جثث مُلقاة أو محروقة.. ما حقيقة عدد وفيات كورونا في المكسيك؟
كتبت - رنا أسامة:
أبرزت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية الوضع المأساوي في المكسيك مع تزايد أعداد الوفيات جراء جائحة فيروس كورونا المُستجد على نحو يفوق استيعاب المستشفيات ودور الجنائز في حصيلة قالت إنها "أعلى بكثير" من الأرقام الرسمية المعلنة.
ونقلت الشبكة البريطانية في تحقيقها المنشور على موقعها الإلكتروني، عن مسؤولين بوزارة الصحة المكسيكية، قولهم إن عدد الأشخاص المُتوفين جراء كورونا في البلاد أعلى 5 مرات من الأرقام الحكومية الرسمية.
حتى الآن، سجلت المكسيك 4220 وفاة وأكثر من 40 ألف إصابة جراء الفيروس التاجي المُستجد المُسبب لمرض "كوفيد 19"، بحسب الأرقام الرسمية.
ووثّق فريق تحقيقات "سكاي نيوز" من العاصمة مكسيكو سيتي، عمليات حرق الجثث والجنازات، وتمكن من الوصول إلى غرف التخزين المُكدسة بجثث ضحايا كورونا، والتي تشير جميعها إلى أن البيانات الحكومية بشأن عدد الوفيات "غير صحيحة".
في معظم أنحاء مكسيكو سيتي، ثاني أكبر مدينة بأمريكا اللاتينية، تغيب سياسة التباعد المكاني، حيث تعمل الأسواق الشعبية وبعض الشركات بشكل طبيعي، رغم تفشي الجائحة.
في المقابل، تقول السلطات المكسيكية إن منحنى الإصابات والوفيات في البلاد بات مُسطحًا، وإن الأيم المقبلة ستشهد انخفاضًا كبيرًا في عدد الوفيات.
وفي مؤتمر صحفي قبل أيام، قال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور لشعبه: "ما يعرفه العالم عن المكسيك هو أننا نروّض الوباء، وهذا هو ما نقوم به بشكل أساسي، لأن الشعب المكسيكي يبذل جهودا واعية".
لكن العديد من المسؤولين المطلعين على إدارة السلطات لأزمة الوباء، ممن طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، دحضوا تصريحات الرئيس المكسيكي، وقالوا إنها "غير صحيحة".
وأكّد أحد هؤلاء المسؤولين لـ"سكاي نيوز" أن الأرقام الرسمية تقلل من عدد الوفيات الفعلي بنحو لا يقل عن 5 مرات.
ووفق التحقيق، وجّه كبار الأطباء المتخصصين في الأوبئة تحذيرًا إلى الحكومة المكسيكية من "وباء وشيك" في يناير الماضي، لكن قيل لهم إنه "لا يوجد شيء يمكن للحكومة أن تفعله".
ويبدو أن تعمّد عدم نشر الأرقام الصحيحة لأعداد الوفيات جزء من استراتيجية حكومية تتبعها المكسيك لاحتواء ذعر المواطنين من الوباء، لا سيّما في الأحياء الأكثر فقرًا في مكسيكو سيتي، التي يتجاوز عدد سكانها- بحسب الأرقام غير الرسمية- 30 مليون شخص، ممن يعيشون في فقر مُدقع.
وفي إطار التحقيق، قالت "سكاي نيوز" إنها حاولت تتبع أرقام الوفيات الحقيقية من خلال الاتصال أو زيارة عشرات المستشفيات ودور الجنائز والمحارق في مكسيكو سيتي.
ورصدت بالصور تكدسًا للجثث في هذه الأماكن التي وجدتها داخل أكياس بلاستيكية مُلقاه على الأرض أو على طاولات التشريح لأن "ثلاجات حفظ الموتى ممتلئة بالفعل".
وفي كل محرقة عامة بالمدينة، تنتظر بعض الجثث دورها لمدة 3 أيام قبل حرقها، ويطالب عمالها بضرورة إنشاء مقابر جديدة، بعد أن أصبحت المحارق مؤخرًا لا تستوعب المزيد من الجثث.
وفي أحد المستشفيات، اضطر العاملون إلى استخدام معمل التشريح مخزنا للجثث، التي تكدست في أكياس بلاستيكية على طاولات التشريح وأرضية المكان.
وأظهر تحليل بيانات أجرته الشبكة البريطانية على 30 محرقة في مكسيكو سيتي أن كل منها تتخلص يوميًا من 18 إلى 22 جثة، فيما تنتظر بعضها لمدة 3 أيام قبل حرقها.
وبمتوسط 20 محرقة شملهم التحقيق، خلُصت "سكاي نيوز" إلى أن إجمالي عدد جثث ضحايا كورونا التي يتم حرقها يوميًا يبلغ 600. وهو رقم لا يشمل المحارق والمدافن الأخرى داخل البلاد.
تغطي المنطقة الحضرية في مكسيكو سيتي كيانين اتحاديين- مكسيكو سيتي وولاية المكسيك. ولهذا السبب، ولكي يتحدد الرقم الرسمي الفعلي لعدد المتوفين، يجب جمع أرقام الكيانين معًا.
تشير الأرقام الرسمية الحكومية إلى أن متوسط عدد المتوفين يوميًا في مكسيكو سيتي جراء كورونا 189 خلال شهر مايو، و185 في ولاية المكسيك. وهو ما يجعل إجمالي الوفيات اليومية 374.
الأمر الذي يعني، وفق تحليل "سكاي نيوز"، أن هناك ما لا يقل عن 226 حالة وفاة إضافية تحدث يوميًا في البلاد منذ أوائل الشهر الجاري، لأسباب تتعلق على الأرجح بفيروس كورونا.
قالت مصادر في محارق للشبكة البريطانية إن ما بين 80 و90 بالمائة من الجثث التي يتعين عليهم التعامل معها (حرقها) تعود لمتوفين جراء "كوفيد 19".
وبحسب البيانات الحكومية الرسمية في المكسيك، يبلغ إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن "كوفيد 19" في مكسيكو سيتي وولاية المكسيك 1332حالة، منذ بدأت عملية تفشي الوباء في البلاد.
وفي الواقع، يبلغ متوسط عدد الوفيات اليومية المرتبطة بـ"كوفيد 19" في مكسيكو سيتي وولاية المكسيك حتى يوم 12 مايو، وفقًا للحكومة ، 34 فقط.
وبافتراض أن 80 بالمائة من الوفيات التي لا تستوعبها المستشفيات وتتعامل معها المحارق الزائدة ترجع إلى الفيروس التاجي، أظهر تحليل "سكاي نيوز" إلى أن الرقم الرسمي الحكومي المُعلن لعدد الوفيات لا يمثل سوى 19 بالمائة فقط من العدد الفعلي الذي يتجاوزه بـ5 مرات تقريبًا.
وأشارت الشبكة البريطانية إلى أنها حاولت الحصول على تعليق من الحكومة المكسيكية لتفسير ذلك التفاوت في الأرقام، لكنها لم ترد على طلبها إلى الآن.
فيديو قد يعجبك: