بسبب كورونا.. كاتب أمريكي يحلل أبعاد معركة النفط بين السعودية وروسيا وأمريكا
كتب - محمد عطايا:
تنامت قوة الدب الروسي بشكل كبير كلاعب فاعل على الساحة الدولية طوال السنوات الماضية، وظهر كند قوي للولايات المتحدة حتى سحب بعض حلفائها، إلا أن أزمة النفط الأخيرة ربما جعلت روسيا تذوق الهزيمة، وفقًا للكاتب الأمريكي ستيفين كوك.. لكن كيف حدث ذلك؟
البداية من تفشي فيروس كورونا المستجد، وتوغله في أكثر من مئتي دولة، ما خلق أزمات اقتصادية، منها أزمة النفط التي تحولت إلى حديث الساعة الأيام الأخيرة إلى أن توصلت مجموعة "أوبك بلس" مساء الخميس، في اجتماع وزاري استثنائي لدول الأعضاء ومنتجي النفط من خارج المنظمة عبر الإنترنت، لاتفاق تاريخي سيعيد التوازن لأسواق النفط.
ونص الاتفاق على إجراء تخفيضات على إنتاجها الإجمالي من خام النفط بمقدار 10.0 مليون برميل يوميًا، بدءًا من 1 مايو 2020، ولمدة تبلغ شهرين تنتهي في 30 يونيو 2020. وبرغم التوصل لاتفاق تواصل العاهل السعودي، محمد بن سلمان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أكثر من مناسبة خلال يومي الخميس والجمعة للاتفاق على خفض إنتاج النفط.
وفي المقابل، تحدث الرئيس الروسي مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في الشأن ذاته، في محاولة لاحتواء الأزمة الأخيرة، وتخفيف وطأتها على الجميع.
يقول الكاتب الأمريكي، في مقال بمجلة "فورين بوليسي"، إن معركة النفط الأخيرة تكشف أن روسيا لم تتمكن من بسط سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط كما اعتقد البعض، نظرًا لأن السعودية كلاعب أساسي في المنطقة، تمكن مؤخرًا من إرسال العديد من التهديدات الضمنية لموسكو بسبب مسألة النفط.
كيف أثر كورونا على سوق النفط؟
أثر فيروس كورونا بشكل كبير على الطلب على الطاقة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الصين، التي تعد اليوم المستورد الأكبر للنفط الخام، حيث تستهلك حوالي 10 ملايين برميل يومياً. وقد تعطلت المصانع وألغيت آلاف الرحلات الجوية حول العالم، بينما أصبح تفشي فيروس كورونا الذي بدأ في ووهان، الصين، وباء عالميًا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إنها تتوقع تراجع الطلب هذا العام لأول مرة منذ الركود الاقتصادي في العام 2009 الذي تبع الأزمة المالية العالمية.
ما هي الدول التي ستواجه أكبر ضرر؟
لا شك بأنه لن تستفيد أي من الدول مما يحدث، إذ ستخسر الدول الرئيسية المنتجة للنفط مبالغ طائلة بصرف النظر عن حصتها في السوق.
وتدعي روسيا أنها الأكثر عزلة فيما يتعلق بانخفاض الأسعار لأن ميزانيتها السنوية تعتمد على متوسط سعر يبلغ حوالي 40 دولاراً للبرميل، إذ أجبرتها العقوبات الأمريكية على أن تصبح أكثر كفاءة.
نظرة تاريخية
السعودية وروسيا دولتان غنيتان بالنفط، فيما تتميز الولايات المتحدة بكميات هائلة من النفط الصخري الأحفوري.
ومنذ سنوات ليست بالبعيدة غمرت الولايات المتحدة الأسواق بالغاز الطبيعي والنفط، ما خلق ضغطًا كبيرًا على السعودية وروسيا نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط. ولهذا السبب في العام 2016 اتفق أعضاء أوبك، وبخاصة المملكة العربية السعودية وروسيا على الحد من الإنتاج لرفع أسعار النفط.
وأدى الاتفاق، الذي كان في الواقع يهدف من خلاله السعوديون - وفقًا للكاتب الأمريكي - الإضرار بمنتجي النفط الصخري الأمريكي، إلى استقرار أسواق الطاقة.
وعاد سعر برميل النفط إلى المستوى الذي يرغب به السعوديين والروس.
ومع استقرار السوق النفطية، حصلت روسيا بدورها على تعزيز في صورتها الإقليمية ونفوذها من خلال العمل مع المملكة العربية السعودية. ويرى كوك، أن بوتين كسب شيئًا جديدًا، وهو إيهام الدول الغربية، أنه تمكن من دفع السعودية بعيدًا عن تحالفها مع الولايات المتحدة، وكسبها إلى صفه، إلا أن ذلك لم يكن دقيقًا.
روسيا في مأزق
وقال الكاتب الأمريكي، إن المملكة العربية السعودية، قررت في مارس الماضي، بعد اجتماع لأوبك بلس زيادة إنتاجها من النفط بمقدار 3 مليون برميل، وهو ما أزعج الروس، وقالوا إنه لا بد من تقييم أضرار وباء كورونا على الاقتصاد قبل البت في أي قرار.
وأضاف أن روسيا لم ترغب - على الأرجح - في خفض الإنتاج لأنها كانت تولي اهتماما أكبر بإيذاء منتجي النفط الصخري الأمريكي وانتزاع حصة السوق من السعوديين، وهو ما جعل المملكة غاضبة للغاية.
وأوضح أن انعدام الثقة من جانب المملكة العربية السعودية يجعلها متخوفة من أي تلاعب أو غش قد تمارسه روسيا، حتى بعد التوصل لاتفاق، ما قد يقوض حصة المملكة في السوق.
وأشار إلى أن المحللين يتوقعون أن حرب النفط انتهت خلال اجتماع الخميس لمنظمة أوبك بلس، إلا أنه أكد أن الاحتمالات القائمة هي إنهاء فكرة أن موسكو لاعب أساسي في إنشاء نظام إقليمي جديد بالمنطقة، بعدما فشلت في جذب والسيطرة على السعودية واقتصاد المنطقة.
فيديو قد يعجبك: