"لنستعد قبل فوات الأوان".. كيف حذّر بوش من كورونا قبل 15 عامًا؟
كتبت – إيمان محمود
في صيف عام 2005، كان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش يقضي إجازة في مزرعته بكروفورد، في ولاية تكساس، عندما بدأ يتمعّن في قراءة كتاب جديد عن جائحة الإنفلونزا عام 1918، حتى أنه لم يستطع وضعه من يده قبل الانتهاء من قرائته.
وعندما عاد بوش إلى واشنطن، اتصل بمستشارته للأمن الداخلي في المكتب البيضاوي فران تاونسند، وأعطاها نسخة من كتاب "الإنفلونزا الكبرى" للمؤلف جون م.باري، وقال لها "عليك قرائته، هذا يحدث كل 100 عام، نحن بحاجة إلى استراتيجية وطنية "، بحسب ما نقلته شبكة "إيه بي سي" الأمريكية.
كان هذا المشهد بداية وضع خطة أكثر شمولاً للوباء في البلاد، تتضمن مخططات للإنذار العالمي المبكر، والتمويل لتطوير تكنولوجيا لقاحات جديدة وسريعة، ومخزون وطني قوي من الإمدادات الحيوية، مثل أقنعة الوجه وأجهزة التنفس.
وعلى مدى ثلاث سنوات تالية، تكثّف الجهد والترتيبات لتنفيذ خطة بوش، لكنها لم تستمر، ولم تتحقق مساحات كبيرة من الخطة الطموحة قبل أن يتم تأجيلها بالكامل مع ظهور أولويات وأزمات أخرى.
لكن عناصر هذا الجهد شكّلت الأساس للاستجابة الوطنية لوباء الفيروس التاجي الذي يشهده العالم الآن.
نقلت الشبكة الأمريكية عن تاونسند قولها: "رغم اختلاف السياسة والتغييرات الحالية، فعندما تضرب الأزمة، فإنك تسحب ما لديك من على الرفّ".
عندما أخبر بوش مساعديه لأول مرة أنه يريد التركيز على إمكانية حدوث جائحة عالمية، كان لدى العديد منهم شكوك فيما يقوله، أما بوش فأكد لتاونسند قائلاً: " قد لا يحدث هذا في عهدنا، لكن الشعب بحاجة إلى الخطة".
توم بوسرت، الذي عمل في البيت الأبيض في عهد بوش وهو حاليًا يعمل كمستشار للأمن الداخلي في إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، أكد أن بوش لم يصرّ وقتذاك فقط على الاستعداد لمواجهة جائحة، بل كان مهووسًا بالأمر.
وقال بوسرت: "فكرة أن هناك جائحة ستحدث كانت مسيطرة تمامًا على بوش".
وفي خطاب ألقاه في نوفمبر عام 2005، طرح بوش مقترحات بتفاصيل دقيقة؛ واصفًا بوعي مُذهل كيف ستُنتشر الجائحة في الولايات المتحدة. وكان من بين الحاضرين الدكتور أنتوني فوتشي، وهو كبير مسؤولي الصحة ومدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، وهو لايزال يشغل هذا المنصب.
قال بوش في ذلك الوقت "إن الوباء يشبه إلى حد كبير حرائق الغابات، إذا تمت السيطرة بها مبكرًا، فقد يتم إخمادها بضرر محدود، وإذا تم السماح لها بالتصاعد ولم يتم اكتشافها، يمكن أن تزداد حتى تصل إلى جحيم ينتشر بسرعة أكبر من قدرتنا على التحكم فيه".
أدرك الرئيس الأمريكي وقتذاك أن تفشي المرض كان كارثة مختلفة عن تلك التي صممت الحكومة الفيدرالية للتصدي لها.
وقال بوش: "للرد على جائحة، نحن بحاجة إلى أفراد طبيين وإمدادات كافية من المعدات، في حالة الوباء، سيكون هناك نقص في كل شيء من الحقن إلى العاملين بالمستشفيات وأقنعة التنفس وأجهزة الحماية".
وأضاف بوش للعلماء المجتمعين أنهم سيحتاجون إلى تطوير لقاح في وقت قياسي.
واستطرد: "يجب أن يكون لبلدنا قدرة تصاعدية تسمح لنا بتحضير لقاح جديد على الخط بسرعة وتصنيع ما يكفي لتحصين كل أمريكي ضد سلالة الوباء".
وحذّر: "إذا انتظرنا ظهور جائحة، فسيكون فات الأوان للاستعداد. وفي يوم من الأيام يمكن أن تموت الكثير من الأرواح بلا داع لأننا فشلنا في التصرف اليوم."
شرع بوش في إنفاق 7 مليارات دولار لبناء خطته، وحثّ حكومته على أخذ الاستعدادات على محمل الجد.
وأطلقت الحكومة موقعًا على شبكة الإنترنت تحت عنوان "www.pandemicflu.gov" وهو لا يزال قيد الاستخدام حتى اليوم، لكن مع مرور الوقت ، أصبح من الصعب بشكل متزايد تبرير استمرار التمويل والتوظيف والاهتمام ، كما قال بوسرت.
رفض بوش –بحسب الشبكة الأمريكية- التعليق على الأزمة الجارية أو مناقشة الرد الحالي. لكن تصريحاته منذ 15 عامًا ما زالت تلقى صدى واسع.
فيديو قد يعجبك: