مركز الحزب الشيوعي.. لماذا لم تغلق الصين بكين رغم تفشي كورونا؟
كتب- محمد صفوت:
أغلقت الصين عدة أحياء سكنية في العاصمة بكين، بعد ظهور عشرات الإصابات بوباء كورونا المستجد منذ الخميس الماضي، في محاولة للسيطرة على انتشار الوباء ومنع موجة جديدة من تفشي كورونا.
الصين تفاخرت قبل ذلك بتغلبها على كورونا بعد تسجيل إصابة أكثر من ٨٣ ألف شخص، ووفاة ٣.٣ ألف، لكنها في المرة الأولى التي انتشر بها الوباء أغلقت أقليم هوبي الذي يقطنه نحو ٥٦ مليون نسمة، فيما لم تتخذ نفس الخطوات في بكين التي يقطنها نحو ٢٠ مليون نسمة.
تقول "فاينانشيال تايمز" في تقرير لها اليوم، إن قادة الصين حاربوا من وراء جدار على مدار شهور لمنع إغلاق العاصمة وتسلل كورونا إليها، لكنهم فشلوا في النهاية، ولم تصلح إجراءاتهم في منع وصول الوباء للعاصمة، رغم تحويل الرحلات الجوية للمدن المحيطة لتجنب إصابات خارجية.
سجلت بكين منذ الخميس الماضي نحو ١٣٧ إصابة بكورونا، وأغلقت السلطات المدارس وعددا من الأحياء بالعاصمة لكنها لم تضعها تحت الحجر الصحي بالكامل.
وتقول الصحيفة، إن الفيروس في بكين حطم إحساس العاصمة بالهدوء، رغم كل الإجراءات الاحترازية لحماية معقل الحزب الشيوعي، وتسبب الرعب الصحي في الضغط الاقتصادي والسياسي على الحزب الشيوعي.
ويوضح تشو شيون، وهو أستاذ في التاريخ الحديث بجامعة إسكس ومتخصص في التدخل الصحي في الحزب الشيوعي، إن المسئولين قد يغلقون مدنًا أخرى بعد تفشي المرض، كما فعلوا الشهر الماضي في مدينة شولان شمال شرق الصين. إلا أنه استدرك قائلا: إغلاق العاصمة بالكامل غير وارد بالنظر لرمزيتها السياسية، فهي مركز الحزب الحاكم وأي حادث بها يضر بالصورة السياسية للحزب على المستوى العالمي.
ويرى أن تفشي الوباء في بكين يُعد اختبارا للحزب وربما تصبح مصدر تشكيك في رواية نجاحه عن سيطرته على الوباء.
وسارع مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الصينيون إلى الإشارة إلى أنه على الرغم من ظهور إصابات جديدة لم تغلق السلطات العاصمة، وأطلقوا هاشتاج "إغلاق بكين".
وتساءل أحد مستخدمئ "ويبو": "لا مانع من إغلاق ووهان، وشولان، ولماذا بكين قابلة للفتح؟ هل لها نوع من الحقوق الخاصة؟ "
يرجع المراقبون والسلطات الصينية التفشي الجديد لكورونا لسوق أسماك شينفادي، الذي أغلقته السلطات ووضعت أحياء سكنية محيطة به في الحجر الصحي.
وأعلنت سلطات بكين، أمس الثلاثاء، رفع الاستجابة الطارئة للصحة العامة المرتبطة بكورونا من المستوى الثالث إلى الثاني، بعد تسجيل حالات إصابة بعدوى محلية منذ الخميس الماضي بعد 56 يوما بدون إصابات.
وقال نائب السكرتير العام لحكومة بلدية بكين تشن باي، في مؤتمر صحفي، إنه سيتم تنفيذ الإغلاق التام للمناطق المصنفة على أنها ذات مستوى مخاطر مرتفعة، فيما يحظر على الأشخاص الذين زاروا مؤخرا سوق شينفادي، أكبر سوق لتجارة الجملة للفواكه والخضروات واللحوم في بكين والمرتبطة به غالبية الإصابات الأخيرة، ويعيشون في مناطق مصنفة متوسطة وعالية الخطورة، مغادرة بكين.
وأضاف باي أنه لا توجد حاليا حاجة لوقف الإنتاج أو إغلاق الأعمال، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه يتعين تشجيع العمل المرن مثل العمل عن بعد والعمل خارج أوقات الذروة.
من جهتها، قررت لجنة التعليم ببكين تعليق الدراسة للطلبة في المدارس الابتدائية والإعدادية في بكين اعتبارا من اليوم.
وأجرت السلطات فحصا لنحو ٧٥ ألفا من سكان بكين، لكن الطوابير أمام المستشفيات اليوم وضعت قادة الحزب في موقف حرج، حيث قيل للأشخاص الذين ذهبوا إلى المستشفيات العامة لإجراء الاختبار إنهم يجب أن ينتظروا أربعة أيام للحصول على الاختبار.
ويقول يو سونج كبير الاقتصاديين الصينيين في بنك جولدمان ساكس، إن إغلاق بكين سيثير مخاوف بشأن الاستقرار الاقتصادي.
وأشار إلى أن السلطات المحلية اتخذت إجراءات سريعة للسيطرة على الوضع لكن هذه الإجراءات تأتي بتكلفة اقتصادية، وربما الأهم من ذلك، من المحتمل أن تتأثر معنويات الناس".
يشار إلى أن الصين بدأت تتعافى من أشد انهيار لها في النوم الاقتصادي، حيث أظهر نمو مبيعات التجزئة انتعاشًا كبيرًا من أحد أكبر الانكماشات المسجلة.
في مايو الماضي، انخفض نمو مبيعات التجزئة بنسبة 2.8% فقط مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو تحسن كبير عن الشهر السابق.
وأظهرت البيانات الصادرة، الاثنين الماضي أن المتسوقين يشترون أجهزة منزلية وسيارات أكثر مما كانوا عليه قبل عام، لكن الاقتصاديين قلقون من أن التفاؤل بين المستهلكين الصينيين العاديين قد يتضرر من تفشي كورونا في بكين.
وقال تشو هاو كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في كومرتس بنك: "من غير المرجح رؤية توقف اقتصادي مفاجئ بسبب الإصابات الجديدة، فإن آفاق النمو تحولت للأسف إلى قاتمة بسبب تأثيرات الفيروس الأخيرة. لذلك، هذا يعني مرة أخرى أن الانتعاش على شكل حرف V يبقى سيناريو بعيدًا".
تقع مسؤولية مكافحة كورونا في بكين على عاتق رئيس الحزب في العاصمة تساي تشي، المدعوم من الرئيس الصيني، شي جين بينج.
كان الحزب أقال في فبراير الماضي، جيانج تشاو ليانج، سكرتير الحزب السابق في مقاطعة هوبي، من منصبه، بسبب تفشي الوباء بها، وطالت قرارات الإقالة مجموعة من المسئولين الآخرين الذين ترأسوا فرق محاربة فيروس كورونا المستجد.
فيديو قد يعجبك: