لقاح كورونا: من يملك قرار توزيعه في أمريكا؟ ولمِن الأولوية؟
كتبت- رنا أسامة:
ألقت صحيفة "يو إس إيه توداي" الضوء على كيفية توزيع لقاح فيروس كورونا المُستجد المُنتظر في الولايات المتحدة، التي لا تزال تتصدر دول العالم من حيث الإصابات والوفيات، مُرجحة أن تُمنح الأولوية للأشخاص في الخطوط الأمامية في الوثت المُتوقع عدم توافر ما يكفي من اللقاحات لتحصين جميع الأمريكيين من الفيروس المُسبب لمرض "كوفيد 19".
وقال الدكتور أندرو بافيا، رئيس قسم الأمراض المعدية لدى الأطفال بجامعة "يوتا" الأمريكية: "من الحتمي أن تطوير اللقاح سيتم على نحو أبطأ مما نرغب. ولن يُصبح بمقدرونا أن نُسلم 350 مليون مليون جرعة منه في أول يوم".
وعندما يُصبح اللُقاح، الذي أوصت منظمة الصحة العالمية بضرورة توزيعه بين الدول بشكل عادل، متاحًا، ينبغي وضع قائمة تحدد الأشخاص الذين يجب أن تُمنح لهم الأولوية في الحصول عليه بعناية استنادًا إلى نوعه، وعلى من يعمل بشكل أكثر فاعلية، وما إذا كان المرض مازال مُستعرًا.
من يملك القرار؟
وفي هذا الصدد، أشارت الصحيفة إلى أن قرار توزيع اللقاحات في الولايات المتحدة يعود منذ عام 1964 إلى اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين (ACIP) التابعة لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC)). بمجرد أن تُرخص إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لقاحًا جديدًا، تقدم اللجنة إرشادات حول كيفية توزيعه: على مَن ومتى؟
وتضم منظمة الصحة العالمية مجموعة مماثلة، هي مجموعة الخبراء الاستشاريين الاستراتيجية المعنيّة بالتحصين.
وبدأت اللجنة الاستشارية الأمريكية لممارسات التحصين بالفعل على خطة توزيع اللقاح المُنتظر. كما تحركت اللجنة التابعة لمنظمة الصحة العالمية في الأمر ذاته الأسبوع الماضي.
ونقلت الصحيفة عن الدكتورة جريس لي، أستاذة طب الأطفال في كلية الطب بجامعة ستانفورد وعضو حالي في لجنة (ACIP)، قولها: "نتعامل مبكرًا مع سيل البيانات الواردة. لا نريد الانتظار حتى توافر اللقاح وبدء مداولاتنا بعد ذلك".
وفي حين تُطبّق إرشادات تلك اللجنة في العادة بشكل واضح وبدون نقاش، بات ذلك أقل وضوحًا يوم الجمعة مع الإعلان عن مبادرة البيت الأبيض بلجنة لتطوير لقاح ضد كورونا.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي بحديقة الورود، إن اللجنة ستضم مجموعة من الخبراء وستجمع بين مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، والمعاهد الوطنية للصحة، وإدارة الأغذية والأدوية، والجيش الأمريكي للعمل "بسرعة قياسية" من أجل الوصول إلى واختبار وتصنيع وتوزيع لقاح.
وأوضح العالِم المغربي مُنصف السلاوي الذي عيّنه ترامب على رأس تلك اللجنة: "لقد اطلعت في الآونة الأخيرة على بيانات مبكرة من تجربة سريرية لإيجاد اللقاح. وقد منحتني المزيد من الثقة بأننا سنتمكن من تقديم بضع مئات من الجرعات بحلول نهاية عام 2020".
ولطالما حثّ خبراء اللقاح على توخّي الحذر في افتراض أن اللقاح سيكون متاحًا قريبًا. قال الدكتور أنتوني فاوتشي، من فريق عمل البيت الأبيض لمواجهة الوباء، إنه بينما من المُرجح توافر اللقاح في غضون العام أو العامين المقبلين، فإن العملية تستغرق وقتًا.
قال الدكتور جريج بولندا، مدير مجموعة أبحاث اللقاحات في مجموعة "مايو كلينيك" الطبية البحثية: "يمكنك الإسراع في تطوير اللقاحات، ولكن فقط عندما تفهم أنك تُضحي بالسلامة مقابل السرعة".
ولم يُكشف بعد سوى عن تفاصيل قليلة حول آلية التنسيق داخل تلك اللجنة، فيما لم يتصح بعد دورها في توزيع اللقاح المُنتظر.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال مسؤول حكومي مشارك في اللجنة لم يذكر اسمه لشبكة "سي إن إن" الأمريكية إن إحدى مهامها تتمثل في "تحديد من يحصل على الجرعات الأولى".
وفيما أحال مركز السيطرة على الأمراض استفسارات حول كيفية عمل المجموعتين معًا في البيت الأبيض، لم يرد الأخير على طلب "يو إس إيه توداي" لتوضيح ذلك.
أشارت الصحيفة إلى أن خبراء اللقاحات أمضوا أعوامًا في التفكير في الطريقة المُثلى والأكثر فاعلية لتوزيع التحصينات. ولدى لجنة ((ACIP مبادئ توجيهية واضحة وشفافة حول كيفية إجراء تلك العملية على موقعها الإلكتروني الرسمي الإلكتروني، كما أن جميع اجتماعاتها التي تُصوّت خلالها على توصيات "لقاح كورونا" علنية وتُبثّ على الإنترنت.
تركزت تلك المناقشات حول الموازنة لحماية أكبر عدد من الناس مع حماية الأكثر عُرضة للإصابة بالفيروس الذي أصاب حتى الآن مليونًا وأكثر من 550 إصابة و91 ألفًا و981 وفاة في الولايات المتحدة الأكثر تضررًا من الجائحة.
لمن الأولوية؟
وقال الدكتور آرثر رينجولد، رئيس قسم علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة كاليفورنيا وخبير مُعترف به دوليًا في الأمراض المعدية: "إذا توافر فقط 30 مليون جرعة للعام التالي، وعدد السكان يبلغ 350 مليونًا، لمن ستُمنح الأولوية؟".
بشكل عام، تُمنح الأولوية لمُقدمي الرعاية الصحية، والمُستجيبين الأوائل على الخطوط الأمامية، والجيش، والقادة السياسيين، والمُسنين، والنساء الحوامل والأطفال، وذلك اعتمادًا المرض واللقاح، فق رينجولد الذي خدم لسنوات في لجنة ((ACIP الأمريكية.
وهناك نهج آخر في عملية توزيع اللقاح من أجل السيطرة على الوباء يتمثل في التركيز على "البؤر الساخنة"، حيث يتفشى المرض ويتزايد معدل انتقال العدوى بسرعة كبيرة.
بالنسبة للفيروس التاجي المُستجد المُسبب لمرض "كوفيد 19" فإن خطورته تكمن في غموض كثير من تفاصيله، بما في ذلك معايير اختيار ضحاياه وكيفية مهاجمتهم، بحسب الصحيفة.
وتختلف اللقاحات. فهناك ما يكون أفضل للبالغين الأصحاء، وآخر أمثل للأطفال، وثالث أكثر فاعلية لكبار السن أو أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وبالنسبة لفيروس كورونا المُستجد، فإنه بالرغم من أن البيانات رُبما تُظهر أن كبار السن هم الأكثر عُرضة للإصابة به، فإن تحصين مُقدمي الرعاية الصحية قد يكون السبيل الأمثل لحمايتهم، استنادًا إلى مدى فاعلية اللقاح على مختلف الفئات العُمرية.
قال لي: "نفكر في الأشخاص الأكثر عُرضة لخطر الإصابة، وأولئك الذين تظهر عليهم أسوأ المضاعفات".
وأيًا كانت الجهة المُحددة لن تُمنح أولوية الحصول على اللقاح، يقول خبراء الصحة العامة إن التجارب السابقة تُظهر أن "أفضل نتيجة طبية ليست دائمًا الحل الأفضل".
ففي عام 2004، عندما كان هناك نقصًا في لقاح الإنفلونزا، تقرر تطعيم كبار السن، الذين كانوا الأكثر عُرضة للإصابة، أولًا. وتبين لاحقًا أنهم لا يريدون ذلك.
قال الدكتور ويليام شافنر، الأستاذ في قسم الأمراض المعدية بجامعة فاندربيلت في ولاية تينيسي الأمريكية: "قالوا (كبار السن): نُفضّل أن يتلقى أحفادنا اللقاح أولًا".
بعد تطعيم العاملين في مجال الرعاية الصحية والمُستجيبين الأوائل بلقاح كورونا المُنتظر، اقترح شافنر إتاحته "بأسبقية الحضور". فيما يعتقد بعض المتخصصين في الرعاية الصحية إشراك الأمريكيين في مداولات كيفية توزيع التي أي لقاح مضاد للفيروس التاجي.
قال دانيال سالمون، أستاذ الصحة الدولية الذي يدير معهد سلامة اللقاحات في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة: "نحن بحاجة إلى الانخراط مع الجمهور الآن".
وأضاف: "عليك التفكير في القيم العامة.. لا يتعلق الأمر كله بما يعتقده العلماء".
فيديو قد يعجبك: