الشباب، لكن حملته تراهن على تعويض ذلك من خلال اجتذاب أصوات كبار السن والمتقاعدين، وكثير منهم كانوا من أنصار ترامب.

ويشارك كبار السن في التصويت عادة بكثافة أكبر، وهم كذلك الفئة العمرية الأكثر عرضة للخطر نتيجة كوفيد 19.

بعد البداية المضطربة لحملة ترشحه، يبدو وكأن فيروس كورونا أعطى بايدن النسخة السياسية من الأجسام المضادة التي تمنحه الحماية من أمراضه الكامنة.

وفي هذه الأوقات المحزنة، تتردد في أحاديث بايدن الخاصة شجون ذكرياته. فقد عاني من صدمة فقدان زوجته الأولى نيليا وابنته ذات الثلاثة عشر ربيعاً في حادث سيارة بعد فوزه في انتخابات مجلس الشيوخ عام 1972. وفي عام 2015 توفي ابنه بو الذي نجا من الحادث نتيجة نوع نادر من سرطان الدماغ.

يبدو بايدن من نوعية الأشخاص الذين يبدون تعاطفاً بشكل تلقائي. وهذا ما يجعله قريباً من الكثيرين من أفراد العائلات التي فقدت أحباء لها نتيجة وباء كورونا وعددعم 140 ألفا.

حتى الآن، أثبتت استراتيجية المخابئ التي اتبعها بايدن صمودها أمام قنابل حملة ترامب؛ مزاعم الخرف، اتهامه بأنه أصبح رمزاً لليسار الراديكالي، الادعاء بأن خفض تمويل الشرطة كان جزءاً من تقاربه مع بيرني ساندرز. ووجه بايدن تركيزه في المقابل على ماشهدته فترة رئاسة ترامب من أحداث متفجرة.

عادة ما يحمل شغل المنصب مزايا، فمنذ عام 1980 لم يفشل سوى رئيس واحد وهو جورج بوش الأب في الفوز بولاية ثانية. حتى خلال فترة ما بعد الحرب بين عامي 1945 و1980، حين تمكن رئيس واحد من إكمال ولايتين كاملتين، لم يقم الناخبين سوى بإقصاء اثنين هما جيرالد فورد وجيمي كارتر.

وقد خسر دونالد ترامب مزايا شغله المنصب نتيجة سوء إدارته لأزمة الوباء.

القاعدة الشائعة هي أن شغل المنصب مصحوباً بالاقتصاد القوي غالباً ما يضمنان إعادة الانتخاب. ففي عام 1992 وقع جورج بوش الأب ضحية اقتصاد منكمش فشل في تحقيق الانتعاش بحلول يوم الانتخابات. وقد أنهك كوفيد 19 الاقتصاد بالطبع، وتسبب في أكبر صدمة من نوعها منذ الكساد العظيم. ومازال بعض الناخبين يفكرون، هؤلاء الذين أشاروا إلى خططهم التقاعدية الضخمة لتبرير دعمهم لرئيس غالباً ما يجدون سلوكه مثيراً للاشمئزاز. بينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن العديد منهم اتخذوا قرارهم بالفعل. حتى أشد أنصاره، الناخبين البيض الذين لم يتلقوا تعليماً جامعياً والذين يشكلون قاعدته بدأوا يهجرونه.

ففي أوائل العام الجاري كان ترامب متقدماً وسط قاعدته بـ31 نقطة، ثم تراجع بعشر نقاط. وتظهر استطلاعات الرأي أن عدداً كبيراً بصورة غير متوقعة من الناخبين البيض لا يؤيدون تعامل الرئيس مع الاحتجاجات المناهضة للعنصرية التي تلت مقتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد. لم يؤيد هؤلاء موقف ترامب المتشدد الذي استلهمه من حملة ريتشارد نيكسون التي فاز بها في الانتخابات الرئاسية عام 1968 والتي أعقبت صيفاً طويلاً من الاضطرابات العنصرية. ربما لم يتمكن ترامب من إدراك الفارق الجوهري بين أمس واليوم. ففي عام 1968 لم يكن نيكسون الرئيس.

غالباً ما يتم تصوير الانتخابات على أنها اختيار بين الاستمرار والتغيير. الميزة التنافسية لبايدن هو أنه يقدم للناخبين الاثنين في وقت واحد. فبالنسبة لثمانية من كل عشرة أمريكيين ممن يعتقدون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ، يعد بايدن بتصحيح المسار. ويمكنه بهذا أن يقدم نفسه كمرشح التغيير.

ومن خلال وعوده أن يقوم بوظيفته كرئيس تقليدي يعود إلى القواعد التي التزم بها الرؤساء الجمهوريون والديمقراطيون لعقود فإنه يمثل الاستمرارية. يُعد بمثابة الإصلاح لسلسلة أصبح ترامب حلقة مفقودة بها.

بعدما كذبت تنبؤاتهم عام 2016، يحاول المراقبون أن يتجنبوا الإدلاء بتوقعات بشأن نتيجة الانتخابات، أو يصدروا أحكاماً بشأن نهاية رئيس تظهر استطلاعات الرأي الوطنية وعلى مستوى الولايات تراجعاً حاداً في شعبيته. لابد من التمهل. فمع خروج بايدن من عزلته الذاتية سيتعرض للمزيد من التدقيق. وسيعود المراسلون من جديد إلى نقل تصريحات ترامب المثيرة للمشكلات ويستغلون أبسط الزلات لإضفاء الدراما والتشويق على السباق.

ثم إن هناك المجمع الانتخابي، إذ يمكن لدونالد ترامب أن يفوز بولاية ثانية إذا خسر التصويت الشعبي. ولا يمكن لأحد أن يستبعد احتمال النزاع القضائي على نتيجة الانتخابات.

بلاشك، سيكون من الحماقة أن يتم استبعاد ترامب الذى نجا من مواقف صعبة أكثر من أي رئيس آخر. ولكن على مدى السنوات الأربع الماضية زادت ندوبه، وتسبب الوباء في تلويث بعضها. كما أن بعض أنصاره الذين وثقوا به سئموا تهربه، تفاخره، تحريف الحقائق وإهاناته.

صارت هذه انتخابات كوفيد. إنها نقاط ضعف الرئيس التي تجعل جو بايدن يبدو قوياً جدا.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: