العالم ينتظر.. الخريطة الزمنية لمحاولات إنتاج لقاح "كورونا"
كتبت- رنا أسامة:
ينتظر العالم بفارغ الصبر الوصول إلى لُقاح فعال يوقِف فيروس كورونا المُستجد الذي تجاوزت حصيلة الإصابات به عتبة المليون، مع تسجيل أكثر من 64 ألف حالة وفاة- الغالبية العُظمى منها في القارة العجوز، فيما تتواصل محاولات الباحثين والعلماء والشركات من شتى بِقاع الأرض للوصول إلى ذلك اللقاح في أسرع وقت ممكن.
في يناير الماضي، نشر علماء صينيون تسلسل الحمض النووي "الجينوم" للفيروس المُسبب للكارثة التي لا تزال تُكبّد العالم خسائر اقتصادية وبشرية فادحة، منذ بدأت رحلة انتشاره السامة من مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية في أواخر ديسمبر الماضي.
لكن وبخلاف عدم التوصل إلى لقاح إلى الآن، فإن ثمة عقبة تلوح في الأفق حتى إذا تم تطوير لُقاح هذا العام، مع وجود عمل هائل من أجل إنتاج كميات كبيرة منه، إضافة إلى عدم وجود ضمانات أن تسير تلك الجهود بسلاسة. الأمر الذي يعني واقعيًا أنه "لن يتوافر لقاح جاهز للاستخدام حتى منتصف عام 2021 على الأقل"، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.
ووفق منظمة الصحة العالمية، يجري تطوير أكثر من 20 لقاحًا مُحتملًا للفيروس، بمشاركة ما لا يقل عن 35 شركة ومؤسسة أكاديمية في العالم، مع ترجيحات أن يستغرق ما بين 12 و18شهرًا، وهي عملية وُصِفت بـ"الاستثنائية"، إذ يستغرق في العادة بين 5 و10 أعوام في المتوسط، وذلك قبل أن يثبت فعاليته ويحصل على الموافقات اللازمة للتوزيع على نطاق واسع.
في التقرير التالي، يستعرض "مصراوي" أبرز محاولات إنتاج لُقاح للوباء الفتّاك سريع الانتشار.
لقاح " ماسنجر آر إن إيه- "1273
بعد 60 يومًا من معرفة التركيبة الجينية للفيروس، بدأت الولايات المتحدة في 16 مارس أول تجربة سريرية على البشر، باستخدام لقاح تجريبي وصفه الرئيس دونالد ترامب بـ"الواعد" على متطوعين غير مرضى في منشأة بحثية بمدينة سياتل الأمريكية، صنّعته شركة "موديرنا" الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية من مقرها في بوسطن.
يعتمد اللقاح، ويُعرف باسم "ماسنجر آر إن إيه" أو mRNA 1273، على دفع الخلايا البشرية لإنتاج بروتينات باستخدام حمض الريبونوكلييك، قد تُجنّب الإصابة بالفيروس أو تساهم في معالجته، باستخدام أحد جزيئات الفيروس الجينية، بدلًا من إدخال فيروس ميت أو ضعيف في الجسم لتحفيز هذا التفاعل، كما تفعل اللقاحات التقليدية.
يرشد ذلك اللقاح الجهاز المناعي للإنسان لبناء البروتين الفيروسي تفسه وأجسام مضادة ينفصل عنها الجزء الفيروسي لاحقا، وفق تقرير سابق نشرته قناة "الحرة" الأمريكية.
ويحتمل أن ينجح ذلك اللقاح على تقليد العدوى الطبيعية لتحفيز استجابة مناعية أكثر فعالية، والجمع بين عدة جزئيات من أحد جزيئات الفيروس الجينية في لقاح واحد، بهدف الكشف السريع عن "كوفيد 19"والاستجابة السريعة للتهديدات الوبائية الناشئة، بحس المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC).
U.S. researchers began the first human trial of a #coronavirus vaccine
— QuickTake by Bloomberg (@QuickTake) March 17, 2020
More via @business: https://t.co/RE9iBE3nGL pic.twitter.com/Di8gn8qgBZ
تمر التجارب السريرية لذلك اللقاح التجريبي بـ3 مراحل، بدأت بحقن 45 من الأصحاء بجرعات مختلفة منه بهدف توفير معلومات حول كيفية تفاعله مع الجسم البشري. يتلقون حقنتين في الجزء العلوي من الذراع بفارق 28 يوما، على أن يتم مراقبتهم على مدى 14 شهرًا.
أما المرحلة الثانية، فتركز على فحص مئات الأشخاص ومراقبة المشاركين لفترات تتراوح من عدة أشهر إلى عامين. فيما تتابع تجارب المرحلة الثالثة 300 إلى 3 آلاف متطوع على مدار من عام إلى 4 أعوام، سنة إلى أربع سنوات، وفقا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).
اللقاح المؤتلف
في الوقت ذاته، تسعى بعض الشركات إلى استخدام تقنيات أخرى بديلة وحديثة لإنتاج لقاحات للفيروس، مثل ما يُعرف بـ"اللقاح المؤتلف" أو "vaccine Recombinant".
من هذه الشركات "نوفافاكس"، وهي أمريكية تستخدم هذه الطريقة لإنتاج لقاحها، وتشمل استخلاص الشفرة الوراثية للبروتينات الشوكية "سبايك Spike " الموجودة على سطح الفيروس، وهي التي من خلالها يتمكن من التعرف والالتصاق بالخلية البشرية والاندماج فيها.
وهذا الجزء من الفيروس هو الذي يدفع الجهاز المناعي إلى إنتاج أجسام مضادة لمقاومته، وفق "الحرة" الأمريكية.
وبعد ذلك تقوم الشركات بإنتاج كميات كبيرة من هذا البروتين عبر إدخاله في جينوم كائنات حية دقيقة مثل البكتريا أو الخميرة.
لقاح "كورفاك" الألمانية
في 17 مارس الماضي، أعلنت شركة "كيوروفاك" الألمانية لصناعة الأدوية التوصل "قريبًا" لإنتاج لقاح مضاد للفيروس. وقال مدير الشركة فريدرش فون بوهلن، حينها: "قريبًا سنبدأ في مرحلة الاختبارات قبل السريرية، واختبار اللقاح على الحيوانات. وفي الصيف سنبدأ تجربته على بشر. لكن علينا تحديد الجرعات اللازمة لذلك".
وأشار إلى أن توافر ذلك اللقاح "يعتمد على عوامل عدة، منها تطور الجائحة"، مُضيفًا: "لست متأكدا متى سيظهر"، حسبما نقلت صحيفة دويتشه فيله الألمانية.
وفي حال الموافقة على اللقاح ستبدأ الشركة في إنتاجه بكميات كبيرة، حسب قول بوهلن، موضحًا أنها "بإمكان كورفاك اليوم إنتاج مئات الملايين من اللقاحات في السنة، لكن هذا يعتمد على حجم اللقاح المطلوب استعماله لكل إنسان".
وأوضح "إذا كانت الكمية المطلوبة لكل إنسان، مايكروجرامًا واحدًا، يمكن حينها إنتاج من كيلوجرام واحد عدداً من اللقاحات تكفي لتلقيح مليار إنسان. وفي حال كان حجم اللقاح المطلوب لكل إنسان أكثر من مايكروجرام سيتطلب عندها إنتاج كمية أكبر"، وفق قوله.
لُقاحات روسية
أعلنت ذكرت الهيئة الاتحادية لمراقبة حقوق المستهلك في روسيا، في 20 مارس، بدء تجربة نماذج أوليّة للقاحات محتملة للفيروس على حيوانات بمختبر في سيبيريا، مُرجحة البدء في طرح لقاح في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري.
وذكر مركز "فيكتور" الروسي لعلم الفيروسات والتكنولوجيا الحيوية أنه طوّر طور نماذج لقاحات استنادا إلى 6 مفاهيم تكنولوجية مختلفة وبدءوا في التجارب يوم 16 مارس.
فيما قال المعهد الروسي لأبحاث الإنفلونزا التابع لوزارة الصحة الروسية إن إنتاج لقاح قد يستغرق من عام ونصف العام إلى 3 أعوام، موضحًا أن العملية تبدأ بفكرة إعداد اللقاح، ومن ثم تبدأ الدراسات على الحالات السريرية لحيوانات ثم يتم البحث الفعلي على المتطوعين الأصحاء.
أستراليا على الخط
كما بدأت وكالة العلوم الوطنية في أستراليا المرحلة الأولى من اختبار لقاحين مُحتملين ضد الفيروس، أحدهما من إنتاج شركة أمريكية، بعد الحصول على موافقة من منظمة الصحة العالمية، حسبما أعلن علماء أستراليون، الخميس.
وقال مدير الصحة بمنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية، روب جرينفيل، لرويترز: "ما زلنا نتمسك بالـ18 شهرا بشأن تسليم اللقاح لعامة المستهلكين".
وأضاف أن "العلماء يعملون بوتيرة عالية ليصلوا إلى مرحلة التجارب السريرية، وهي عملية تستغرق عادة شهرين".
وأوضح جرينفيل أن تجريب اللقاح على البش، استنادا للقح النجريبي الأمريكي، سيبدأ على الأرجح في أواخر أبريل الجاري أو أوائل مايو المُقبل.
"التبغ" قد يكون الحل
قبل أيام، أعلنت البريطانية-الأمريكية للتبغ "بات" إحرازها تقدمًا في إنتاح لقاح على أساس غير ربحي ضد الفيروس، وذلك باستخدام نباتات من التبغ، تعكف عليه وحدة التكنولوجيا الحيوية التابعة لها في كنتاكي.
وقالت الشركة المُصنّعة لسجائر "لاكي سترايك" الأمريكية في بيان أوردته مجلة "نيوزويك"، إنها قادرة على إنتاج ما يترواح من مليون و3 ملايين جرعة أسبوعية من اللقاح اعتبارًا من يونيو المُقبل، بدعم من الشركاء والوكالات الحكومية الأمريكية.
وأوضحت أنها استنسخت مؤخرا تسلسل جيني من الفيروس فيروس "كوفيد-19" من أجل إنشاء مستضد، لتحريض استجابة مناعية في الجسم، كي ينتج أجساما مضادة.
الحقنة اللاصقة
وفي الوقت نفسه، كشف علماء فى كلية الطب بجامعة "بيتسبرج" الأمريكية النقاب عن عن لقاح محتمل للفيروس، قالوا إنه نجح فى الاختبارات التى أجريت على فئران فى تكوين أجسام مضادة ضد "كوفيد 19".
واللقاح الذي أطلق عليه باحثون اسم "بتكوفاك"، على شكل "رقعة" بحجم طرف الإصبع، ويسعى الباحثون الآن للتقدم للحصول على موافقة دوائية من إدارة الغذاء والدواء تحسبًا لبدء المرحلة الأولى من التجارب السريرية البشرية فى غضون أشهر.
ووفق صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، يمكن لذلك اللقاح أن يبعد الفيروس القاتل لمدة عام على الأقل، من خلال إطلاق البروتينات فى الجسم لإنتاج الأجسام المضادة لمحاربة كورونا.
يحتوي ذلك اللقاح على 400 إبرة دقيقة تحقن قطع البروتين الخاص بالفيروس في الجلد، حيث يكون رد الفعل المناعي أقوى.
يتم لصق "الحقنة اللاصقة" المصنوعة بالكامل من السكر وقطع البروتين، على جلد مريض "كوفيد 19" ثم تذوب ببساطة في الجلد، وفق دراسة نُشرت في دورية "إي بيو ميديسين" التي تنشرها مجلة ذي لانسيت الطبية.
ونقلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن رئيس قسم الأمراض الجلدية في كلية الطب في بيتسبيرج، الدكتور لويس فالو، قوله إن اللقاح لا يحتاج حتى إلى حقنه بإبرة، موضحا أنه "غير مؤلم على الإطلاق".
وأضاف: "لقد طورنا هذا للبناء على طريقة الخدش الأصلية المستخدمة في توصيل لقاح الجدري إلى الجلد، ولكن بنسخة عالية التقنية وأكثر كفاءة ومضاعفة للمريض".
فيديو قد يعجبك: