أصل كورونا: ترامب يضغط على "نظرية المختبر" والصين تقاوم
كتب - سامي مجدي:
يضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشدة لتحميل الصين، العدو الجيوسياسي لبلاده، مسؤولية جائحة فيروس كورونا.
من وقت لاخر يظهر في إيجازه الصحفي عن الوباء الذي جعل من بلاده تحتل المرتبة الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، للحديث عن "الفيروس الصيني"، ويكيل اتهامات وادعاءات ليس لها سند علمي حتى الآن.
آخر تجلياته كان مساء الخميس.
قال ترامب إن الصين ربما هي من أطلقت الفيروس على العالم بسبب "خطأ" مفزع.
هذا رغم أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تقول إنها لا تزال تفحص وتتحقق مما طرحه الرئيس ومساعدوه بأن الجائحة ربما تكون ناجمة عن حادث في مختبر صيني.
لم يقف ترامب عند ذلك الحد. بل قال إن إطلاق الفيروس ربما كان عملا مبيتا ومقصودا.
وتنفي الصين بشكل قاطع ادعاءات ترامب، ودفعت بأن هذه الاتهامات وراءاها دوفاع سياسية وأيديولوجية.
قال ترامب في الإيجاز الصحفي من البيت الأبيض: "حدث شيء فظيع، سواء أخطأوا، أم أن الأمر بدأ كخطأ ثم ارتكبوا خطأ اخر، أو أن شخصا ما ارتكب شيئا ما عن قصد."
ورغم أن العلماء يشيرون إلى أن الأصل المحتمل للوباء ربما يكون طبيعيا؛ إذ انتشر من حيوان مصاب إلى البشر، زعم ترامب أنه رأى أدلة تدعم النظرية القائلة بأن الأصل كان مختبرًا للأمراض المعدية في مقاطعة ووهان، حيث ظهر الفيروس لأول مرة في ديسمبر الماضي.
قال ترامب أيضا إن بلاده تعمل الآن على "الكشف عن كيفية خرج" هذا الوباء.
سأل أحد الصحفيين ترامب: "هل رأيت أي شيء في هذه المرحلة يمنحك درجة عالية من الثقة في أن معهد ووهان للفيروسات هو أصل هذا الفيروس؟"
رد ترامب: "نعم ، نعم ، لدي. وأعتقد أن منظمة الصحة العالمية يجب أن تخجل من نفسها لأنها مثل وكالة العلاقات العامة للصين."
وعندما سئل لاحقا لتوضيح تعليقه، قال: "لا يمكنني أن أخبرك بذلك. غير مسموح لي أن أخبرك بذلك".
الاستخبارات لا تزال تتحقق
مكتب مدير وكالة الاستخبارات الوطنية، النقطة التي تلتقي عنها تقارير وكالات الاستخبارات الأمريكية، استبعد أيضا أن يكون الفيروس من صنع البشر، لكن الاستخبارات لا تزال تفحص وتحقق حتى تحدد بدقة مصدر الجائحة التي أودت بحياة قرابة ربع مليون شخص في مختلف أنحاء العالم.
وقال بيان الاستخبارات إن الوكالات الفيدرالية تتفق مع "الإجماع العلمي الواسع على أن فيروس كوفيد-199 لم يكن من صنع الإنسان أو معدل وراثيا".
وأضاف البيان أن الاستخبارات تواصل عملها لتحديد ما إذا كان تفشي المرض قد بدأ من خلال الاتصال بالحيوانات المصابة أو إذا كان نتيجة حادث في مختبر في ووهان.
في الأيام الأخيرة ، شددت إدارة ترامب من خطابها بشأن الصين، متهمة العدو الجيوسياسي والشريك التجاري الحيوي بالفشل في التصرف بسرعة كافية لدق ناقوس الخطر بشأن الوباء، أو وقف انتشار الفيروس الذي يتسبب في مرض كوفيد-19.
قال مسؤولون أمريكيون إن على الحكومة الصينية "دفع ثمن" تعاملها مع هذا الوباء.
وفي الإطار قالت إدارة ترامب إنها ستوقف تمويل منظمة الصحة العالمية متهمة المنظمة الأممية بتواطئ مع الصين، وعدم اتخاذ ما يلزم لتحذير العالم من الجائحة.
الصين ترد
من ناحيتها، تنفي الصين بشكل قاطع ادعاءات ترامب. وقالت الحكومة الصينية يوم الخميس قبل تصريحات ترامب إن ادعاءات بأن فيروس كورونا تم إطلاقه أحد المختبرات "لا أساس لها من الصحة، ومزيفة قائمة على لا شيء."
ونقل المتحدث باسم وزارة الخارجية جنغ شوانغ عن مدير المعهد يوان تشى مينغ قوله إن المختبر ينفذ بصرامة إجراءات الأمن الحيوي التي من شأنها منع إطلاق أي ممرض.
وأوضح جنغ: "أود أن أشير مرة أخرى إلى أن أصل الفيروس هو قضية علمية معقدة، ويجب أن يدرسه العلماء والمهنيون".
كما انتقد أولئك في الولايات المتحدة الذين يقولون إن الصين يجب أن تتحمل المسؤولية عن الوباء العالمي، قائلاً إن عليهم قضاء وقتهم في "السيطرة بشكل أفضل على الوضع الوبائي في بلادهم".
في البيت الأبيض، ألقى ترامب باللوم مرارًا على الصين في تعاملها مع تفشي المرض، وانتقد البلاد لتقييد السفر المحلي لإبطاء الفيروس ولكنها لم تحظر السفر الدولي لمنعه من الانتشار في الخارج.
قال ترامب: "كان من الممكن إيقافه بالتأكيد. إما أنهم لم يتمكنوا من القيام بذلك من ناحية الكفاءة، أو سمحوا له بالانتشار".
وتابع: "لقد انفرط العقد، دعنا نقول ذلك، وكان بإمكانهم منع ذلك."
في وقت سابق من هذا الشهر، تحدث ترامب عن نظرية المختبر. قال الرئيس الأمريكي "نستمع إلى القصة أكثر وأكثر."
بومبيو أيضا يضغط
من ناحيته، قال وزير الخارجية مايك بومبيو في ذلك الوقت، "مجرد حقيقة أننا لا نعرف الإجابات - أن الصين لم تشارك الاستجابات - أعتقد أنها معبرة جدًا."
وضغط بومبيو على الصين للسماح لخبراء من الخارج بالدخول إلى مختبر ووهان "حتى نتمكن من تحديد مكان بدء هذا الفيروس بدقة."
في حين أن ترامب وبومبيو كشفا عما يجول في خاطرهما، اعترض مسؤول استخباراتي أمريكي على فكرة وجود ضغوط على الوكالات لتعزيز نظرية معينة، حسبما نقلت وكالة الأسوشيتد برس الأمريكية.
يقول العلماء أن الفيروس نشأ بشكل طبيعي في الخفافيش.
معهد ووهان
مع ذلك، وجه بومبيو وآخرون أصابع الاتهام إلى معهد تديره الأكاديمية الصينية للعلوم. كان المعهد قد أجرى بحثًا رائدًا لتتبع الأصول المحتملة لفيروس سارس، ووجد فيروسات الخفافيش الجديدة، واكتشف كيف يمكن أن تنتقل إلى البشر.
قال بومبيو قبل أسبوعين: "نعلم أن هناك معهد ووهان للفيروسات على بعد بضعة أميال من مكان السوق الرطب". يقع المعهد يقع على بعد ثمانية أميال أو 13 كيلومترًا، من السوق التي تعتبر مصدرا محتملا للفيروس.
يقول المسؤولون الأمريكيون إن السفارة الأمريكية في بكين أبلغت عن مخاوف بشأن مشكلات سلامة محتملة في المختبر في ووهان في 2018، لكن لم يجدوا بعد أي دليل على أن الفيروس نشأ هناك بعد ذلك بعامين تقريبًا.
نقلت صحيفة واشنطن بوست الشهر الماضي معلومات حصلت عليها من برقيات دبلوماسية، جاء فيها أنه في عام 2018 أُرسل دبلوماسيون علميون أمريكيون في زيارات متكررة إلى منشأة أبحاث صينية. وأرسل المسؤولون تحذيريَن إلى واشنطن من أن إجراءات السلامة غير كافية في المختبر.
وجاء في الصحيفة أن المسؤولين كانوا قلقين حيال ضعف في إجراءات السلامة والإدارة في مركز ووهان لعلم الفيروسات، وطلبوا مزيدا من المساعدة.
وقتها، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، جاو لي جن، إن مسؤولي منظمة الصحة العالمية "قد قالوا عدة مرات إنه لا يوجد أي دليل على أن فيروس كورونا المستجد تم تخليقه في مختبر".
وأوضح العلماء الذين يدرسون الفيروس منذ شهور أنهم يعتقدون أنه ليس من صنع الإنسان، لكنهم ما زالوا يعملون على تحديد النقطة التي قفز فيها من الحيوانات إلى البشر.
تركز الاهتمام المبكر على سوق للحيوانات الحية في ووهان حيث تم الإبلاغ عن الحالات الأولى في ديسمبر، لكن أول شخص تم تشخيصه بالمرض ليس له علاقة معروفة بهذا السوق.
احتمالات ضئيلة
ووضع كريستيان أندرسن، الذي يدرس الفيروس في معهد سكريبس ريسيرش في لا غولا بولاية كاليفورنيا، احتمالات أن يتم إطلاقه عن طريق الخطأ من قبل مختبر ووهان عند "مليون إلى واحد"، أقل احتمالا بكثير من العدوى الطبيعة.
لكن خبير الفيروسات ديفيد أوكونور من جامعة ويسكونسن ماديسون قال إنه يعتقد أنه لا يعرف إلا القليل جدًا عن أي مصدر، باستثناء فكرة أن الفيروس من صنع الإنسان. وقال إن العثور على المصدر مهم لأنه قد يؤوي الوقوف على الوباء الفيروس التالي، بحسب الوكالة الأمريكية.
قال مايكل موريل، القائم بأعمال المدير ونائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، الخميس، إن الولايات المتحدة كانت تقدم تمويلًا لمختبر ووهان لأبحاثه حول فيروسات كورونا.
وقال إن برقيات وزارة الخارجية تشير إلى أنه كانت هناك مخاوف في السنوات الماضية فيما بين المسؤولين الأمريكيين بشأن بروتوكولات السلامة في ذلك المختبر.
وقال موريل خلال منتدى على الإنترنت استضافه مركز مايكل في هايدن للاستخبارات والسياسة والأمن الدولي في جامعة جورج ميسون، إنه إذا كان الفيروس هرب من مختبر صيني، فلن ينعكس سلبًا على الصين فحسب، بل أيضًا على الولايات المتحدة لتوفيرها تمويلا بحثيا لمختبر لديه مخاوف تتعلق بالسلامة.
قال موريل: "إذا هرب، فإننا جميعًا في هذا الأمر معًا. هذا ليس تحديا للصين. هذا تحدي لكلينا."
فيديو قد يعجبك: